السودان: تحذيرات من إيقاف خدمة «ستارلينك» في «السودان» بعد قرار إيقاف الخدمة
تاريخ النشر: 17th, May 2024 GMT
حثّ التحالف، الذي يضم منظمة الإغاثة الإسلامية العالمية وشبكة حقوق الإنسان السودانية، على إصلاح البنية التحتية المرتبطة بالاتصالات التي تضرّرت في جميع أنحاء البلاد جراء الحرب
التغيير: وكالات)
دعت 94 منظمة إنسانية سودانية الملياردير الأميركي إيلون ماسك، إلى عدم إيقاف خدمة شركته ستارلينك للإنترنت عبر الأقمار الاصطناعية.
وحذرت هذه المنظمات، الأربعاء، نقلاً عن (العربي الجديد) من أن الإقدام على هذه الخطوة سيكون بمثابة “عقاب جماعي” لملايين السودانيين، بحسب ما نقلته صحيفة ذا غارديان البريطانية.
ومنذ عدة أشهر يعاني السودان من انقطاع الاتصالات في مناطق واسعة من البلاد، ما دفع بالعديد من المنظمات الإغاثية للاستعانة بخدمة ستارلينك للعمل خلال الأزمة الإنسانية التي حذرت الأمم المتحدة مؤخرا من أنها الأكبر منذ عقود.
لكن ستارلينك قالت أخيراً إنّها ستلغي خدماتها في السودان عبر تقييد استعمالها في المناطق التي لم تحصل فيها على ترخيص. وفي حال تنفيذه، سيؤدي القرار إلى زعزعة عمليات توزيع المساعدات الطارئة والخدمات الإنسانية لملايين المدنيين السودانيين العالقين بين طرفي النزاع المستمر منذ عام.
وأصدر تحالف يضم 94 منظمة حقوقية عاملة في السودان، الأربعاء، بياناً قال فيه إنّ “أيّ إغلاق لخدمات الاتصالات يعد انتهاكاً لحقوق الإنسان، ويمكن اعتباره عقاباً جماعياً لن يعزل الأفراد عن شبكات الدعم الخاصة بهم فحسب، بل سيفاقم أيضاً مشكلة الوضع الاقتصادي السيئ الذي يواجه الملايين”. أضاف البيان: “الإغلاق المحتمل لخدمة ستارلينك سيكون له تأثير هائل على المدنيين ومنظمات الإغاثة التي تحاول الوصول إليهم”.
وفي مناطق دارفور وأجزاء من الخرطوم وولاية كردفان، التي تعطلت فيها شبكة الاتصالات الرسمية، يتصل المدنيون والمجموعات الإنسانية من خلال مقاهي إنترنت تقدم خدمة ستارلينك على نحو غير رسمي.
إصلاح بنية الاتصلات المتضررة
وبحسب “ذا غارديان”، حثّ التحالف، الذي يضم منظمة الإغاثة الإسلامية العالمية وشبكة حقوق الإنسان السودانية، على إصلاح البنية التحتية المرتبطة بالاتصالات التي تضرّرت في جميع أنحاء البلاد جراء الحرب المتواصلة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
وكانت الاشتباكات بين الطرفين قد انفجرت في أبريل 2023، وتحولت إلى صراع مسلح في قلب العاصمة الخرطوم، قبل أن يمتد إلى جميع أنحاء البلاد. أدّى ذلك إلى نزوح أكثر من 8.5 ملايين شخص من منازلهم، فيما يحتاج قرابة 25 مليون شخص، أي قرابة نصف المواطنين، إلى مساعدات إنسانية في ظل انهيار شبكات إنتاج وتوزيع الغذاء وانعدام الأمن.
وتركزت المخاوف حول مدينة الفاشر التي تعد آخر معقل تحت سيطرة الجيش السوداني في منطقة دارفور الغربية، والمحاصرة من قبل قوات الدعم السريع. إذ حذرت الأمم المتحدة من أن “أرواحاً لا تعد ولا تحصى على المحك”.
الوسومإيلون ماسك استارلينك انقطاع الاتصالات والأنترنت حرب الجيش و الدعم السريعالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: إيلون ماسك انقطاع الاتصالات والأنترنت حرب الجيش و الدعم السريع
إقرأ أيضاً:
السودان بين أقدام الفيلة-الحرب، والمصالح الدولية، والتواطؤ الصامت
zuhair osman
بين البرهان وحميدتي... ما يُخفى أكثر مما يُقال
منذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي"، دخل السودان في أتون نزاع دموي مُعقّد، تتقاطع فيه صراعات داخلية على السلطة والموارد، مع أجندات إقليمية ودولية تجعل من البلاد
مسرحًا صامتًا لتصفية الحسابات.
في ظل غياب إرادة دولية حقيقية لوقف النزيف، ووسط تحركات أمريكية تلمّح بالعقوبات أو تضغط في اتجاهات غير معلنة، تبرز أسئلة محورية: هل نحن أمام نزاع داخلي صرف، أم إعادة ترتيب لموازين القوى في منطقة القرن الأفريقي والبحر الأحمر على
حساب السودان؟
انسحاب تكتيكي أم هندسة خارجية؟
مؤخرًا، انسحبت قوات الدعم السريع من بعض مناطق أم درمان، في خطوة فُسّرت عسكريًا بأنها تكتيكية لتفادي الضربات الجوية أو لإعادة التموضع. غير أن تزامن هذا الانسحاب مع تلويح الولايات المتحدة بفرض "تدابير وشيكة" على قيادة الجيش، يفتح الباب
أمام قراءة أعمق تُلمّح إلى وجود هندسة غير معلنة للوقائع الميدانية.
الولايات المتحدة، بحكم حضورها في ملف السودان منذ عقود، لا تتحرك دون حسابات دقيقة. وقد يكون توقيت الانسحاب مفيدًا سياسيًا لدفع الجيش نحو التفاوض أو تهيئة المسرح لإعادة تعريف المشهد، خاصة في ظل اتهامات أمريكية غير مباشرة للجيش
باستخدام أسلحة غير تقليدية.
هل الدعم السريع هو "البديل الأقل إزعاجًا"؟
من الناحية البراغماتية، لا يمكن استبعاد فرضية أن بعض الدوائر الغربية باتت ترى في الدعم السريع طرفًا يمكن التحكم فيه أو إعادة هندسته ليصبح شريكًا "أقل خطرًا"، خصوصًا بعد تجربته السابقة في التحالف العربي باليمن، وعلاقاته المفتوحة مع الإمارات
والسعودية.
في المقابل، الجيش السوداني يُنظر إليه بحذر متزايد في بعض الدوائر، لاتهامه باحتضان عناصر تنتمي للتيارات الإسلامية، المصنّفة غربيًا كمصدر تهديد إقليمي محتمل، خاصة مع تحليلات تتحدث عن تقاربه النسبي من محور إيران – سوريا في لحظة تعقيد
إقليمي شديد الحساسية.
أبعاد استراتيجية أعمق: السودان في ميزان الجيوبولتيك
اهتمام الولايات المتحدة بالسودان ليس طارئًا. فالموقع الجغرافي الحاكم على بوابة البحر الأحمر، ووجود ثروات غير مستغلة (مثل اليورانيوم والمياه)، يجعل السودان نقطة ارتكاز مهمة في لعبة النفوذ بين الغرب، وروسيا، والصين، والفاعلين الإقليميين
كإيران وتركيا.
من هنا، يُفهم لماذا تحرص واشنطن على إعادة رسم المشهد، بطريقة تُضعف الفاعلين الرافضين للتطبيع مع إسرائيل أو المقاومين للديانة الإبراهيمية كمدخل سياسي ناعم، وتعزّز الأطراف الأكثر مرونة تجاه المشروع الأمريكي في المنطقة.
احتمالات السيناريو: بين التفكك والتدويل
استمرار الحرب في ظل "مفاوضات ديكورية": قد يلجأ الجيش إلى تبني مبادرات تفاوض شكلية، بينما يُعيد انتشاره في مناطق أقل تكلفة ميدانيًا، فيما تستفيد قوات الدعم السريع من مرونة الحركة وغطاء الدعم الإقليمي غير المُعلن.
تصعيد محدود بضوء أخضر دولي: قد تلجأ واشنطن إلى فرض عقوبات، وربما تنفيذ ضربات محددة ضد مواقع عسكرية للجيش في حال ثبوت تجاوزات جسيمة (كما حدث في النموذج السوري)، لكن هذا مرهون بتوازنات معقدة تشمل الموقف المصري والسعودي.
تفكك فعلي للدولة السودانية: في ظل غياب الحلول السياسية واستمرار التمويل الخارجي للطرفين، قد يتجه السودان نحو انقسام واقعي لا يُعلَن رسميًا: الجيش في الشرق، والدعم السريع في الغرب، وسط غياب سلطة مركزية، ووجود حُكم أمر واقع متعدد الرؤوس.
خاتمة: الجريمة تُرتكب على مرأى العالم
الحرب في السودان تُدار ليس فقط بأصابع داخلية، بل بحسابات دولية لا تخفى. الولايات المتحدة لا تبدو بعيدة عن مسار المعركة، حتى لو لم تكن في المشهد بصورة مباشرة. القوى الإقليمية تموّل وتُغذّي، والمجتمع الدولي يكتفي بالبيانات.
لكن الحقيقة الكبرى أن من يدفع الثمن هو الشعب السوداني: ملايين النازحين، انهيار الدولة، ومجازر في مدن كانت تعج بالحياة.
الخروج من هذه الكارثة لن يتم من خلال "مبادرات تعويم" شكلية، بل يتطلب وقفًا صارمًا للتمويل الخارجي، وتدخلاً دوليًا نزيهًا يُعيد للسودان حقه في تقرير مصيره دون وصاية أو اقتتال مفروض.