أنفي مدبب.. ماذا تعرف عن اضطراب تشوه الجسم؟
تاريخ النشر: 28th, May 2024 GMT
من منا لا يريد أن يعدل شيئا أو ربما شيئين في مظهره؟ وربما هذا شيء طبيعي. فهناك من تريد الحصول على بشرة خالية من الحبوب، ومن يريد أن يحصل على جسم رياضي جميل ومتناسق.
ولكن، دعنا نقف هنا ونؤكد أنه رغم كون هذا الأمر طبيعيا في حالات إلا أنه يصبح هوسا وأمرا غير طبيعي في أحيان أخرى، وربما يؤثر على حياة الإنسان ويجعله هذا الهوس غير قادر على متابعة حياته وإدارة واجباته اليومية بشكل جيد بل ويلجأ لاعتزال الناس.
هذا هو ما قاله كيث ، وهو أحد المرضى المشخصين باضطراب تشوه الجسم متحدثا لطبيبته الدكتورة كاثرين فيليبس والمعروفة عالميًا بخبرتها في علاج هذا الاضطراب والاضطرابات ذات الصلة، مثل اضطراب الوسواس القهري (OCD) لأكثر من 30 عاما.
هذه الحالة التي يطلق عليها اضطراب تشوه الجسم Body Dysmorphic Disorder تتسبب بانهماك المصابين بهذا الاضطراب في عيب واحد أو أكثر من عيب بدني متخيل لديهم أو حتى عيب صغير غير ملاحظ. فكيف نفهم هذا الاضطراب؟ وما علاجه؟
كيف يمكننا فهم هذا الاضطراب؟يمكننا أن نتخيل أن عقولنا تتكون من عدد كبير من الوحدات، كل وحدة تقوم بوظائف معينة لإتمام عملية التفكير أو الشعور داخلنا. يعني هذا مثلا، أنه حينما نشعر بالخوف فإن هناك وحدة داخل أدمغتنا تقوم بهذه المهمة، وعندما نحاول إعمال ذاكرتنا لتذكر شي ما فإن هناك وحدة أخرى تقوم بهذا العمل، وهكذا.
فإذا حدث أي مشكلة أو تلف في نظام إحدى تلك الوحدات فبالتالي سوف يكون هناك عطل ما بالنظام. مثل الحالة في بعض الاضطرابات العقلية، كحالة الخرف مثلا، حيث يكون هناك تلف في وحدة الذاكرة. بينما في اضطرابات أخرى تحاول وحدات معينة بالدماغ أن تبذل جهدا كبيرا أو حتى أن تقف عن تشغيلها بسبب حمل زائد على الدماغ، وهذا هو الحال في اضطراب تشوه الجسم.
فنظام الدماغ في تلك الحالة يحاول جاهدا حل المشكلة المتمثلة بشعورك تجاه مظهرك، بينما كل حلول العقل لا تؤتي بأي تأثير، حتى مع تكرار من حولك تأكيد عدم وجود أي مشكلة بك أو بمظهرك، أو ربما بعد إجراء جراحة تجميلية في اعتقادك أنها سوف تريحك وتزيل هذا الشعور بداخلك ولكنها لم تنجح أيضا في إنهاء معاناتك. لذلك يصبح النظام الدماغي مثقلا ومجهدا بسبب الطريقة التي تحاول بها الهروب من الأفكار والصور والمشاعر السلبية بداخلك أو حتى التحكم في مشاعرك حول ماضيك مسببا هذا الاضطراب.
متى يصبح اضطرابا؟نتعرض في حياتنا اليومية لأشكال مختلفة من الضغط الذي يعمل على تشوه طبيعتنا ومشاعرنا تجاه أنفسنا، في ظل مجتمع استهلاكي يشيع فيه الترويج لمنتجات الجمال المزيفة لأجل مكاسب اقتصادية، وجرى فيه تسطيح مفاهيمنا حول الجمال ووضع معايير مقننة له. مما أدى بنا نحو الهوس بالشكل والمظاهر.
أصبحت هناك حاجة ملحة للتفريق بين الهوس المرضي والاهتمام الطبيعي. فلو أنك أخذت جولة بسيطة على التطبيقات الاجتماعية بأشكالها سوف تلاحظ أنها امتلأت باستخدام "الفلترز" أو المرشحات التي تغير من شكل الوجه وحتى قد تتلاعب بملامحك الحقيقية. والغريب في ذلك أنك تضع تلك المرشحات وتعلم أنها غير حقيقية ولكنك تتأملها وتشعر بواقعيتها المزيفة، بل وتؤثر فيك وفي شعورك بالرضا تجاه نفسك ومظهرك.
هذا التسابق في السعي للحصول على قبول الآخرين والمعتمد بشكل أساسي على المظهر فقط، خلق لدى البعض هوسا بالشكل. فهناك المهوس بـ (أنفه وعينيه وشكل ذقنه)، وهناك المهوس باتساق قوامه (هل وزنه مناسب؟ وهل هو رياضي ولديه عضلات قوية جذابة؟).
بالمقابل الاهتمام الطبيعي هو الذي يجعلنا نحسن من شي ما في أنفسنا لنصل إلى الرضا الذاتي، وهو شيء جيد، لكن الإشكال الأكبر هو في الهوس الذي مهما حاولت فيه إرضاء ذاتك، لا تصل فيه الى الرضا المطلوب.
وهنا يتضح الفرق، فالحالة المزمنة من هذا الهوس تعرف باضطراب تشوه الجسم، وهو ذلك النوع من الاضطراب الذي ينهمك فيه الفرد في التركيز على عيب أو أكثر في جسمه. وقد يظهر في مرحلة المراهقة وحتى مرحلة الرشد المبكر.
بماذا يشعر هؤلاء؟هناك علاقة وثيقة بين المصابين بهذا الاضطراب وبين المرايا، فقد يلبثوا لساعات كبيرة أمام المرآه يتفحصون عيبا ما لديهم، وفي أحيان أخرى، قد يتجنبون الظهور أمام المرأة لعدم رغبتهم لرؤية هذا الشي القبيح (من وجه نظرهم). وقد يحاولون إخفاء هذا العيب المتخيل لديهم عن طريق وضع الكثير من مساحيق التجميل في محاولة لحل مشكلتهم.
دائما ما يتجنب المصابون بهذا الاضطراب الاختلاط مع الأخرين وهذا لأنهم طوال الوقت يشعرون أن الأخرين ينظرون إليهم وأنهم يتنمرون عليهم بشكل ما رغم عدم صحة ذلك الأمر. ويصرون في كثير من الأحيان على استجلاب الأمان والاستحسان من الأخرين عن طريق سؤالهم عما إذا كانوا قبيحون أو أنهم يلاحظون عيبا ما فيهم. وعلى الرغم من تأكيد من حولهم أن لا مشكلة لديهم على الإطلاق، فإن هذا الشعور لديهم لا ينجلي أبدا.
قد يخضع هؤلاء الأشخاص لجراحة واحدة أو عده جراحات تجميلية، ظنا منهم أن هذا هو الحل الأمثل لكي يختفي هذا الشعور المزعج، بينما لا يطفأ هذا الشعور أي من تلك الجراحات بعد فترة من الزمن.
كيفية العلاج؟يعتمد علاج هذا الاضطراب بشكل أساسي على العلاج المعرفي السلوكي الذي يركز على الإدراك "التفكير" والسلوك لدى المرضى وتغيير أفكارهم حول مظهرهم من خلال التحديد الدقيق لتلك الأفكار وسلوكهم المتبع إزاءه.
وقبل البدء في علاج تلك الحالة يجب التأكد من أنه تم التشخيص للمريض بطريقة صحيحة وأنه مصاب بالفعل باضطراب تشوه الجسم، وعلاج أي مشاكل أخرى قبل البدء بعلاج الاضطراب نفسه.
فمثلا إذا كان المريض يعاني من إحدى اضطرابات الأكل الحادة فمن الضروري علاجها أولا قبل المضي قدما في أي إجراء. يجب الاهتمام بتقييم احتمالات الانتحار لدى المريض ومخاطر السلامة طوال فترة العلاج. فقد يستدعي ذلك استراتيجيات علاجية أخرى بجانب العلاج المعرفي السلوكي.
عن طريق الجلسات الفردية للعلاج المعرفي السلوكي من قبل أخصائيين نفسيين متخصصين، يمكن للفرد إعادة النظر لعيبه بطريقة مختلفة، عن طريق التحدث عما لديه من إيجابيات وتغيير قناعاته السلبية عن ذاته وتحويلها إلى قناعات إيجابية. هذا العلاج يمكنه الرجوع بالمريض إلى مرحلة الطفولة ومعرفة أي مؤثر محتمل لحالته، مثلا: تنمر من الأقران في الصغر أو معايير مثالية لدى المحيطين مع شعور لدى المريض بعدم تمكنه الوصول لنفس تلك المعايير.
تظهر خلال جلسات العلاج مرة تلو الأخرى أفكار تشغل بال المريض دوما، مثل الاعتقاد أن الأخرين دائما يلاحظون مظهره ويركزون عليه، فردا على مشاعر القلق والخجل والاكتئاب يقوم بأفعال معينة لتجنبهم والتهرب من هذا الشعور.
ويمكن أن تساعد الأدوية المضادة للاكتئاب في علاج الحالة في بعض الحالات.
يلي ذلك مواجه أفكار المريض السلبية عن نفسه ومحاولة إيجاد طرق إيجابية بديلة للتفكير حول مظهره. مثلا عن طريق النظر في المرآة مع التركيز على المظهر بشكل كامل. مرة بعد مرة سوف يلاحظ المريض أن لديه عيون جميلة، ذقن مميز، شعر أملس.. بمعنى رؤية أي شي إيجابي أخر بدلا عن العيب الذي كان يركز عليه مسبقا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات اضطراب تشوه الجسم هذا الاضطراب هذا الشعور عن طریق
إقرأ أيضاً:
ضجيج الطعام.. لماذا لا يمكنك التوقف عن التفكير في وجبتك القادمة؟
هل سبق لك أن تناولت وجبة طعامك وبدأت تفكر فورا فيما ستأكله بعد ذلك؟ وهل تجد نفسك عاجزا عن التركيز بسبب تفكيرك المستمر بالطعام؟
يعد الشعور بالجوع أمرا طبيعيا، وعادة ما ترسل الأمعاء إشارات إلى الدماغ عندما يحتاج جسمك إلى الطعام، وقد تؤثر كذلك عواطفنا وعاداتنا على علاقتنا بالطعام، فيأكل الناس أحيانا للتسلية أو المتعة أو كجزء من المناسبات الاجتماعية، وقد يأكلون بدافع الملل أو لتهدئة أنفسهم بعد يوم شاق.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2قاعدة 30 السحرية.. هل وجدنا طريقة سهلة لحرق الدهون؟list 2 of 2رحلة كيس الطحين.. أب يعود منتصرا من جبهة الجوعend of listولكن في أحيان أخرى، لا يمكن للشخص التوقف عن التفكير في الطعام وتصبح أفكاره حول ما يجب أن يأكله مفرطة ومُلحة، وهذه الظاهرة يشار إليها باسم "ضجيج الطعام".
ما ضجيج الطعام؟ضجيج الطعام ليس مصطلحا تشخيصيا أو اضطرابا مستقلا، ولكنه مفهوم بدأ ينتشر منذ عام 2023 بين مستخدمي تطبيق تيك توك وصولا إلى مشاهير مثل الإعلامية أوبرا وينفري التي تحدثت عن تجربتها الخاصة لإسكات ضجيج طعامها والحفاظ على وزن أقل.
ويشير مصطلح "ضجيج الطعام" إلى الانشغال الذهني المستمر بالطعام وتناوله ويمكن أن يشار إليه أيضا باسم "الثرثرة الغذائية" التي تدور في العقل على شكل مونولوج أو حوار داخلي يركز على التخطيط للوجبة التالية، وغالبا ما يستجيب الشخص لجوعه، ومع ذلك تظل الأصوات تتعالى في الجزء الخلفي من ذهنه، فيأكل مرة أخرى، وهكذا.
وأشار العديد من المرضى إلى أن هذا السيل من الأفكار المزعجة يُشبه تشغيل شريط صوتي متكرر في رؤوسهم على مدار الساعة حول ما يجب تناوله في الوجبة القادمة، ومتى، وأين، وكمية الطعام ورائحته وشكله ومذاقه، وكأن هناك شعورا بالجوع المستمر يسيطر على أدمغتهم ولا يهدأ حتى يتناولوا شيئا ما، وهذا بالطبع يعيقهم عن التواجد بشكل كامل في اللحظة الحالية أو الانخراط في الأنشطة الأخرى.
ووفق بحث نشرته دورية (نيوترنتس) عام 2023، فإن الأمر يتحول إلى حد الشعور وكأن حياة الشخص كلها تتمركز حول الطعام، وأوضح الباحثون أن ذلك قد يؤدي إلى أنماط غذائية غير صحية مثل الأكل العاطفي وتناول الطعام كآلية للتكيف مع التوتر والمشاعر الأخرى.
قد يعاني أي شخص من ضجيج الطعام، ولكنه يؤثر بشكل أكبر على الأشخاص الذين يعانون من صعوبات في إنقاص الوزن، ووجدت دراسة أجرتها مؤسسة (ويت وتشرز) عام 2024، أن 57% من الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن تسيطر عليهم أفكار مستمرة ومزعجة حول الطعام، وأن 12% فقط على دراية بمصطلح "ضجيج الطعام".
إعلانومع ذلك، فإن الحميات الغذائية القاسية ليست حلا لتخفيف حدة هذا الضجيج، تقول اختصاصية التغذية، تانيا هارغريف كلاين، لموقع "إكويب هيلث"، إن الشعور بالجوع أو تقليل تناول الطعام قد يتسبب في إثارة ضوضاء الطعام بداخل أي شخص، إذ يرى جسمك أن تقليل السعرات الحرارية يمثل تهديدا له، فيزيد من الضجيج ليشجعك على تناول ما يعتبره طبيعيا.
وتضيف هارغريف: "قد يؤدي ذلك إلى حلقة مفرغة من الشعور بالجوع، يليه تناول الطعام بشكل لا يمكن السيطرة عليه، ويتكرر هذا يوميا تاركا الفرد مع مشاعر متصاعدة من الذنب والخجل".
وأوضح الطبيب النفسي، ديفيد كريل، لموقع (ويبمد)، أن المشكلة تكمن في كيفية استجابتنا لضوضاء طعامنا، إذ قد تُشكل هذه الضوضاء مشكلة حقيقية إذا دفعتنا إلى تناول طعام غير صحي أو تناول كميات كبيرة من السعرات الحرارية مما يؤدي إلى السمنة أو تفاقمها وتطور المضاعفات المرتبطة بها.
وقد يصاحب ضجيج الطعام شعورا بالذنب ويؤثر سلبا على جودة الحياة اليومية ويشتت انتباه الفرد عن إنجاز مهامه الأساسية، على سبيل المثال، يُفترض بك التركيز في العمل أو متابعة محادثة باهتمام، لكن عقلك مشغول بالتخطيط لما ستتناوله على العشاء أو حساب السعرات الحرارية في الحلوى المعروضة على المائدة، كما أن هذه الثرثرة الداخلية المستمرة حول الطعام وصورة الجسم قد تكون مُرهقة عاطفيا ومسببة للاضطرابات النفسية مثل القلق والعزلة وتدني احترام الذات، وفق ما أشارت إليه الطبيبة النفسية، سوزان ألبرز في مقال لها على موقع (سيكولوجي توداي).
يمكنك التخلص من ضجيج الطعام أو على الأقل تقليله باتباع بعض الإستراتيجيات ومنها:
نظام غذائي صحي: ينبغي تقليل الأطعمة المصنعة والتركيز على الأطعمة الكاملة وتناول الخضراوات والفاصوليا والبقوليات والفواكه والحبوب الغنية بالألياف، بالإضافة إلى المكسرات والبذور والأسماك والدهون الصحية، لتعزيز الشعور بالشبع.
تناول الطعام بانتظام: تخطي وجبات الطعام أو تقييد السعرات الحرارية بشكل كبير يمكن أن يثير ضجيج الطعام، لذلك حاول تناول 3 إلى 4 وجبات يوميا، والحصول على ما يكفي من البروتين والألياف.
ممارسة الأكل الواعي: أظهر بحث منشور في دورية (مرض السكري) عام 2017 أن تناول الطعام ببطء وتقليل المشتتات يساعد على إشباع شهيتك، لذلك حاول مضغ الطعام جيدا والاستمتاع بكل قضمة وتوقف بمجرد أن تشعر بالشبع.
تنظيم ساعات النوم: تؤثر مدة نومك على كيفية استجابة دماغك لإشارات الطعام، وأظهرت دراسة منشورة في مجلة "أوبستي" عام 2023 أن ليلة واحدة فقط من قلة النوم تستطيع أن تقلل مستويات هرمون الليبتين، وهو الهرمون الذي يساعدك على الشعور بالشبع، وتزيد من مستويات هرمون الغريلين، مما يجعلك أكثر جوعا.
التحكم في التوتر: عندما تشعر بالقلق أو الانفعال أو عدم الراحة، قد تفكر في الطعام ولاسيما أنه يعزز الشعور بتحسن مؤقت، لذلك حاول البحث عن طرق إيجابية لإدارة التوتر والقلق مثل تمارين التنفس العميق، التأمل، التواصل مع الآخرين، ممارسة النشاط البدني أو الاستمتاع بالطبيعة والاستماع إلى الموسيقى.
إعلانتعديل بيئة طعامك: يمكن للتغييرات البسيطة في بيئتك أن تساعد في تقليل عدد الإشارات الغذائية التي تواجهها يوميا، فمثلا: إذا كان الآيس كريم هو الطعام الذي ترغب في الحد من تناوله، فلا تضعه في مقدمة الثلاجة حيث تراه طول الوقت.
استشارة طبيب مختص: قد تحتاج للتواصل مع طبيب مختص أو اختصاصي تغذية وقد تكون بعض أدوية إنقاص الوزن مثل أوزيمبك ومونجارو خيارا مناسبا، ولكن ينبغي الحذر، إذ إن التوقف عن تناولها قد يعزز استعادة الوزن.