القمة العربية الأولى بعد “طوفان الأقصى” هل ستكون الأخيرة؟
تاريخ النشر: 20th, May 2024 GMT
يمانيون – متابعات
جاءت القمة العربية الثالثة والثلاثون في ظرف عربي ودولي يخلو من الالتباسات وهوامش المناورات السياسية، وهي القمة الأولى رسميًّا بعد حدث جلل هزّ أركان المنطقة والعالم وهو “طوفان الأقصى”. فقد كانت القمة الطارئة السابقة مدمجة مع قمّة إسلامية، وبالتالي غير معبرة بدقة عن المدى الحقيقي والدقيق الذي وصل إليه العمل العربي الرسمي المشترك.
وفي واقع الأمر، لا يوجد في القمة ولا في بنودها أي أمور تستوجب وقفة تحليلية، فقد جاءت كسابقاتها، تطالب وتناشد وتدين، وكأنها تجاهلت مستجدات المنطقة وتغيراتها الكبرى منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، بل وحتّى تجاهلت المراحل التي أعقبت القمة العربية الإسلامية التي عقدت في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، والتي كان بيانها الختامي يحمل بنودًا أكثر قوة من حيث الصياغة ولغة الخطاب.
إلا أن هناك ثلاثة أمور لافتة تتعلق بالمضمون:
1 – بدأت القمة تناقش اليوم التالي للحرب في غزّة؛ وكأنها تعلن موافقة جماعية على ترتيبات أميركا وخططها لمستقبل القطاع.
2 – لم تكتفِ القمة بغياب الحلول العملية؛ بل اتجهت إلى إدانة الحلول العملية التي تعرقل العدوّ مثل استهداف السفن المتجهة إليه وحصاره.
3 – لم توجه أي خطاب مباشر إلى أميركا؛ بل وجهت خطابًا مفتوحًا لمجلس الأمن، مع أن أميركا هي صاحبة الفيتو على الاعتراف بالدولة التي ينشدونها في بنودهم ومبادراتهم كافة.
مواقف الأنظمة الرسمية باهتة ومخجلة، والجماهير لم تنتظر قرارات مهمة أو مؤثرة، ولكن مراقبة القمة يُعدّ أمرًا مهمًا لمن يرصد الوضع الحقيقي لانعكاسات التطورات والمستجدات الهائلة الأخيرة ومردودها، وما إذا كان هناك أمل في بعض التغير والاستفاقة، ولو حتّى من منطلق الدفاع عن الذات بمعزل عن الثوابت والأمن الجماعي.
لكن- مع الأسف- لم يظهر ما يثبت أن هناك قدرًا ولو ضئيلًا من الاستفاقة أو المراجعة؛ بل على العكس تمامًا، بدت الهيمنة الأميركية واضحة على قرارات القمة؛ بل وكأنّ بعضًا من بنودها قد كتبت بأقلام أميركية. ولعلّ غياب كلمة الرئيس بشار الأسد، كونه الممثل الوحيد لثقافة المقاومة، هي خير دليل على عبثية القمة واكتفائها بمظاهر صوتية من دون فعل حقيقي، وهو ما يعرفه أي مقاوم ويترفّع عن المشاركة فيه.
لكن تأكيدًا في أن القمة عُقدت برعاية أميركية وخرجت بتوصيات تطابق خطط أميركا، لا بد من إعادة التذكير بما كشفه الرئيس والمدير التنفيذي للمجلس الأطلسي فريدريك كيمبي، مؤخرًا، في مقال عن خطط أميركا وتصوراتها بفعل ضغط الوقت عليها وحتمية إنهاء الحرب بأسرع وقت ممكن، إذ قال نصًا:
“يرى المسؤولون الأميركيون كيفية صياغة استراتيجية تشتمل على العناصر الآتية: قيام “إسرائيل” بإغلاق الحدود المصرية مع غزّة؛ ثمّ تقوم بعد ذلك بمطاردة زعماء حماس من دون القيام بعمليات واسعة النطاق تؤدي إلى خسائر لا داعي لها. وبعد ذلك، سوف تقوم قوة دولية، أو ربما قوة عربية فقط، بتوفير الأمن في غزّة، في حين تعمل “إسرائيل” مع آخرين من أجل إنشاء بنية قيادية فلسطينية قادرة على الضغط على حماس. بعد ذلك، تتفق جميع الأطراف على مسار يؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية، وتتسارع الجهود نحو التطبيع السعودي وإعادة هندسة البنية الأمنية الإقليمية. ولن يكون من السهل تحقيق أي من هذا”.
هذه الإستراتيجية الأميركية نلمحها علنًا في بنود القمة، والتي وردت في البيان الختامي؛ وهي:
– “ندعو الفصائل الفلسطينية كافة إلى الانضواء تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، والتوافق على مشروع وطني جامع ورؤية استراتيجية موحدة.
– نجدد موقفنا الثابت ودعوتنا إلى تسوية سلمية عادلة وشاملة للقضية الفلسطينية، ونؤيد دعوة فخامة الرئيس محمود عباس رئيس دولة فلسطين لعقد مؤتمر دولي للسلام.
– الدعوة إلى نشر قوات حماية وحفظ سلام دولية تابعة للأمم المتحدة في الأرض الفلسطينية المحتلة إلى حين تنفيذ حل الدولتين”.
وبلحاظ أن الرئيس الفلسطيني اتّهم حماس بتوفير “ذرائع” لـإسرائيل لتهاجم قطاع غزّة، في هجومها غير المسبوق الذي شنّته على “الاراضي المحتلة” فإنّ المؤتمر الدولي المقصود، والذي حرصت القمة على ذكر أنه جاء بطلب من الرئيس الفلسطيني، هو مؤتمر يخلو من المقاومة مع توفير “الذرائع” للعدو لممارسة عدوانه، وأن التوافق حول منظمة التحرير يعني التوافق على غياب ثقافة المقاومة وتوفير بديل مقبول للعدو. وهو السقف الذي يجعله ممثلًا شرعيًا ووحيدًا، وهو ما جاء في خطط أميركا حول بنية قيادية فلسطينية قادرة على الضغط على حماس، وفي الطريق تأتي القوات الدولية لإدارة مرحلة انتقالية لتنحية حماس عن الإدارة وحماية الكيان من الاستهداف وحفظ ماء وجهه.
وممّا لا شك فيه أن إعلان التمسك بحرية الملاحة البحرية في المياه الدولية وفقًا لقواعد القانون الدولي واتفاقيات قانون البحار، وضمان حرية الملاحة في البحر الأحمر وبحر العرب وبحر عمان والخليج العربي والإدانة “الشديدة” للتعرض للسفن التجارية المهدّدة لحرية الملاحة والتجارة الدولية ومصالح دول وشعوب العالم، هو بند أميركي صهيوني صريح لا يكتفي بغياب الفعل واستخدام أي ورقة ضغط، بل وبتجريم من يقوم بفعل ملموس لعرقلة خطط العدوّ ومساعيه في تصفية المقاومة وتصفية القضية.
في الخلاصة؛ إنّ القمة الرسمية الأولى بعد “طوفان الأقصى” قد تكون القمة الأخيرة لنظام عربي مرتهن تخرج بياناته الختامية من واشنطن.
العهد الاخباري / إيهاب شوقي
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
لماذا “محور المقاومة” الإيراني خارج المشهد؟
ترجمة وتحرير “يمن مونيتور”
لسنوات طويلة، بنت القيادة الإيرانية شبكة من الميليشيات المتحالفة في الشرق الأوسط تتشارك كراهية إسرائيل وأمريكا، وذلك بهدف كسب النفوذ الإقليمي وحماية النظام. ولكن بينما تخوض الثيوقراطية الآن معركتها من أجل بقائها، فإن حلفاءها يبدو وكأنهم خارج المشهد.
حزب الله اللبناني، الذي كان يُنظر إليه ذات يوم على أنه الأكثر قوة في “محور المقاومة” الإيراني، لم يطلق صاروخًا واحدًا منذ أن هاجمت إسرائيل إيران. فقد دَمرت القوات الإسرائيلية قدراته العسكرية وقيادته على مدار العام الماضي. أما حماس، الحركة المسلحة الفلسطينية، فقد أصبحت مجرد ظل لنفسها بعد 20 شهرًا من الحرب مع إسرائيل، حيث قُتل قادتها ودمرت اسرائيل غزة.
في العراق، لم تستهدف الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران القواعد العسكرية الأمريكية، كما فعلت في الماضي. وأطلقت ميليشيا الحوثي اليمنية عدة صواريخ على إسرائيل يوم الأحد، لكنها ظلت صامتة منذ ذلك الحين.
لقد تركت هذه الحروب القاسية حلفاء إيران حذرين من مواجهة إسرائيل، التي أظهرت قدرات عسكرية واستخباراتية متفوقة بشكل كبير. بعضهم يركزون الآن على مصالحهم الخاصة ولديهم الكثير ليخسروه من حرب متوسعة، مثل أعضاء الميليشيات العراقية الذين يحققون ثروات طائلة في قطاع النفط. آخرون، مثل حزب الله، يحاولون إعادة بناء أنفسهم ويحملون ضغائن بسبب نقص الدعم من طهران خلال حرب الجماعة مع إسرائيل، وفقًا لدبلوماسيين عرب يتحدثون إلى المجموعة بانتظام.
يقول ريناد منصور، الزميل البارز ومدير مشروع مبادرة العراق في تشاتام هاوس، وهي مؤسسة فكرية مقرها لندن: “بالنسبة لجميع هذه الشبكات الآن، الأمر يتعلق بالبقاء. إنهم جميعًا يدركون مدى فتك هذه الحملات العسكرية.”
ومع ذلك، من المرجح أن تتغير هذه الحسابات بالنسبة لبعض الميليشيات المتحالفة مع إيران إذا انضمت الولايات المتحدة إلى إسرائيل في قصف إيران، حسبما يقول دبلوماسيون ومحللون. إن احتمال قيام الولايات المتحدة بتأجيج حرب أخرى في الشرق الأوسط يكاد يكون مؤكدًا في إثارة الغضب المناهض لأمريكا، ويحفز رد فعل عنيف وتضامنًا مع إيران في جميع أنحاء العالم الإسلامي.
يأتي الدافع للحفاظ على الذات بعد سنوات من التراجع المستمر في قوة إيران في الشرق الأوسط، والذي بلغ ذروته في الهجوم الإسرائيلي الضخم يوم الجمعة الماضي. في يناير 2020، قتلت غارة أمريكية بطائرة بدون طيار الجنرال قاسم سليماني، الذي كان يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه الرجل الثاني الأقوى في إيران بعد المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي. كان سليماني مسؤولاً عن دعم إيران لحلفائها الإقليميين.
أدى اندلاع الصراع بعد هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 التي شنتها حماس، والتي أسفرت عن مقتل حوالي 1200 شخص وأسر 250، إلى سلسلة من الضربات لإيران، حيث استهدفت إسرائيل حماس وحزب الله بشكل منهجي. لم تفعل إيران شيئًا يذكر لمساعدة أي من الميليشيات على مواجهة إسرائيل في ساحة المعركة.
في أواخر عام 2023 والعام الماضي، قتلت الغارات الجوية الإسرائيلية كبار قادة الحرس الثوري الإسلامي في العاصمة السورية دمشق، مما أدى إلى شل قيادة إيران وسيطرتها في سوريا. لم تأمر إيران ميليشياتها المتحالفة في العراق بالمساعدة في صد هجوم المتمردين الذي أطاح بالديكتاتور السوري بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول، وسحبت قواتها في النهاية، منهية عقدًا من النفوذ الإيراني.
وقال منصور، في إشارة إلى الميليشيات المتحالفة مع إيران: “كثير منهم يتساءلون عما إذا كان هذا هو وقت المقاومة أو ما إذا كان وقت إخفاء رؤوسهم ومحاولة البقاء خارج هذا الصراع.”
لقد أضعفت الهجمات الإسرائيلية طهران وأهانتها، حيث استهدفت منشآت نووية، وأنظمة أسلحة، وبنية تحتية للنفط والطاقة، بالإضافة إلى قادة حكوميين وعسكريين. لكن ما هز حلفاء إيران بشكل خاص هو أن الهجمات أظهرت مدى اختراق الاستخبارات الإسرائيلية لإيران. تمكنت إسرائيل من مهاجمة إيران بطائرات بدون طيار من داخل البلاد، وكان لديها معلومات استهداف للعديد من كبار الشخصيات العسكرية والاستخباراتية في طهران.
قالت إليزابيث كيندال، الخبيرة في الشرق الأوسط ورئيسة كلية جيرتون بجامعة كامبريدج: “أتصور أن الأمر كان صادمًا للغاية للحوثيين أن يروا مدى تغلغل الاستخبارات في إيران. من المحتمل أن يفكروا بأننا يجب أن نلتزم الصمت في الوقت الحالي. إذا بدأنا بالمناورات، فإننا نفضح أنفسنا، ونكشف عن مواقعنا.”
في العراق، أصبح قادة الميليشيات الشيعية حذرين في استخدامهم للتكنولوجيا. يستخدمون هواتف للاستعمال مرة واحدة ويغيرون أرقامهم باستمرار. ونادرًا ما يتواجدون على الإنترنت.
“إنهم جميعًا مرعوبون من إسرائيل،” قال منصور.
وأدان حزب الله علنًا الضربات الإسرائيلية على إيران. وقال شخص مطلع على تفكير حزب الله إن إيران قادرة على التعامل مع المواجهة دون مساعدة من الحلفاء، مضيفًا أن الجماعة تترقب.
ليس لدى الجماعة أيضًا رغبة تذكر في الانجرار إلى حرب أخرى، وفقًا لدبلوماسيين عرب يتحدثون بانتظام مع الحركة اللبنانية. في الوقت الحالي، يريد حزب الله التركيز على إعادة بناء قدراته وأمواله، كما قال الدبلوماسيون.
هناك أيضًا دلائل على وجود توترات مستمرة بسبب نقص الدعم الذي تلقته الجماعة عندما كانت تقاتل مع إسرائيل. قبل يوم واحد من شن إسرائيل هجومها، قدم زعيم حزب الله نعيم قاسم نفسه كشخصية سياسية لبنانية في مقابلة متلفزة. لم تكن هناك أعلام إيرانية أو صور لخامنئي معروضة في مكتبه، مما يشير إلى تحول دقيق بعيدًا عن إيران وتركيز على جذوره اللبنانية.
بعد أن فجرت إسرائيل أجهزة النداء الخاصة بأعضاء حزب الله وقتلت زعيم الجماعة، حسن نصر الله، شعر بعض الأعضاء أن إيران لم تفعل الكثير لحماية الحركة، كما قال الدبلوماسيون. ألقى بعض شخصيات حزب الله باللوم في الإخفاقات الاستخباراتية جزئيًا على الحرس الثوري الإسلامي.
في العراق، موطن العشرات من الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران، أصدرت مجموعة واحدة فقط بيانًا. قالت كتائب حزب الله يوم الأحد إن إيران لا تحتاج إلى مساعدتها العسكرية لردع إسرائيل، ولكن إذا انضمت الولايات المتحدة إلى الحرب، فإنها ستستهدف الأصول الأمريكية في جميع أنحاء المنطقة. وفقًا لدبلوماسيين عرب، يضغط رئيس الوزراء العراقي محمد السوداني على قادة الميليشيات للبقاء خارج الصراع وتجنب الخطاب الاستفزازي المثير للضجة.
وقد تحول تركيز الميليشيات العراقية أيضًا. دخل العديد من قادة الميليشيات الحكومة، حيث يمكنهم الوصول إلى العقود الحكومية واقتصاد النفط العراقي المربح. وبينما لا يزال الكثيرون موالين لإيران، فإنهم يتخذون قراراتهم بناءً على المصلحة الذاتية.
قال منصور: “لقد كانوا يستفيدون نوعًا ما من استقرار العراق، وبطريقة ما، من ارتفاع أسعار النفط لتطوير إمبراطوريات اقتصادية.”
أما بالنسبة للحوثيين، فعلى الرغم من خطابهم العام وشعارهم الذي يدعو إلى الموت لأمريكا وإسرائيل، لم تكن الحركة خاضعة بالكامل لإيران قط. كما تدهورت ترسانة الحوثيين من الصواريخ والطائرات بدون طيار بشكل كبير بسبب أسابيع من الغارات الجوية الأمريكية في مارس/آذار وأبريل/نيسان.
وقالت كيندال: “إنها سياسة ‘الحوثي أولاً’. لن يضعوا رقابهم على المحك من أجل المرشد الأعلى. سيكتشفون ما هو الأفضل لهم بالفعل.”
ويقول محللون آخرون إن الحوثيين ينتظرون الوقت المناسب للانضمام إلى الحرب، وأنهم ربما يحجمون بينما تعطي طهران الأولوية للتوصل إلى حل دبلوماسي. وقال أحمد ناجي، محلل بارز لشؤون اليمن في مجموعة الأزمات الدولية: “يظل الحوثيون في تنسيق وثيق مع إيران، ويبدو أن مشاركتهم المحدودة في الصراع الإيراني الإسرائيلي الجاري محسوبة.”
المصدر: وول ستريت جورنال
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق *
الاسم *
البريد الإلكتروني *
الموقع الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
Δ
شاهد أيضاً إغلاق أخبار محليةأنا طالبة علم حصلت معي ظروف صعبة جداً و عجزت اكمل دراستي و أ...
نحن اقوياء لاننا مع الحق وانتم مع الباطل...
محمد عبدالخالق سعيد محمد الوريد مدير بنك ترنس اتلنتيك فليوري...
قيق يا مسؤولي تعز تمخض الجمل فولد فأرة تبا لكم...
المتحاربة عفوًا...