قال فضيلة الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم: إنه لا أحد يملك وحدَه احتكار التحدث باسم الدين، ولكن ينبغي لمَن يريد التصدُّر للعِلم والإفتاء أن يملك المقومات العلمية المطلوبة لهذه المهمة العظيمة الشأن، والتي من أهمها الفهم الصحيح للنصِّ الشرعيِّ وللقواعد التي صار عليها العلماء قديمًا وصارت منهجًا وأصلًا، فضلًا عن التمكن في قواعد اللغة العربية ودلالات الألفاظ، ومعرفة استعمالات هذه الألفاظ في حقائقها الموضوعة لها لغًة وشرعًا وعرفًا، وغيرها من المتطلبات والمقومات المطلوبة.

جاء ذلك خلال حواره في برنامج "اسأل المفتي" على فضائية "صدى البلد" مع الإعلامي حمدي رزق مضيفًا أن غياب هذه المقومات ينتج عنها آراء وأفكار وفتاوى مشوَّهة غير منضبطة، والتي بدَورها تؤثر على المجتمعات واستقرارها.

من له حق التصدر للشأن الديني والتحدث باسم الدين؟

وأوضح فضيلة المفتي خلال إجابته عن سؤال حول من له حق التصدر للشأن الديني والتحدث باسم الدين، بأنه هو الشخص الذي استجمع المقومات المطلوبة من تكوين علمي، وتأهيل وفهم للواقع وللمقاصد الشرعية.

وثمَّن فضيلته أهمية ودَور المذاهب الفقهية المعتبرة، حيث إنها حفظت لنا الدين وحملت عنا عبء النظر والاستدلال الذي يستغرق سنوات وسنوات من الجهد المضني والتعب الشديد، وحفظت علينا العبادات والمعاملات وكل شئون الحياة، نؤديها ونحن مطمئنون إلى صحة ما ورد إلينا من أقوالهم فيها، مع ما اشتملت عليه من اختلاف في طرق الاستدلال وتباين وجهات النظر، وكل هذا لا يمنع من التفاعل مع ما يقع من حوادث ومستجدات، فهذه المذاهب تركت لنا المعايير والمناهج التي تتيح لنا التعامل مع الواقع وَفق مراد الشرع الشريف، مشيرًا إلى أن علماء المذاهب الفقهية كانوا يكنون بعضهم لبعض كل تقدير واحترام، وسيرتهم في ذلك معروفة مُشتهرة.

منهج الأزهر في جانب الفقه الإسلامي

وأشار فضيلة المفتي إلى أن منهج الأزهر في جانب الفقه الإسلامي قام في الأساس على التعدد، ففتح أبوابه لدراسة المذاهب الفقهية التي تلقَّتها الأمة بالقَبول، وجعل من ساحاته وأروقته مجالًا لدراسة هذه المذاهب جميعها، وما قصر الدارسين فيه على واحد منها دون الآخر، ولم يُقْصِ أبدًا أيَّ مذهب من المذاهب المعتبرة، فضلًا عن أن المذهبية تتَّسع للجميع، وهذا الحال ينطبق على كبرى المدارس والجامعات الشرعية والفقهية المعتبرة في العالم.

وأضاف فضيلته أن منهجية دار الإفتاء المصرية في إصدار الفتاوى منهجية علمية موروثة قائمة على احترام المذاهب المعتبرة وتقديرها، وعندما يَرِدُ سؤال إلى دار الإفتاء فلدى علمائها منهجية وخبرات متراكمة، مشيرًا إلى أن الدار تلجأ أحيانًا إلى المتخصصين في العلوم المختلفة، مثل الطب والاقتصاد والسياسة وغيرها قبل أن تصدر فتوى في أمر يتعلق بهذا التخصص، لاستجلاء الأمر والإلمام بكافة تفاصيله، بل لقد أنشأنا في دار الإفتاء المصرية مرصد الاستشراف الإفتائي، لنُعدَّ العدَّة من الآن -نحن المفتين-لمواجهة تحديات المستقبل وما قد يطرأ من أمور تتعلق بالفتوى.

حكم التحايل لاستمرارية حصول الأرملة على المعاش

واختتم فضيلة المفتي حواره بالرد على سؤال عن حكم التحايل لاستمرارية حصول الأرملة على المعاش بعدم توثيق زواجها الجديد والاكتفاء بأن يكون في شكل زواج عُرْفيٍّ، قال فضيلته: إن عدم توثيق الزواج لغرض الحصول على معاش الزوج المتوفَّى تحايل على القانون، وذلك لأنها تأخذ مالًا حرامًا لا يحل أخذه، وغير قانوني، بل يعتبر عملًا محرمًا، لأن قوانين الدولة أباحت صرف المعاش بضوابط معينة، ويعتبر هذا أكلًا لأموال الناس بالباطل، فالمال الذي تتقاضاه الزوجة ليس من حقها، مشيرًا فضيلته إلى أن دار الإفتاء المصرية لا تنصح بالزواج العرفي بل تنصح بالتوثيق الرسمي للزواج وأن يستوفيَ أركانه وشروطه ومتطلباته.

اقرأ أيضاًمفتي الجمهورية ناعيا والدة وزيرة الثقافة: «أنزلها الله منازل الأبرار»

مفتي الجمهورية: ليس من سلطة العلماء تكفير أي إنسان.. وتحديد مصائر الناس «تألي على الله»

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: حمدي رزق مفتي الجمهورية الدكتور شوقي علام صدى البلد المذاهب الفقهية مفتی الجمهوریة دار الإفتاء إلى أن

إقرأ أيضاً:

متحف آثار السلط.. توثيق الحياة اليومية والثقافة المعمارية والاجتماعية

عمّان "العُمانية": يعد "بيت طوقان" تحفة معمارية عثمانية في قلب مدينة السلط الواقعة شمال غرب العاصمة الأردنية عمّان، الذي شُيّد في أوائل القرن العشرين، ثم تحوّل في ثمانينيات القرن الفائت إلى "متحف آثار السلط"، مشكّلاً بذلك أول متحف مخصص لآثار المدينة العريقة ولشواهد من الحضارات القديمة التي مرت عليها عبر العصور.

يتربع المبنى على مساحة كبيرة، فقد كان في البداية مكوّناً من طابق واحد، ثم أضيف إليه طابق علوي استُخدم في تشييده مواد بناء مستوردة من أوروبا، مثل الرخام الإيطالي والزجاج البلجيكي؛ ما منح البناء قوةً وجعله أكثر صموداً في وجه التحديات المناخية والطبوغرافية التي تتميز بها مدينة السلط، بالإضافة إلى ذلك، تنتشر فيه القباب ذات الزخارف الجصّية لتعكس طرازاً معمارياً يجمع سمات البناء الغربي ونظيره الشرقي في آن واحد.

وتُعرَض في المتحف لقى ومقتنيات منذ العصر الحجري النحاسي حتى العصور الإسلامية مروراً بالعصور البرونزية والحديدية والهلنستية والرومانية والبيزنطية، ويزيد عددها على الألف قطعة، من الفخار والزجاج والصوان والمعادن والعظم والخزف والعملات المعدنية والجداريات الفسيفسائية من الكنائس البيزنطية، بالإضافة إلى القلائد والأساور الرومانية والأيوبية والمملوكية.

وفي عام 2006 أنشئ قسم خاص بالمتحف يحتوي على مواد تفاعلية مناسبة للأطفال، مثل الأقراص المدمجة والنشرات التعريفية الإلكترونية التي تسهم في التعريف بمقتنياته ومرافقه.

ويضم الطابق الأول من المتحف قاعات عرض دائمة تسرد تطور المدينة وعلاقاتها مع محيطها الجغرافي، وتستعرض مختلف الحضارات التي مرت بالسلط ومحيطها، بما يمثل جولة بصرية معرفية تضع الزائر في أجواء المعرض والمدينة الأثرية التي أُدرجت في عام 2021 على قائمة التراث العالمي في اليونسكو، لما تحققه من مثالٍ معماري شامل لـ "مدينة تاجر القمح" التقليدية، بمنازلها الحجرية والأزقة الضيقة وسياج التلال الثلاثة.

كما يضم المتحف معرضاً للحياة اليومية والثقافة المعمارية والاجتماعية في السلط، وتتزين الجدران في هذا المعرض بالصور التاريخية للبيوت على الجبال المهيبة للسلط، وتندمج مع الأسواق التي تكلّل منحدرات الجبال، وبذلك تبدو المدينة للزائر كما لو أنها جبال صخرية تنبض بالنور والحياة.

ويحتوي المتحف على أقسام تُعرض فيها القطع الأثرية على تنوعها، من الفخار البسيط الذي وُجد في منطقة تل الغسول ويعود للعصر الحجري النحاسي، وعدد من قطع الخزف التي ترجع للعصر البرونزي، ومن الفترتين البيزنطية والرومانية هناك قطع زجاجية وشمعدانات وقطع من السيراميك والزجاج الكنسي استُخرجت من منطقة جلعد ويعود معظمها للفترة البيزنطية، أما الفخار المعروض والقلائد البرونزية فتُنسَب للفترة الرومانية.

ويضم القسم الخاص بالمسكوكات والنقوش المعدنية أدوات كانت تُستخدم في الحياة اليومية لسكان المنطقة، ومجموعات خزفية من العصرين الأيوبي والمملوكي تُظهر تطور الحرف التقليدية وجماليات التصميم في تلك المرحلة.

وينظّم المتحف فعاليات وبرامج تعليمية تتنوع بين اللقاءات والندوات والدورات التدريبية وتدور في مجملها حول التوعية بأهمية الحفاظ على التراث الإنساني، كما يوفر المتحف مركزاً للبحوث والمعلومات يقوم بدراسة القطع الأثرية وتوثيق التراث الثقافي، بالإضافة إلى خدمات استضافة باحثين وزوار مهتمين بالتاريخ الحضاري في المنطقة.

مقالات مشابهة

  • هل يجوز إخراج كفارة اليمين مالا بدلا من الإطعام؟ وماذا يفعل الفقير؟
  • مفتي عُمان يدعو لحماية المساعدات في غزة وقطع أيدي القراصنة
  • فيديو.. توثيق إطلاق النار على منتظري المساعدات في غزة
  • متحف آثار السلط.. توثيق الحياة اليومية والثقافة المعمارية والاجتماعية
  • هل من صحوة؟.. مفتي سلطنة عُمان يهاجم سعي بعض العرب للتطبيع مع إسرائيل
  • محامِ: توثيق قسمة الميراث قبل الوفاة يجنب الورثة النزاعات
  • فتاوى :يجيب عنها فضيلة الشيخ د. كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المفتي العام لسلطنة عُمان
  • السلطات السورية تكشف مصير المفتي حسون
  • بينهم المفتي حسون.. إحالة 4 مسؤولين من عهد الأسد إلى التحقيق
  • مفتي الهند: الاعتراف بفلسطين دولةً مستقلة ذات سيادة كاملة خطوة مباركة في طريق العدالة