الثورة نت:
2025-05-27@21:30:04 GMT

حس وطني وأمني

تاريخ النشر: 12th, May 2024 GMT

 

يدرك العدو أن مساعي خلخلة المجتمعات تبدأ من التضييق عليها في أسباب الحياة، ليتسنى له بعدها التحكم بمصائر هذه المجتمعات بعد توجيهها وفقا لأهدافها.
وقد اعتمدت أمريكا – طوال تاريخها – العمل بهذه المنهجية وسياسة إفقار الشعوب ثم اختراقها بالإغراءات وشراء المواقف والولاءات، وحتى شراء أصحابها وتوجيههم لضرب مجتمعاتهم.


وكثيرا ما أخبرنا تاريخ الحروب والمواجهات أن الخصم المتفوق في الإمكانيات اعتمد بصورة كبيرة ومباشرة على سلاح الحصار والتجويع لخلق بيئة سريعة الاستسلام سهلة التطويع، بغية إشباع حاجاتها الأساسية البسيطة وهو فعل دنيء غير أخلاقي لا ينم عن قوة، بقدر ما يؤكد على الدونية والإقرار بالعجز أمام الخصم الآخر.
قد تكون هذه هي القاعدة المتعارف عليها وفق قراءة معطيات المواجهات بين الدول، حصار، تجويع، استسلام، إلا أن وجود أي استثناء، ربما يدفع لإعادة النظر في التعاطي مع هذا السلاح الدنيء، واليمنيون قدموا نموذجا راقيا كسر محاولات العدو في اختراقه من الداخل بقصد زعزعة استقرار وخلخلة تماسكه، وقياسا بطول زمن العدوان وحجم الإمكانات التي يمتلكها العدو، فإن محاولات اختراق الداخل اليمني الضعيفة، كماً وكيفاً، تنسف نجاعة هذا السلاح، فاليمنيون يدركون – رغم سوء الوضع الناتج عن مؤامرات الأعداء طوال عقود – أن الاصطفاف مع الأعداء لا يمكن أن يكون مقابلاً منطقياً للخروج من ضائقة الحاجة، ولا يمكن أن يكون مكسبا أو حتى شيئا طبيعيا يمكن للضمير تجاوزه بسهولة والتعايش معه، فرغم تخلّف اليمن عن معايير التقدم التي وضعتها ما تسمى بالدول الكبرى إلا أن جبهة اليمن الداخلية ظلت دائما عصية على الانسياق وراء توجهات المؤامرات الخارجية، لذلك خصصت المؤامرات جزءاً كبيراً من نشاطها لرفع مستوى الفقر داخل هذا البلد، وربط حاجات الناس بالاتصال بالخارج.
ومنذ وقت مبكر عملت على سلب الداخل قدرته على الإنتاج، ونجحت في هذا إلى حد كبير، ثم عمدت إلى تقديم المساعدات وصنعت فكرة المنظمات كوسيط لوصول هذه المساعدات، وتفخيم هالة الخارج بكونه من يمتلك العصا السحرية في تحويل الأحلام إلى واقع، مع ذلك وجد أرباب هذه المؤامرات أن المجتمع يكاد يكون حالة استثنائية يصعب تمرير هذه الآليات عليه، إلا قليلاً من النفوس بطبيعة الحال.
وطوال تاريخه الممتد ظل المجتمع اليمني دائما قويا بثباته على قيم الولاء لله ثم للوطن، فعجزت المحاولات الخارجية عن توسيع البدائل والخيارات عند محاولة ضربه من الداخل، والنجاح النادر في تكوين أياد وعملاء لها كان دائما ينتهي إلى الفشل كنتيجة حتمية مع انتفاء توفر البيئة المحفزة لاكتمال النجاح، فالمرور عبر القلة الذي يمكن التأثير عليهم من زاوية الحاجة لا يعني تحقيق نجاح، وإذا كان المجتمع يعي أن مخاطر ضرب الوطن تصيب الجميع حاضرا ومستقبلا، تتضاءل أمامه أي مكاسب ناشئة عن المساعدة في توجيه هذا الضربات.
من هنا كانت محاولات تكوين أو تحريك خلايا، دائما غير مكتملة، فحتى أدوات هذه المحاولات تعي أن تورطها في مثل هذه الأعمال لم يكن إلا بسبب الحاجة، ولهذا تنعكس هذه القناعة على مستوى أدائها الخياني الذي يستوجب المساءلة والوقوف أمام محكمة القانون.
وإلى جانب كل ذلك تبقى المؤسسة الأمنية المدركة والواعية، عامل ردع أكيداً تزعزع من ثقة فاعلي الجرم بنجاحهم، لذلك – وعقب النجاحات التي حققتها وزارة الداخلية وأجهزتها الأمنية – تراجعت إلى حد كبير محاولات العدو استهداف الوطن من الداخل، وإنجاز الأسبوع الماضي المتمثل بالقبض على خلية تجسس نجاح جديد، يؤكد رسائل سابقة للداخل بطمأنته على أن هناك أيدي أمينة وعيون ساهرة على استقراره، وخارجية، بأن رهانهم على الحصار، وتجميد النشاط لبعض الوقت عشما في تراخي حرّاس الوطن، سذاجة مآلها الفشل.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

رصاصة من الداخل| شجار دامٍ يكشف تصدعات في صفوف جيش الاحتلال بغزة.. ماذا حدث؟

في خضمّ العمليات العسكرية الإسرائيلية المتواصلة في قطاع غزة، تتكشّف جوانب داخلية من الصراع لا تقلّ خطورة عن المواجهات مع المقاومة الفلسطينية، إذ بدأت علامات التوتر والانهيار تتسلل إلى وحدات الجيش الإسرائيلي نفسها، ما يعكس أزمات نفسية وتنظيمية متصاعدة في صفوف الجنود.

وشهدت الساعات الماضية حادثة شجار عنيف أسفرت عن إصابة خطيرة لجندي من لواء "ناحال"، ولم يكن الحادث مجرد واقعة فردية، بل انعكاسٌا لتصدعات أعمق داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، في وقتٍ تتكبد فيه خسائر فادحة وتواجه عجزًا في تحقيق أهدافها الميدانية.

شجار في صفوف الجيش الإسرائيلي

وأعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، صباح الأحد 25 مايو 2025، عن إصابة أحد جنود لواء "ناحال" بجروح خطيرة نتيجة شجار داخلي وقع مساء السبت شمالي قطاع غزة، وذلك أثناء تنفيذ مهمة عسكرية ميدانية في منطقة القتال.

وبحسب البيان الرسمي، فإن الجندي المصاب تلقى إسعافات أولية ميدانية عاجلة قبل أن يُنقل على وجه السرعة إلى المستشفى، في حين تم إبلاغ عائلته بتفاصيل الحادث، أما الجندي المعتدي، فقد تم توقيفه مؤقتًا بانتظار نتائج التحقيق الذي بادرت إليه الشرطة العسكرية الإسرائيلية، التي تعهدت بإحالته إلى النيابة العسكرية لتحديد طبيعة التهم المحتملة، سواء كانت جنائية أو تأديبية.

انعكاسات الحادث على صورة الجيش

ورغم وصف القيادة العسكرية للحادثة بأنها "استثنائية"، إلا أنها ليست الأولى من نوعها، بل تأتي في سياق سلسلة من المؤشرات التي تدل على تدهور الحالة النفسية والانضباطية داخل صفوف الجيش الإسرائيلي، وخاصة تلك المنتشرة في قطاع غزة منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر 2023.

ويُعدّ لواء "ناحال" من أبرز ألوية النخبة في سلاح المشاة الإسرائيلي، وقد كُلّف خلال الأسابيع الماضية بعمليات ميدانية شاقة شمالي غزة، بما فيها التوغلات المتكررة واستهداف مواقع تزعم إسرائيل أنها تابعة لحركة "حماس". وقد سبّبت هذه المهام الإرهاق الشديد للعناصر الميدانية، وسط بيئة قتالية معقّدة ومشحونة، بالإضافة إلى تصاعد حجم الخسائر البشرية والمادية.

تحذيرات وتحليلات عسكرية

ويرى محللون عسكريون إسرائيليون، أن الشجار الأخير بين عناصر "ناحال"، لا يمكن فصله عن الضغوط المتراكمة التي تواجهها وحدات الجيش في القطاع، ومن أبرزها:
•    الإرهاق الميداني الناتج عن طول أمد العمليات العسكرية دون تحقيق نتائج ملموسة.
•    الأوضاع النفسية المتدهورة بسبب مشاهد الدمار والخسائر.
•    ضعف الانضباط في بعض الوحدات، خاصة بين المجندين الجدد أو غير المتحمّسين لاستمرار القتال.
•    توتر العلاقة بين القيادة الميدانية والعسكرية العليا، في ظلّ غياب استراتيجية خروج واضحة من الحرب.

وحذّرت تقارير أمنية داخلية من أن مثل هذه الحوادث، وإن بدت معزولة، تُظهر هشاشة الجبهة الداخلية للمؤسسة العسكرية، وتزيد من صعوبة الحفاظ على تماسك القوات في بيئة حرب طويلة الأمد.

سياق أوسع من التمرد الصامت والرفض المتزايد

ويأتي هذا الحادث في ظلّ تقارير متواترة عن "رفض الخدمة" و"التمرد الصامت" داخل الجيش، لا سيما بين جنود الاحتياط، وبعض الوحدات المتقدمة في القتال.

كما أشارت مصادر عسكرية وإعلامية إلى وجود أزمة ثقة متفاقمة بين الجيش والحكومة الإسرائيلية، على خلفية الخلافات حول جدوى استمرار العمليات في غزة، وفشل المبادرات السياسية والعسكرية في التوصل إلى حلول دائمة.

وبينما تنتظر القيادة العسكرية نتائج التحقيق الرسمي في الحادث، يبقى الأكيد أن ما جرى بين جنود لواء "ناحال" ليس حادثًا معزولًا، بل دلالة على تصدّع داخلي يتطلب معالجة أعمق بكثير من محاسبة فردية.

ففي الوقت الذي تواجه فيه إسرائيل مقاومة شرسة على الأرض، فإن أي ضعف أو انقسام داخلي يُهدد بانفجار غير متوقع في صفوف قواتها، وهو ما قد يُفاقم من مأزقها العسكري والسياسي في غزة.

طباعة شارك قطاع غزة المقاومة الفلسطينية الجيش الإسرائيلي لواء ناحال التمرد الصامت

مقالات مشابهة

  • أحمد موسى: أهل الشر يحرفون دائما تصريحاتي لأنهم يعلمون أنني داعم لوطني
  • بيتكوفيتش يستدعي شايبي لتربص جوان
  • ترامب بين دعم إسرائيل وضغوط الداخل.. براعة سياسية أم رهانات انتخابية؟| محلل يجيب
  • "لا تتردد في طلب الخدمة نحن دائما في جوارك".. أبرز تصريحات وزير الصحة خلال "مؤتمر استعدادات الحج"
  • تآكل مجتمع الصهيونية “اللقيط” من الداخل.. أرقامٌ ومؤشرات
  • ترامب يفتح النار على الجميع.. حذر من سقوط روسيا وغاضب من زيلينسكي
  • لبنان بين رحيل نصرالله وترتيبات ما بعد الحرب: من يمسك اليد الأولى؟
  • محافظ سوهاج: متواجدون دائما في جولات ميدانية لمعرفة طبيعة المشكلات
  • رصاصة من الداخل| شجار دامٍ يكشف تصدعات في صفوف جيش الاحتلال بغزة.. ماذا حدث؟
  • حصار اليمن ينهك الاقتصاد الصهيوني.. خبراء: العمليات العسكرية تُفكك منظومة كيان العدو من الداخل