المشروعات التنموية الزراعية الكبرى فى جنوب الوادى التى افتتحها أمس الرئيس عبدالفتاح السيسى، تعد إنجازاً حقيقياً يضاف إلى رصيد الدولة المصرية، وقد بدأت هذه المشروعات الزراعية تؤتى ثمارها، بشكل يبشر بالخير الوفير، لقد كان استصلاح الأرض فى توشكى وشرق العوينات والفرافرة حلماً منذ مطلع التسعينيات، وتعثر هذ المشروع بشكل ظاهر وواضح، حتى جاءت ثورة 30 يونيو بمشروعها الوطنى الذى يرعاه الرئيس، وواجهت الدولة المصرية تحدياً كبيراً، وتم استصلاح الأرض فى مساحة كبيرة، وتم بدء جنى المحصول.
لقد نجح جهاز مشروعات الخدمة الوطنية فى استصلاح هذه الأرض التى تمت زراعتها بالقمح، موزعة على مزارع الشركة الوطنية لاستصلاح وزراعة الأرض الصحراوية. وتنقسم إلى مشروع توشكى الخير بمساحة 310 آلاف فدان قمح شرق العوينات، و4725 فداناً فى الفرافرة و4284 فداناً فى عين دالة.
وللحق لقد واجه جهاز الخدمة الوطنية والهيئة الهندسية للقوات المسلحة تحدياً كبيراً فى استصلاح هذه الأرض الصحراوية، خاصة أن هذه المنطقة بها صخور كثيرة وتمت إزالتها وتمهيدها للزراعة، وتم إنشاء بنية تحتية واسعة جداً، ونجحت مصر فى إحياء هذا المشروع الذى تعثر من قبل ولم يكن أحد يتوقع أبداً كل هذه المشروعات الجديدة التى تمت فيه مؤخراً، ما يعنى أن الإرادة السياسية الصلبة لا يثنيها شىء من الصعاب أمام تحقيق الأحلام. نعم لقد حققت مصر حلماً فى توشكى لم يكن أحد يتوقع له النجاح.. لقد تحولت الصحراء إلى أرض خضراء، وبدأت الإنتاج خاصة بالقمح الذى تحتاجه البلاد، لتقليل حجم استيراد هذه السلعة الاستراتيجية وتوفير العملات الأجنبية التى يتم دفعها فى شرائه.
الحقيقة أن مصر الدولة القومية بحكمة قيادتها السياسية الرشيدة وصلابة شعبها، قادرة على تحدى كل الصعاب، فلم يعجزها الإرهاب ونجحت فى اقتلاع جذوره، وكذلك تخوض حرباً كبيرة من أجل التنمية من خلال كل المشروعات العملاقة التى تمت على الأرض، وآخرها هذه المشروعات الزراعية الكبرى مثل الدلتا الجديدة ومستقبل مصر وتوشكى الخير التى بدأ موسم الحصاد بها. أليس ذلك دليلاً قوياً على عزيمة هذا الشعب القادر على قهر التحديات التى تواجهه، والتغلب على كل المعوقات التى يتعرض لها. وتركيز مشروع توشكى على زراعة المحاصيل الاستراتيجية والتى على رأسها القمح والذرة والشعير والفول والخضروات والنباتات الطبية، يعنى أن مصر تسير بخطى رائعة نحو تحقيق الحياة الأفضل للمواطنين فى ظل ارتفاع أعداد السكان وأزمة الغذاء العالمية التى تعانى منها كل بلدان العالم، والرائع أيضاً فى الأمر انطلاق موسم حصاد التمور بمزارع النخيل لأول مرة، حيث تم حصد 18 نوعاً من التمور عالية القيمة تزرع لأول مرة فى مصر.
عملية الاستصلاح والزراعة ليست وحدها التى تتم فى توشكى الخير، وإنما هناك أمر بالغ الأهمية وهى التصنيع الزراعى الذى يوفر فرص عمل واسعة وإنشاء مجتمعات عمرانية جديدة، بعد غزو الصحراء وبهذا الشكل الأكثر من رائع، خاصة بعد إنشاء الآلاف من الكيلومترات من الطرق التى تتوسط هذه المزارع الجديدة. هذه هى فعلاً مصر الجديدة التى تبنى وتعمر من أجل الأجيال الحالية والجديدة. فالحرب من أجل التنمية مداها واسع ونتائجها تعود بالخير على المصريين بفضل صلابتهم ووعيهم الشديد.
«وللحديث بقية»
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: توشكى الخير حكاوى جنوب الوادي الدولة المصرية مساحة كبيرة توشکى الخیر
إقرأ أيضاً:
الميراث.. "قصة حزينة"
فجرت قضية سرقة المربية ذائعة الصيت فى مجال التعليم الدكتورة نوال الدجوي، أزمة مجتمعية بالغة التعقيد يكون فيها الميراث اللاعب الرئيسي فى المشهد بشكل عام، ورأينا كيف كان مفجرا لأزمات واتهامات وقضايا ومحاكم بين عائلات بالكامل، يستوي فى ذلك العائلات الثرية مع من هم أقل حظا فى الوفرة المالية، فالخلاف يمكن أن يحدث بين الورثة على شقة أو قطعة أرض صغيرة أو مبلغ بسيط من المال.
"ماما نوال"، كما يناديها معلمو وطلاب مدارسها وجامعتها، نسجت خيوط أسطورة فى مجال التعليم، وضربت "دار التربية" المثل فى مستوي التعليم الثانوى بنظاميه البريطاني والأمريكي، وتخرجت فى هذه المدارس أجيال تفوقت فى كل المجالات، فكان الحزم والاتقان والحرص على التميز عنوانا لمسته بنفسي عندما كانت ابنتي طالبة فى هذه المدارس.
"فتنة المال" تلعب دائما بمشاعر ضعاف النفوس، فالحفيد الذى تبين أنه الذى سرق كل المبالغ التى أعلن عنها، والذى قيل إنه أيضا صاحب قضية فى المحاكم، لم تكفِه للأسف كل هذه الأموال التى كان ينعم بها بلا شك فى حياته، فلا أعتقد ولا يعتقد أحد أنه كان محروما من الحياة الرغدة التى تعيشها هذه العائلة الثرية أبا عن جد، ولكنه الطمع الذى يسول للإنسان السير فى طريق لا يراعي فيه حتى كبر السن ولا المقام، ويكون سببا فى أن تلوك الألسن سيرة سيدة ظلت تحافظ على مكانتها وهيبتها حتى قاربت على التسعين عاما من عمرها.
رأينا من قبل الفنان الكبير رشوان توفيق وهو يبكي مرارة الخلافات مع ابنته على الميراث، وانشغل الرأى العام وقتها بهذه القضية التى وصلت إلى أروقة المحاكم، وكذلك قضية أبناء الدكتورة سعاد كفافي مؤسس جامعة مصر وخلافاتهم على الميراث أيضا والاتهامات التى ظلت شهورا طويلة حديث وسائل التواصل الاجتماعي، ومؤخرا تابعنا ما فجرته المذيعة بوسي شلبي ضد أبناء الفنان محمود عبد العزيز، وما وصل إليه الأمر من الدخول فى الاعراض واستباحة سيرة فنان كبير، بدون أى احترام حتى لحرمة الموت.
ماذا حدث للمجتمع؟ ولماذا يقدم ضعاف النفوس على تجاوز كل الثوابت الاخلاقية والاجتماعية؟ ولماذا لا تردعهم صلة الرحم وتوقير الكبير واحترام السيرة؟ الإجابة بالطبع تتعلق بكل التغيرات الاجتماعية التى غزت أواصر المحبة إلا من رحم ربي، والخلخلة فى النفوس التى أغواها الطمع.
الميراث "قصة حزينة" يلعب الجشع فيها وحب الذات دورا رئيسيا، والأمر له شقان الشق الأول هو ما يحدث أثناء حياة كبير العائلة الذى يضنيه نكران الجميل ونهش جسده وهو حي، وما أصعب هذا الشعور، والشق الثاني ما يتعلق بخلافات الورثة بعد وفاته، حيث يجور الأخ الذكر على الأخوات البنات، ويلقي لهم الفتات معتقدا أن المال مال أبيه ولا يجب خروجه لأطراف أخرى، غير مكترث بشرع الله الذى يلزمنا برد الحقوق إلى أصحابها، ولا حتى مكترث بصلة الأخوة ولا كونهم أكلوا ذات يوم على مائدة الطعام نفسها واستظلوا جميعا تحت سقف بيت أبيهم، وكذلك يجور الأعمام على حق أبناء أخيهم المتوفى، ويجور الأخ الذكر أيضا على باقي أخوته الذكور وهكذا.
الميراث والطمع متلازمتان فى مجتمعنا، فلا قوانين رادعة ولا أعراف شافعة، ولا حتى "العيب" مفردة يعرفونها، نسأل الله أن يطبطب على قلب كل من أصابه جرح بسبب "الورث" وأن يرد الحقوق إلى أصحابها.