باتيلي: ليبيا أصبحت دولة مافيات يهيمن عليها مجموعات متورطة في الكثير من عمليات التهريب
تاريخ النشر: 15th, May 2024 GMT
ليبيا – قال عبد الله باتيلي رئيس البعثة الأممية في ليبيا المنتهية ولايته إنه لا يمكن التوصل إلى حل في ليبيا طالما استمر اللاعبون الرئيسيون في البلاد في التحرك لاحتكار العملية السياسية، منبهًا إلى أن القادة الانتقاليين طوال الفترة الماضية استمروا في التنافس ولم يكونوا مهتمين فعليا باستقرار البلاد.
باتيلي وفي حوار مع أخبار الأمم المتحدة، أشار إلى أن هؤلاء القادة الرئيسيين في ليبيا غير راغبين حتى الآن في المشاركة في عملية مفاوضات شاملة أو تسوية سلمية.
ودعا باتيلي القادة الحاليين لأن يكون لديهم إدراك للتاريخ، وأن يفكروا في مستقبل بلادهم، مضيفا:” على هؤلاء القادة تحمل المسؤولية الأخلاقية أمام بلادهم”.
ونبه باتيلي إلى أن هناك نوعًا من تجدد الاهتمام بالموقع الجيوسياسي لليبيا من قبل عدد من القوى الإقليمية والدولية نتيجة عدد من الأزمات الدولية والإقليمية بما فيها الحرب في أوكرانيا، وتفاقم الأزمات في دول مثل مالي وبوركينا فاسو، وتدفق اللاجئين إلى تشاد.
وحذر من أنه طالما أن الأطراف الرئيسية في ليبيا مدعومة بطريقة أو بأخرى من قبل أطراف خارجية، فإنه لا يمكن أن يكون لدينا حل.
ورأى أن الوضع الأمني أصبح مثيرًا للقلق أكثر بالنسبة للمواطنين في ظل تنافس المجموعات المختلفة على المزيد من السلطة، والمزيد من السيطرة على ثروة البلاد.
وأضاف “كان الليبيون يتطلعون إلى الديمقراطية والحرية،و لكن مع الخصومات بين القادة، والتوترات المتزايدة، والمنافسة بين الجماعات والعناصر المسلحة المستعدة لقمع أي أصوات معارضة في البلاد، فإن الليبيين يتعاملون مع مساحة ديمقراطية تتقلص أكثر فأكثر، وهذا أيضًا أحد مؤشرات تدهور الوضع في البلاد”.
ونبه إلى أن ليبيا تراجعت إلى الوراء، حيث أصبح هناك مزيد من الفقر وانعدام الأمن، وديمقراطية أقل.
ومن بين القضايا الساخنة الأخرى في ليبيا، قضية الهجرة، وقال المسؤول الأممي إنه “لسوء الحظ، بسبب الوضع الأمني في ليبيا، ليس هناك أمل على المدى المتوسط أو حتى على المدى الطويل، أن نفكر في أن هذا الوضع سيتحسن”.
وأضاف أن ليبيا أصبحت بشكل متزايد وكأنها دولة مافيا يهيمن عليها عدد من المجموعات المتورطة في الكثير من عمليات التهريب بما فيها الاتجار بالبشر والمعادن مثل الذهب، وتهريب المخدرات.
فيما يلي النص الكامل للحوار مع الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا، عبد الله باتيلي:
س/ قلتَ في تصريحات للصحفيين بعد إحاطتك الأخيرة في مجلس الأمن إن الوضع في ليبيا قد تدهور بسبب عاملين رئيسيين. الأول هو الافتقار إلى الإرادة السياسية وحسن النية من قبل الجهات السياسية الفاعلة الرئيسية التي تشعر بالارتياح إزاء الجمود الحالي المستمر في ليبيا منذ عام 2011. هل يمكنك إخبارنا بالمزيد عن هذا التصريح؟
ج/ مرت ليبيا بأنظمة انتقالية مختلفة منذ عام 2011. وكل هذه الأنظمة الانتقالية قررت في مرحلة أو أخرى تهيئة الظروف لإجراء الانتخابات من أجل أن يحل السلام والاستقرار في البلاد ولاستبدال النظام البائد. ومع ذلك، فإن ما شهدناه على مدى العقد الماضي، لم يكن سوى نوايا حسنة تم الإعلان عنها، ولكن لم يتم تنفيذها.
علاوة على ذلك، رأينا أن كل هؤلاء القادة الانتقاليين في ليبيا استمروا في التنافس، ولم يكونوا مهتمين فعليا بإجراء الانتخابات، ولم يكونوا مهتمين باستقرار البلاد. وأدى ذلك إلى تأجيج التوترات في البلاد، وإلى تأجيج الخصومات بين مؤيديهم والجماعات المسلحة التي تدعمهم.
ورأينا كذلك كم هم سعداء جدا بالوضع الذي يمكن من خلاله أن يتقاسموا ثمار الحكم فيما بينهم. ليبيا ليست دولة فقيرة، بل في الواقع، هي بلد غني جدا. ورغم هذه الأزمة، لا تزال ليبيا تنتج 1.3 مليون برميل نفط يوميا. وهناك ما يكفي من الموارد ليعيش كل ليبي في رخاء. لكن ما رأيناه هو أن الليبي العادي تم إفقاره في العشر سنوات الماضية.
لا توجد شفافية. ويتحدث المواطنون الليبيون عن الفساد في الحكومة. وعندما تنظر إلى الوضع في قطاع التعليم وفي قطاع الصحة، فإنك ترى كل الدمار الذي خلفته الحروب، وأن البنية التحتية لم تتم إعادة بنائها.
لقد أتيحت لي الفرصة للسفر على نطاق واسع في جميع أنحاء ليبيا؛ الشرق والغرب والجنوب. لقد زرت جميع المجتمعات، واستمعت إلى جميع أصحاب المصلحة والمواطنين من جميع مناحي الحياة في جميع أنحاء ليبيا، والذين يشكون من جميع القادة، وكيف حرمهم أولئك القادة من الازدهار الذي يستحقونه.
س/ قلتم إن ليبيا دولة غنية، وهذا يقودني إلى سؤالي التالي، وهو أنك حذرت أيضا في بيانك من أن التدافع المتجدد على ليبيا وموقعها ومواردها الهائلة بين اللاعبين الداخليين والخارجيين يجعل الحل بعيد المنال. لماذا نرى هذا التدافع يتجدد مؤخرا؟
ج/ عبد الله باتيلي: في مرحلة ما خلال الصراع، كانت هناك درجة معينة من الإجماع بين اللاعبين الدوليين. على سبيل المثال، مؤتمر برلين حيث اتفق اللاعبون الدوليون والإقليميون على ما يجب فعله وهو مساعدة الليبيين على التوصل إلى اتفاق أو توافق في الآراء من أجل تسوية سياسية تجمع جميع القادة الليبيين معا، وتوحد البلاد، وتعيد السلام والاستقرار.
ومع ذلك، فإن ما رأيته خلال الأشهر الماضية وفيما يتعلق بتأثير الأزمة الأوكرانية على ليبيا، لم يكن على صعيد الثروة والنفط والغاز فحسب، وإنما أيضا على صعيد الموقع العسكري والجيوسياسي لليبيا بالنسبة لوسط البحر المتوسط وجنوب أوروبا.
وكان هناك نوع من تجدد الاهتمام بالموقع الجيوسياسي لليبيا من قبل عدد من القوى والقوى الإقليمية والدولية. ومن هنا فقد أضفت الأزمة الأوكرانية بعدا جديدا على الأزمة الليبية بما فيها عواقب اقتصادية وجيوسياسية.
ولكن في نفس الوقت، كان للحرب في السودان تأثير خلال الأشهر الأخيرة على الوضع الأمني في ليبيا. وبعيدا عن الحدود الجنوبية المباشرة لليبيا، هناك الأزمة في منطقة الساحل التي تفاقمت خلال الأشهر الماضية، بما في ذلك في مالي وبوركينا فاسو، وبالطبع وضع اللاجئين في تشاد. وأثر كل هذا بشكل كبير على الوضع الداخلي في ليبيا.
س/ في بيان أصدره أعضاء مجلس الأمن في شهر أيار/مايو، أعربوا عن امتنانهم لكم، وأكدوا مجددا التزامهم بعملية سياسية شاملة يقودها الليبيون ويملكونها وتيسرها الأمم المتحدة. ما هو تعليقكم؟
ج/ أرحب بهذا البيان، وآمل أن ما نسميه عملية سياسية شاملة يقودها الليبيون ويملكونها، تقوم بها جهات فاعلة ليبية جيدة ومستعدة وحسنة النية.
كانت هذه المشكلة التي نواجهها دائما في ليبيا. لأنه طالما أن هؤلاء القادة الذين هم حتى الآن غير راغبين في المشاركة في عملية مفاوضات شاملة أو تسوية سلمية، يمكنهم الاستمرار في التحرك لاحتكار العملية السياسية، أخشى أنه لا يمكننا التوصل إلى حل في ليبيا.
س/ ما هي آخر جهود بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا الرامية للتعامل مع التحدي المتعمد، والانخراط المثابر لتأخير الانتخابات في ليبيا؟
ج/ المجلس الأعلى للدولة، والمجلس الرئاسي، وحكومة الوحدة الوطنية، والجيش الوطني الليبي، تلك الهياكل اليوم التي يمكنها صنع السلام أو الحرب في ليبيا، والتي هي في قلب المشكلة. ولهذا السبب، كان يُنظر إلى هذا الأمر بالنسبة لنا على أنه آلية شاملة يمكن أن تحقق السلام والتسوية السلمية، إذا كانوا على استعداد للقيام بذلك.
ولسوء الحظ، فقد وضع بعضهم شروطا مسبقة، كما تم دعمهم للأسف من قبل بعض اللاعبين الخارجيين الذين اتخذوا مبادرات موازية، والتي تميل بالطبع إلى تحييد مبادرتنا. ومن ثم، طالما أن هؤلاء اللاعبين أنفسهم مدعومون بطريقة أو بأخرى من قبل لاعبين خارجيين، فلن يكون لدينا حل.
ولهذا السبب قلت لمجلس الأمن، إنه أمر مهم لجميع اللاعبين الدوليين والإقليميين ألا يتحدثوا بنفس اللغة فحسب، وإنما أيضا أن يتصرفوا وفقا لذلك لدعم عملية سلمية وشاملة في ليبيا.
س/ في حين يستمر الجمود السياسي في ليبيا، فإن الوضع الاقتصادي أصبح أكثر تأزما. ما هي آخر ملاحظاتك في هذا الصدد؟
ج/ عبد الله باتيلي: مرة أخرى، تدهور الوضع الاقتصادي واضح للجميع. لقد انخفضت قيمة الجنيه الليبي بالفعل مقابل الدولار. وأصبحت القوة الشرائية للمواطنين أقل. وهناك شكاوى كثيرة بين المواطنين حول هذا الأمر. وعلى الرغم، من ضخامة ثروة البلاد، فإن غالبية السكان لا يستفيدون منها.
إن قلة من الناس هم اليوم أكثر ثراء في ليبيا. وبينما كانت الأغلبية تتطلع عام 2011 إلى الرخاء الاقتصادي والأمن، لسوء الحظ، اليوم، وبالنظر إلى وضع كل تلك المؤشرات، فإن ليبيا تراجعت إلى الوراء. أصبح هناك مزيد من الفقر وانعدام الأمن، وديمقراطية أقل، وأمن أقل لغالبية السكان. هذا هو الواقع اليوم في ليبيا للأسف.
س/ أعربتم أيضا عن قلقكم بشأن وجود جهات مسلحة وأسلحة ثقيلة في العاصمة الليبية طرابلس. هل يمكنك أن تخبرنا بالمزيد عن الوضع الأمني الآن في العاصمة وليبيا بشكل عام؟
ج/ عبد الله باتيلي: نعلم جميعا أن ليبيا اليوم تكاد تكون بمثابة سوبر ماركت (متجر) مفتوح للأسلحة. الأسلحة التي تستخدم للمنافسة السياسية الداخلية بين المجموعات المسلحة، وأيضا تلك التي يتم استخدامها في صفقات الأسلحة وسباق التسلح وتجارة الأسلحة مع جيرانهم وما وراء ذلك.
كما أن الوضع الأمني أصبح مثيرا للقلق أكثر بالنسبة للمواطنين لأن كل هذه المجموعات تتنافس على المزيد من السلطة، والمزيد من السيطرة على ثروة البلاد.
وبالتالي فإن الخصومات زادت التوترات في جميع أنحاء ليبيا وخاصة في غرب البلاد.
س/ كيف يشكل تزايد عمليات الاختطاف والاختفاء والاعتقالات التعسفية تحديا آخر لليبيا؟
ج/ عبد الله باتيلي: كما قلت، كان الليبيون يتطلعون إلى الديمقراطية والحرية. لكن مع الخصومات بين القادة والتوترات المتزايدة والمنافسة بين الجماعات والعناصر المسلحة المستعدة لقمع أي أصوات معارضة في البلاد، فإن الليبيين يتعاملون مع مساحة ديمقراطية تتقلص أكثر فأكثر. وهذا أيضا أحد مؤشرات تدهور الوضع في البلاد.
س/ هناك قضية أخرى تعاني منها ليبيا وهي الوضع المزري للمهاجرين واللاجئين. هل لك أن تخبرنا أكثر عن هذا الأمر؟
ج/ عبد الله باتيلي: الهجرة هي إحدى القضايا الساخنة في ليبيا اليوم. كما نعلم، هناك الكثير من الاتجار بالبشر. ولسوء الحظ، بسبب الوضع الأمني في ليبيا، ليس هناك أمل على المدى المتوسط أو حتى على المدى الطويل، أن نفكر في أن ذلك الوضع سيتحسن.
وأصبحت ليبيا بشكل متزايد وكأنها دولة مافيا يهيمن عليها عدد من المجموعات المتورطة في الكثير من عمليات التهريب بما فيها الاتجار بالبشر، وتهريب الوقود، وتهريب المعادن مثل الذهب، وتهريب المخدرات.
كل هؤلاء المهربين مرتبطون ببعضهم البعض، وتديرهم نفس المجموعات من الأفراد الذين تم تحديدهم بوضوح في مناطق مختلفة من ليبيا وفي البلدان المجاورة وعبر البحر الأبيض المتوسط.
س/ بينما تستعد لترك منصبك، ما هي رسالتك الأخيرة إلى أصحاب المصلحة الليبيين الرئيسيين الذين، كما قلت من قبل، لم يتزحزحوا عن شروطهم المسبقة لحضور المحادثات التي دعوتهم إليها العام الماضي؟
ج/ عبد الله باتيلي: أدعوهم مرة أخرى، لكي يكون لديهم إدراك للتاريخ، كما قلت لهم، وأن يفكروا في مستقبل بلادهم. يتعين عليهم تحمل المسؤولية الأخلاقية أمام بلادهم.
وأوجه النداء أيضا إلى رعاتهم، أولئك الذين يدعمونهم في الاستمرار في الحفاظ على هذا المأزق، الذي يضر بمصالح الشعب الليبي، ويضر المنطقة؛ ليس فقط شمال أفريقيا، بل منطقة الساحل أيضا.
لقد حان الوقت للشعب الليبي، الذي كان يتوق إلى السلام والاستقرار، أن يكون قادرا على نيل ذلك السلام والاستقرار اللذين كان يتطلع إليهما.
س/ أخيرا، ما هي نصيحتك لخليفتك ؟
ج/ عبد الله باتيلي: ليس لدي الكثير لأقوله. أعتقد أن خليفتي، مثلي. فقد واصلت ما تم إنجازه قبلي.
آمل أن يفعل خليفتي الشيء ذاته ويستفيد من الدروس المستقاة من كل ما تم إنجازه على مدى العقود الماضية. بالطبع أتمنى له التوفيق. والأهم من ذلك، أتمنى التوفيق للشعب الليبي الذي يستحق السلام والازدهار والتقدم .
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
كلمات دلالية: السلام والاستقرار عبد الله باتیلی هؤلاء القادة الوضع الأمنی فی البلاد على المدى الکثیر من بما فیها فی لیبیا الوضع فی عدد من من قبل إلى أن بما فی
إقرأ أيضاً:
لتشديد الحصار على الحوثيين.. إجراءات لإغلاق منافذ التهريب
دفعت الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، خلال الأيام الماضية، بقوات ومعدات عسكرية كبيرة إلى عدد من المحافظات اليمنية والمناطق الساحلية شرق البلاد وجنوبها وغربها، بدعم من التحالف بقيادة السعودية، وذلك بحسب مصادر خاصة لـ"العربي الجديد"، بهدف حماية سواحل اليمن والإشراف عليها، وإغلاق منافذ التهريب التي كانت تستخدمها جماعة الحوثيين وجماعات أخرى. تأتي هذه الخطوة لتشديد الحصار على الحوثيين وتأمين بعص المناطق الساحلية، مع العلم أن الساحل اليمني يتجاوز 1200 كيلومتر من شرق البلاد إلى غربها، وتطل عليه عشر محافظات يمنية، هي عدن وأبين ولحج وشبوة وتعز والحديدة وحجة وحضرموت والمهرة وسقطرى.
وأوضح المصدر الخاص في قيادة السلطة المحلية في محافظة أبين، لـ"العربي الجديد"، أن لقاء واسعاً عُقد في أبين، يوم الأربعاء الماضي، ضم قيادة السلطة المحلية وقادة الأجهزة العسكرية والأمنية وقيادات الألوية. واتُخذت في اللقاء خطوات وإجراءات لتأمين ساحل المحافظة، إلى جانب التشديد على قطع كل طرق ومنافذ التهريب من قبل "جماعات متطرفة" في أبين تتعامل مع جماعة الحوثيين، وتحاول تهريب الأسلحة وتقنيات تساعدهم في تعزيز قدراتهم العسكرية بما فيها الطائرات المسيّرة وقطع ومعدات التصنيع، في محاولة من الحوثيين وهذه الجماعات إيجاد بدائل لطرق التهريب التي أُغلقت سواء عبر الموانئ الخاضعة لسيطرتها أو في المهرة وشبوة وكذلك ساحل رأس العارة التابع لمحافظة لحج. لذلك تسعى محافظة أبين، وفق المصدر نفسه، "لتأمين سواحلها وقطع الطريق أمام أي محاولات لاستخدامها للتهريب، واحتمال استعمال الأسلحة المهربة ضد أبين وأبنائها".
تشديد الحصار على الحوثيين
ويبدو أن إغلاق المنافذ البحرية والبرية هدفه تشديد الحصار على الحوثيين بالدرجة الرئيسية، وبالتالي الاعتماد على المنافذ الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دولياً والأطراف السياسية والعسكرية المنضوية تحتها، مثل ميناء ومطار عدن إلى جانب مطار سيئون ومطار وميناء المخاء. يأتي ذلك بموازاة مبادرة السلطات المعترف بها لفتح طريق الضالع- صنعاء، يوم الخميس الماضي، أمام حركة المشاة والدراجات النارية، بالتزامن أيضاً مع حراك دولي في سواحل اليمن والمنطقة لمنع التهريب وتشديد الرقابة على موانئ دول القرن الأفريقي.
وتشارك قوات أخرى في هذا الحصار على الحوثيين وإحباط عمليات التهريب، إذ كانت القوات الدولية الموجودة في البحر العربي والمحيط الهندي، وقوات خفر السواحل اليمنية في محافظة المهرة أقصى شرق اليمن، قد أوقفت دفعات من المهربين التابعين للحوثيين الذين يهربون الأسلحة والمعدات والتقنيات للجماعة. ونفذ الطرفان في عرض البحر العربي عملية مشتركة لمنع التهريب، في محافظة المهرة المطلة على البحر العربي، والواقعة على الحدود اليمنية مع سلطة عُمان.
وكانت "العربي الجديد" قد حصلت على معلومات في وقت سابق، من مصادر عسكرية خاصة، عن وجود حركة ونشاط واسع لقوات دولية ويمنية في محافظة المهرة، لإغلاق طرق التهريب التي يستخدمها الحوثيون وجماعات أخرى لتهريب الأسلحة، براً وبحراً، وتحديداً عبر البحر العربي. ويعد هذا المنفذ من أهم منافذ التهريب، سواء الأسلحة والتقنيات، أو قطع تصنيع الطائرات المسيّرة والصواريخ لجماعة الحوثيين.
ووفق تلك المصادر، فإن هناك خطين هُربت منهما الأسلحة عبر البحر العربي للحوثيين، إذ انطلقت عمليات التهريب من موانئ الصومال وجيبوتي، على أيدي مهربين تابعين للحوثيين والإيرانيين، فيما كان يتم إدخال الأسلحة عبر سواحل المهرة، ونقلها براً إلى مناطق خاضعة للحوثيين. دفع ذلك قيادة الشرعية والتحالف في وقت مبكر، إلى تشديد الإجراءات ومراقبة الحركة الملاحية وملاحقة المهربين، فيما خرجت تهديدات في أكثر من مرة من قبل الجماعات المتطرفة والحوثيين باستهداف المهرة.
ملاحقة عمليات التهريب
يتوجه الاتهام بدرجة رئيسية إلى إيران، بالإضافة إلى تواطؤ أطراف إقليمية ودولية، في تسهيل هذا التهريب للحوثيين. وفي هذا الإطار أيضاً يواصل التحالف والقوات الدولية ملاحقة عمليات التهريب سواء التي تذهب للحوثيين أو الجماعات المتطرفة، عبر خليج وباب المندب أو البحر الأحمر، إضافة إلى البحر العربي والمحيط الهندي.
ومع تشكيل مجلس القيادة الرئاسي في اليمن قوة "درع الوطن" (في 2023)، تم الدفع بقوات منها إلى محافظة المهرة لضبط الأمن وتشديد الإجراءات وإغلاق كل طرق التهريب، في الوقت الذي شددت فيه القوات الأميركية الرقابة على سواحل الصومال وجيبوتي، وألقت القبض على العشرات من المهربين في البحر العربي، التابعين للحوثيين، وعديد من قوارب وسفن الشحن، كان تحمل أسلحة وقطع غيار الطائرات والصواريخ وغيرها.
وشكل التهريب تحدياً كبيراً لقوات الحكومة المعترف بها دولياً وقوات الأطراف السياسية والعسكرية المنضوية تحتها، إضافة إلى التحالف العربي، بسبب طول السواحل اليمنية، فيما تشكلت قوات خفر سواحل، من شرق البلاد إلى غربها، في محاولة لمنع التهريب. كذلك تم تشديد الإجراءات في الساحل الغربي وإغلاق منافذ التهريب في البحر وتسلمت قوات "المقاومة الوطنية" (بقيادة طارق محمد صالح ابن شقيق الرئيس الراحل لي عبد الله صالح) و"قوات العمالقة" (ضمن التحالف) الرقابة على هذه المنافذ، وملاحقة المهربين. ويتركز وجود قوات من "العمالقة" وقوات من المجلس الانتقالي الجنوبي وأخرى من "درع الوطن" في السواحل الشرقية من أبين وحتى المهرة.