ما علاقة ضعف البصر بالميول الانتحارية؟
تاريخ النشر: 24th, April 2024 GMT
يمثل الانتحار الذي يتسبب في وفاة ما يقارب مليون شخص سنويا في جميع أنحاء العالم، تحديا عالميا كبيرا وعاجلا للصحة العامة.
وعلى الرغم من أن مجموعة متزايدة من الدراسات والأبحاث قد تناولت موضوع الانتحار، إلا أن فهمه وتحديد مختلف العوامل المؤدية له ما يزال أمرا معقدا.
إقرأ المزيدوتختلف عوامل الخطر للتفكير في الانتحار، ويمكن أن تشمل التاريخ العائلي للانتحار أو محاولة الانتحار، والاضطرابات العقلية، والأمراض الجسدية المزمنة، والعوامل الاجتماعية والديموغرافية.
وتشمل عوامل الخطر الإضافية اضطرابات النوم، وانخفاض الحركة، وتدهور نوعية الحياة.
وتعد الإعاقات الحسية، وخاصة الإعاقة البصرية، من عوامل الخطر المحتملة أيضا، حيث تقول ورقة بحثية ناتجة عن مراجعة منهجية وتحليل تلوي (تحليل إحصائي)، نشرت على الإنترنت في 18 أبريل في مجلة JAMA Network Open، إن ضعف البصر يرتبط بزيادة خطر الانتحار.
وقام الدكتور تشونغ يونغ كيم، من مستشفى جامعة سيئول الوطنية في كوريا الجنوبية، وزملاؤه بفحص العلاقة بين ضعف البصر والجوانب المختلفة للانتحار.
واعتمدت النتيجة الأولية على قياس نسبة الأرجحية للسلوك الانتحاري. وتمت مراجعة البيانات من 31 دراسة سكانية شملت 5692769 فردا، 52% منهم من النساء، وبمتوسط عمر يبلغ 48 عاما.
ووجد الباحثون أن ضعف البصر ارتبط بزيادة خطر الانتحار، بما في ذلك التفكير في الانتحار، والسلوك الانتحاري، والموت الانتحاري. وكان هذا الخطر المرتفع واضحا بشكل خاص بين المراهقين الذين يعانون من ضعف البصر.
إقرأ المزيدوكتب الباحثون: "تؤكد هذه النتيجة أهمية صحة العين للصحة العقلية العامة. ومن المستحسن أن يظل الأطباء منتبهين للمخاطر المرتفعة وأن يكونوا مستعدين لتنفيذ تدابير مناسبة لمنع الانتحار عند الحاجة، خاصة عند التعامل مع المراهقين".
وتسلط هذه المراجعة العلمية الضوء على أن أولئك الذين يعانون من مشاكل كبيرة في الرؤية يبلغون عن مستوى مقلق من انخفاض نوعية الحياة، وانخفاض النشاط البدني، والعزلة الاجتماعية، والافتقار إلى الاستقلالية، والمشاكل المالية، وارتفاع مستويات الاكتئاب، وجميعها عوامل قد تساهم في تعزيز التفكير في الانتحار.
وأكد كيم وزملاؤه أن العدد المحدود من الدراسات التي تتناول المراهقين الذين يعانون من ضعف البصر ومخاطر الانتحار يشير إلى أهمية تركيز أبحاث إضافية على هذه الفئة من السكان.
وكتبوا في الورقة البحثية: "نظرا لأن مسببات السلوك الانتحاري معقدة، ولأن عوامل الخطر المتنوعة ترتبط بسياقات فردية وثقافية مختلفة، هناك ما يبرر إجراء مزيد من البحث لتحديد العوامل التي قد تعدل خطر الانتحار لدى المرضى الذين يعانون من ضعف البصر".
المصدر: ميديكال إكسبريس
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: ضعف البصر أخبار الصحة الصحة العامة امراض بحوث دراسات علمية سيئول معلومات عامة معلومات علمية الذین یعانون من عوامل الخطر ضعف البصر
إقرأ أيضاً:
عن الذين خاطروا بأنفسهم وأموالهم فلم يرجعوا من ذلك بشيء
مع إقبال أيام العشر من ذي الحجّة يبدأ الحديث عن فضائل هذه الأيّام وعن فضل العمل الصّالح فيها وأنّ العمل الصالح فيها أفضل من الجهاد في سبيل الله تعالى، وعمدة الاستشهاد على هذا المعنى هو الحديث الذي أخرجه البخاري في صحيحه عن ابن عبّاس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: "ما العَمَلُ في أيَّامٍ أفْضَلَ منها في هذه، قالوا: ولا الجِهادُ؟ قالَ: ولا الجِهادُ، إلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخاطِرُ بنَفْسِه ومالِه، فلَمْ يَرْجِعْ بشَيءٍ". وللحديث رواية قريبة عند الترمذي وغيره يقول فيها رسول الله صلى الله عليه وسلّم: "ما من أيَّامٍ العملُ الصَّالحُ فيهنَّ أحبُّ إلى اللهِ من هذه الأيَّامِ العشرِ. قالوا: يا رسولَ اللهِ ولا الجهادُ في سبيلِ اللهِ؟ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ولا الجهادُ في سبيلِ اللهِ إلَّا رجل خرج بنفسِه ومالِه فلم يرجِعْ من ذلك بشيءٍ".
عادة ما ينصبّ الاستشهاد والاستدلال بهذا الحديث على أنّ العمل الصالح بمفهومه العام أفضل حتى من الجهاد في سبيل الله تعالى، وقلّة هم الذين يلتفتون ويتوقفون مليّا عند ذلك الرجل الذي خصّه رسول الله صلى الله عليه وسلّم بالذكر؛ مبينا أنّه لا يفوقه أحد فضلا ولا يتفوق عليه مؤمن عملا، وهو الرجل المخاطر بنفسه والمخاطر بماله ملقيا بها في مواطن الواجب والجهاد والنصرة فلم يرجع من نفسه ولم يرجع من ماله بشيء.
إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم يلفت أنظار أمّته على مرّ الزمان إلى النّموذج الذي يصنع الفرق في الانتصار والتغيير، فكلّ الأعمال الصالحة جليلة، وكل الأعمال الصالحة خير وبركة، لكن عليكم أن تنتبهوا إلى أنّ أعظم الأعمال وأجلّ الأعمال التي لا يسبقها متسابق ولا يدرك شأوها مغامر؛ هي تلك التي تنطوي على إلقاء المرء نفسه في مواطن الخطر مقتحما ومضحيا وغير هيّاب بأحد.
إنّها المخاطرة بالنفس في زمن الخوف والركون وحب الدنيا وكراهية الموت وهيمنة الغثائيّة، والمخاطرة بالمال في زمن الملاحقة والاتهام، وتجفيف المنابع وتجريم الإنفاق في مواطن الحق والنصرة؛ المخاطرة وحدها التي ترهب العدو وتحرّر الأوطان وتصنع التغيير وتهدم الباطل وتحقّ الحقّ، وما أعظم تلك المخاطرة حين تبلغ منتهاها فيصل المال إلى موطن الواجب وتصل الرّوح إلى مستقرّها فتحطّ رحالها في الجنان التي طالما تاقت إليها، وهذا هو ما أشار له رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قيل له: "يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَيُّ الْجِهَادِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: "مَنْ عُقِرَ جَوَادُهُ وَأُهْرِيقَ دَمُهُ".
وإنّ هذه المخاطرة بالنفس والمال منسجمة مع طبيعة هذه الأيّام التي هي أيّام التكبير المطلق ثم المقيّد، فمن عرف أنّ "الله أكبر" حقا وأيقن بذلك حق اليقين فإنّه لا يهاب ظالما ولا يخاف عدوا ولا يذل لمتغطرس ولا يتقهقر أمام عدوّ؛ وما أعظم الكلمات التي صدح بها الأستاذ والزعيم الإسلامي عصام العطار رحمه الله تعالى يوما على منبر مسجد جامعة دمشق وهو يهدر بمعاني "الله أكبر" في وجه الظالمين، وكان ممّا قاله يومها:
"اللهُ أكبـر رَمْزُ صُمودِنَا
اللهُ أكبـر روحُ جهَادِنا
اللهُ أكبـر سِـرُّ قُوّتِنا وانتصارِنا
اللهُ أكبـر بها صَدَعْنا كلَّ باطِل
اللهُ أكبـر بها قَصَمْنا كلَّ جَبّار
اللهُ أكبـر بها نُواجِهُ كلَّ طَاغُوت
اللهُ أكبـر، اللهُ أكبـر، اللهُ أكبـر، لا إلهَ إلاّ الله
اللهُ أكبـر، اللهُ أكبـر، ولِله الحمد
اللهُ أكبـر نَشُـقُّ بها دَيَاجيرَ الظلامِ والْيَأْس
اللهُ أكبـر نُوقِدُ بها مَصَابيحَ الأَمَلِ والْفَجْر
اللهُ أكبـر نَطْرُدُ بها روحَ الهزيمةِ والْوَهْن
اللهُ أكبـر نُحْيي بها مَيِّتَ العَزَائِمِ والهِمَم
اللهُ أكبـر نُحَوِّلُ بها الضعيفَ قوِيّا، والجبانَ شُجاعا، ونُحَقِّقُ بها انتصارَ الحريَّةِ والكَرامَة، والحقِّ والعَدالَة، والإحسانِ والْخَيْر
اللهُ أكبـر، اللهُ أكبـر، اللهُ أكبـر، لا إلهَ إلاّ الله
اللهُ أكبـر، اللهُ أكبـر، ولِله الحمد
يا إخْوَتي؛ يا أخواتي: امْلؤوا قُلوبَكُمْ وعُقولَكم، وحَنَاجرَكُمْ وَأَجْوَاءَكُم، وسَمْعَ الزَّمَانِ والمكانِ بهذه الكلمةِ العظيمةِ الخالدةِ: اللهُ أكبـر.
اللهُ أكبـر تُحَرِّرُكُمْ مِنْ أهوائكُمْ وشَهَوَاتِكُمْ وأخطائكُمْ، وظُلْمِكُمْ لأنفسِكُمْ وغَيْرِكم، كما تُحَرِّرُكم مِنْ كلِّ طاغيةٍ ظالمٍ آثِمٍ مُسـْتَكْبرٍ جَبّار.
اللهُ أكبـر تَرْفَعُكُمْ، عندما تُخالِطُ قُلُوبَكم وعُقولَكم وَدِمَاءَكُمْ، فَوْقَ هذه الدُّنْيا، فوقَ شـدائدِها وَمُغْرِياتِها، فوقَ صَغَائِرِها وَتَفَاهَاتِها، وتَصِلُكُمْ باللهِ عَزَّوَجَلّ وبالْخُلُود، وتَفْتَحُ لكُمْ أَبْوَابَ الجنّةِ، وأبوابَ المسـتقبلِ الزاهرِ المنشـود.
اللهُ أكبـر تجعلُ الحقَّ رَائِدَكُمْ، والعدلَ مَنْهَجَكم، والخيرَ بُغْيَتَكم، واللهَ قَصْدَكُمْ وغايَتَكُم، وتجعلُ قُوّتَكم مِنْ قُوَّةِ اللهِ عزَّ وجلّ".
فعندما تغدو القلوب والأرواح معجونة بهذا النداء العلويّ المهيب يُصنَع الرجل المخاطر بنفسه وماله الذي يقتحم مواطن الردى حاملا روحه على كفّه طالبا حياة حقيقيّة لا ذلّ فيها ولا هوان، وهذا الرّجل المخاطر هو أعظم العاملين في زمن الأعمال الصالحة والمواسم الفاضلة، فلا يسبقه حاجّ متبتّل، ولا يسبقه قائم لا يفتر، ولا يسبقه صائم لا يفطر؛ فهو الذي به يغدو الإسلام عزيز الجانب، ويجد المسلم معنى وجوده ومغزى بقائه؛ فطوبى للمخاطرين بأنفسهم وأموالهم في زمن الهزائم المرّة.
x.com/muhammadkhm