عربي21:
2025-06-18@15:17:06 GMT

المحامون التونسيون يرفضون دخول بيت الطاعة

تاريخ النشر: 13th, May 2024 GMT

تعيش تونس حاليا مواجهة مفتوحة بين السلطة والمحامين، فالهجوم المباشر الذي تعرضت له دار المحامي من قبل أمنيين ملثمين ليلة الأحد الماضي شكل النقطة التي أفاضت الكأس في العلاقة المتوترة بين الطرفين منذ أشهر عديدة على الأقل. إذ صدرت بطاقة جلب للمحامية سنية الدهماني بناء على تعليق إعلامي اعتبرته السلطة "جريمة خطيرة" يجب أن تحاسب عليه وفق المرسوم 54.

من جهتها رفضت المحامية الاستسلام، وهي تتمتع باحترام المتابعين لتعليقاتها، واستنجدت بزملائها من أجل التنسيق معهم ووضع خطة جماعية للدفاع؛ ليس عن نفسها فقط ولكن أيضا عن حرية الكلمة التي اعتبرتها مهددة أكثر من أي وقت مضى.

ولم تنكر سنية الدهماني كونها "متمردة" ورافضة تنفيذ القرار القضائي، لأنه حسب اعتقادها هو "قرار سياسي" يهدف إلى إخضاع المحاماة مثلما حصل من قبل مع القضاة، وتحجيم دور المحامين. بذلك توفرت عناصر الاشتباك بين هذا القطاع الحيوي في تونس وبين السلطة القائمة، فتحولت المسألة إلى أزمة مفتوحة سيكون لها ما بعدها.

لم يجد المحامون أنفسهم وحدهم في هذه المعركة، إذ سرعان ما دعمتهم منظمات وجمعيات وازنة في تونس؛ مثل الاتحاد العام التونسي للشغل الذي أدان بشدة الاقتحام الأمني واعتبره "غير مسبوق"، مؤكدا بالخصوص على أنه يسجل "تصاعد موجة خنق الحريات العامة والخاصة"، الأسلوب العنيف الذي اعتمدته السلطة جعل القضية تتجاوز نطاق الحادثة الفردية التي كان بالإمكان تسويتها بطريقة ما، لتصبح معركة متعددة الجبهات تشمل قطاعات واسعة من المجتمع المدني، خاصة بعد مطالبة المحامين الرئيس قيس سعيد بـ"الرحيل" وتأكيد النقابيين على مساندتهم لجميع الأشكال النضالية التي يتخذها المحامونويدعو إلى التصدي لها. كذلك أصدرت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ونقابة الصحافيين التونسيين وجمعية النساء الديمقراطيات بيانات مماثلة؛ تؤكد دعمها للمحاماة التي تتعرض حسب اعتقادهم إلى مظلمة.

ولا شك في أن الأسلوب العنيف الذي اعتمدته السلطة جعل القضية تتجاوز نطاق الحادثة الفردية التي كان بالإمكان تسويتها بطريقة ما، لتصبح معركة متعددة الجبهات تشمل قطاعات واسعة من المجتمع المدني، خاصة بعد مطالبة المحامين الرئيس قيس سعيد بـ"الرحيل" وتأكيد النقابيين على مساندتهم لجميع الأشكال النضالية التي يتخذها المحامون.

في هذا السياق تبرز مسألتان مهمتان لفهم ما يجري في تونس":

تتعلق المسألة الأولي بأن "المشروع السياسي" الذي يدافع عنه الرئيس سعيد منذ اندلاع الثورة لا يقر بشرعية الهياكل الوسيطة التي يطلق بالمجتمع المدني، لهذا عمل بعد انفراده بالسلطة في الخامس والعشرين من تموز/ يوليو على تحجيم الأحزاب والجمعيات. ورفض أن تكون هذه الهياكل مستقلة عن الدولة، أو أن تكون لها أدوار ونفوذ بعيدا عن السياسات الرسمية. وما يجري اليوم يندرج ضمن هذه الرؤية، وكما فعل مع القضاء الذي اعتبره وظيفة تابعة للدولة وحرم القضاة من أن يكونوا سلطة مستقلة، يعمل حاليا على إخضاع المحاماة، وتطويع المحامين، وعدم السماح لهم بما يعتبره تطاولا على الدولة. فأي شكل من أشكال التمرد سيواجه بقوة الدولة مهما كانت الأدوات والوسائل.

مفهوم الحرية عندهم يختلف جوهريا عن مفهوم الرئيس لها؛ فهو مع تمسكه بقيمة الحرية لكن بشرط ألا تتحول إلى فوضى وتفتيت للدولة وتمييع للقانون، في حين تتمسك بقية الأطراف المناهضة بأن الحريات هي منظومة متكاملة، من شأنها أن تحد من سلطة الدولة وتقيد صلاحيات رئيس السلطة التنفيذية، وتضفي الشرعية على الحق في انتقاده والاختلاف معه والتصدي لتجاوزاته دون خوف
أما المسألة الثانية فهي تتعلق بالحريات التي يتمسك بها خصوم الرئيس سعيد، ويعتبرونها المكسب الرئيسي الذي تحصلوا عليه بعد الثورة، وغير مستعدين للتفريط فيه مهما كان حجم الثمن الذي سيدفعونه. فمفهوم الحرية عندهم يختلف جوهريا عن مفهوم الرئيس لها؛ فهو مع تمسكه بقيمة الحرية لكن بشرط ألا تتحول إلى فوضى وتفتيت للدولة وتمييع للقانون، في حين تتمسك بقية الأطراف المناهضة بأن الحريات هي منظومة متكاملة، من شأنها أن تحد من سلطة الدولة وتقيد صلاحيات رئيس السلطة التنفيذية، وتضفي الشرعية على الحق في انتقاده والاختلاف معه والتصدي لتجاوزاته دون خوف.

في هذا المنعطف بالذات يتنزل الحدث الراهن في تونس، فللمحامين تاريخ طويل في النضال ضد مختلف الحكومات التي تعاقبت منذ الاستقلال إلى اللحظة الراهنة، وحاولت التحكم فيهم. هم يشكلون قوة دافعة ضمن منظومة المجتمع المدني المتمسك بدوره واستقلاليته ومكاسبه، لهذا السبب بالذات تفاعلت بقية أجزاء ومكونات هذا المجتمع المدني الذي رغم الضربات التي تلقاها إجرائيا وتنظيميا، ورغم ما يتعرض له من حملات تشكيك في وجوده ومصداقيته ووطنيته، واتهامه بالعمالة وعدم النزاهة، لا يزال حيا وصامدا وقادرا على المواجهة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه تونس الحريات المجتمع المدني قيس سعيد تونس حريات المجتمع المدني نقابات قيس سعيد سياسة سياسة صحافة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المجتمع المدنی فی تونس

إقرأ أيضاً:

الرئيس الفرنسي يجدد الدعوة لإحياء المفاوضات الإيرانية

جدد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مساء الثلاثاء الدعوة للمجتمع الدولي لمنع التصعيد العسكري بين إيران،وإسرائيل رافضا توجيه أي ضربات لمنشآت الطاقة الإيرانية،وإحياء المفاوضات من جديد.

ورفض ماكرون بوقت سابق الاعتداءات الإسرائيلية على الدولة الإيرانية،وحذر من محور الصراعات بالشرق الأوسط بالوقت الحالي هو الحرب الإسرائيلية على فلسطين.

ودعا إلى إقامة الدولة الفلسطينية،وتنفيذ حل الدولتين في إتجاه آخر تتبادل إيران وإسرائيل الهجمات الجوية الصاروخية.

وأعلنت إيران بالأمس الإثنين اللجوء لتغيير الاستراتيجية العسكرية في مواجهة إسرائيل من خلال إنشاء أهداف عسكرية مزيفة تستهدفها إسرائيل. 

وذلك خلال استهداف إسرائيل لطائرات إيرانية من طراز إف16 في قاعدة تبريز الجوية الإيرانية،وكانت تلك الطائرات مزيفة بينما نجحت طهران في اسقاط ثلاث طائرات إسرائيلية من طراز إف 35. 

طباعة شارك الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لمنع التصعيد إحياء المفاوضات

مقالات مشابهة

  • سمو الأمير يتلقى رسالة خطية من الرئيس الإيراني
  • الرئيس السيسي يصدر قرارا جديدًا ينظم نسب العلاوات لموظفي الدولة
  • خلال 24 ساعة... إليكم عدد المهام التي نفذها الدفاع المدني!
  • الرئيس التونسي متهماً «الإخوان» بالتنكيل بالشعب: لا أحد فوق القانون
  • الرئيس الفرنسي يجدد الدعوة لإحياء المفاوضات الإيرانية
  • عاجل ـ الرئيس الذي تحدّى خامنئي.. من هو أحمدي نجاد الذي اغتيل في طهران؟
  • الطلاب المهنيون في طرابلس يرفضون إجراء الامتحانات الرسمية في هذه المنطقة
  • رئيس جهاز حماية المستهلك يلتقي وزير الطيران المدني لبحث سُبل التعاون بين الجانبين
  • سأذهب إلى الصين.. أبو العينين: علينا دخول البورصات العالمية للتسويق للمشروعات الحيوية الجديدة
  • لبحث تعزيز ثقة السائحين.. رئيس حماية المستهلك يلتقي وزير الطيران المدني