التنمر في المدارس.. خطورة لا بُد من مواجهتها (2)
تاريخ النشر: 28th, May 2024 GMT
منى بنت حمد البلوشي
استكمالًا للمقال السابق الذي حمل بين طياته تعريف التنمر وأسبابه والأماكن التي يتم من خلالها التنمر والاعتداء على الطلبة، موضوع التنمر لا ينتهي فهو مشكلة مؤرقة ولكن يمكن التغلب عليها مع تكاتف الجهود، فقد كانت هناك ومازالت عدة جلسات مع الأخصايين والمهتمين لحل هذه المشكلة، وقد أخذت الكتب نصيبها الأكبر منه واحتار الجميع أي الحلول يختار، وكيفية علاجها التي تمثل تقريبًا 50% تشمل الجنسين بجانب المشاكل المدرسية الأخرى.
هناك الكثير من المهتمين والأخصايين والمرشدين الاجتماعيين ممن يحاولون جاهدين للسعي من أجل التخفيف وإيجاد الحلول المناسبة للتنمر المدرسي التي تعتبر ظاهرة عالمية. نعم نحتاج لتكاتف الأسر والتربويين لنكون يدًا واحدة من أجل القضاء عليها، لأنَّ قضيتنا هذه قضية مستقبل ونهضة إنسان قبل أن تستفحل، وعلينا أن نصل لمرحلة علاجها؛ من خلال معرفة الأسباب التي تجعل المعتدي أو ما تم تسميته وصفيًا المتنمر لإقدامه على هذا السلوك العدواني، حيث تعتبر الوقاية من التنمر في المدارس أحد برامج خطط اليونسيف في المنطقة، والهدف الرئيس لهذا البرنامج هو الوصول لمدارس خالية من التنمر لضمان بيئة آمنة للطلبة.
إن علاج التنمر والتخفيف من حدته يتوقف على جهتين رئيسيتن وعليهما التركيز: أولًا: الأسرة والتي تعد البيئة الأولى التي تؤثر في سلوك الطالب، وهي تأخذ أهمية بالغة في ترتيب المتدخلين في علاج ظاهرة التنمر، فلا بد من التأني وعدم العجلة في الحكم على سلوكه ووصفه بالمتنمر قبل أن تتضح الرؤية وتتم دراسة المشكلة من جميع الجوانب، واستشارة من هم بقربه، بما في ذلك بحث الصعوابات التي يمكن أن يواجهها الطالب في المدرسة فيما يخص التحصيل المدرسي، التي من الممكن أن تكون من وراء سلوكه العدواني. ويجب على الآباء عدم اختلاق الأعذار للطالب والتبرير لأفعاله وخاصة أمام المعلمين وزملائه إن ثبت وقوع التنمر عليه، وينبغي التحكم فيما يشاهده الأبناء في التلفاز أو في مواقع التواصل الاجتماعي، والألعاب الالكترونية التي يتم تنزيل تطبيقاتها على الهواتف والأجهزة الالكترونية الأخرى، ويجب تذكير الوالدين أبنائهم باحترام مشاعر الآخرين وزملائهم عند مشاهدتهم لأشخاص يتعرضون لمواقف مضحكة أو محرجة، وإخبارهم بأن هذه الأمور ليست للتسلية أو الاستهزاء وذلك لعدم تعرضهم لمشاكل وتنمر من الآخرين.
لذلك ينبغي على الوالدين أن يتعاملوا التعامل مع الموضوع بجديّة؛ لأن الطلبة الذين يتنمرون على الآخرين عادة ما قد يواجهون مشاكل خطيرة في حياتهم المستقبلية، وقد يواجهون مشاكل جنائية، وقد تستمر المشاكل في علاقاتهم مع الآخرين.
أما في حالة كان الابن ضحية للتنمر، فيجب على الوالدين إبلاغ الإدارة والشروع في تعليم الأبناء مهارات تأكيد الذات، ومساعدته على تقدير ذاته من خلال مساهماته ومشاركاته وإنجازته، وفي حال كان الابن منعزلًا اجتماعيًا بالمدرسة فيجب إشراكه بنشاطات اجتماعية تسمح له بالاندماج مع الآخرين وبناء ثقته بنفسه.
بعدها يأتي الدور المُكمل للأسرة ألا وهي المدرسة ثانيًا؛ فالعلاج المدرسي يأتي بعد العلاج الأسري، فإن التعامل الأمثل مع التنمر المدرسي يتم من خلال تطوير برنامج مدرسي واسع بالتعاون بين الإدارة التربوية والطلبة والمعلمين وأولياء الأمور وباقي فئات المجتمع، بحيث يكون هدف هذا البرنامج هو تغيير ثقافة المدرسة، وتأكيد الاحترام المتبادل والقضاء على التنمر ومنع ظهوره. عندما نأخذ من برنامج "ألويس" لمكافحة التنمر الذي تم تطويره في الثمانينات الذي يهدف لمكافحة التنمر ومساعدة الأطفال على العيش بشكل أفضل وجعل بيئة المدرسة بيئة أكثر إيجابية.
وقد استُخدم برنامج "ألويس" في أكثر من 12 دولة على نطاق العالم، وقد أظهرت الدراسات أن حالات التنمر في المدارس التي استخدمت هذا النظام قد تراجعت بنسبة 50% خلال عامين. وليكون البرنامج العلاجي فعالًا لا بُد من توعية المعلمين وأقارب الطلبة والطلبة أنفسهم بسلوك التنمر وخطورته، وإشراك المجتمع وجميع المؤسسات مع المجتمع المدرسي في محاربة الظاهرة، وإدراج التربية على المواطنة والسلوك المدني في المناهج الدراسية، وتشديد المراقبة واليقظة التربوية للرصد المبكر لحالات التنمر، ووضع برامج علاجية للمتنمرين بالشراكة مع المختصين في علم النفس، ووضع ميثاق وقوانين للفصل يوضح حقوق جميع الأطراف وواجباتهم على شكل التزام يشارك الجميع في صياغته والتوقيع عليه، كأنه يكون كتعهد بين الأطراف مع تنظيم أنشطة موازية تهتم بتنمية الثقة بالنفس، وتأكيد واحترام الذات، وتشجع الضحايا على التواصل مع المختصين في حالة تعرضهم لسلوكيات التنمر. فربما المتنمر يحتاج لرعاية ولديه أسبابه التي لا بد من الأخذ بها والجلوس معه من أجل إيجاد حلول لهذه الظاهرة التي تؤرق المجتمع بأكمله.
رسالتي لجميع المؤسسات، ضرورة التعاون من أجل الحدّ من هذه الظاهرة التي بدأت تنهش المجتمع المدرسي وأصاب الأقران بعاهات وفقدهم للثقة بأنفسهم.
لنكن جميعنا يدًا واحدة لأجل بناء أرض الوطن بمستقبلها والحفاظ على نهضتها ومستقبلها وذلك يكون بأبنائها وأجيالها المتتالية ولنصنع مجدًا يليق بهم.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
طلب مناقشة أمام الشيوخ لتنمية مهارات الأطفال لمواجهة التحرش بكل صوره
استعرضت النائبة ريهام عفيفي، عضو مجلس الشيوخ، طلب المناقشة العامة لاستيضاح سياسة الحكومة ممثلة في وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، بشأن تعزيز الدور التوعوي المقدم منها لتنمية مهارات الأطفال وطلاب المدارس في مواجهة التحرش سواء اللفظي أو الجسدي بكافة صورة.
جاء ذلك خلال الجلسة العامة لمجلس الشيوخ، برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، وبحضور ممثلي الحكومة.
وأكدت النائبة، على دور وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني المحوري في تنمية وعي الأطفال وطلاب المدارس المواجهة التحرش، سواء كان لفظيا أو جسديا، حيث تعد المدرسة بيئة أساسية لتشكيل سلوك الطفل وتعزيز القيم الإيجابية لديه،فضلا عن سعيها من خلال برامجها ومناهجها التعليمية إلى بناء جيل واع قادر على حماية نفسه والتصرف بشكل سليم في المواقف الصعبة.
حذرت النائبة، من خطورة التحرش بالأطفال وآثاره الخطيرة على المجتمع بشكل عام، حيث يصيبه هذا الفعل بهزة عنيفة من الناحية الأخلاقية والسلوكية.
وقالت فى طلب المناقشة: بالرغم من أن التحرش في المجتمع يعد حوادث فردية، إلا أننا لا بد وأن نقف على أسبابه، حتى لا يتجاوز حدود الحوادث الفردية ويصبح ظاهرة، لذلك يستلزم الأمر التوقف أمام هذا الفعل بكثير من الأهمية والانتباه، محذرة من أن التهاون في مواجهته يخلق أمراضًا في المجتمع يصعب علاجها بعد فوات الأوان.
وشددت النائبة، على أهمية الدور التوعوي لوزارة التربية والتعليم والتعليم الفني والذي لا يقتصر على الوقاية فقط، بل يمتد إلى توفير الدعم النفسي والاجتماعي للضحايا، بالتعاون مع الجهات المختصة، لضمان بيئة تعليمية آمنة وعادلة.
وأكدت النائبة، أنه من خلال هذه الجهود المتكاملة، تظهر مساهمة الوزارة في بناء مجتمع مدرسي أكثر وعيا وأمانا لأبنائنا، حيث أن هذا الأمر يتعلق بجيل علينا أن نرعاه ونحتويه.
وطالبت النائبة، وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، بعرض رؤيتها المعرفة آلياتها في متابعة المدارس بشكل عام، والمدارس التي تقع فيها مثل هذه الحوادث بشكل خاص سواء كانت حكومية أو خاصة وبيان مستوي الرقابة عليها وعلى العاملين بها.