المشهد العسكري ينقلب لصالح اليمنيين.. المأزق الأمريكي يتفاقم في البحر الأحمر
تاريخ النشر: 5th, June 2024 GMT
يمانيون – متابعات
تعاني القوات البحرية الأمريكية منذ أشهر ارتباكاً غير مسبوق في ظل انتشارها المتزايد في البحر الأحمر، دعماً واسناداً للكيان الصهيوني في حربه الظالمة على قطاع غزة.
يأتي هذا الارتباك بالتوازي مع العمليات النوعية المتصاعدة للقوات المسلحة اليمنية ضد القطع الحربية الأمريكية بما فيها حاملة الطائرات العملاقة “إيزنهاور”، إذ تدخل اليمن في حرب مستعرة مع أمريكا على خلفية العدوان الصهيوني على قطاع غزة، فاليمن بقيادته السياسية والثورية والعسكرية يقف إلى جانب فصائل المقاومة الفلسطينية، في حين تقف أمريكا مع الكيان الصهيوني.
ميدان المواجهة بين اليمن وأمريكا يشتعل بكثرة في البحار، أكثر من الميدان، فالبوارج الأمريكية، وحاملة الطائرات، والسفن الحربية التي تجوب البحر الأحمر، والعربي، والمحيط الهندي، تحركها واشنطن لردع القوات المسلحة اليمنية، لكن المعادلة تغيرت تماماً، إذ أصبحت هذه القطع العسكرية الأمريكية ضمن بنك الأهداف للقوات المسلحة اليمنية، تمطرها بالصواريخ المجنحة والباليستية، والطائرات المسيرة، وتحدث فيها أضراراً لا يمكن إصلاحها بسهولة، ولهذا تعيش أمريكا في مأزق كبير لم تألفه منذ الحرب العالمية الثانية، فالقوات المسلحة اليمنية سببت لها احراجاً كبيراً، وكسرت هيبتها في العالم.
في البداية، حركت أمريكا، والدول الغربية السفن الحربية، في محاولة لتخويف وردع اليمنيين، لإيقاف مساندتهم لفصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، لكن ومع مرور الوقت، أصبح البحر الأحمر ساحة مشتعلة، وتمكنت اليمن من استغلال موقعها الاستراتيجي لإنزال أكبر الهزيمة بالأوروبيين والأمريكيين في هذا المنطقة الهامة من العالم، ومثلما قالت مجلة “ذي ناشونال إنترست” فإن عمليات اليمن في البحر الأحمر لقت الغرب دروساً قاسية.
وترى المجلة أن السفن القتالية السطحية، بما في ذلك حاملات الطائرات، لم تعد قادرة على السيطرة المطلقة على البحار، وأن الدرس الاستراتيجي المستفاد من حال العمليات في البحر الأحمر الآن، هو أن عدد السفن الحربية لم يعد الدليل الأفضل لتقييم قدرة أي دولة على إيقاف حركة الممرات البحرية والسيطرة عليها، إذ يمكن للصواريخ والطائرات من دون طيار غير القابلة للغرق والمنطلقة من الشاطئ، والقادرة على ضرب أهداف على بعد مئات أو حتى آلاف الأميال في البحر، أن تحمل الآن تهديداً كبيراً أو أكثر مثل السفن الحربية السطحية.
هذا ما يحدث بالفعل مع القوات البحرية الأمريكية والبريطانية والغربية في البحر الأحمر، فهي تواجه مأزقاً خطيراً، لأنها أولاً من لم تتمكن من حماية السفن المتجهة إلى الموانئ الصهيونية، وهو قرار يمني تم اتخاذه لمساندة المقاومة الفلسطينية، فميناء “أم الرشراش” متوقف تماماً، ولا تصل إليه أي سفينة، وهذه حقيقة باتت جلية للكثير من دول العالم.
وثانياً: أن الضربات الجوية، والعدوان الأمريكي البريطاني على اليمن لم يحقق أي أهداف تذكر، فهو لم يلحق الأذى والضرر على القدرات العسكرية اليمنية المتخفية أصلاً، ولو كان هناك تأثير لما وصلنا إلى عمليات نوعية متصاعدة في المرحلة الرابعة من التصعيد، والتي تم خلالها استهداف حاملة الطائرات الأمريكية ايزنهاور مرتين خلال 24 ساعة، وإصابتها بدقة مباشرة.
كل المؤشرات، تدل على أن أمريكا، والدول الغربية أصبحت في مأزق كبير أمام اليمنيين، والمشهد العسكري ينقلب لصالح اليمن، فبحسب المحللين العسكريين فإن خسائر أمريكا والغرب كبيرة جداً خلال هذه المواجهة، فعلى سبيل المثال فالسفن الحربية الأمريكية تطلق صاروخاً تبلغ قيمته 2 مليون دولار، ضد طائرة مسيرة لا تزيد قيمتها عن ألفي دولار، ولهذا فإن خسائر الأمريكيين قد تزيد عن 3 مليار دولار خلال فترة قصيرة لا تزيد عن 6 أشهر، وهو رقم ليس بالهين على الإطلاق.
قد يفكر الأمريكيون باللجوء إلى الخيار البري، وتحريك الأدوات والمرتزقة لتفجير الوضع عسكرياً، بهدف السيطرة على محافظات يمنية كالحديدة وصنعاء على سبيل المثال، غير أن هذا الخيار تم تجريبه على مدى 9 سنوات مضت، حيث واجه العدوان السعودي الإماراتي المدعوم أمريكياً مأزقاً كبيراً، وفشلاً ذريعاً في المواجهة البرية، وتلقى المرتزقة صفعات قوية، وهزيمة استراتيجية، لذا فإن هذا الخيار مستبعد، وغير وارد على الإطلاق.
لم يبق أمام الأمريكيين والدول الغربية سوى العمل بشكل جاد على إيقاف العدوان الصهيوني على قطاع غزة، لأن هذه هي الطريقة الوحيدة التي ستوقف العمليات اليمنية في البحر الأحمر، وبقية البحار الأخرى، وهو ما تردده القيادة الثورية والسياسية والعسكرية باستمرار.
– المسيرة / أحمد داود
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: المسلحة الیمنیة فی البحر الأحمر السفن الحربیة قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
كيف تسبب “مجتمع دولي من فاعلي الخير” في فقدان الولايات المتحدة بوصلتها في اليمن؟
بصفتي سفيرًا بريطانيًا في اليمن من عام 2015 إلى 2017، ولاحقًا في أدوار مكافحة الإرهاب بالأمم المتحدة، راقبت بإحباط متزايد كيف ضيّعت واشنطن، على الرغم من وضوح رؤيتها المبكر، بوصلتها في اليمن – مع عواقب تمتد الآن عبر البحر الأحمر إلى إسرائيل.
في عام 2014، كان المجتمع الدولي على صواب. ألقى قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2140 باللوم على الجناة الصحيحين: الرئيس السابق علي عبد الله صالح وقيادة الحوثيين. كان الحوثيون، وهي ميليشيا طائفية صغيرة متحالفة مع صالح، يحاولون اختطاف التحول الديمقراطي في اليمن – وقد أدرك العالم ذلك. عندما أُجبر الرئيس هادي، الزعيم المعترف به دوليًا، على الفرار من صنعاء، أطلقت المملكة العربية السعودية تدخلاً عسكريًا بناءً على طلب هادي، مبررًا بموجب المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة.
لم يكن هناك شك في هوية الأخيار والأشرار في هذا الصراع؛ كنا إلى جانب هادي والسعوديين. لقد فهمنا المخاطر: الحوثيون، المدعومون من إيران، كانوا أقلية عنيفة تحاول فرض حكمها على غالبية السكان في اليمن.
فما الخطأ إذاً؟
في الأساس، تأثر المجتمع الدولي بعدد من التحيزات والمفاهيم الخاطئة، بما في ذلك ما يتعلق بـ “القدسية الأخلاقية للعمل الإنساني”.
ما لم تكن سعوديًا أو عمانيًا، قد يبدو اليمن بعيدًا، اهتمامًا هامشيًا للغرب مقارنة بمناطق الصراع الأكثر إلحاحًا سياسيًا واستراتيجيًا مثل العراق وسوريا وحتى ليبيا. في تلك الظروف، وخاصة قبل أن يتحدى دونالد ترامب هذا التفكير، كانت الدول الغربية تميل إلى رؤية الأزمات مثل تلك في اليمن من خلال منظور إنساني بحت تقريبًا.
كان لدى وزارة التنمية الدولية موارد ونفوذ أكبر للتأثير على سياسة المملكة المتحدة تجاه اليمن مقارنة بوزارة الخارجية وشؤون الكومنولث. أي شيء يعيق إيصال المساعدات الإنسانية كان، بحكم التعريف، أمرًا سيئًا، ووقعت جهود الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا (IRG) المدعومة من السعودية والإمارات لاستعادة أراضيها من الحوثيين ضمن هذه الفئة.
إن مجتمع “فاعلي الخير” الدولي أكثر تماسكًا وفعالية في ممارسة الضغط مما يدركه الكثيرون. إنه مجتمع لديه عدد من التحيزات الساحقة التي هي معادية للغرب بشكل عام ومعادية بشكل خاص لإسرائيل والمملكة العربية السعودية.
تكاتفت جماعات الضغط مثل أوكسفام ومنظمة العفو الدولية مع مجتمع حقوق الإنسان وعززت جماعات الضغط الإنسانية، التي كانت تقودها مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA). في كل مرة ينجح فيها الحوثيون في استدراج ضربات جوية سعودية على هدف مدني، تعرض المسؤولون الغربيون مثلي لضغوط متزايدة الحدة حول “ظلم السعوديين”. لم يبدُ أن أيًا من هذه الجماعات يهتم باعتقال الحوثيين وتعذيبهم وقتلهم لليمنيين العاديين.
هذا المزيج القوي من “الاستبداد الإنساني” والمشاعر المعادية للسعودية في أوروبا الغربية جعل من الصعب على الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بشكل متزايد الحفاظ على موقفهما الأصلي بشأن سبب وجوب دعمنا للسعوديين والحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا. أدى هذا في النهاية إلى اتخاذ وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، متأثرًا بشدة بعمان، موقفًا متزايدًا ضد السعودية وسعيه للسلام بأي ثمن. بحلول وقت محادثات السلام في الكويت عام 2016، بعد ما يزيد قليلاً عن عام من دخول السعوديين الحرب، كان الإجماع الدولي هو أن الحوثيين يجب أن يحصلوا على كل ما يطلبونه لوقف الحرب.
النتيجة؟ انهارت المحادثات لأن الحوثيين، الذين ازدادوا جرأة، طالبوا بـ “النصر الكامل”.
كان الأسوأ من ذلك هو اتفاق ستوكهولم في ديسمبر/كانون الأول 2018. كان السعوديون على وشك السيطرة على الحديدة، الميناء الرئيسي على البحر الأحمر الذي يزود الحوثيين. لكن مقتل جمال خاشقجي تسبب في غضب دولي، مما عزز العداء الغربي القائم وجعل من المستحيل على الرئيس ترامب حماية السعوديين من المعارضة الدولية لحملتهم في اليمن.
قادت الأمم المتحدة، مدعومة بجماعات الضغط الإنسانية، المطالب بعدم القيام بأي شيء قد يعيق مرور الإمدادات الإنسانية عبر الحديدة. من الناحية النظرية، كان من المفترض أن يضمن اتفاق ستوكهولم عدم سيطرة الحوثيين على الحديدة، لكن لم تتم أي محاولة لمراقبة أو إنفاذ ذلك، وتجاهل الحوثيون الاتفاق منذ اليوم الأول.
يُظهر تهور الحوثيين وعدوانهم في البحر الأحمر طوال عام 2024 مدى الحماقة في تخيل أنه يمكن الوثوق بهم يوماً لتولي دور مسؤول وحاكم في اليمن.
الآن، حتى الأمم المتحدة فقدت رغبتها في الدفاع عن الحوثيين، الذين بلغ غطرستهم ووحشيتهم درجة اختطاف وإساءة معاملة العاملين في المجال الإنساني، بمن فيهم موظفو الأمم المتحدة، فضلاً عن جعل البحر الأحمر غير آمن لعمليات إيصال المساعدات الإنسانية.
ما المطلوب الآن؟
لكن يبدو أن هناك حالة من عدم اليقين في إدارة ترامب حول كيفية التوفيق بين مختلف مسارات السياسة في الشرق الأوسط: هل من الممكن أن تكون مؤيدًا لإسرائيل ومؤيدًا لقطر في نفس الوقت؟ هل يمكنها احتواء الحوثيين أثناء مغازلة إيران من أجل اتفاق نووي جديد؟
إن الضمان الأكيد لإنهاء التهديد الحوثي لحرية الملاحة في المياه الدولية هو طردهم بالكامل من ساحل البحر الأحمر. بعبارة أخرى، تمزيق اتفاق ستوكهولم والاستيلاء على الحديدة والساحل بينها وبين الحدود السعودية كما كان ينبغي أن يحدث في عام 2019.
ما هو غير واضح هو ما إذا كان لدى السعوديين رغبة في ذلك، نظرًا لرغبتهم في التخلص من الحرب الأهلية اليمنية. وحدها الولايات المتحدة، وتحديدًا الرئيس ترامب، يمكنها أن تطمئنهم على موثوقية الدعم لهم ضد الحوثيين. وحدها الولايات المتحدة يمكنها تجميع التحالف الدولي اللازم لدعم هذا التعديل الشامل للسياسة الدولية تجاه الحوثيين.
هذه فرصة فريدة لإجبار إيران على التغيير. إن لم يكن تغيير النظام (وهو أمر ممكن بالنظر إلى الضعف الحالي للجمهورية الإسلامية)، فإنه التخلي عن أو تدمير جميع برامج إيران العدوانية: تخصيب اليورانيوم، وتطوير الصواريخ الباليستية، والحرب غير المتكافئة عبر الحوثيين، وحزب الله، والميليشيات الوكيلة العراقية، والمكونات الأخرى لـ “محور المقاومة”.
سيتطلب هذا تصميمًا وقوة على الأرجح. يجب أن نكون مستعدين لمواجهة كل من إيران والحوثيين، حيث من المرجح أن يتخلى الحوثيون عن أجندتهم العدوانية فقط إذا واجهوا الهزيمة في الحرب الأهلية اليمنية.
لا تستطيع الولايات المتحدة تحمل تكرار أخطاء ستوكهولم. كلما طال انتظارها لمواجهة إيران ووكلائها، ارتفع الثمن – ليس فقط للشرق الأوسط، بل للأمن العالمي.
إدموند فيتون-براون
شغل إدموند فيتون-براون منصب السفير البريطاني في اليمن ومنسق فريق المراقبة التابع لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة المعني بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، والقاعدة، وحركة طالبان.
ترجمة وتحرير “يمن مونيتور”
المصدر
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق *
الاسم *
البريد الإلكتروني *
الموقع الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
Δ
شاهد أيضاً إغلاق كتابات خاصةنحن اقوياء لاننا مع الحق وانتم مع الباطل...
محمد عبدالخالق سعيد محمد الوريد مدير بنك ترنس اتلنتيك فليوري...
قيق يا مسؤولي تعز تمخض الجمل فولد فأرة تبا لكم...
المتحاربة عفوًا...
من جهته، يُحمِّل الصحفي بلال المريري أطراف الحرب مسؤولية است...