قالت الدكتورة رهام عبد الله سلامة، المدير العام لمرصد الأزهر لمكافحة التطرف، إن ما لمسناه في خلال تعاملنا على أرض الواقع مع كثير من القضايا الاجتماعية والدينية التي فرضت نفسها بقوة على شبابنا، وما وجدناه في حواراتنا ومناقشاتنا مع الشباب في كثير من المحافل الرسمية داخل مصر وخارجها، قد أوجد حاجة ماسة إلى عرض عدد من قضايا المهمة على مائدة البحث والنقاش في النسخة الحالية من مبادرة "اسمع واتكلم" - الموجهة خصيصًا إلى شباب الجامعات.


وأضافت المدير العام لمرصد الأزهر خلال كلمتها في النسخة الثالثة من منتدى «اسمع واتكلم»، الذي ينظمه مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، في حضور فضيلةَ الأستاذ الدكتور محمد عبد الرحمن الضويني، وكيل الأزهر الشريف؛ أن المرصد منذ انطلاق النسخة الأولى مهتم بكل ما يهم الشباب ويشغل أذهانهم ويؤرق حياتهم من أفكار وقضايا، لأن الشباب بما يملكونه من أفكار وطاقات هم بشائر الحاضر وحصاد المستقبل، فقد علمنا من دراساتنا وبحوثنا أهميةَ تهذيب تلك الأفكار وتوجيه تلك الطاقات في الأطر الصحيحة، مقترنة بالتوعية من مغبة الانسياق وراء اتجاهات تجمّلها الجماعات المتطرفة لجذب هؤلاء الشباب وغسل عقولهم، واقتيادهم إلى مصير نعلم نهايته جيدًا.

وأوضحت أنه رغم خسارة داعش ودحر عناصره إلا أن استمرار وجود 10 آلاف من مقاتلي التنظيم بين سوريا والعراق وفق التقديرات الأممية يمثل تهديدًا لأمن هاتين الدولتين وباقي دول المنطقة، علمًا بأن هذا العدد الذي يمثل خطرًا هو المتبقي من نحو 31 ألف مقاتل قدموا من 86 دولة لينضموا إلى صفوف داعش في عام 2015، والمثير للقلق هنا أن النسبة الأكبر منهم كانت من منطقة الشرق الأوسط والمغرب العربي، لافتة أن سلاح داعش وغيره من تنظيمات متطرفة في استقطاب الشباب هو وسائل التواصل الاجتماعي، فقد بلغ عدد حسابات تنظيم داعش على منصة "تويتر –السابقة-" أكثر من 46 ألف حساب في ذروة نشاط التنظيم الإرهابي. 

وبينت أن خطر الفكر المتطرف لا يقتصر على الجماعات المتطرفة التي تتخذ من الدين ستارًا لجرائمها وأعمالها الوحشية فحسب، بل كل الجماعات والمنظمات والأفراد ممكن يروجون للأفكار المتطرفة التي تهدم الثوابت الدينية والأخلاقية، وتدفع بالقيم التي تحفظ إنسانيتنا إلى حافة الهاوية - آخذة معها من يتفلّت من شبابنا إلى تلك الهاوية، لذلك، كانت النسخة الثانية من المنتدى عام ٢٠٢٢ أكثر اشتباكًا؛ إذ تناولت قضايا أكثر خصوصية فرضتها العولمة والانفتاح اللامحدود بفعل شبكة الإنترنت، مشيرة أن القضايا التي بُحثت في النسختين الأولى والثانية من مبادرة "اسمع واتكلم"، وضعنا نصب أعيننا في هذه النسخة مناقشة قضايا تخدم ما سبق، وتمهد الطريق إلى إيجاد حلول فعالة لها وللمستجد منها، سواء من خلال تصحيح المفاهيم الطارئة على مجتمعاتنا أو من خلال ضبط آلية تعامل شبابنا معها، تلك الآلية المتمثلة في المشاعر - وهو ما سنبحثه بإحدى جلساتنا.

 

التواصل المباشر مع الشباب

 

 

وأشارت إلى أن مرصد الأزهر أخذ على عاتقه مهمة التواصل المباشر مع الشباب باعتبارهم الفئة الأكثر استخدامًا لهذه التقنيات؛ وذلك بدافع توعيتهم ودراسة الآثار الناتجة من استخدامهم تقنيات الذكاء الاصطناعي ومواقع التواصل الاجتماعي وكل ما له صلة بشبكة الإنترنت على السلوك والهوية في ظل حالة الانفتاح اللامحدود التي تتخطى إدراكهم وخبراتهم الحياتية.


يهدف الملتقى إلى ترسيخ مبادئ الحوار واحترام الرأي الآخر بين شباب الجامعات، وإيجاد آليات تواصل فعالة من أجل الاستماع إلى آرائهم وطموحاتهم وتطلعاتهم نحو المستقبل، والإجابة على تساؤلاتهم في القضايا الدينية أو الاجتماعية وغيرها من القضايا، وخصوصا في ظل التطورات التكنولوجية الحديثة وما نتج عنها من تحديات لمؤسسات الدولة وهيئاتها المختلفة وأفراد المجتمع بمختلف فئاته العمرية.

وتأتي هذه النسخة الأحدث من المبادرة بعد نجاح النسختين السابقتين في جمع شباب الجامعات المصرية مع نخبة من المتخصصين وأساتذة الجامعات لتبادل الآراء والوقوف على النقاط الخلافية التي لطالما استغلتها التنظيمات المتطرفة باعتبارها ثغرات للتسلل إلى عقول الشباب ومخاطبة وجدانهم واللعب على وتر الحماسة التي تتسم بها هذه الفئة العمرية؛ ولا يخفى أن الشباب من أهم ركائز نهضة الوطن واستقراره.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الأزهر مرصد الأزهر مكافحة التطرف القضايا الإجتماعية اسمع واتكلم

إقرأ أيضاً:

تشغيل الشعب بسيناريوهات لإخفاء القضايا الكبرى: بين الإلهاء والصدمة الجماعية

بقلم : الحقوقية هالة التميمي ..

مقدمة
تعيش العديد من المجتمعات في عالم معقد مليء بالتحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، حيث يتوق المواطنون إلى حياة مستقرة وفرص عادلة للمشاركة في صنع القرار. إلا أن الواقع غالبًا ما يصطدم بسياسات وإجراءات تدار خلف الكواليس، تُغيب حقائق هامة عن وعي الجمهور. في كثير من الأحيان، يتم توجيه اهتمام الشعب نحو سيناريوهات ومشكلات جانبية، تهدف إلى صرف الأنظار عن القضايا الحاسمة التي تحدد مستقبل البلاد. هذا الأسلوب في “تشغيل الشعب” باستخدام الإلهاء السياسي أو الإعلامي يثير تساؤلات عن صحة الحالة النفسية والجماعية للشعوب التي تُمارس عليها هذه الاستراتيجيات.

إلهاء الشعوب: استراتيجية السيطرة والتلاعب
قضية الخور، قضيه نور زهير، قضيه الدوره والسيديه وآخرها زينب جواد والقادم أكثر….
تُعدّ ظاهرة إلهاء الشعوب من خلال ابتكار أو تضخيم قضايا ثانوية، واحدة من أكثر الأساليب استخدامًا في السيطرة على الرأي العام وإبقاء السلطة ضمن دائرة النفوذ. تقوم النخب الحاكمة أو الجهات المؤثرة بإشغال الناس بسيناريوهات متكررة، تغذي النزاعات الطائفية أو الخلافات السياسية الضيقة، أو تثير أزمات إعلامية تخفي خلفها قرارات مهمة تتعلق بالاقتصاد أو السيادة الوطنية أو الحقوق الأساسية.
الصدمة الجماعية المزمنة وتأثيرها على المجتمع
تنتج عن هذه الممارسات ما يمكن تسميته بـ”الصدمة الجماعية المزمنة”، حيث يتعرض الشعب لصدمة متواصلة على مستويات مختلفة: من تدهور اقتصادي متسارع، إلى أزمات أمنية مستمرة، ومن ثم إلى انقسامات سياسية خانقة. هذه الصدمات المتكررة تولد حالة من الإجهاد النفسي والذهني تؤدي إلى استنزاف طاقات المجتمع، ما يقلل من قدرة الأفراد على التفكير النقدي، ومراقبة التطورات بوعي وتحليل موضوعي.
ضعف الوعي والاستغلال السياسي
الشعب الذي يعيش في هذه الحالة يكون عرضة لانحراف الاهتمام وتركيز الطاقة على قضايا جانبية لا تمس جوهر المشكلات، ويصبح بذلك سهل التأثر والتوجيه من قبل من يملكون أدوات الإعلام والتأثير. هذا لا يعني أن الشعب ضعيف أو مستسلم، بل هو نتيجة طبيعية لبيئة سياسية واجتماعية غير صحية، تسود فيها غياب الشفافية والعدالة، وتنتشر فيها الفساد وسوء الإدارة.
معالجة هذه الظاهرة تتطلب تعزيز مستويات الوعي السياسي والثقافي، وتوفير منصات حوارية حقيقية تمكن المواطنين من المشاركة الفاعلة في صنع القرار، فضلاً عن تطوير التعليم وتشجيع التفكير النقدي منذ المراحل الأولى. كما ينبغي على المؤسسات الإعلامية أن تتحمل مسؤولياتها في تقديم معلومات دقيقة ومتوازنة بدلاً من الانجرار وراء الدعاية والأجندات الضيقة.
والختام أوضح…
لا يمكن لأي مجتمع أن ينهض ويحقق تقدمه في ظل استمرار حالة الصدمة الجماعية والإلهاء الممنهج. يحتاج الشعب إلى الانتباه لما وراء السيناريوهات المؤقتة والتركيز على الجوهر الحقيقي لقضاياه، حتى يتمكن من حماية حقوقه وتحقيق تطلعاته نحو حياة كريمة ومستقبل أفضل.

هاله التميمي

مقالات مشابهة

  • في خرق واضح للتابوهات السياسية.. شخصيات إسرائيلية بارزة تدعو لفرض عقوبات قاسية على حكومة نتنياهو بسبب تجويع غزة
  • مرصد الأزهر: قطلونية بؤرة التطرف المتصاعدة في أوروبا الغربية
  • تشغيل الشعب بسيناريوهات لإخفاء القضايا الكبرى: بين الإلهاء والصدمة الجماعية
  • مدير الرياضة بالقليوبية يلتقي أعضاء مجلس إدارة منطقة الشطرنج لتعزيز دورها
  • مدير الشؤون القانونية في الهيئة العامة للطيران المدني السوري هادي قسام لـ سانا: توقيع اتفاقية استثمار الإعلانات في مطار دمشق الدولي مع شركة “فليك” الإماراتية، جاء بعد فوزها في المزايدة التي أُجريت وفق الأصول واستيفائها لكامل الشروط الفنية والق
  • وفاء عامر كلمة السر.. من هي بنت الرئيس مبارك التي أشعلت السوشيال ميديا؟
  • مرصد الأزهر يحذر من تيك توك: منصة تجنيد خطيرة للقُصّر في إسبانيا
  • مرصد الأزهر: تحول أمني لافت في غرب أفريقيا رغم ارتفاع ضحايا الإرهاب
  • بمشاركة الشباب بديلاً عن الأهلي.. اعتماد قائمة أندية دوري أبطال الخليج
  • تطبيقات المواعدة بين الشباب والفتيات.. أمين الفتوى يحذر