جريدة الرؤية العمانية:
2025-06-13@16:45:27 GMT

دنيا الغجر (الأخيرة)

تاريخ النشر: 29th, May 2024 GMT

دنيا الغجر (الأخيرة)

 

مُزنة المسافر

 

نيكولاس:  لن تنجلي.

وسط الظلامات التي راحت.

خلف كل ليل.

في خفة المحتالين.

اجلسي بجانبي.

وكوني في فؤادي.

ووسط أنهار حياتي.

 

إنك بين عناقيد نجمية.

وسماء منسية.

بحاجة لأبهى نور.

 

النور.

قولي به.

وأتي بشعلة وسرج عظيم.

يحمل حبك لي.

قولي يا داريا بالقرب.

القرب القرب هو النور.

والبعد البعد هو الظلام.

والصيام عن الوجود.

الذي أراه.

أمام عيناي.

ومقلتاي.

قفي هنا وسط السراب.

وعتمي الآخرين عن الولوج والدخول.

وكوني الوعد والرد.

الذي انتظره سنيناً طوال.

فليأتي العام ويكون القيام.

واليقظة.

لهذا الغرام.

 

لتأتي بالسلام.

والأمان.

إنني انتظرك.

في صبر جليل.

ليس له مثيل.

 

إنني هنا.

عاكف على النيل.

والرغبة.

أن أكون بقربك.

وبصدق أريد سلبك.

لفؤادي الذي ينادي بالعشق.

فلتأتي.

لتصعدي سلالم الحب جميعها.

دون استثناء.

ودون رواق غائب عن الضياء.

انظري للسحب.

والغيوم التي غطت أعلى شمس.

وخيبت آمال القمر.

لتكوني وحدك في منزل عظيم.

يذكرك بصباك الجميل.

 

وهل تذكرين كل القصص؟

التي أتيت بها لأزهو في عينيك.

وأنصب خيمة وسط صحراءك.

ووسط الأراضي الغجرية.

والمنسية من قبلك.

تذكريها واذكريها وعودي لتسودي.

كل ما تحبين.

 

الخاتمة

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

عن العنف الذي لا يبرر

يونيو 11, 2025آخر تحديث: يونيو 11, 2025

وفاء نصر شهاب الدين

كاتبة من مصر

في صغري، أرسلتني أمي إلى بيت جدتي في زيارة كانت تبدو عادية تمامًا، لولا أنها خبأت لي مشهدًا من تلك المشاهد التي تترك ندبة في الذاكرة لا تُشفى بسهولة.

كان هناك كلبٌ أبيض، جميل، شعره كيرلي ناعم كقطن السحاب. بدا لي وقتها وكأنه مخلوق من القصص، من أولئك الذين يرافقون الأطفال في الحكايات القديمة ويحرسونهم من الأشباح. كنت أراه لطيفًا، بريئًا… حتى اللحظة التي ركض فيها خلفي وعقرني.

تغيّر كل شيء بعدها، كبر داخلي خوفٌ لم أفلح في التخلُّص منه تمامًا. كلما اقترب مني كلب في الشارع، تتراجع خطواتي، يتسارع نبضي، وتنهض الطفلة التي بداخلي مذعورة.

لكن، ورغم هذه الذكرى التي جرحت ثقتي، لم أكره الكلاب أبدًا. لم أفهم يومًا كيف يمكن لإنسان أن يؤذي حيوانًا لا حول له ولا قوة، أن يضربه، أن يسحله، أن يسمّمه، أو أن ينظر إليه وكأنه عدو لا بد من القضاء عليه.

الشارع في السنوات الأخيرة صار قاسيًا، ليس فقط على البشر، بل على الكائنات التي لا تملك صوتًا يدافع عنها.

كم من مرة رأيت كلبًا يُركل بلا سبب، أو تُلقى عليه الحجارة وكأن قلوب الناس قد تحجّرت!

كم من مرة سمعت عن حملات قتل جماعي للكلاب الضالة، وكأن الوفاء الذي عُرفت به هذه المخلوقات لم يعد يعني شيئًا في عالمنا.

أين ذهب الحنان؟

أين اختفى التراحم الذي أوصت به الأديان قبل القوانين؟

كيف تحوّلنا إلى بشر يخافون من الطيبة، ويشهرون العداء ضد الكائنات التي لا تطلب إلا الأمان وبعض الطعام؟

الكلب الذي عضّني وأنا طفلة… ربما خاف. ربما رأى فيّ تهديدًا لا أفهمه. ربما أراد أن يلعب ولم يُحسن التعبير.

لكنه، رغم كل شيء، لم يكن شريرًا.

الشر، في حقيقته، ليس في الحيوان، بل في القسوة التي نغلّف بها قلوبنا، وفي الجهل الذي يدفعنا إلى إيذاء كل ما هو أضعف منّا.

ليت الشوارع تتسع قليلًا للرحمة.

ليت البشر يعيدون النظر في علاقتهم بالحيوانات، ليس فقط من منطلق الشفقة، بل من باب المسؤولية الأخلاقية والإنسانية.

فنحن لا نُقاس فقط بما نفعله تجاه من نحب، بل بما نفعله تجاه من لا يستطيع أن يردّ الأذى عن نفسه. نحن نعيش في مجتمع يتحدث كثيرًا عن الأخلاق، عن التدين، عن الفضيلة… لكننا ننسى أن الرحمة ليست شعارًا يُرفع، بل سلوك يومي يُمارس، خاصة تجاه من لا يملك صوتًا يُدافع به عن نفسه.

أحيانًا أسير في الشارع فألمح كلبًا يجلس على الرصيف، عينه قلقة، ذيله بين قدميه، ووجهه ممتلئ بأسئلة لا تُقال:

“هل سأُطرَد؟ هل سأُضرَب؟ هل هذا المارّ طيب أم غاضب؟” كلب لا يريد شيئًا سوى الأمان، وربما قطعة خبز، وربتة على الرأس… أو على الأقل، أن يُترك وشأنه دون أذى. لماذا لا نترك الكلاب وشأنها؟

لماذا لا نعترف بأن هذه المخلوقات، وإن كانت لا تتكلم، إلا أن قلوبها تفهم، وذاكرتها تحتفظ، ووفاءها يتجاوز في كثير من الأحيان وفاء البشر؟ الكلب لا يخون، لا يبيع، لا يؤذي بلا سبب. الكلب لا يكذب.

وما يوجع أكثر من العنف، هو اللامبالاة…أن يُضرَب الكلب في منتصف الشارع، ولا يتوقف أحد. أن يُسمَّم، ويُترك يتلوى في صمت، كأن موته لا يعني شيئًا. أن تتحوّل الكائنات الأليفة إلى أهداف متحرّكة لغضبٍ مكبوت، وعداء غير مبرر، لا تبرّره شريعة، ولا تقبله نفسٌ سوية.

ربما لا أزال أخاف الكلاب قليلًا، لكنني أحبها رغم ذلك، وأدافع عنها ما استطعت. لأنني أؤمن أن الكائن الذي أحبك بصدق حتى بعد أن آذيته، لا يستحق سوى الحماية.

لأن الطفلة التي بداخلي، التي ركضت مذعورة من كلبٍ أبيض، عادت بعد سنوات طويلة، ومدّت يدها لحيوان خائف في الشارع… وربّتت على رأسه. ربما شُفيت بعض الشيء. وربما حان الوقت لنُشفي نحن جميعًا من هذه القسوة التي تسكننا. أقول دائمًا إن ما يفعله الإنسان في الخفاء، مع كائنٍ ضعيف، هو مرآته الحقيقية.

لا يُعرّفنا موقف أمام جمهور، ولا كلمة في ندوة، بل تلك اللحظة التي نمرّ فيها بجانب حيوان جائع أو مذعور… كيف نتصرف حينها؟ تلك هي الحقيقة. الكلب لا يملك لغة ليدافع بها عن نفسه، لكنه يملك قلبًا يفهم ويشعر.

وما أبشع أن نُقابل الوفاء بالخيانة، والوداعة بالقسوة، وأن نغضّ الطرف عن مشاهد الألم لمجرد أنها لا تخصّنا مباشرة

كل كلب مشرّد في شوارعنا هو اختبار صامت لإنسانيتنا. وكل حجر يُرمى، أو قدم تُركل، أو نظرة اشمئزاز تُلقى على كائنٍ أعزل… هي جرح فينا قبل أن تكون جرحًا فيه.

دعونا نتذكر أننا لا نعيش وحدنا، وأن الأرض ليست لنا فقط وأن الرقة ليست ضعفًا، بل رفعة وأن من يُؤذي كائنًا لا يتكلم، سيصعب عليه أن يُحب كائنًا يتكلم. ربما لو أحببنا الكلاب قليلًا، أو على الأقل احترمنا وجودها، لعادت الشوارع أقل عنفًا، وأكثر احتمالًا…وربما لو تذكّر كل واحد فينا كلبًا قديمًا، في طفولته أو في ذاكرته، لكان في قلبه شيء من الحنان لا يُفسَّر.

الكلب الذي عضّني وأنا صغيرة، علّمني شيئًا لا تنقله الكتب: أننا قد نخاف ممّن نحب، لكننا لا نكرههم…وأن الحب الحقيقي لا يزول، حتى إن ترك ندبة.

مقالات مشابهة

  • ليلة سقوط رجال المرشد.. هل تنجح إيران في الثأر لجنرالاتها من إسرائيل؟
  • لهذا السبب.. دنيا سمير غانم توجه رسالة شكر لـ مجدي يعقوب
  • ملاك على الأرض.. دنيا سمير غانم تشكر مجدي يعقوب لهذا السبب
  • دنيا سمير غانم تطرح أغنية جديدة باللهجة الخليجية.. فيديو
  • وهران.. حريق بالطابق الأول لعمارة سكنية بحي النور
  • النور والروح
  • عن العنف الذي لا يبرر
  • تعرف على موعد طرح فيلم "روكي الغلابة" لـ دنيا سمير غانم
  • سيرين عبد النور تحتفل بيوم ميلاد ابنتها تاليا وسط أجواء عائلية مميزة .. فيديو
  • ضمن منافسات أفلام صيف 2025.. موعد عرض «روكي الغلابة» لـ دنيا سمير غانم