جريدة الرؤية العمانية:
2025-05-28@01:49:26 GMT

الهزيمة الاستراتيجية لكيان العدو

تاريخ النشر: 27th, May 2024 GMT

الهزيمة الاستراتيجية لكيان العدو

 

 

علي بن مسعود المعشني

ali95312606@gmail.com

 

استشعرتْ أمريكا هزيمتها الاستراتيجية وفقد مصالحها وحظوتها في المنطقة عام 2008، ليس بفعل ضربات المُقاومة في العراق ومستنقع أفغانستان فحسب؛ بل أضيف إليها لغة أرقام حقيقية أعدّها المعهد العربي الأمريكي "معهد جيمس زغبي" لاستطلاعات الرأي (وهو مركز بحثي لبناني أمريكي)؛ حيث أجرى استطلاعًا للرأي في 6 عواصم عربية "حليفة" لأمريكا، وخرج منها بالأرقام التالية: 84% يعتقدون أنَّ أمريكا هي الداعم الأكبر للكيان الصهيوني، وبالنتيجة هي عدو للعرب، و85% يؤمنون بأن ما تسمى بـ"إسرائيل" هي عدو تاريخي للعرب، و83% يعتقدون بأن امتلاك إيران لسلاح نووي هو قوة للعرب، وأن سماحة السيد حسن نصر الله هو الشخصية الأولى المُحببة لدى المصريين، يليه الرئيس السوري بشار الأسد، ثم الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد.

وبما أن الأمريكان خصوصًا والغرب عموماً، يؤمنون بمصداقية لغة الأرقام وحقيقة استشرافها المستقبلي، فقد قرروا تنفيذ خطة إعادة التموضع بالمنطقة عبر فصول "الربيع العبري" عام 2011، هذا الربيع الذي تركّز في من بقي شامخًا من أقطار جبهة الصمود والتصدي (سوريا، ليبيا، اليمن)، وأنقض على أقطار "حليفة" له (مصر، تونس) في بداية الربيع لزوم التضليل وحرف أنظار مركز المؤامرة وهدفها الحقيقي، وليبدو الربيع- وكما أسماه- عربيًا لتغييب العقل العربي.

نجحت أمريكا تكتيكيًا في إعادة إنتاج نفسها بالمنطقة عبر انتحال صفة "يسوع المُخلِّص" للشعوب من الحكام "الطُغاة" وحكم "العسكر"، وأعادت التموضع مؤقتًا عبر التنظيم الدولي للأخوان وثوار الناتو والجهاد الأطلسي، ولكنها مُنيت بهزيمة استراتيجية كبرى تتكشف تفاصيلها كل يوم، أقربها تنامي حجم الكراهية لها في المنطقة والعالم، وتقزمها التدريجي أمام القوى العالمية الصاعدة.

اليوم يأتي "طوفان الأقصى" ليحقق نصرًا استراتيجيًا على كيان العدو الصهيوني، الذي يمثل الاستثمار الاستراتيجي الوجودي لأمريكا والغرب في قلب الأمة العربية، وذلك بهدف تكريس ضعفها ووهنها وفرقتها، وتعطيل مشروعها الوحدوي النهضوي.

وطوفان الأقصى، وما ترتّب عليه من وحدة ساحات المُقاومة لاحقًا، وصعود نجمين غير متوقعين إلى صدارة مشهد المواجهة، وهما اليمن والفصائل العراقية، لم يبدد الحلم الاستراتيجي للكيان ورعاته بتصفية القضية الفلسطينية وتمرير ثقافة التطبيع بمسمياتها المختلفة؛ بل كشف عن وَهَن الكيان ورعاته وعجزهم عن تحقيق مبتغاهم، وكشف جميع بواطن القوة والضعف لدى الكيان ورعاته والمنبهرين به، وعاد عليهم بالوبال بفعل تجييش الرأي العام العالمي ضدهم، وسقوط سرديتهم التاريخية بأحقيتهم بأرض فلسطين.

تَنَكَّر العدو الصهيوني اليوم لعقيدته العسكرية المعروفة عنه والمتمثلة في "الحروب الخاطفة"، وخوضه لحرب الطوفان لثمانية أشهر، وقتله لأسراه، وتغابيه عن انهيار الدولة ومؤسساتها بالداخل، يقرأ منها بأن الكيان ولأول مرة في تاريخه يخوض حربَ وجودٍ ويستشعر ذلك، لهذا يوزع القتل والدمار على الأرض كمن سبقه من طُغاة وغزاة عبر التاريخ حين يستشعرون زوالهم.

فيما مضى، أفصح 23% من الصهاينة بأنهم سيغادرون فلسطين المحتلة في حال ثبوت تملك إيران لسلاح نووي، واليوم ووفق صحيفة "يديعوت أحرونوت" الصهيونية أقر 49% من الصهاينة بأن "إسرائيل" لم تعد أرضًا آمنة وصالحة للسكن! والله غالب على أمره.

قبل اللقاء.. رغم زلزال الطوفان وما أحدثه حول العالم، ما زال نتنياهو يُردد أسطوانة الكيان المشروخة بأن من يُعادي "إسرائيل" أو ينتقد سياساتها فهو بالضرورة مُعادٍ للسامية!!

وبالشكر تدوم النعم.

 

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

كيف تضع العمليات اليمنية العدو الصهيوني بين فكي كماشة وتمنح المقاومة الفلسطينية فرصة الانتصار؟

يمانيون | تحليل
في خضم حرب الإبادة التي يشنها كيان الاحتلال الصهيوني على قطاع غزة، تتجلى أهمية الدور اليمني المحوري في تغيير قواعد الاشتباك، وتحويل مسار المعركة من محيط غزة إلى عمق كيان العدو ومفاصله الاقتصادية والعسكرية. ومع اتساع رقعة العمليات اليمنية المساندة للمقاومة الفلسطينية، تظهر بوضوح الفوائد الاستراتيجية المباشرة وغير المباشرة التي تجنيها قوى المقاومة في غزة من هذا الدعم المتعدد الأبعاد، وبالأخص من العمليات العسكرية النوعية التي تنفذها القوات المسلحة اليمنية.

إن أكثر ما يربك العدو اليوم هو أن الصواريخ والطائرات اليمنية لا تنطلق من حدود فلسطين، ولا يمكن حصارها ضمن جغرافيا المعركة، بل تأتي من آلاف الكيلومترات، لتحلق فوق منظومات الدفاع الجوي الأمريكية والصهيونية، وتصل إلى مطارات الاحتلال، وموانئه، وقواعده الجوية، ومراكزه الاقتصادية في العمق المحتل. هذا التطور الميداني لا يربك العدو فحسب، بل يشتت حساباته ويكسر تفرّغه لحسم المعركة في غزة.

وبحسب الخبير العسكري اليمني العميد مجيب شمسان، فإن العلاقة بين العمليات اليمنية وبين الواقع الميداني والإنساني في غزة باتت علاقة تكامل استراتيجية، حيث كل تصعيد صهيوني يقابله ردع يمني، وكل خطوة عنصرية على الأرض في غزة، تترجم إلى تصعيد بحري أو جوي أو صاروخي من صنعاء.

منع التهجير وكسر أهداف الحرب
من أبرز الفوائد التي جنتها المقاومة الفلسطينية من الموقف اليمني المساند، هو إفشال مخطط التهجير الجماعي للفلسطينيين من قطاع غزة، وهو المخطط الذي كان نتنياهو يعوّل عليه لتحقيق نصر استراتيجي يعيد به التوازن السياسي الداخلي لكيانه المهتز. لكن مع وجود تهديد حقيقي على منشآت العدو الحيوية، أصبح تنفيذ هذا المخطط محفوفًا بتكلفة باهظة، بل وغير ممكن في ظل انكشاف الجبهة الداخلية لكيان الاحتلال.

ويذهب العميد شمسان إلى القول بأن الصواريخ اليمنية حين تضرب ميناء إيلات أو مطار اللد أو ميناء حيفا، فهي لا تُلحق الضرر بالبنية التحتية فحسب، بل تحرم العدو من فرصة تنفيذ أجندته في غزة بأقل كلفة ممكنة، لأن كل تصعيد في القطاع يُقابله تصعيدٌ أشدّ على جبهة البحر الأحمر أو البحر المتوسط أو حتى في الموانئ المحتلة.

توسيع الجبهة.. وإرباك الحسابات
أحد أبرز أوجه الدعم اليمني للمقاومة هو توسيع رقعة المعركة، وتحويلها من صراع محصور في حدود غزة إلى حرب إقليمية متعددة الجبهات. هذا التوسيع أربك الحسابات الصهيونية والأمريكية، ومنع العدو من إحكام الطوق الكامل على القطاع. بل إن العدو بات يواجه معركة استنزاف تتوزع بين البحر الأحمر، والضفة الغربية، وجنوب لبنان، وسوريا، والعراق، والآن اليمن.

أبو عبيدة، الناطق العسكري باسم كتائب القسام، لم يُخفِ أهمية هذا الدعم، واعتبر أن “إخوان الصدق في اليمن” يصرّون على شلّ قلب الكيان الصهيوني، رغم الثمن الباهظ الذي يدفعه اليمن من دماء أبنائه ومن مقدراته. هذا الاعتراف يعكس مدى التقدير الذي توليه المقاومة للفعل اليمني، بوصفه رافعةً استراتيجية تمنحها هامشًا أكبر للمناورة والمقاومة والصمود.

شلل اقتصادي وتفكك داخلي
العمليات اليمنية لا تنحصر في البعد العسكري فقط، بل إن لها أثرًا اقتصاديًا ساحقًا على الكيان، وهو ما يصبّ مباشرة في مصلحة المقاومة الفلسطينية. فمع كل تهديد جديد تطلقه القوات المسلحة اليمنية ضد ميناء أو سفينة صهيونية، ترتفع أسعار التأمين، وتتعطل سلاسل الإمداد، وتتهاوى مؤشرات الثقة بالاقتصاد الصهيوني.

وقد أكدت تقارير إعلامية عبرية متخصصة أن القطاع الصناعي الصهيوني بات يتلقى ضربات مباشرة جراء الحصار الجوي والبحري المفروض من صنعاء، وأن موانئ مثل حيفا باتت مهددة بفقدان مكانتها كمراكز لوجستية رئيسية في المنطقة، بسبب الاستجابة المتزايدة من شركات الشحن العالمية للتحذيرات اليمنية.

رسائل مركّبة من صنعاء: دعم لا مشروط… وتهديد مفتوح
الرسالة التي ترسلها صنعاء للعالم هي أن دعم فلسطين لا يقتصر على الشعارات، بل على الفعل، وأن كلّ من يظن أنه يمكنه سحق غزة دون أن يدفع الثمن، مخطئٌ في الحسابات. لقد أصبحت المقاومة في غزة أكثر ثقة بقدرتها على الصمود، ليس فقط بفضل قدراتها الذاتية، بل بفضل توافر جبهة إقليمية حقيقية تحوّل الدعم النظري إلى نيران مشتعلة في قلب الكيان.

وفي حين تواصل الولايات المتحدة تغذية آلة الحرب الصهيونية بالسلاح والغطاء السياسي، فإن اليمن يرد على هذا التواطؤ بضرب حاملات الطائرات الأمريكية، وإخراج السفن الصهيونية من البحر، وفرض معادلات جديدة في البحر الأحمر، حيث باتت القوة اليمنية تمثل حاجز الردع الأكثر تأثيرًا على الطموحات العدوانية للصهاينة في الإقليم.

ولا شك أن العمليات اليمنية غيّرت موازين الصراع، وأثبتت أن دعم فلسطين لا يعني فقط إرسال المساعدات، بل فتح الجبهات وربط الساحات وضرب العدو حيث لا يتوقع. ومن دون هذا الدعم، لكانت غزة أمام مجازر أشد، ولربما نجح العدو في تمرير أجندته القذرة.

لكن ما دامت صنعاء على عهدها، تقصف وتمنع وتردع، فإن المقاومة ستبقى صامدة، وستنتقل من مرحلة الدفاع إلى معادلة الردع، وربما ما هو أبعد.

مقالات مشابهة

  • الكيان الصهيوني وتاريخ النازية
  • صحيفة صهيونية تقر بعجز أمريكا و”إسرائيل” عن كسر صمود اليمنيين… جغرافيا، عقيدة، وخبرة قتالية تُربك العدو
  • حكومة السوداني :الكيان الصهيوني تجاوز كلّ الاعتبارات الإنسانية والقانونية في حربه على غزة
  • شهداء وجرحى بقصف العدو الصهيوني مناطق متفرقة من قطاع غزة
  • كيف تضع العمليات اليمنية العدو الصهيوني بين فكي كماشة وتمنح المقاومة الفلسطينية فرصة الانتصار؟
  • شهيدان وجرحى بقصف للعدو الصهيوني على قطاع غزة
  • صنعاء تُغلق الأجواء وتفتح جبهة الاقتصاد .. الكيان الصهيوني تحت الحصار الجوي
  • الجولان في قبضة الاحتلال.. كيف يغذّي الاستيطان أطماع الكيان الصهيوني؟
  • المواطنون في غزة يرفضون آليات العدو الصهيوني لتوزيع المساعدات: “فخ للتهجير”
  • استشهاد صحفي فلسطيني وعدد من أفراد عائلته في قصف العدو الصهيوني لجباليا