الاتفاق الذي تم توقيعه في يوم السبت 18 مايو بنيروبي عاصمة دولة كينيا يشكل أملاً ويبعث تفاؤلاً في وقف الحرب الدائرة . يمكن من خلاله أن نري ضوءً في آخر النفق ، إضافة الي أنه شكل أختراقاً لحالة الجمود التي لازمت المساعي المبذولة لوقف الحرب بأقناع حركات مسلحة فاعلة ونشطه في الشروع والأسهام المباشر في الأنضمام لتجمع وقف الحرب ومن ثم تطبيق شعارات ثورة ديسمبر المجيدة علي أرض الواقع .

أتفاق هذه الحركات المسلحة ، حركة / جيش تحرير السودان برئاسة القائد عبدالواحد محمد أحمد النور والحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة القائد عبدالعزيز الحلو مع رئيس رئيس تنسيقية القوي الديمقراطية المدنية (تقدم) الدكتور عبدالله حمدوك ، يفرض واقعاً جديداً في مفاوضات السلام ويعطي ثقلاً للقوي المدنية الداعية لوقف الحرب ويشكل قاعدة أجتماعية ودعم سياسي إضافي ويدفع بمفاوضات السلام الي مرتبة أعلي . إضافة الي أن الاتفاق يساهم بصورة مباشرة في وقف الحرب بأصطفاف الأحزاب السياسية ولجان المقاومة وقوي المجتمع المدني وكل القوي الداعية للسلام في مواجهة القوة الداعية للحرب والتي من أهم أهدافها القضاء علي ثورة ديسمبر. كما وأنه يضع اللبنات الأولي لجعل هذه الحرب آخر حروب السودان حيث يضع الأجابة علي السؤال كيف يُحكم السودان؟ الدرس المستفاد من مأساة الحرب يشمل أستخلاص مسبباتها وعدم تكرارها . إتفاق نيروبي بالضرورة أن يدفع بالأحزاب والتنظيمات السياسية التي كانت خارج (تقدم) بأن تساهم في هذا الجهد الذي أتي أُكله مع حركتي عبدالواحد نور وعبدالعزيز الحلو للنظر في وقف الحرب . التخلف عن هذا المجهود وهذه الجدية والمثابرة لوقف الحرب ووضع العقبات أمامها ومن خلفها يصب الزيت علي النار ويساعد في أستمراريتها .
البعض قد يري أن المشكلة السودانية وخاصة في الجوانب التي تتعلق بنوعية الحكم القادم لا تخص صلاحيات رئيس تنسيقية (تقدم) وهذا رأي يتطلب النظر الي واقع الحرب اليوم . وبما أننا نريد أن تتوقف هذه الحرب ونسعي لتحقيق هذه الغاية بالظفر والناب ما عدا المؤتمر وأعوانه فبألضرورة أن تشترك جميع القوي السياسية في هذه المحاولات . نعلم أن شعار وقف الحرب يتطلب أتخاذ القرار السياسي الشجاع ليس فقط من المتحاربين وإنما كذلك من المنادين لتكوين الجبهة العريضة التي تنادي بلا للحرب .
وكما ذكرنا سالفاً أن وقف الحرب قرار سياسي يتطلب شجاعة من الأطراف المتحاربة وبنفس هذا المنوال وهذا المنطق المستقيم ، أذا أردنا توسيع الجبهة المدنية للوقوف في وجه غول الحرب لابد من أن نشرك القائدين عبدالواحد محمد نور وعبدالعزيز الحلو في المفاوضات . أشراك هذه الفصائل في المفاوضات يتطلب النظر في أسباب عزوفهم . أتضح أن من أهم أسباب العزوف منذ ثورة ديسمبر وحتي الآن هو عدم التصريح الجماعي للقوي المدنية الشمالية بقبولهم علمانية الدولة علي الرغم من توقيعهم الأتفاقيات الانفرادية مع الحلو وعبدالواحد علي عدم رفضهم للعلمانية . أري أن تشجيع الحركات الحاملة للسلاح للأنخراط مع القوي المدنية والأحزاب السياسية في تحالف سياسي لتأسيس نظام ديمقراطي يقضي علي النظام البائد ومؤسساته الي الأبد ولا يميز بين السودانيين بسبب العرق او الدين أو اللغة ويفضي الي سلام دائم يتطلب قرار سياسي يستجيب لمطالب الحركات التي رفعت السلاح لعقود طويلة وفحوي مطلبها الأساسي ولا زال هو الدولة العلمانية . أتخاذ القرار من قبل رئيس التنسيقية وحتي بدون تفويض يساعد في جذب هذين الفصيلين الي طاولة المفاوضات مما يساعد في وقف نزيف الدم السوداني وهو بمثابة عربون لحسن النوايا . أعلان نيروبي لم يأتي بما لم تأتي به الرسل ولم ينشد أتفاقاً مع دولة صهيونية وأنما سعي لوقف الحرب بأتفاق مع فصائل سودانية حاملة للسلاح وتنادي بوحدة السودان ، جمعها في بوتقة واحدة ووقع معها أتفاقاً لكي يعكس جديته في تحقيق سلام عادل ولكي يشجعها للمشاركة في مؤتمر دستوري ينظر في أطروحاتها التي قد تقنع بها بقية القوي السياسية .
عادةً ، أتفاقيات السلام التي تأتي بعد الحروب يتبعها أنفصال بعض الأقاليم من الدولة المعينة وتبعيتها الي دولة أو دول أخري . أننا لم نصل الي هذه الحالة بعد . الثمن الذي يطلبه حملة السلاح لكي ينضموا الي المجموعة التي تنادي بوقف الحرب هو قيام دولة علمانية . السؤال الذي يطرج نفسه : ما هو الأجدي والأفيد للسودان ، وقف الحرب وقيام سودان علماني يجعل الدولة تقف علي مسافة واحدة من جميع الأديان أو لا سودان ؟ من المفارقات أن دول الجوار التي أستقبلت اللاجئين السودانيين بأعداد كبيرة ليس من بينها دوله دينية واحدة مع العلم أن مواطنييها يدينون بديانات مختلفة إضافة الي أن هذه الدول هي التي نلجأ لها لكي تعيننا في حل مشاكلنا الداخلية التي تمخضت عن هل تُحكم الدولة السودانية بدستور علماني أو غير علماني ؟ الطعن في علمانية الدولة يصب في خانة التشكيك في نظام الحكم في دول الجوار التي نسعي لكي تصلح فيما بيننا .
المؤتمر التأسيسي لتنسيقية القوي الديمقراطية المدنية
ينعقد الآن المؤتمر التأسيسي لتقدم وبغض النظر عن السلبيات التي صاحبته والتي يمكن أختصارها في عدم التمثيل الكافي للجان المقاومة ، وعدم أشراك الهيئات النقابية الفاعلة والتمثيل الحقيقي للنازحين و غياب كتلة التعيير الجذري فأنه يعتبر بادرة موفقة تحتاج الي الدعم والمساندة وتوضيح الأخفاقات التي صاحبته.
هذا لا يعني أن كل ما تطرحه (تقدم) التي ضمت أكبر تجمع من القوي السياسية (بعد التجمع الوطني الديمقراطي) هو الحل الصحيح . هي مبادرة في المقام الأول لوقف الحرب نأمل أن يستفيد القائمين عليها من السير في خط ثورة ديسمبر. الواجب الوطني يتطلب مخاطبة تقدم وأصلاح إخطائها . وكما ذكرنا سابقاً يتوجب علي تنسيقية القوي الديمقراطية المدنية أن تفصح عن لقآتها وتنزع ثوب السرية عن المفاوضات التي تجريها مع طرفي النزاع والوسطاء ، خاصة وأنها تصدرتْ المشهد في ظرف حربٍ لم يتم فيها التمثيل الديمقراطي الحقيقي للقائمين بأمرها . وفي هذه العجالة أقترح لتقدم أن تطور جهازها الأعلامي وأن تنشر لوائحها الداخلية .
مع التمنيات بالتوفيق لمخرجات المؤتمر التأسيسي .
حامد بشري
29 مايو 2025

hamedbushra6@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: ثورة دیسمبر لوقف الحرب وقف الحرب فی وقف

إقرأ أيضاً:

مقررة الأمم المتحدة: تقدم الإمارات في مجال حقوق المرأة كبير و«استثنائي»

جنيف (وام)
أشادت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالعنف ضد المرأة والفتيات، ريم السالم، خلال الدورة التاسعة والخمسين لمجلس حقوق الإنسان، بالتقدم الكبير الذي أحرزته دولة الإمارات العربية المتحدة في تعزيز المساواة بين الجنسين وحماية المرأة من العنف، ووصفت ما تحقق بأنه «استثنائي»، مشيدة بالتزام الدولة السياسي القوي تجاه المساواة بين الجنسين، وبالجهود المتنامية التي تبذلها لتمكين المرأة في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وقالت السيدة السالم: «لقد حققت دولة الإمارات خطوات هائلة، لاسيما في مجالي المشاركة السياسية والاقتصادية للمرأة، وهو ما يعكس الإرادة السياسية والرؤية التي تثمّن دور المرأة ومساهمتها في المجتمع».
وأكدت أن «تحقيق التكافؤ بين الجنسين في المجلس الوطني الاتحادي، والتمثيل المتزايد للمرأة في المناصب القيادية، إلى جانب الإصلاحات القانونية الجوهرية، كلها مؤشرات واضحة على التزام الدولة بحماية وتمكين المرأة».
كما أثنت السيدة السالم على استمرار دولة الإمارات في إحراز التقدم في مجال حقوق المرأة، مضيفة أن: «النهج الاستباقي الذي تتبناه الحكومة، بما في ذلك الاستثمارات الكبيرة في حماية المرأة والطفل في حالات الأزمات، يعكس التزام الدولة بضمان الأمان والمساواة لجميع النساء والفتيات. وتُعد هذه الجهود أساسية لبناء مستقبل تتمكن فيه المرأة من الإسهام الكامل في مسيرة التنمية الوطنية».
ورحب السفير جمال جامع المشرخ، المندوب الدائم لدولة الإمارات لدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى في جنيف، بتصريحات المقررة الخاصة، مؤكداً أن «هذه الزيارة الناجحة تُجسد التزام دولة الإمارات الراسخ بتعزيز حقوق النساء والفتيات على الصعيدين الوطني والدولي، وتعكس إيماننا العميق بأن تمكين المرأة وضمان مشاركتها الكاملة والمتكافئة والفاعلة في المجتمع هو أساس بناء مجتمعات شاملة ومزدهرة».
وشدد السفير المشرخ على أن العمل لا يزال مستمراً، قائلاً: «تؤكد دولة الإمارات استمرارها في التعاون الوثيق مع الأمم المتحدة، وستواصل العمل على تنفيذ التوصيات التي قدمتها المقررة الخاصة، في إطار سعيها المتواصل لضمان حماية حقوق النساء والفتيات وتحقيقها على أرض الواقع».
وكانت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالعنف ضد المرأة والفتيات قد قامت بزيارة رسمية إلى دولة الإمارات في ديسمبر 2024، حيث نظّمت الدولة عدداً من الزيارات الميدانية، وسهلت عقد لقاءات مع مسؤولين حكوميين، وممثلين عن المجتمع المدني، وجهات معنية أخرى.

أخبار ذات صلة الإمارات تدين الاعتداءات الإسرائيلية على مدن وقرى الضفة الغربية المحتلة حمدان بن محمد: برؤية محمد بن راشد.. شبابنا هم رواد المستقبل ومصمموه بوعيهم وتفاؤلهم وانفتاحهم على العالم

مقالات مشابهة

  • مقررة الأمم المتحدة: تقدم الإمارات في مجال حقوق المرأة كبير و«استثنائي»
  • أستاذ العلوم السياسية: 30 يونيو أعادت مصر من حافة الهاوية
  • الكرملين: ينبغي تذكير الولايات المتحدة بأنها الدولة الوحيدة التي استخدمت الأسلحة النووية
  • الفلاحي: المقاومة تركز على ضرب الآليات التي يصعب تعويضها خلال الحرب
  • مدبولي: استئناف ضخ الغاز للمصانع التي توقفت تأثرا بنقص الإمدادات
  • لبنان القوي: نأمل أن يستفيد لبنان من وقف النار
  • ليست مسرحية بل لعبة العروش السياسية
  • توعية الشباب بالمساهمة في الحياة السياسية والبرلمانية
  • رشاد عبد الغني: وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل يؤكد رؤية مصر التي تنادي بالحلول السياسية لا الحروب
  • طهران تقدم شكرها للمرجعية الدينية وشعب العراق وقواه السياسية على مساندة الشعب الإيراني