بوابة الوفد:
2025-06-27@11:20:14 GMT

«لزوم ما لا يلزم»

تاريخ النشر: 3rd, May 2024 GMT

قبل عدة أعوام.. كنت انطلق بالسيارة على طريق الإسكندرية.. كنت أشعر فى داخلى أنى مجرم لتجاوزى السرعة القانونية للطريق بعدة كيلومترات.. لكن كان داخلى ما يبرر هذه الجريمة وهو ضرورة الوصول قبل أذان المغرب فقد كنا فى رمضان.. وكأن صيامنا سيبطل إن وصلنا عقب الأذان!.. فجأة ملأ الطريق «عواء» 4 سيارات دفع رباعى.

. تنهب الأرض نهباً.. تزيح كل ما يعترض طريقها.. وسرعتها النسبية تقول إنها تنطلق فوق 200 كيلومتر فى الساعة.. آثرت السلامة وأفسحت لها الطريق.. لأتبين أن بين هذه السيارات سيارة خامسة من نوع مرسيدس.. تفسح سيارات الدفع الرباعى الطريق أمامها.. وخلفها وعن شمالها ويمينها.. حاولت معرفة «الباشا» المهم فى المرسيدس.. لكن هيهات.. فقد اصطدم بصرى بالمرايا العاكسة على كل زجاج السيارة.. المصمم خصيصاً لإخفاء ما بداخلها.. سرحت برهة.. وبدأت سرعة سيارتى فى التباطؤ.. وفى حالة شرود ذهنى.. قلت بالتأكيد هو شخص مهم وتلك سيارات الحراسة.. تلهس وراءه وأمامه لحمايته.. لكن ما أهمية هذا الشخص!.. ماذا أضاف لوطنه وللإنسانية؟!.. وهل هناك بالفعل بيننا جواهر يجب الحفاظ عليها بهذه الصورة المبالغ فيها؟!.. هل بيننا اليوم من لا يمكن تعويضه.. وإن كان بيننا من يستحق.. لماذا تخلفنا وأضعنا إرث الأجداد العظام؟!.. وإن كان ذلك كذلك فكيف فرطنا فى جواهرنا الحقيقية.. أمثال مصطفى مشرفة وسميرة موسى وسعيد السيد بدير وسمير نجيب وجمال حمدان ويحيى المشد.. تلاهم وعاصرهم المئات أمثال الدكتور أحمد زويل وغيره كثير إلى آخر القائمة من الجواهر المفقودة.
جرنى تداعى الأفكار.. إلى شتاء 1993.. حيث كنت أطارد أتوبيس نقل عام فى ميدان العباسية يصر سائقه على الفرار من أولئك الركاب الملاعين الذين يحاولون اللحاق به.. كنت فى طريق عودتى للبيت بعد يوم طويل وممتع فى كلية العلوم بجامعة عين شمس.. ووسط تدافع الركاب للفوز بمقعد.. حدث احتكاك غير مقصود بينى وبين رجلين يرتديان حلتين عتيقتين كانتا ذات بريق يوماً ما.. دفعنى أحدهما ليجلس على المقعد الشاغر.. استثمرت هذه الدفعة ودفعت الآخر لأفوز بالمقعد الذى يليه.. بعد جلوسى.. تبين لى عمر الرجل الذى دفعته.. وأن الرجلين قد اشتعل الشيب فى رأسيهما.. فاعتذرت له.. وقمت لأجلسه.. فإذا به أحد أساتذة القسم الذى أدرس به.. بل هو رئيس القسم بعينه.. أستاذ دكتور.. شخص لا يطاوله علما إلا ألبرت أينشتين وأمثاله.. لمحت نظرة خجل خفية فى عين الرجل أعرف مبعثها جيداً.. فقد أدرك أننى تعرفت على هويته.. فتجاهلت تلك النظرة وأصررت على إجلاسه مكانى.. بعد أن بدأ الأتوبيس يتحرك متكدساً بالركاب.. وقد تحولت أجسادهم إلى كتلة واحدة.. لاحظت أن الرجل الآخر يتابع الموقف بابتسامة عريضة وعلى وجهه ملامح السرور والرضاء.. فبادر بتعريفى بنفسه.. وإذا به رئيس لقسم آخر من الأقسام المهمة بكلية العلوم.. دار بين ثلاثتنا حديث طويل.. لم يخل بالطبع من نصائح أساتذة كبار فى قدرهما وشاب غر فى عمرى.. لكن كانت أهم نصيحة من قرين أينشتين.. التى حولت مجرى حياتى.. بعد أن أكد لى أنه يتذكرنى جيداً بعد جدل حول مسألة رياضية.. وأنه يتنبأ لى بمستقبل باهر.. غير أن على أن أركز فى دراستى حتى أصبح زميلاً له فى الجامعة.. هنا تحمس الآخر.. وأخذ يعدد لى أسماء أعرفها وأخرى أجهلها.. ممن كانوا طلبة لهما ثم أصبحوا زملاء.. لا أدرى لماذا فى تلك اللحظة تحديداً.. قررت بشكل قاطع لا رجعة فيه ترك كلية العلوم نهائياً.. وترك كتبها التى كانت قراءتها بمثابة هواية ممتعة لم اتخلص منها حتى يومنا هذا.. والتحول إلى أى كلية تمنح درجة البكالريوس كأقل تعويض عما أهدرناه من عمر فى «لزوم ما لا يلزم»!
 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: لوجه الله لزوم ما لا يلزم طريق الإسكندرية نوع مرسيدس

إقرأ أيضاً:

عمرو الليثي يكشف كواليس فيلم الراجل الثاني ويعلن مفاجأة

 

أكد الإعلامي د. عمرو الليثي من خلال تصريحات صحفية خاصة، إنه كانت تربطنى علاقة قوية بالمخرج الراحل الكبير على عبدالخالق، ولمن لا يعرف هو من كبار المخرجين الذين أخرجوا أهم الأعمال فى تاريخ السينما المصرية، مثل العار والكيف وغيرهما من الأعمال، وكانت المفاجأة أن والده هو الأستاذ عبدالخالق صالح الذى لا يعرف الكثير أنه هو الرجل الذى ظهر فى فيلم «الرجل الثانى» وجسد شخصية «الرجل الأول». 

 

 

 

 

وحكى لى الأستاذ على عبدالخالق ان والده كان يحمل شغفًا فنيًا خفيًا منذ الصغر ولكن رغبته فى الفن قوبلت برفض صارم من عائلته ودخل كلية الشرطة وتخرج منها ليبدأ مسيرة مهنية طويلة ضابطًا حتى وصل إلى رتبة لواء. لكن الفن كان حلمه المؤجل، وقد دخل المجال الفنى متأخرًا بعد سن الأربعين، من خلال الدعوة للمشاركة فى أعمال مسرحية هاوية مع صديقه القديم الأستاذ فاخر فاخر. وفى أحد هذه العروض، شاهده المخرج عزالدين ذوالفقار الذى لمس فى أدائه وقاره وقوة شخصيته، فرشحه لأدوار تحمل مزيجًا من السلطة والغموض. وكان «الرجل الثانى» إحدى أبرز تلك الفرص،. 

 

 

 

 

وأنتج فيلم «الرجل الثانى» عام ١٩٥٩ ويعتبر علامة فارقة فى مسار أفلام الجريمة والإثارة، شارك فى بطولته نخبة من النجوم، على رأسهم رشدى أباظة فى دور عصمت كاظم وصلاح ذوالفقار بدور الضابط كمال، وصباح فى شخصية لمياء سكر، وسامية جمال بدور الراقصة سمر، إلى جانب عبدالخالق صالح فى دور محورى وغامض هو «الرجل الأول». هذا الفيلم لم يكتفِ بحبكة متقنة، بل حمل وجوهًا درامية شديدة العمق، لعل من أبرزها شخصية «الرجل الأول»، التى أداها عبدالخالق صالح بحضور نادر وحسم لا يُنسى.

 

شخصية «الرجل الأول» تمثل القيادة الخفية فى شبكة إجرامية معقدة. طوال أحداث الفيلم، لا نعرف من هو، لا يظهر، ولا يُذكر اسمه صراحة، لكنه حاضر فى كل مشهد، عبر قرارات غير منظورة، وأوامر تنفذ بلا تفسير. هو القائد الذى يخشاه الجميع، بمن فيهم «الرجل الثانى» عصمت كاظم. هذا الغموض ليس عبثيًا، بل كان عنصرًا مقصودًا فى بناء التوتر، وظل الجمهور يتساءل طوال الفيلم من هو الرأس الحقيقى حتى لحظة الكشف المفاجئة، حين يظهر الرجل الأول فى مشهد ختامى قاتم يقتل فيه عصمت ثم يُقبض عليه. وظهوره المتأخر كان قرارًا إخراجيًا ذكيًا من عز الدين ذوالفقار، ليمنح الشخصية غموضًا وسحرًا خاصًا، ويصدم الجمهور حين يكتشف أن الشخصية الهادئة التى كانت تمر مرور الكرام، هى العقل المدبّر لكل شىء.

 

على الرغم من قصر ظهوره فى الفيلم، إلا أن الأستاذ عبدالخالق صالح تمكن من منح «الرجل الأول» بعدًا نفسيًا فريدًا. لم يكن مجرمًا غوغائيًا أو انفعاليًا، بل هادئًا، عقلانيًا، يتحدث بصوت منخفض وحضور طاغٍ. إضاءة المشهد الذى يظهر فيه كانت متعمدة؛ مركزة على ملامحه الحادة، ومصحوبة بموسيقى مشدودة، لتُبرز هيبة الشخصية دون الحاجة إلى كلمات كثيرة.

 

هكذا أثبت الأستاذ عبدالخالق صالح أن الدخول المتأخر لعالم الفن لا يمنع من ترك أثر عميق، وأن الشخصية الصامتة يمكن أن تصرخ فى ذاكرة المشاهدين طويلًا.

مقالات مشابهة

  • عمرو الليثي يكشف كواليس فيلم الراجل الثاني ويعلن مفاجأة
  • إيران.. مجلس صيانة الدستور يلزم الحكومة بإيقاف التعاون مع وكالة الطاقة الذرية
  • الفيفا يلزم ضمك بدفع 417 ألف دولار كونترا
  • إنجي علي تروج لحلقتها الجديدة مع أسماء أبو اليزيد في هذا الموعد
  • أمل عمار: برامج الحماية الاجتماعية تلعب دورا فى الحد من العنف والتمييز ضد المرأة
  • «المركزي» يلزم البنوك بإضافة 65 سلعة للقواعد الخاصة بإحكام الرقابة على حصائل التصدير
  • اتصال هاتفى بين وزير الخارجية والهجرة ووزير خارجية اليونان
  • وزير دفاع الاحتلال: نلتزم بالهدنة مادام الطرف الآخر ملتزما بها
  • في ذكرى 30 يونيو.. كيف سطّر «الإخوان» نهايتهم في حكم مصر (2 من 2)
  • في ذكرى 30 يونيو.. كيف سطّر «الإخوان» نهايتهم في حكم مصر (1 من 2)