في قصيدته التي حملت عنوان (في ملعب كرة القدم) قدّم الشاعر معروف الرصافي (1877-1945) وصفا دقيقا للعبة كرة القدم، وقوانينها وحركة اللاعبين، بشكل يؤكّد أنّ الرصافي كان من محبّي هذه اللعبة الشعبية التي أغرمنا كلنا بها في طفولتنا لاعبين، وفي شبابنا متابعين، ومشجعين، يقول الرصافي في الأبيات الأولى من قصيدته المؤلّفة من عشرين بيتا من البحر الكامل:
قصدوا الرياضة لاعبين وبينهم
كرة تُراضُ بلعبها الأجسامُ
وقفوا لها متشمِّرين فألقيت
فتعاورتها منهم الأقدام
يتراكضون وراءها في ساحةٍ
للسُّوق مُعترك بها وصِدام
رَفسًا بأرجلهم تساق وضرْبُها
بالكفّ عند اللاعبين حَرام
ولا توجد معلومة تؤكّد أن هذا الشغف تقف خلفه ممارسة لهذه اللعبة، لكننا على يقين كامل من أنّ الشاعر المصري محمود أبو الوفا (1901-1979م) لم يكن من ممارسيها، فقد بُترت ساقه اليسرى عندما كان في العاشرة من عمره، فخسر قدمه، وهي الأداة الفاعلة في هذه اللعبة، غير أن خسارته لساقه، لم تمنعه من أن يكتب نشيدا عندما تأهّلت مصر لمونديال كأس العالم عام 1934 م، يقول في المقطع الأول منه:
كرة القدمِ كرة القدمِ
هي لعبتنا منذ القِدَمِ
للكرة نداء يشجينا
ويطير بنا صوب الهدفِ
وللآنّ صداه ينادينا
سيروا سيروا نحو الشرف
ووجد الشاعر محمود درويش متعة في متابعة كرة القدم، ومتنفّسا، ويذكر في كتابه (ذاكرة النسيان) أنه عام 1982م أيام حصار بيروت ووسط وحشية القصف الإسرائيلي، كان يتابع مباريات كأس العالم لكرة القدم التي أقيمت في إسبانيا، وتساءل في كتابه: «ما هذا الجنون الساحر، القادر على إعلان هدنة من أجل المتعة البريئة؟ ما هذا الجنون القادر على تخفيف بطش الحرب وتحويل الصواريخ إلى ذباب مزعج! وما هذا الجنون الذي يعطل الخوف ساعة ونصف الساعة، ويسري في الجسد والنفس كما لا تسري حماسة الشعر».
وكان البرازيلي بيليه الذي سجّل هدفه الألف في مرمى (فاسكو دي جاما) يوم 19 نوفمبر 1969م، يكتب الشعر، ومع أننا لم نقرأ شيئا من شعره، لكننا على يقين من أن شعره الذي كتبه بأقدامه أكثر بلاغة وجمالا من الشعر الذي خطه قلمه، ويبدو أنه كان يكتب الشعر، كهواية إلى جانب هوايات أخرى من بينها العزف على الجيتار.
وتبقى كرة القدم الرياضة الأكثر شعبيّة في العالم، وقبل ثلاثة أسابيع أحرزت كرة القدم هدفا في مقرّ المنظمة الدولية العامة للأمم المتحدة حين أقرّت يوم 25 مايو من كل عام ليكون اليوم العالمي لكرة القدم، وقد اعتمدت الجمعية العامة القرار الدولي الذي جاء بمبادرة من البحرين وليبيا وطاجيكستان، وحضر ممثلو الدول الأعضاء، والسفراء، فعالية أقامتها الجمعية العامة للأمم المتحدة للاحتفال باليوم العالمي لكرة القدم وهم يرتدون قمصان منتخبات بلدانهم لكرة القدم، ووجد رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، دينيس فرانسيس في كرة القدم «قوّة استثنائية لتحقيق السلام، والتقدّم، والرخاء، والاستدامة بشكل هادف» كما قال، مضيفا «فعندما تدمّر الحرب، والصراع حياة الناس في أوكرانيا، وفي قطاع غزة، وفي السودان، وفي هايتي وأماكن أخرى تبرز الحاجة إلى أيّ أداة لديها القدرة على مداواة الجروح، وتجسير الفجوات».
ولم يكن اختيار المنظّمة لهذا اليوم عن فراغ، قبل مائة عام، وتحديدا في 25 مايو 1924 أقيمت أول بطولة دولية لكرة القدم في التاريخ خلال الألعاب الأولمبية الصيفية التي أقيمت في باريس.
ولكن في خضمّ حماسنا لكرة القدم تأتي هجمة مرتدّة من أهلها، فالمدرب يوركن كلوب قال في كلمة ألقاها بمناسبة تتويجه كأحسن مدرب في العالم «كرة القدم مجرد لعبة ولن تحل مشاكل الفقراء واللاجئين، لن توقف حروبا ولن تأت بالديمقراطية، نتلقّى أموالا كثيرة لننسي الناس تعاستهم لتسعين دقيقة، فالحياة لا تتوقف على جلد مدوّر».
وبين هذا وذاك يقفز سؤال محمود درويش «نحن أيضا يحقّ لنا أن نحبّ كرة القدم لم لا نخرج قليلا من روتين الموت؟»
صحيح أن «الحياة لا تتوقّف على جلد مدوّر»، لكن بالمقابل يمكن لهذه الكرة الجلديّة، أن تقارب بين الشعوب، وتعيد لقلوبنا الأمل وتجدّد شعورنا بالحياة.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: لکرة القدم کرة القدم
إقرأ أيضاً:
أردنيا وعربيا .. تفاعل ودعم وإشادة واسعة بقرار الاتحاد الأردني لكرة السلة
#سواليف
أعلن #الاتحاد_الأردني_لكرة_السلة انسحاب منتخب الشباب تحت 19 عامًا من مباراته أمام #منتخب_الاحتلال الإسرائيلي، والتي كانت مقررة اليوم الأحد 29 حزيران/يونيو، ضمن بطولة #كأس_العالم_للشباب المقامة في سويسرا.
وأوضح الاتحاد في بيان رسمي، أن قراره جاء عقب مراسلات مباشرة مع الاتحاد الدولي لكرة السلة “فيبا”، طالب خلالها بعدم إقامة المباراة احترامًا للموقف الوطني الرافض للتطبيع الرياضي مع الاحتلال. ونتيجة لذلك، قرر “فيبا” إلغاء المباراة واحتساب نتيجتها لصالح الفريق الخصم.
وجاء في البيان : “بناء على المراسلات بين الإتحاد الأردني لكرة السلة والإتحاد الدولي لكرة السلة “فيبا”، حول مباراة منتخبنا الوطني للشباب تحت 19 عاما أمام منتخب “إسرائيل” في كأس العالم المقامة في سويسرا، والمقرر أن تقام اليوم الأحد الموافق 29 حزيران/يونيو الحالي، طالب الإتحاد الأردني بعدم خوض المباراة”.
مقالات ذات صلةوأضاف البيان أنه “بناء على ما سبق، قرر الاتحاد الدولي لكرة السلة عدم إقامة #المباراة، مع تأكيده على احتساب النتيجة لصالح المنتخب الإسرائيلي.”
من جهته، علّق لاعب المنتخب الأردني لكرة السلة محمود عابدين على القرار قائلًا: “لن نلعب مع الكيان”.
وأضاف في تغريدة عبر حسابه على منصة “إكس”: في زمن تُقاس فيه #البطولات بالأخلاق، يبقى الانسحاب من مواجهة الكيان هو أجمل #انتصار لأنه موقف، وليس مجرد مباراة.”
وتابع: “الانسحاب أمام الكيان ليس هروبًا بل #إعلان_شرف وكرامة لا تُقاس بالنتيجة.”
وختم بـ”شكر خاص للاتحاد الأردني على قراره الشجاع.”
تفاعل واسع ودعم شعبي
القرار حظي بتأييد واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث اعتبره كثيرون “موقفًا وطنيًا مشرفًا” يُسجل في سجل الرياضة الأردنية.
وقال الرئيس التنفيذي لمركز حماية وحرية الصحفيين نضال منصور، إن قرار الاتحاد الأردني لكرة السلة “ينسجم تمامًا مع المزاج العام في الشارع الأردني، الذي يقف بثبات إلى جانب الشعب الفلسطيني في مواجهة حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي منذ قرابة عامين”.
وأكد منصور ، أن هذا الموقف “يحمل رسالة واضحة للمجتمع الدولي، مفادها أنه لا يمكن التعامل مع إسرائيل ومنتخباتها الرياضية وكأن شيئًا لم يكن، أو تجاهل الجرائم والانتهاكات المستمرة التي ترتكبها بحق الشعب الفلسطيني، والتي تمتد أيضًا لتشمل العدوان على سوريا ولبنان”.
وختم بالقول: “الموقف الأردني واضح وثابت: لا للتطبيع، ولا مجال للتعايش مع الجرائم الإسرائيلية، سواء على الصعيد السياسي أو الرياضي”.
الكاتب الصحفي أحمد حسن الزعبي كتب .. كل التحايا لأبطالنا
النائب ديمة طهبوب علّقت عبر حسابها على موقع “فيسبوك”، قائلة: “موقف مشرف، احتراما وفخرًا لكل من وقف هذا الموقف وأخذ هذا القرار… مبارك فوز الكرامة والتفوق الأخلاقي والمبدئي”.
“القطاع الشبابي” في حزب “جبهة العمل الإسلامي” المعارض، بدوره قال عبر حسابه الرسمي على موقع “فيسبوك”: أسود منتخبنا الوطني ينسحبون من مباراة الاحتلال… شكرًا لأسود الأردن على هذا الموقف المشرّف”.
أما الباحث في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية أحمد عوض، فكتب: “هذا موقف شجاع يُسجَّل للأردن وللاتحاد الأردني لكرة السلة، وقرار أهم بكثير من الفوز بالبطولة”.
وقال الناشط مصطفى القضاة على منصة “إكس”: موقف مشرف يعكس مبادئنا قبل أي حلم وأي رياضة”.
وعلق الناشط محمد سهيل عبر “فيسبوك”، قائلاً: المواقف الشريفة تبقى درعًا في ذاكرتنا… نحن أصحاب قضية ولسنا مجرد متعاطفين، ولن نتنازل عن حقنا وأرضنا المقدسة”.
أما المواطن حازم الفقها فعبّر قائلًا: “فزتم بأكبر من البطولة برُمتها… وأنتم في عيوننا أكبر من كل البطولات”.
وكتب مواطن … بعيداً عن كرة القدم اليوم الأردن اختار الكرامة.منتخبنا الوطني لكرة السلة تحت 19 سنة رفض خوض المباراة أمام منتخب الاحتلال في بطولة كأس العالم، والاتحاد الأردني قال كلمته: لا لعب مع من يحتل، يقتل، ويهدم.هذا القرار مش خسارة نقاط… هذا فوز بموقف. فوز بأخلاق، بثبات، بمبدأ ما بنباع.إحنا ربحنا احترامنا لأنفسنا واحترام العالم إلنا.
وقال آخر .. للتاريخ منتخب شباب السلة الأردني رفض أن يصافح منتخب القتله وفضل الإنسحاب ، رغم أن الحدث في البطولة الأهم ، وهي كأس العالم للشباب ، ليفوز بشرف الموقف ( هي أشياء لا تشترى ) تحية لمنتخب النشامى.
وترتكب دولة الاحتلال منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 وبدعم أميركي، إبادة جماعية في قطاع غزة، تشمل قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلفت الإبادة نحو 189 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم أطفال، فضلا عن دمار واسع.