لمع نجم رئيس الوزراء الهندي، ناريندا مودي، خلال العقد الماضي بما استعرضه من "إنجازات" تضمنت منع اللاجئين المسلمين من الحصول على الهوية، ومنع الحكم الذاتي للإقليم الوحيد ذي الأغلبية المسلمة في البلاد، بالإضافة إلى بناء معبد هندوسي في مكان مسجد دمرته حشود هندوسية غاضبة. 

وتحدث رئيس وزراء الهند عما سبق وكأنها "إنجازات"، ليظهر وكأنه قائد يضع مصالح الأغلبية الهندوسية أولوية لحكمه، أما بالنسبة لأكثر من 200 مليون مسلم، فهذا يدل على خفوت نجم قوتهم السياسية ضمن أكبر دولة ديمقراطية في العالم، بحسب تحليل موسع لأسوشيتد برس.

والتوترات بين الهندوس والمسلمين ليست بالأمر الجديد، لكنها أضحت أسوأ في ظل إدارة مودي للبلاد، وحزبه الحاكم "بهاراتيا جاناتا"، الذي يحمل أيديولوجية تتغنى بالوطنية الهندوسية. 

وتشير أسوشيتد برس في تحليلها إلى أنه ومع اقتراب مودي من ولاية ثالثة تدوم خمس سنوات، في انتخابات تظهر نتيجتها في يونيو، يبدو الواقع أمام السياسيين والمواطنين المسلمين "مشؤوما".  

وتقدم مودي، الثلاثاء، بأوراق ترشحه لشغل ولاية ثالثة في الانتخابات العامة التي تجرى بمدينة فاناراسي شمالي البلاد.

ويأمل مودي الاحتفاظ بمقعده البرلماني في المدينة الهندوسية، دائرته الانتخابية، والتي خاض منها الانتخابات، وفاز فيها لأول مرة عام 2014، ثم الولاية الثانية في 2019.

وبدأت الانتخابات العامة الهندية، التي تستمر 6 أسابيع، في أبريل، ومن المقرر أن تستمر حتى الأول من يونيو المقبل قبل فرز الأصوات في الرابع منه.

وهناك حوالي 970 مليون شخص مؤهلون للتصويت، ما يجعلها أضخم انتخابات ديمقراطية في العالم.

تظهر معظم استطلاعات الرأي تقدم مودي وحزبه، بهاراتيا جاناتا، في السباق على مقاعد البرلمان على أقرب المنافسين وهو تحالف معارض يقوده حزب المؤتمر الوطني وأحزاب إقليمية قوية، ولم يعلن هذا التحالف عن مرشحه لمنصب رئيس الوزراء، وفق ما نقلته أسوشيتد برس في وقت سابق. 

يميل مودي إلى الأغلبية الهندوسية في البلاد، والتي تشكل 80 بالمئة من سكان الهند البالغ عددهم 1.4 مليار نسمة.

وأشرف مودي على نمو اقتصادي سريع خلال الأعوام الـ10 التي قضاها في السلطة، ويعتبره أنصاره صاحب الفضل في تحسين مكانة الهند عالميا.

لكن منتقديه يقولون إنه قوض ديمقراطية الهند ومكانتها كدولة علمانية من خلال الهجمات التي شنها قوميون هندوس على الأقليات في البلاد، وتقلص المساحة المتاحة للمعارضة ووسائل الإعلام الحرة.

وأثار خصومه السياسيون تساؤلات حول السجل الاقتصادي لحكومته، مشيرين إلى ارتفاع معدلات البطالة والتضخم على الرغم من ارتفاع معدلات النمو.

وقبل تقديم أوراق ترشحه، قاد مودي حملة ترويجية في المدينة، الاثنين، اجتذبت آلاف الأنصار، الذين هتفوا قائلين: "السلام على مودي!"، بينما كانت سيارته تشق طريقها في الشوارع.

كان في استقبال مودي أنصار حزب "بهاراتيا جاناتا"، الذين اعتمروا قبعات زعفرانية اللون ولوحوا براية الحزب. كما ألقوا الورود على رئيس الوزراء بينما كان يبتسم للحشود.

أعداد المشرّعين المسلمين تتقلص

ولم يكن الخطاب الرافض للإسلام، والذي شهدته حملات مودي الانتخابية هي السبب وحده، فمنذ صعود حزب "بهاراتيا جاناتا" إلى السلطة منذ أواسط الثمانينيات بدأت أعداد المشرعين المسلمين في البرلمان والدولة تتضاءل. 

وانخفض تمثيل المسلمين في الحزب الحاكم وغيره أيضا من أحزاب المعارضة إلى النصف، وفق أسوشيتد برس. 

فعندما تولى مودي منصبه لأول مرة عام 2014، بلغ عدد المشرّعين المسلمين في البرلمان 30 شخصا، وأحدهم كان من حزب "بهاراتيا جاناتا". أما اليوم، يحظى المسلمون بـ 25 مقعدا من أصل 543 ولا ينتمي أي منهم للحزب الحاكم.

في أوساط الثمانينيات، كان المسلمون يشكلون 11 في المئة من سكان الهند، وكانت لديهم 9 في المئة من المقاعد البرلمانية، أما اليوم تشكل نسبتهم 14 في المئة من السكان في حين يملكون أقل من 5 في المئة من المقاعد. 

وتسعة من أصل عشرة أعضاء في البرلمان هم هندوس، الذين يشكلون 80 في المئة من سكان الهند البالغين 1.4 مليار نسمة. 

وتنوه أسوشيتد برس إلى أن التمثيل السياسي للمسلمين على مستوى الولايات يعد أفضل حالا، فالهند تملك أكثر من 4 آلاف مشرّع عبر 28 ولاية، ويحظى المشرّعون المسلمون بحوالي 6 في المئة من تلك المقاعد.  

وأشار تقرير حكومي، في عام 2006، إلى أن المسلمين تراجعوا عن الهندوس والأقليات في الدولة بالتعليم والدخل. ورغم تسجيل بعض التحسن، لا يزال هناك تفاوت كبير وفقا لعدد من الدراسات المستقلة. 

وقال علي خان محمود أباد، أستاذ العلوم السياسية والمؤرخ في جامعة أشوكا في نيودلهي، إن الهند تحولت من دولة يتم فيها تهميش المسلمين إلى حد كبير إلى دولة يتم فيها "استبعادهم عن عمد".

وأضاف محمود أباد لأسوشيتد برس "بدون تمثيل، لن تتمكن من طلب الموارد من الدولة والتعبير عن نوع احتياجات المجتمع من أجل التقدم، سواء كان التعليم أو الوظائف أو الصحة أو البنية التحتية الأساسية".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: بهاراتیا جاناتا أسوشیتد برس فی البرلمان المسلمین فی فی المئة من

إقرأ أيضاً:

أبناء البيت السياسي يتزاحمون على أبواب السفارات.. والدبلوماسية بلا خرائط سيادة

1 أغسطس، 2025

بغداد/المسلة: تتقاطع خطوط الدبلوماسية في العراق اليوم مع معادلات السياسة الداخلية، حيث عادت قضية تعيين السفراء إلى واجهة المشهد كاختبار جديد لقدرة القوى الشيعية داخل “الإطار التنسيقي” على إنتاج تفاهمات لا تهزّ موازين النفوذ، بل تعيد ترتيبها بما ينسجم مع استراتيجيات النفوذ في الخارج.

وتشير المعطيات المتسربة إلى أن بعض الكتل المشاركة في السلطة رفعت الراية مبكراً، محتجة على ما وصفته بانعدام “العدالة التمثيلية” في القوائم الأخيرة للسفراء. ويأتي ذلك في وقت تتحول فيه البعثات الخارجية من أدوات نفوذ للدولة إلى أدوات نفوذ للأحزاب، تُدار بموجب منطق تقاسم الغنائم لا وفق معايير الكفاءة المهنية أو الاعتبارات السيادية.

وتتداول أوساط الإطار فكرة عقد اجتماع حاسم خلال الأسبوع المقبل لفرز الأسماء وتحديد من سيُحذف أو يُستحدث، في خطوة تعبّر عن عمق الأزمة البنيوية التي تطال الوظيفة الدبلوماسية نفسها. فالمحاصصة، بوصفها نظام الحكم الفعلي، تفرض وجود “مبعوثين سياسيين” أكثر من حاجتها إلى دبلوماسيين محترفين، ما يجعل سفارات العراق في الخارج امتداداً لمكاتب حزبية، لا امتداداً لوزارة الخارجية.

وتعيد القائمة المسرّبة التذكير بالسوابق المتكررة منذ 2003، حيث تحوّل منصب السفير إلى أداة للمكافأة السياسية أو الرد الجميل، وكثيراً ما كان يُمنح لأبناء زعماء الكتل أو للمقرّبين منهم، في تجسيد فجّ لمفهوم “أهل البيت السياسي”. وغالباً ما تتجاوز هذه الأسماء الثلاثين من العمر بقليل، دون أن تمتلك أي خلفية دبلوماسية أو مؤهل يخوّلها تمثيل بلد مثقل بالتعقيدات أمام العالم.

وما يزيد من تعقيد المشهد، أن هذا الجدل يتقاطع مع نقاشات أخرى في الاجتماع المرتقب، أبرزها ملف الاتفاقية النفطية مع تركيا، وسبل إنشاء خط ناقل جديد من الجنوب إلى الشمال لرفع الصادرات. فبينما يُفترض أن يكون السفراء رسل السياسات الاقتصادية والدبلوماسية، يبدو أن تسميتهم ما زالت محكومة بمبدأ: من يربح في الداخل، يتمدد في الخارج.

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

مقالات مشابهة

  • الدالي: تمثيل الأحزاب في البرلمان مرتبط بقوتها في الشارع وليس بالمشاركة
  • الدالي: التحالفات الانتخابية ضرورة لضمان تمثيل الأحزاب في ظل نظام القائمة والفردي
  • التوتر الهندي الباكستاني.. هل تبقى القنوات الدبلوماسية جسراً لتجنب التصعيد؟
  • كابوس يلاحق المسلمين في بريطانيا.. ما الذي يجري؟
  • النائب محمد أبو العينين: تمثيل الشعب شرف ومسؤولية والصناعة مفتاح التقدم
  • حضرموت على صفيح ساخن.. صراع نفوذ يشعل فتيل الاحتجاجات ويهدد بتفكك السلطة المحلية
  • أبناء البيت السياسي يتزاحمون على أبواب السفارات.. والدبلوماسية بلا خرائط سيادة
  • النيابة العامة تبدأ بملاحقة المتسترين على أملاك جماعة الإخوان المسلمين المحظورة
  • مفوضية السليمانية: نسبة تمثيل النساء في برلمان كوردستان أعلى من الانتخابات الاتحادية
  • أنا عندي نفوذ.. استعرضوا على سيدة عضلاتهم فأرسلتهم للسجن