لا تتوقف المبادرات على خطّ استحقاق رئاسة الجمهورية، لكنّها تتقاطع بمجملها عند العناوين نفسها، وتفضي إلى "الخيبة" نفسها أيضًا، إن جاز التعبير، "خيبة" تشبه ذلك الانطباع الذي تولّد لدى المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان في ختام زيارته إلى بيروت، والذي سبقه إليه الكثيرون، من "سفراء الخماسية" الذين فشلوا في تقريب وجهات النظر، إلى نواب كتلة "الاعتدال"، الذين اعتقدوا أنّهم قادرون على إحداث "الخرق".


 
ومع طيّ صفحة مبادرة "الاعتدال"، ولو من دون إغلاقها بالشمع الأحمر، ومغادرة لودريان عائدًا إلى بلاده، من دون أي أفكار جدّية، انتقلت الكرة إلى "الحزب التقدمي الاشتراكي" الذي تحرّك عبر كتلة "اللقاء الديمقراطي" ليستكمل ما بدأه غيره، مسنودًا بحراك إقليمي تقوده دولة قطر، التي يبدو أنّها لم "تستسلم"، بخلاف نظرائها في "الخماسية"، ولا تزال تجهد، خلف الكواليس، من أجل التوصّل إلى تفاهم ما، يتيح إحراز بعض التقدّم.
 
لكنّ المبادرة "الجنبلاطية" التي تفاعلت في الأوساط السياسية هذا الأسبوع، كما الجهود القطرية التي نشطت من جديد، عبر استقبال الدوحة لوفود لبنانية متنوّعة، تبدو أقرب إلى "الحركة بلا بركة"، باعتبار أنّ لا رهانات كبرى على قدرتها على إحداث "خرق"، الأمر الذي يردّه البعض إلى "الفيتو" الذي تضعه "القوات" على مبدأ الحوار،في مقابل تمسّك خصومها به كمدخَل "إلزامي" للحلّ، فهل من "مَخرَج" من هذا المأزق؟ وكيف تقرأ "القوات" حركة المبادرات؟
 
مسؤولية "القوات"
 
ليس خافيًا على أحد أنّ "القوات" باتت في قفص الاتهام بعرقلة كلّ المبادرات والوساطات الهادفة إلى انتخاب رئيس الجمهورية، وذلك لسبب "تصلّبها" في الموقف الرافض لكلّ أشكال الحوار والتشاور، بخلاف "الليونة" التي يبديها أطراف آخرون، سواء على المستوى المسيحي، كـ"التيار الوطني الحر"، أو حتى في صلب جناح المعارضة، على غرار "الكتائب"، التي قيل إنّها لم تعارض الحوار بالمطلَق خلال لقائها مع المبعوث الرئاسي الفرنسي.
 
لكنّ "القوات" تضع كلّ الاتهامات التي تُوجَّه إليها في الإطار، في خانة "الأخبار التضليلية"، أو حتى "المزيّفة"، وهي الرائجة اليوم ضمن ما بات يصطلح على تسميته بالـ"Fake News"، حيث تشدّد أوساطها على أنّ "القوات" لم تكن يومًا ضدّ التشاور، إذا ما راعى الأصول والقوانين، والأمثلة على ذلك كثيرة في الماضي القريب وليس البعيد، كما حصل مثلاً في موضوع التمديد لقائد الجيش، يوم كانت أول من دعا إلى "تعميم" التجربة، لتشمل موضوع الرئاسة.
 
لكنّ المشكلة، بحسب ما تقول أوساط "القوات"، تكمن في موقف الطرف الآخر الذي "يستسهل" اتهامها بما يمارسه من تعطيل للاستحقاق منذ اليوم الأول، عبر رفعه شعار "مرشحي أو لا أحد"، وتلفت هذه الأوساط إلى أنّ آخر ما يمكن أن يقتنع به اللبنانيون هو أن يصبح الفريق المتمسّك بالدستور، والداعي لاحترامه والتقيّد به، هو المعرقل، والفريق الذي يشرّع لنفسه تعطيل نصاب الجلسات، ويحوّل المقاطعة إلى "وسيلة ديمقراطية"، هو الحريص على الانتخاب.
 
الحوار الذي تريده "القوات"
 
يصطدم المنطق الذي تعبّر عنه "القوات" بحقيقة أنّ كلّ المبادرات الداخلية والخارجية التي طُرِحت منذ اليوم الأول في ملف رئاسة الجمهورية، تقوم على مبدأ شبه وحيد وهو "الحوار أو التشاور"، الذي بات الجميع يدرك أنّ لا إمكانية لإنجاز الاستحقاق الرئاسي من دونه، وأنّ "القوات" هي التي ترفع "الفيتو" في وجهه، مقابل "حماسة" له من قبل الفريق الآخر، ما يصوّر "القوات" عمليًا على أنّها من "تفرمل" هذه المبادرات، بالحد الأدنى، وتمنع إحراز أيّ تقدّم.
 
لكنّ أوساط "القوات" تصرّ على أنّ مثل هذه المقاربة غير مقبولة بالشكل والمضمون، فـ"القوات" ليست ضدّ الحوار والتشاور بالمُطلَق، وسبق أن أبدت انفتاحها الكامل على الصيغة التشاورية التي طرحتها كتلة "الاعتدال" في مبادرتها الأصليّة، قبل أن تتمّ مصادرتها وإفراغها من مضمونها، لكنّ ما ترفضه هو الحوار بصيغته التقليدية التي جُرّبت مرارًا وتكرارًا، تمامًا كما ترفض محاولة رئيس مجلس النواب "مصادرة" دور الرئاسة الأولى من خلاله.
 
لكن، إذا كان هذا هو الواقع، فأيّ حوار أو تشاور تريد "القوات"، ولماذا لا تتجاوز مثل هذه "الشكليات" من أجل الوصول إلى جلسة الانتخاب التي تقول إنّها تنشدها؟ تجيب أوساط "القوات" أنّ التشاور المطلوب، ليس قواتيًا بل وطنيًا، هو ذلك الذي يحترم الدستور، ولا يهمّش الطابع الانتخابي لاستحقاق الرئاسة، فيكون داخل مجلس النواب، وعلى هامش جلسة الانتخاب، ولا يتحوّل إلى "شرط" لالتئام جلسة الانتخاب، في "بدعة" قانونية ودستورية غير مسبوقة.
 
هكذا، يبدو أن الأمور لا تزال عالقة في "عنق الزجاجة" نفسه، إن جاز التعبير، وهو الذي لم تستطع إخراجها منه كلّ المبادرات والوساطات، باختلاف القيّمين عليها، على المستوى الداخلي والخارجي. أما المفارقة فتكمن في أنّ "عنق الزجاجة" هذا لا يبدو "مُحرِجًا" للطرفَين المتنازعَين، اللذين لا يتعبان من ممارسة لعبة "تقاذف كرة المسؤولية"، ما يضعهما برأي الكثيرين، في خانة "التعطيل" نفسها، بالتكافل والتضامن، ولو تفاوتت الأدوار! المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

صُنّاع السعادة.. احتفالية إنسانية تُبهج قلوب 200 طفل على شاطئ جزيرة الدهب بالإسكندرية

في أجواء تفيض بالبهجة والمشاعر الإنسانية الراقية، احتضن شاطئ جزيرة الدهب بمنطقة ميامي، اليوم الخميس، احتفالية استثنائية تحت عنوان "صُنّاع السعادة"، نظّمتها جمعية "خليك إيجابي" بالتعاون مع إحدى المؤسسات الإعلامية وجمعية "الثمرات" الخيرية، وبمشاركة نحو 200 طفل من مرضى السرطان وذوي الهمم والأيتام، في فعالية تهدف إلى إدخال البهجة على قلوب الفئات الأكثر احتياجًا وتعزيز روح التكافل المجتمعي.

أُقيمت الاحتفالية برعاية الإدارة المركزية للسياحة والمصايف و مديرية التضامن الاجتماعي بمحافظة الإسكندرية، وشهدت تفاعلًا واسعًا من الحضور، حيث تنوعت فقرات اليوم بين عروض موسيقية و"دي جي"، ومسرح عرائس، وألعاب تفاعلية وجماعية، ما أضفى أجواءً من الفرح والمرح انعكست على وجوه الأطفال وأسرهم، في يوم إنساني جسّد معاني الأمل والدعم والمشاركة المجتمعية.

ومن جانبه، أوضح رامي يسري، رئيس جمعية "خليك إيجابي"، خلال كلمته في الاحتفالية، أن هذا اليوم يأتي دعمًا لمبادرة "بداية جديدة لبناء الإنسان"، التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي، مؤكدًا أن الفعالية تمثل نموذجًا حيًّا للاستقرار المجتمعي وتعكس روح التكافل والتعاون بين مختلف فئات المجتمع. ووجّه يسري الشكر لإدارة شاطئ جزيرة الدهب على استضافتها الكريمة، وللإدارة المركزية للسياحة والمصايف على دعمها وتسهيل كافة الإجراءات لإقامة الفعالية.

من جانبها، أعربت إيمان رشاد، المدير التنفيذي لجمعية "الثمرات"، عن اعتزازها بالتعاون المثمر مع الجهات المشاركة في تنظيم الفعالية، مشيدةً بروح العمل الجماعي بين الفرق التطوعية، والذي كان له دور محوري في إنجاح الاحتفالية. وأكدت أن الأثر الإيجابي للفعالية كان واضحًا على وجوه الأطفال وذويهم، ما يعكس أهمية مثل هذه المبادرات في دعم الفئات الأكثر احتياجًا وتعزيز روح التضامن المجتمعي.

وفي السياق ذاته، أكدت رنا مسعد، مسؤولة السوشيال ميديا بجمعية "خليك إيجابي"، أن إبراز مثل هذه المبادرات عبر المنصات الرقمية يلعب دورًا مهمًا في نشر الطاقة الإيجابية بين أفراد المجتمع، مشيرة إلى أن التفاعل الرقمي مع هذه الأنشطة يعزز من الوعي المجتمعي، ويحفّز الشباب على المشاركة في العمل التطوعي والمساهمة الفاعلة في المبادرات الإنسانية والتنموية.

وفي ختام الفعالية، أكد عز أحمد خيري، عضو جمعية "الثمرات"، أهمية تكاتف الجهود بين المتطوعين والجهات الأهلية في تعزيز قدرة المجتمع على احتواء ودعم الفئات الأكثر احتياجًا، مشددًا على أن مثل هذه المبادرات تمثل طوق نجاة نفسي وإنساني للأطفال، وتُسهم في بث الأمل ورسم البسمة على وجوههم، داعيًا إلى استمرارها وتوسيع نطاقها لما تحققه من أثر إيجابي ملموس.

مقالات مشابهة

  • إقتراع المغتربين في مداخلات الجلسة التشريعية الاثنين فهل يعدّل قانون الانتخاب؟
  • جعجع يوجه رسائل سياسية بلقائه رئيس الجمهورية
  • صُنّاع السعادة.. احتفالية إنسانية تُبهج قلوب 200 طفل على شاطئ جزيرة الدهب بالإسكندرية
  • جلسة تشريعية الاثنين...تصويب على بري ومطالبة بالغاء بند النواب الستة من قانون الانتخاب
  • البعثة الأممية تصطدم بالأطراف الليبية ووعود بطردها.. ما تأثير ذلك على المشهد؟
  • يمن الأحرار.. مواقف صادقة تكسر أعتى التحالفات وتفشل مساعي الأعداء لاستباحة الأمة
  • Ooredoo توقع اتفاق شراكة مع الكشافة الاسلامية
  • صلاح فوزي: أطالب بإجراء الانتخابات البرلمانية قبل انتهاء الفصل التشريعي بـ3 شهور ونصف
  • جعجع استقبل مجالس بلدية من عاليه والمنية الشوف في معراب
  • جعجع عند عون وملف السلاح المحور الابرز للقاء