على وقع خلافات مستمرة بين السلطتين التنفيذية والتشريعة، حل أمير الكويت، الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، البرلمان، وعلّق العمل ببعض مواد الدستور لمدة لا تزيد عن أربع سنوات.

وقال الأمير في كلمة بثها تلفزيون الكويت: "لن أسمح على الاطلاق بأن تستغل الديمقراطية لتحطيم الدولة".

وذكر تلفزيون الكويت أن اختصاصات مجلس الأمة سيتولاها الأمير ومجلس الوزراء.

وقال الأمير في كلمته إن الدستور الكويتي سمح بتعديله وإعادة النظر في أحكامه بعد مرور خمس سنوات.

الكلمة السامية لحضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه #وزارة_الإعلام_الكويت pic.twitter.com/EGcxYWH5KH

— MOI - وزارة الإعلام (@MOInformation) May 10, 2024

وأضاف "لأجل تحقيق هذا الهدف في وقف الانحدار والحيلولة من أن نصل إلى مرحلة الانهيار، لذلك أمرنا بالآتي: حل مجلس الأمة ووقف بعض مواد الدستور لمدة لا تزيد عن أربع سنوات".

وتابع أن هذه السنوات ستشهد "دراسة جميع جوانب المسيرة الديمقراطية ورفع نتائج الدراسة والمراجعة لنا لاتخاذ ما نراه مناسبا".

جمود في المشهد السياسي اختصاصات مجلس الأمة سيتولاها الأمير ومجلس الوزراء. أرشيفية

وتعيش الكويت أزمات متتالية منذ سنوات بسبب الخلافات المستمرة والصراعات بين الحكومات التي يعينها الأمير والبرلمانات المنتخبة انتخابا مباشرا، الأمر الذي أعاق جهود الإصلاح الاقتصادي وعطل كثيرا المشاريع التنموية التي تحتاجها البلاد، بحسب وكالة رويترز.

وانتخبت الكويت برلمانا جديدا، في الرابع من أبريل الماضي، ليصبح الرابع منذ ديسمبر عام 2020، وبعدها بيومين استقالت حكومة الشيخ محمد صباح السالم الصباح كخطوة إجرائية بعد الانتخابات.

وأسفرت الانتخابات عن تغيير محدود تمثل في دخول 11 نائبا جديدا من أصل 50 عضوا منتخبا في البرلمان، فيما احتفظت المعارضة في الكويت بغالبيتها في المجلس، مما رجح احتمال استمرار حالة الجمود السياسي بعد أول انتخابات في عهد أمير الكويت الجديد، الشيخ مشعل الأحمد الصباح.

وبالتالي لم يختلف البرلمان الجديد كثيرا عن البرلمان السابق، إذ شهد أيضا عودة كل من رئيسي مجلس الأمة السابقين، مرزوق الغانم وأحمد السعدون.

"لن أسمح بتحطيم الدولة".. أمير الكويت يعلق بعض مواد الدستور ويحل البرلمان أمر أمير الكويت، الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، في خطاب نقله التلفزيون، الجمعة، بحل البرلمان وتعليق العمل ببعض مواد الدستور لمدة لا تزيد عن أربع سنوات.

وبعد الانتخابات، اعتذر الشيخ محمد صباح السالم الصباح عن تشكيل الحكومة الجديدة الأمر الذي أربك المشهد السياسي في ظل عزوف شخصيات أخرى من أسرة الصباح الحاكمة عن تولي المنصب، طبقا لوسائل إعلام محلية.

وفي الثامن من أبريل، صدر مرسوم أميري بتأجيل اجتماع مجلس الأمة إلى 14 مايو بدلا من 17 أبريل، مستندا للمادة 106 من الدستور التي تجيز للأمير تأجيل اجتماعات البرلمان لمدة لا تتجاوز شهرا، في تكرار لسيناريو مشابه لما حدث في 2022.

ثم عيَّن أمير الكويت الشيخ أحمد عبدالله الأحمد الصباح رئيسا جديدا لمجلس الوزراء في 15 أبريل وطلب منه تشكيل الحكومة الجديدة، لكنه لم يتمكن من تشكيلها.

لماذا حل البرلمان؟ جمود في المشهد السياسي في الكويت. أرشيفية

وعزا الشيخ الصباح قراراته هذه إلى "تدخل" بعض النواب في صلاحيات الأمير وفرض البعض الآخر "شروطا" على تشكيل حكومة.

وقال في خطابه: "واجهنا من المصاعب والعراقيل ما لا يمكن تحمله والسكوت عنه"، مضيفا "نجد البعض يصل تماديه إلى التدخل في صميم اختصاصات الأمير واختياره لولي عهده متناسيا أن هذا حق دستوري صريح للأمير".

ولا يزال أمام أمير الكويت الذي تولى الحكم حتى منتصف ديسمبر الماضي، أي نحو ثمانية أشهر وفق الدستور لاختيار ولي العهد، إذ يتمتع البرلمان بصلاحية مبايعة أو رفض من يختاره الأمير في جلسة برلمانية خاصة.

وجاء قرار الحل قبل أربعة أيام من موعد افتتاح أعمال مجلس الأمة الذي انتخب مطلع أبريل الماضي وبعد أن رفض نواب المشاركة في الحكومة.

وأكد أمير الكويت أن تعذر تشكيل حكومة كان نتيجة "ما صدر من عدد من أعضاء المجلس من تباين تجاه الدخول في التشكيل الحكومي ما بين إملاءات وشروط البعض للدخول فيها".

وقال: "لقد لمسنا خلال الفترات السابقة بل وحتى قبل أيام قليلة سلوكا وتصرفات جاءت على خلاف الحقائق الدستورية الثابتة".

وأضاف "هناك من هدد وتوعد بتقديم الاستجواب لمجرد أن يعود أحد الوزراء إلى حقيبته. وآخر اعترض على ترشيح البعض الآخر متناسيا، جهلا أو عمدا، أن اختيار رئيس الحكومة وأعضائها حق دستوري خالص لرئيس الدولة ولا يجوز لأحد اقتحام أسواره أو الاقتراب من حدوده أو التدخل في ثناياه".

وشهد مجلس الأمة الكويتي "اجتماعا تنسيقيا" من تسعة نواب، الخميس، وجّهوا "دعوة لرئيس الوزراء المكلف بضرورة مراعاة رسالة الشعب واتجاهات المجلس الجديد في تشكيل حكومته وإبعاد أي عنصر غير مرغوب فيه"، بحسب تقرير نشرته صحيفة "الراي" الكويتية، الجمعة.

وقال النائب أنور الفكر إن "كرامة النواب الذين أعلنوا عدم الرضا عن أداء وسياسيات وزير لا يمكن أن تقبل بعودة الوزير نفسه"، وفق ما نقلته الصحيفة.

ونقلت "الراي" عن النواب الذين حضروا الاجتماع قولهم إنه إذا لم يتم الالتزام بالقواعد الدستورية في "تشكيل واختيار الوزراء" لتكون "مراعية لـ"رسالة الشعب الكويتي" فإن "المجلس الجديد وإرادة الشارع.. ملتزمون باتخاذ واستخدام كل الصلاحيات والأدوات الدستورية".

أول انتخابات في عهد الأمير الجديد.. الكويتيون أمام تحديات "تصحيح المسار" تسيطر الانتخابات البرلمانية المقبلة على جزء كبير من نقاشات المجتمع الكويتي خلال هذه الفترة مع اقترابهم من الذهاب لصناديق الاقتراع مجددا يوم الرابع من أبريل المقبل.

ويشترط الدستور الكويتي أن يتولى نائب على الأقل حقيبة وزارية حتى تكتمل التشكيلة الحكومة. لكن لم يتمكن رئيس الوزراء المكلف من إقناع أي من النواب بالمشاركة.

منذ أن اعتمدت الكويت نظاما برلمانيا عام 1962، تم حل المجلس التشريعي أكثر من عشر مرات. وفي حين ينتخب النواب، يتم تعيين وزراء الحكومة الكويتية من قبل عائلة الصباح الحاكمة، التي تحتفظ بقبضة قوية على الحياة السياسية.

وغالبا ما يكون سبب حل البرلمان مطالبة نواب بمساءلة وزراء من العائلة الأميرية على خلفية قضايا تتصل بالفساد، وفقا لتقرير نشرته وكالة فرانس برس.

تعليق مواد بالدستور حل البرلمان للمرة الرابعة خلال أشهر قليلة. أرشيفية

وأوقف أمير الكويت بقراره، الجمعة، العمل بمواد دستورية، والتي تضم فقرات من المواد: 51 و65 و79 و107 و174 و181 من الدستور الكويتي، لمدة لا تزيد عن أربع سنوات، يتم من خلالها دراسة "الممارسة الديمقراطية في البلاد".

أمر أميري بحل مجلس الأمة ويتولى الأمير ومجلس الوزراء الإختصاصات المخولة لمجلس الأمة #الكويت #وزارة_الإعلام_الكويت pic.twitter.com/zA3dfgKpaX

— MOI - وزارة الإعلام (@MOInformation) May 10, 2024 ما هي مواد الدستور الكويتي المُعلَّقة؟ المادة 51: 

السلطة التشريعية يتولاها الأمير ومجلس الأمة وفقا للدستور.

المادة 65: (تعليق الفقرتين 2 و3)

للأمير حق اقتراح القوانين وحق التصديق عليها وإصدارها.

يكون الإصدار خلال ثلاثين يوما من تاريخ رفعها إليه من مجلس الأمة، وتخفض هذه المدة إلى سبعة أيام في حالة الاستعجال، ويكون تقرير صفة الاستعجال بقرار من مجلس الأمة بأغلبية الأعضاء الذين يتألف منهم. ولا تحسب أيام العطلة الرسمية من مدة الإصدار.

ويعتبر القانون مصدقا عليه ويصدر إذا مضت المدة المقررة للإصدار دون أن يطلب رئيس الدولة إعادة نظره.

المادة 71: (تعليق الفقرة الثانية)

إذا حدث فيما بين أدوار انعقاد مجلس الأمة أو في فترة حله، ما يوجب الإسراع في اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير، جاز للأمير أن يصدر في شأنها مراسيم تكون لها قوة القانون، على أن لا تكون مخالفة للدستور أو للتقديرات المالية الواردة في قانون الميزانية.

يجب عرض هذه المراسيم على مجلس الأمة خلال خمسة عشر يوما من تاريخ صدورها، إذا كان المجلس قائما، وفي أول اجتماع له في حالة الحل أو انتهاء الفصل التشريعي، فإذا لم تعرض زال بأثر رجعي ما كان لها من قوة القانون بغير حاجة إلى إصدار قرار بذلك. أما إذا عرضت ولم يقرها المجلس زال بأثر رجعي ما كان لها قوة القانون، إلا إذا رأى المجلس اعتماد نفاذها في الفترة السابقة أو تسوية ما ترتب من آثارها بوجه آخر.

المادة 79:

لا يصدر قانون إلا إذا أقره مجلس الأمة وصدق عليه الأمير.

المادة 107:

للأمير أن يحل مجلس الأمة بمرسوم تبين فيه أسباب الحل على أنه لا يجوز حل المجلس لذات الأسباب مرة أخرى . وإذا حل المجلس وجب إجراء الانتخابات للمجلس الجديد في ميعاد لا يجاوز شهرين من تاريخ الحل. فإن لم تجر الانتخابات خلال تلك المدة يسترد المجلس المنحل كامل سلطته الدستورية ويجتمع فورا كأن الحل لم يكن، ويستمر في أعماله إلى ان ينتخب المجلس الجديد.

المادة 174: 

للأمير ولثلث أعضاء مجلس الأمة حق اقتراح تنقيح هذا الدستور بتعديل أو حذف حكم أو أكثر من أحكامه، أو بإضافة أحكام جديدة إليه. فإذا وافق الأمير وأغلبية الأعضاء الذين يتألف منهم مجلس الأمة على مبدأ التنقيح وموضوعه، ناقش المجلس المشروع المقترح مادة مادة، وتشترط لإقراره موافقة ثلثي الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس، ولا يكون التنقيح نافذا بعد ذلك إلّا بعد تصديق الأمير عليه وإصداره، وذلك بالاستثناء من حكم المادتين 65 و66 من هذا الدستور. 

وإذا رفض اقتراح التنقيح من حيث المبدأ أو من حيث موضوع التنقيح فلا يجوز عرضه من جديد قبل مضي سنة على هذا الرفض. ولا يجوز اقتراح تعديل هذا الدستور قبل مضي خمس سنوات على العمل به.

المادة 181:

لا يجوز تعطيل أي حكم من أحكام هذا الدستور إلا أثناء قيام الأحكام العرفية في الحدود التي يبينها القانون. ولا يجوز بأي حال تعطيل انعقاد مجلس الأمة في تلك الأثناء أو المساس بحصانة أعضائه.

الجنسية الكويتية في صلب القرار الأميري

وتثير مسألة تتعلق بالجنسية الكويتية جدلا في المشهد السياسي، وقال الشيخ الصباح في كلمته: "من دخل البلاد على حين غفلة وتدثر في عباءة جنسيتها بغير حق ومن انتحل نسبا غير نسبه أو من يحمل ازدواجا في الجنسية أو وسوست له نفس أن يسلك طريق التزوير للحصول عليها واستفاد من خيرات البلاد دون حق وحرم من يستحقها من أهل الكويت.فالدولة تقوم على دعامتين أساسيتين، الأمن والقضاء".

من جانبه كان النائب الفكر قد طالب في الاجتماع بمجلس الأمة "بأن يكون القضاء هو الحكم في موضوع الجنسية والهوية الوطنية تعزيزا لدولة المؤسسات"، وفق تصريحات نقلتها "الراي" الكويتية.

وقال النائب: "نحن أصل الهوية الوطنية ومنبعها، ونقولها بالفم المليان والله لن نسكت على أي مزدوج أو مزور في الكويت، المزور والمزدوج"، محذرا أن المزور يجب أن "نأخذه من رجليه ونعلقه في ساحة الصفاة".

واعترف الشيخ الصباح بأن "الجو غير السليم الذي عاشته الكويت في السنوات السابقة شجع على انتشار الفساد ليصل إلى أغلب مرافق الدولة بل ووصل إلى المؤسسات الأمنية والاقتصادية مع الأسف بل ونال حتى من مرفق العدالة"، مشيرا إلى أن القضاء قادر على "تطهير نفسه".

وقال إن "الجميع يجب أن يعلم أن لا أحد فوق القانون فمن نال من المال العام دون وجه حق سوف ينال عقابه أيا كان موقعه أو صفته".

وتأتي هذه التحركات السياسية وسط تحديات عدة، خصوصا مع سعي الحكومات المتعاقبة في الكويت إلى تنفيذ خطة إصلاحية أقرت، في عام 2018، لتنويع الاقتصاد والحد من الاعتماد على الذهب الأسود، فيما يشير محللون إلى أن الإصلاحات السياسية ضرورية في المرحلة المقبلة.

وحالت الخلافات دون إقرار البرلمان إصلاحات تهدف إلى تنويع الاقتصاد، في حين أدى العجز المتكرر في الميزانية وضعف الاستثمار الأجنبي إلى تفاقم التجاذبات.

وتعد الكويت من أكبر مصدري النفط الخام في العالم، لكن انعدام الاستقرار السياسي قلل من شهية المستثمرين، وفقا لوكالة فرانس برس.

وتمتلك الكويت، المتاخمة للسعودية والعراق، سبعة في المئة من احتياطيات النفط الخام في العالم. وليس لديها سوى القليل من الديون كما تدير أحد أقوى صناديق الثروة السيادية في العالم. 

أمضى الشيخ مشعل الصباح سنوات عديدة في وزارة الداخلية وكان نائبا لرئيس الحرس الوطني الكويتي من 2004 إلى 2020. وقضى معظم سنواته العملية في جهاز الأمن والمخابرات الكويتي، ونأى بنفسه عن الخلافات المريرة داخل الأسرة الحاكمة.

وهو يتولى مقاليد الحكم في فترة حرجة بالنسبة لدول الخليج المنتجة للنفط وسط دعوات متزايدة للتحول في مجال الطاقة. 

فالكويت، العضو في منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك"، واحدة من أكثر  المناطق التي تعاني من ارتفاع الحرارة على وجه الأرض، ولكنها ما زالت تعتمد على النفط كمصدر رئيسي للعائدات.

وفي حين خطت جارتاها، السعودية والإمارات، خطوات واسعة نحو تنويع اقتصاداتهما، ما زالت الكويت بعيدة عن ذلك.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الشیخ مشعل الأحمد الدستور الکویتی المشهد السیاسی وزارة الإعلام مواد الدستور هذا الدستور حل البرلمان أمیر الکویت مجلس الأمة فی الکویت لا یجوز

إقرأ أيضاً:

«أبو شقة»: تعديلات قوانين الانتخابات «واجب دستوري».. والقائمة المُغلقة الحل الأمثل

قال المستشار بهاء أبو شقة ، وكيل أول مجلس الشيوخ، إننا لسنا بصدد قانون جديد لانتخابات مجلس النواب أو مجلس الشيوخ، بل هناك قانون ينظم انتخابات مجلس النواب، وقد جرت على أساسه انتخابات عام 2020، وكذلك قانون ينظم انتخابات مجلس الشيوخ، وقد جرت على أساسه الانتخابات في العام ذاته. وما جرت عليه التعديلات أوجبها الدستور في المادة 102، وهي مادة خاصة بمجلس النواب، حيث نصت على أن يتشكل المجلس من عدد لا يقل عن 450 عضوًا، على أن يُخصص للمرأة ربع إجمالي عدد المقاعد.

وأكد أبو شقة، خلال حواره مع "صدى البلد"، أننا أمام استحقاق دستوري وواجب، وإذا قلت النسبة عن هذا العدد، تُشوب الانتخابات البرلمانية بالبطلان. كما نصت الفقرة الأخيرة من المادة نفسها على أن يُبيَّن في القانون شروط الترشح الأخرى، ونظام الانتخاب، وتقسيم الدوائر الانتخابية، بما يراعي فيه التمثيل العادل للسكان والمحافظات. وبالتالي، فإن القانون عند وضعه لنظام انتخابي، لا بد أن يراعي أمرين: التمثيل العادل للسكان، والتمثيل العادل للمحافظات. وقد عالج قانونا مجلس النواب والشيوخ هذه المسألة، حيث نصا على جواز الأخذ بنظام الانتخاب الفردي أو القائمة أو الجمع بينهما بأي نسبة.

وأشار وكيل أول مجلس الشيوخ إلى أن نظام القوائم، في الفقه الدستوري، قد يكون نسبيًا أو مغلقًا أو مطلقًا. ثم جاءت المادة 102 في نهايتها لتُجيز لرئيس الجمهورية تعيين عدد من الأعضاء في مجلس النواب لا يزيد عن 5%، ويحدد القانون كيفية ترشيحهم. كما نص قانون مجلس النواب على أن نصف أعضائه يُنتخبون بالنظام الفردي (284 نائبًا)، والنصف الآخر بالقائمة المطلقة أو المغلقة، وفي هذه القوائم يمكن تحديد نسبة الـ25% للمرأة، وكذلك تمثيل الفئات الأخرى التي أوجب الدستور تمثيلها، وهي: الأقباط، والشباب، والمصريين في الخارج، وذوي الإعاقة، والعمال، والفلاحين. والتمثيل الأمثل لهذه الفئات لا يتحقق إلا بالقائمة المغلقة، إذ يستحيل تحقيقه عبر القائمة النسبية.

وتابع: نصت المادة 251 من الدستور على شروط الترشح لانتخابات مجلس الشيوخ، ومنها الحصول على مؤهل، إلى جانب تنظيم الانتخاب وتقسيم الدوائر الانتخابية بما يراعي التوزيع العادل للسكان والمحافظات، مع جواز الجمع بين النظام الفردي والقائمة بأي نسبة، وهو النص نفسه الموجود في المادة 102 من الدستور.

واستطرد: وبالتالي، فإن التعديلات على قوانين انتخابات مجلسي النواب والشيوخ وتقسيم الدوائر الانتخابية، تُعد واجبة في كل فصل تشريعي، بحسب التغير في عدد السكان. فمنذ عام 2020 وحتى 2025، تم الاستعانة بجهتين رئيسيتين لضمان الدقة في التوزيع، هما: الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، لتحديد عدد السكان، والهيئة الوطنية للانتخابات، لتحديد الدوائر وتوزيعها، وذلك لضمان تحقيق التمثيل العادل للسكان.

وأضاف أن المادتين 102 و251 من الدستور تُقابلهما المادة 113 من دستور 2012، وهي بنفس الصياغة والنص. ولهذا أصدرت المحكمة الدستورية تفسيرين: أحدهما عام 2013، وحكمًا في 2015، وتفسيرات المحكمة الدستورية والأحكام الصادرة عنها ملزمة. وكان تفسير المحكمة واضحًا ومحلًّا للمشكلة، حيث نص على أنه لتحقيق التمثيل العادل للسكان، يجب أن يكون كل نائب – سواء منتخبًا بالقائمة أو الفردي – ممثلًا لعدد متساوٍ من السكان.

وضرب مثالًا: إذا كان عدد السكان 1000، وعدد من لهم حق التصويت 800، فالمجموع يكون 1800، نقسمهم على 2 فيكون الناتج 900. وإذا كانت هناك 30 دائرة، فنقسم 900 على 30، فيكون كل نائب ممثلًا عن 30 ناخبًا. وهذا ما استقر عليه قانون تقسيم الدوائر، وهو تفسير رائع وبسيط. وبالنسبة للتمثيل العادل للمحافظات، إذا كانت هناك محافظة لا تملك 30 نائبًا وإنما 20 فقط، فإنها تُمثَّل في البرلمان بنائب واحد على الأقل.

وتابع: إذًا، نحن أمام تعديلين واجبين لقوانين الانتخابات وتقسيم الدوائر في كل فصل تشريعي، تبعًا لزيادة أو نقصان عدد السكان، من أجل تحقيق النموذج الأمثل. ولهذا فإن الجمع بين القائمة المغلقة والنظام الفردي هو الأنسب، لأن أي نظام انتخابي لا يحقق النجاح بنسبة 100%، ولكل نظام مزاياه وعيوبه. فمثلًا، للنظام الفردي عيوب، وكذلك القائمة المغلقة، وأيضًا القائمة النسبية. لكن كل دولة تختار النظام الانتخابي الأنسب للمرحلة التي تمر بها. وليس من الضروري أن يكون النظام الناجح في دولة ما مناسبًا لدولة أخرى، أو حتى للمرحلة نفسها في الدولة ذاتها.

واختتم: الخلاصة أن هذه التعديلات ليست قوانين جديدة لمجلس النواب أو الشيوخ، وإنما هي تعديلات واجبة وفقًا للنص الدستوري في المادتين 102 و251، وأن اعتماد نظام القائمة المغلقة مع الفردي هو الأفضل، لا سيما أن الدستور أحال الأمر إلى القانون، وقد أخذ القانون بتفسير المحكمة الدستورية العليا، وهو تفسير ملزم.

طباعة شارك المستشار بهاء أبو شقة وكيل أول مجلس الشيوخ انتخابات مجلس النواب الدستور البرلمان

مقالات مشابهة

  • البرلمان يبحث إنشاء وحدة مركزية لإدارة الأصول وآليات واضحة للتخارج .. تفاصيل
  • ننشر مواد الخدمات الاجتماعية والصحية في قانون العمل بعد موافقة البرلمان
  • بهاء أبو شقة لـصدى البلد: القائمة المغلقة الأنسب لتمثيل الفئات المميزة دستوريا.. وأطالب البرلمان القادم بتشكيل لجنة لتقنية القوانين
  • أبو شقة عن تعديلات قوانين الانتخابات: المهم أن نكون أمام إجراءات رسمها القانون والدستور
  • «أبو شقة»: تعديلات قوانين الانتخابات «واجب دستوري».. والقائمة المُغلقة الحل الأمثل
  • نائب أمير منطقة الرياض يؤدي صلاة الميت على الأمير فيصل بن تركي بن سعود الكبير  
  • نائب أمير منطقة الرياض يؤدي صلاة الميت على صاحب السمو الأمير فيصل بن تركي بن سعود الكبير
  • نائب أمير منطقة الرياض يؤدي صلاة الميت على الأمير فيصل بن تركي بن سعود الكبير
  • نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على صاحب السمو الأمير فيصل بن تركي بن سعود الكبير
  • أمير قطر يعزي خادم الحرمين في وفاة الأمير فيصل