النساء والاطفال من أبرز ضحايا الحروب، سودانية لاجئة من درافور تغطي وجهها

قصص اختطاف النساء والفتيات في السودان ليست جديدة، قديمة قِدم النزاعات المسلحة في السودان والتي لم تتوقف منذ عقود،  وللحروب ضحايا من المدنيين، وأبرزهم الأطفال والنساء والفتيات.

تقرير منظمة العفو الدولية الذي صدر الخميس (الثالث من آب/ أغسطس 2023) ينقل روايات الضحايا وأقاربهم الذين يقولون إن ميليشيا قوات الدعم السريع والجيش ارتكبوا عنفا جنسيا ضد النساء والفتيات.

مختارات السودان الآن: "الاغتصاب كسلاح" .. المرأة أبرز ضحايا الحرب "السودان الآن".. برنامج إذاعي من DW عربية إلى السودان المحكمة الجنائية الدولية تحقق في جرائم حرب جديدة في دارفور! دارفور ـ تقارير عن هجمات وعنف عرقي يذكر بفظائع "الجنجويد"

"ثقافة الغنيمة والإذلال"

مبادرة القرن الإفريقي لمساعدة النساء المعروفة باسم "صيحة"، أفادت في تقرير لها أن "العدد التقريبي للنساء اللواتي لازلن مفقودات هو 31 وهو قابل للزيادة". وأضافت المبادرة التي تقوم بتوثيق أعداد المفقودين، في بيان أرسل لوكالة فرانس برس: "نعتقد أن العدد أكبر من ذلك بكثير، نظرًا لتجنب التبليغ عن المفقودات خشية من الوصمة وما إلى ذلك". وفي شهر يوليو/ تموز المنصرم تلقّت "صيحة" معلومات قالت إنها "مقلقة وخطيرة" اتهمت أفراداً من قوات الدعم السريع باختطاف نساء وفتيات واحتجازهن كرهائن في مناطق محددة من إقليم شمال دارفور، ثمّ إطلاقِ سراحهنّ ليعدن إلى عائلاتهن مقابل فدية أو ربما لبيعهن لاحقًا في الأسواق، بحسب تخمين الشبكة.

ونُقِل أن المواطنين ناشدوا إطلاق سراح الرهائن وأن المحتجِزين وافقوا على إطلاق سراح الرهائن الإناث مقابل فدية قدرها 30 مليون جنيه سوداني، ثمّ أُعطينَ هواتف محمولة للاتصال بأسرهن في الخرطوم لدفع المبلغ المطلوب. وبعد مزيد من المفاوضات دُفِع ما مجموعه 21 مليون جنيه سوداني، وأطلِق سراح الفتيات الثلاث. وأكد المصدر نفسه للشبكة حدوث واقعة أخرى أطلق فيها سراح رهينة أخرى بعد دفع مبلغ 650 ألفً جنيهٍ سوداني مقابل إطلاق سراحها.

يغادر المدنيون مناطق النزاع فيتعرضون لمخاطر أخرى في طريق النزوح قد تكلفهم حياتهم

ويبدو أن المال وحده ليس الهدف كما أوضحت سليمى إسحق، مديرة وحدة مكافحة العنف ضد المرأة لبرنامج DW الإذاعي "السودان الآن"  : "الأهداف هي إطالة أمد النزاع وإثارة الفوضى، إشاعة الكراهية العرقية، والإذلال العرقي. والحروب هي ساحة لمثل هذه التصرفات لإذلال الإنسان بشكل عام. وهناك الكثير ممن في السودان يرون فيها ثقافة الغنيمة وليس فيها مشكلة".  وترى إسحق أن المشكلة تكمن فيالسودان حيث: "تحكمنا ثقافة الاغتصاب، ونحن دائما ما نجرم الضحية ونبرئ الجاني. ومن الصعوبة على المغتصبات أن يبلغن عن حالاتهن حتى في حال السلم. فما بالكم بوقت الحرب؟. هي جريمة مسكوت عنها مغلفة بالصمت".

كذلك تؤكد الحقوقية والأستاذة بجامعة هانوفر إيمان سيف الدين أن "ثقافة العنف الجنسي خلال الحروب في السودان هي ثقافة طويلة ومتجذرة. فمنذ ثمانينات القرن الماضي جرى استرقاق النساء ونشط حينها عدد من المنظمات الدولية أشهرها منظمة التضامن المسيحي في سويسرا واطلقت عددا كبير من النساء المسترقات".

البحث عن الضحية على مواقع التواصل

موقع مبادرة القرن الإفريقي لمساعدة النساء المعروفة باسم "صيحة" على الفيسبوك ينشر صورا للنساء المختطفات ويترك على كل صورة أرقام هواتف للاتصال في حال العثور على المختطفة. مثل أمل حسن التي غادرت في نهاية أيار/ مايو منزلها في ضاحية غرب الخرطومالكبرى أم درمان لزيارة والدتها في ضاحية بحري شمال العاصمة في رحلة تستغرق 30 دقيقة، ولكنها لم تعد منذ ذلك الحين إلى بيتها وزوجها وأطفالها الثلاثة، كما تنقل وكالة فرانس برس.

وعلى غرار واقعة اختفاء أمل حسن، نشرت أسرة الشابة السودانية سبأ بلولة مختار (17 عاما) صورتها على مواقع التواصل الاجتماعي لطلب المساعدة في العثور عليها، بعد أن فُقدت في حي أمبدة غرب أم درمان في 18 أيار/ مايو ولم تعد إلى أسرتها حتى الآن.

ومنذ اندلاع الحرب في السودان حول السلطة بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، تنتشر على منصات التواصل الاجتماعي صور العديد من الشابات والنساء المفقودات مرفقة بأرقام هواتف عائلاتهن.

وتزيد أعمال العنف التي تستخدم فيها مختلف أنواع الأسلحة الثقيلة، من احتمال تعرض المدنيين للخطر، فضلا عن اتهام أحد أطراف الصراع باختطاف النساء لأغراض الخدمة.

وأفادت مبادرة "مفقود" السودانية المعنية بالبحث عن المفقودين في بيان مطلع الأسبوع أنه "تم العثور على (السودانية) هبة عبيد وعادت إلى أسرتها سالمة .. بواسطة القوات الخاصة في منزل بالحلفايا (شمال الخرطوم) هي ومعها مجموعة من الفتيات ونساء من كبار السن". وكانت عبيد فقدت في الأسبوع الأول من الحرب.

وأوضح البيان بحسب إفادة أسرة عبيد، بأن الفتيات والنساء "خُطفن من قبل الدعم السريع حتى يقومن بتضميد الجرحى من القوات وطهي الطعام". وتعتقد منظمة صيحة أن "قوات الدعم السريع تقف وراء حوادث الاختفاء"، رغم عدم اتهام قوات دقلو بشكل صريح فيما تلقت المنظمة بلاغات عن مفقودات.

وأوضحت المبادرة الإقليمية أن هذا الافتراض أتى "لأن بعض النساء اللواتي كُنّ مفقودات صرّحن بأنهن أجبرن من قبل قوات الدعم السريع عن طريق العُنف والترهيب على أداء مهام مثل الطبخ وغسل الثياب في ظروف صحيّة وأمنية رديئة". والشهر الماضي، تلقّت المبادرة معلومات تفيد بأن أفرادًا من الدعم السريع "قاموا باختطاف نساء وفتيات واحتجزوهن كرهائن في مناطق محددة من إقليم شمال دارفور، ثمّ ـ أطلق سراحهنّ .. مقابل فدية أو ربما بيعهن لاحقًا في الأسواق".

محمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع ينفي ارتكاب رجاله أي انتهاكات

دارفور وتوثيق الانتهاكات

المجموعة السودانية لضحايا الاختفاء القسري قالت إنها سجلت "430 بلاغا عن مفقودين أثناء الحرب". وأبلغت عن أسماء رجال ونساء وأطفال مفقودين لمراكز شرطة في ود مدني (200 كلم جنوب الخرطوم) التي استقبلت آلاف النازحين من العاصمة. وقال المحامي بالمجموعة عثمان البصري "حسبما سمعنا من ناجين، يتم الاحتجاز من قبل قوات الدعم السريع".

لكن مصدرا بقوات الدعم السريع نفى لفرانس برس وجود محتجزين لديهم وقال إن "القوات لم تختطف أحدا ولم نحتجز إلا شخصا متورطا في جريمة".

ولفتت مبادرة القرن الإفريقي إلى إقليم دارفور باعتباره بين المناطق التي تأثرت بحالات الاختفاء أو الفقد. حول ذلك تقول الحقوقية والأستاذة بجامعة هانوفر إيمان سيف الدين : "يجب أن أقول إن العنف تجاه النساء يمضي من دون توثيق، وفي دارفور جرى اغتصاب أعداد هائلة من النساء في كل الإقليم وجرى أخذهن كسبايا واسترققن لفترات طويلة والآن تعود الممارسة لتطال برأسها من جديد". وترى سيف الدين أن العنف تجاه المرأة متجذر "لأن الجناة لم يقدموا إلى العدالة من خلال تحقيق دولي شفاف يقدم المجرمين للعدالة. سواء أكانت العدالة في السودان أو العدالة الدولية".

والأسبوع الماضي أفاد المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان مجلس الأمن الدولي  بفتح تحقيق في أحداث العنف التي وقعت في دارفور  بعد دعوات من منظمات حقوقية للتحقيق في تقارير عن حالات نهب وعنف جنسي واحتدام الصراعات العرقية. وكانت وحدة مكافحة العنف ضد المرأة والطفل وثقت وقوع 108 حالة عنف جنسي بولاية جنوب دارفور والخرطوم. وبحسب بيان للوحدة "في جميع الحالات الجديدة الموثقة لدى الوحدة، أفادت الناجيات بأن الجناة كانوا عناصر من قوات الدعم السريع".

شبكة "صيحة" كتبت على موقعها أنها "تواصل العمل للحصول على مزيد من المعلومات الموثوقة، ومع ذلك، لا يزال الوضع مقلقًا للغاية، ولا تزال المصادر معرّضة لخطر الانتقام من قبل قوات الدعم السريع إذا تم اكتشاف تعاونهم مع جهات حقوقية".

عباس الخشالي

المصدر: DW عربية

كلمات دلالية: قوات الدعم السریع فی السودان من قبل

إقرأ أيضاً:

سيطرة قوات الدعم السريع على مناطق النفط.. متغيرات جديدة في حرب السودان

بدخول قوات الدعم السريع إلى حقل هجليج النفطي بغرب كردفان، أكبر حقول البترول في السودان، تصبح كل مناطق النفط في غرب السودان تحت سيطرة قوات الدعم السريع.

تقرير: التغيير

الجيش السوداني – وبحسب مصادر عسكرية – أكد انسحاب اللواء (90) التابع لبابنوسة من المنطقة باتجاه دولة الجنوب، حيث سبقته إلى هناك قوات الفرقة (22) بابنوسة واللواء (89) مشاة واللواء (170) مدفعية، تجنبًا للخسائر المادية والبشرية، برفقة عدد من المهندسين والعاملين بالحقل.

الهجوم المتكرر بالطائرات المسيّرة والمدافع من قبل قوات الدعم السريع على حقول النفط بغرب كردفان دفع العاملين والشركات العاملة إلى مغادرة حقول الإنتاج منذ وقت مبكر، حيث توقف العمل.

تراجع وأرقام

إنتاج النفط السوداني تراجع إلى (60) ألف برميل يوميًا قبل الحرب، وتوقف تمامًا أثناء الحرب. وكان حقل هجليج ينتج (70) ألف برميل قبل أن يتراجع إلى حوالي (40) ألف برميل، في منطقة تقع فيها حوالي (70) بئرًا وترتبط بحقول النفط في حقول (نيم) و(دفرة) و(كنار)، بخط الأنابيب الرئيسي، وبالمنشآت النفطية ووحدة المعالجة المركزية في هجليج.

قوات الدعم السريع أكدت في بيان صحفي أن سيطرتها على الحقل لصالح الشعب السوداني، فيما راجت أنباء عن اعتزام قوات تأسيس التنسيق مع حكومة الجنوب فيما يتعلق بالنفط المُصدّر للخارج.

وقال القيادي بتحالف (تأسيس) محمد بشير، إن تحرير منطقة هجليج بولاية غرب كردفان يمثل مرحلة جديدة في الحرب، باعتبار أن المنطقة لديها ثقل اقتصادي واستراتيجي يتمثل في حقول النفط، الداعم الأبرز للاقتصاد، والسيطرة عليها تعني امتلاك ورقة استراتيجية في أي عملية بناء للدولة السودانية بشكلها الجديد.

وأضاف: في الجانب العسكري، موقع المنطقة الحيوي يجعلها نقطة ارتكاز تتحكم في خطوط الإمداد وحركة القوات، مما يغيّر ميزان القوى على الأرض بشكل أوضح.

وأشار بشير إلى أن سيطرة قوات تأسيس على كامل ولاية غرب كردفان تعني بداية مرحلة الحرب على ولايات شمال كردفان ووسط السودان.

هجليج حسابات واتفاقيات

الباحث الاقتصادي عبد الله محمد أكد لـ(التغيير) أن السودان سيفقد ما بين (300) و(400) مليون دولار سنويًا جراء توقف نفط الجنوب.

مشيرًا إلى أن ذلك سيؤدي إلى ارتفاع تكلفة الصادرات، حيث كانت الحكومة السودانية تأخذ حصتها كمواد بترولية وتصدر بقية النفط، وبالتالي ستضطر لتعويض ذلك بالاستيراد.

وأوضح عبد الله أنه حتى في حالة اتفاق قوات الدعم السريع والجنوب على تشغيل الحقول، لا يمكن تعديل الاتفاقيات الموقعة من جانب حكومة السودان، التي تمتلك ورقة ضغط مهمة تتمثل في امتلاك الخط الناقل وصولًا إلى الميناء في بورتسودان.

وأبدى تخوفه من أن يؤدي الصراع على النفط إلى انفصال جديد لغرب السودان على غرار ما حدث في جنوب السودان، حيث كان النفط أحد محفزات الانفصال.

تجنب المخاطر

العقيد المتقاعد النور سعد، وصف لـ(التغيير) الوضع بالخطير بعد سيطرة قوات الدعم السريع على اللواء (90) آخر معاقل الجيش في ولاية غرب كردفان، مشيرًا إلى أن الانسحاب كان لا بد منه في ظل سقوط الفرقة في بابنوسة، كما أن القتال في منطقة حيوية واستراتيجية كان سيوقع خسائر كبيرة في المنطقة، حتى لو كان اللواء (90) يمتلك إمكانيات قتالية، إذ كان سينسحب تجنبًا للخسائر كما ذكرنا.

#غرب_كردفان | محلية هجليج

◉ سيطرت مليشيا الدعم السريع على منطقة هجليج النفطية، بما في ذلك مقر قيادة اللواء 90 مشاة عقب انسحاب القوات المسلحة ليلًا تجنبًا لوقوع دمار في المنطقة، مع إجلاء العمال السودانيين والصينيين من الموقع النفطي.

◉ توغلت مليشيا الدعم السريع نحو 22 كيلومترًا… pic.twitter.com/Qnvh1ED1DM

— VISTA (@VistaMaps) December 8, 2025

وأكد سعد أن خطوط إمداد الدعم السريع باتت مفتوحة من ولاية شرق دارفور (الضعين)، مما يضيّق الخناق على مناطق جنوب كردفان المحاصرة وهي كادوقلي والدلنج. وأشار  إلى ضرورة تحرك سريع ومدروس للجيش لفك حصار جنوب كردفان.

قائلًا: مرحلة الاستنزاف يجب ألا تطول حتى لا تتمكن قوات الدعم السريع – بمساعدة الإمارات – من بناء منظومات دفاعية في مناطق سيطرتها الجديدة كما حدث في نيالا.

وتابع: دولة جنوب السودان أيضًا متضررة من توقف النفط، وربما سيتم الضغط عليها من قبل داعمي قوات الدعم السريع لفتح خطوط إمداد جديدة من هناك للسودان، ولكن لا ننسى أن الحكومة في بورتسودان تمتلك أيضًا ميزة خطوط الصادر شرقًا، وبالتالي الوضع معقد جدًا.

وأضاف: الدعم السريع تقاتل بلا أخلاق، وهي جهة غير مؤتمنة على ممتلكات السودانيين، تمارس النهب والسرقة، وكلنا شهود عيان على الدمار والسرقات في حقول وشركات النفط. وأكد سعد ثقته في خطة قيادة الجيش السوداني في قلب الطاولة وتغيير المعادلة على الأرض.

الوسومإنتاج النفط في السودان حقل هجليج ولاية غرب كردفان

مقالات مشابهة

  • منسقية النازحين ترحّب بحكم «كوشيب» وتعدّه خطوة لإنهاء الإفلات من العقاب
  • تحذير أممي من نزوح جماعي محتمل مع توسع هجمات الدعم السريع في السودان
  • خبير عسكري: سقوط هجليج يمهد لفصل غرب السودان عن شرقه
  • سيطرة قوات الدعم السريع على مناطق النفط.. متغيرات جديدة في حرب السودان
  • الدعم السريع يسيطر على أهم منطقة نفطية في السودان
  • معارك ضارية في منطقة كردفان "الاستراتيجية".. ماذا يحدث في السودان؟
  • الدعم السريع تعلن السيطرة على حقل نفط استراتيجي جنوب كردفان
  • يضم مناجم ذهب.. "الدعم السريع" تسيطر على أكبر حقل نفطي في السودان
  • قوات الدعم السريع تسيطر على حقل نفطي غربي السودان
  • وزير إعلام دارفور: اعتداءات ميليشيات الدعم السريع تفاقم الكارثة الإنسانية وتُرهب المدنيين في غرب السودان