مدخل:
عندما نتحدث عن المراجعة فإننا نتحدث عن أمر موسوعي يحتاج إلى موارد بشرية خاصة عالية الثقافة واسعة التفكير، مبدعة تفكر خارج الصندوق، وهي من الأمور المهمة التي تحتاجها المراجعة. وسبق هذا المقال عدة مقالات في موضوع المراجعة، وكيف أنها أن لم تضبط وفق قواعدها فهي ليست أكثر من زيادة الثقة بالخطأ وإن لم تحدد أطرها، فإن عملية المراجعة محض بحث فشل في التكتيك بينما الفشل قد يكون في الاستراتيجية أو تحديث الأيديولوجيا.
في حركات عقدية كالإسلامية وهي ما يهمنا، هنا أن نفهم التالي:
1- ما هو الكون؟
2- ما هي الحياة؟
3- ما هو الإنسان؟
4- المهمات التي تحيط بخلق الآدمية ووجودها في الأرض.
5- معاني كالقضاء والقدر، الحضارة والمدنية، معنى الابتلاء والبلاء، وهكذا معان هي مفاهيم وليست مصطلحات لكنها مما يؤسس عليه في الواقع، والفهم الجيد لها يعني فهما للحياة وسيرا في طريق الحق وابتعادا عن طريق الشر.
الماهيات الثلاث الأولى تعبر عن تعريف ماهية الفكر، ولا يعد الفكر فكرا حضاريا ما لم تك له نظرة عن الكون والإنسان والحياة. والحديث عنها يحتاج إلى كتب كبيرة، بيد أننا نقول إن الكون هو خلْق الله بانفجار عظيم وما زال يتسع، وأن الحياة هي أن تكون ذات مهمة ومعنى بالنسبة للآدمية، وعموم المخلوقات أمم مُسخّرة وليست مكلفة كالآدمي، ومهمة الإنسان في الأرض عمارتها وديمومة السلالة، ومن خلال السعي يجري اختبار المنظومة العقلية وقدرتها على إدارة الحياة والأفكار والإبداع، نحن لسنا لتحقيق إرادة الله بما نظن أنه يرضيه، وإنما وجودنا بإرادته.
الإنسان في الأرض إذن ممتحن بمنظومته العقلية وتدويره للمعلومة بما يعمر الأرض، ويضع أسس الحياة ويتفاعل معها، فهنالك الغني وهنالك الفقير وهنالك العاقل وهنالك الأرعن والمخبول، وهذا ما لا حساب عليه وقد يكون امتحانا لغيره، بقي موضوع الابتلاء.
الابتــلاء
ما يصيب الإنسان من شر ليس ابتلاء وبالذات ما يكون بسبب المنظومة العقلية، الابتلاء الرباني في الرزق بأنواع الرزق والنعم، أما النجاح والفشل في تقدير الأمور فهو من المنظومة العقلية عندما تتعلق الأمور في إدارة الحياة كمنظومات حكومية أو حزبية أو حتى أشخاص، والرزق بحد ذاته ابتلاء الوفرة والنقص، لكن تدبير الخالق للمخلوق واحد، فليس من إنسان يجمع كل شيء، فهنالك مبتلى بالمال، أو الجاه، المنصب، أو المواهب، بعضها وليس كلها فيزيد أحدها وينقص الآخر، وتبقى المنظومة العقلية تدير تلك المعطيات لسد النواقص وقد يبتلى الإنسان فيها زيادة أو نقصانا.
الخلط بين الابتلاء والفشل هو ما يحصل غالبا عند المنظومات المؤدلجة كالتنظيمات الدينية، ويستعاض عن هذا عند العلمانيين واللا دينيين بجملة "يتآمرون علينا ولا يدعوننا نعمل أو ننجح". وأركز هنا على التنظيمات الدينية لأنها تعتبر الابتلاء قدرا مقدورا ليغيب الاعتبار، فعندما تضع الفشل كابتلاء فإنها ستستسلم لأنها ستعتبره مزيدا من الاختبار والأجر ولا تأخذه كفشل منظومة، وبالتالي تلحق كوادرها والبلد تبعات يمكن تجاوزها بحسن التخطيط والتعامل مع المشكلة بحجمها، فتخطئ في موضع المراجعة؛ أهو من مفصل التنفيد الفلاني أم من بداية الخطة أم من أين، بينما يكون الخطأ في فهم الفكر ومطابقته مع الواقع.
وقد يعتبر هذا من المحرمات، وهو فهم خاطئ لتعامل الفكر مع الواقع وقراءته ليقود الزمان والواقع إلى الأمام، وليس إعادته إلى الخلف والعيش في التاريخ والماضي، أو إجبار الواقع على التخلف ليتناسق زمانيا مع الماضي، أو نقل المشاكل إلى الحاضر جراء نقل خلافات زمنها إلى الواقع. وهي أمور تديّن غريزي وليست دينا لأن الواقع اليوم يحتاج منظومة ونظام إدارة، وما يأخذه من الدين هو القيم الأخلاقية وفكرة العدل والإحسان والتكافل الاجتماعي ونشر المحبة والتفاعل مع متعدد العقائد على نسق واحد، وتلك قراءات لا بد أن تظهر.
أما السلطة الشكلية والاسمية دون القيم الأخلاقية والعدل وإقامة العدالة بالقوانين وتفسيرها بلوائح تطبيقية فهو إفساد في الأرض يحتاج إلى تغيير بما يقيم العدل، فهو فشل للمنظومة العقلية الآدمية في الإدارة بأن السلطة في الإسلام هي توفير الأجواء وتحرير المنظومة العقلية وإتاحة الخيار لها ومساعدتها برفدها بالمعرفة وشرحها.
التطور الحياتي والتوسع الفكري:
ما يجعل الابتلاء ليس بلاء هو التفكير والاعتبار من التجربة وتحليلها، وهنا لا بد من مواصفات خاصة لمحلليها وليس بذكر المحاسن أو النقاط الإيجابية واعتبار السلبية نوعا من الابتلاء.. هذا عين البلاء إن لم تفهم الأمور بشكل صحيح ويكون الاعتبار المؤدي للتصحيح. الاعتبار هو من يجعلك لا تعيد ذات خطوات الفشل، وهو ما يوسع الأفق في المهمة ويعدل برنامجك، وسيحدد لك السير بالدين القويم وليس بغريزة التدين أو أمنيات أوهام الذاكرة المعرفية بأنك تضع برامجك وليتبعها الجميع شاء من شاء وأبى من أبى، كأي أيديولوجيا قومية أو غيرها عدمية تمحق الحاضر وتنفجر منتحرة بأهلها وشعوبها في المستقبل، فهذه ليست مشاريع عمارة الأرض وإنما فضاءات فوضى الغرائز، كما حب السيادة والتملك يقود للظلم والاستبداد، كذلك غريزة التدين.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مدونات مدونات المراجعة الأيديولوجيا الابتلاء التدين أيديولوجيا مراجعة التدين الابتلاء مدونات مدونات مدونات مدونات مدونات مدونات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی الأرض
إقرأ أيضاً:
في معبد الكرنك.. تجربة غير مسبوقة تجمع بين الصوت والضوء وتكنولوجيا الواقع الافتراضي
تشهد معابد الكرنك بمحافظة الأقصر حاليًا أعمال تطوير شاملة لعروض الصوت والضوء، إلى جانب تنفيذ مشروع الواقع الافتراضي لأول مرة في صعيد مصر، على غرار ما تم تطبيقه بنجاح في قلعة قايتباي بالإسكندرية.
يأتي ذلك في خطوة تعكس اهتمام الدولة بتطوير السياحة الثقافية وتحويل المواقع الأثرية إلى تجارب تفاعلية حديثة.
وأكد الدكتور حاتم الصغير، مدير عام الصوت والضوء معابد الكرنك، أن العمل جارٍ حاليًا لتحديث العرض الليلي بالكرنك باستخدام أحدث تقنيات الإضاءة والمؤثرات الصوتية والرقمية، بما يضمن تقديم محتوى بصري مبهر يحافظ على أصالة التاريخ، ويخاطب أذواق الزائرين من مختلف الثقافات.
وأوضح أن مشروع الواقع الافتراضي الذي يُنفذ حاليًا داخل معابد الكرنك يُعد تجربة فريدة من نوعها، حيث سيتمكن الزوار من خوض مغامرات تفاعلية باستخدام نظارات VR الحديثة، تتيح لهم العيش داخل مقبرة توت عنخ آمون أو مشاهدة مراحل بناء المعابد أو محاكاة لطقوس التحنيط، وحتى الغوص في أعماق البحر المتوسط لمشاهدة الآثار الغارقة، مؤكدًا أن كل هذه المشاهد تُجهز بجودة عالية لتقديم تجربة تمزج بين التعليم والترفيه.
عروض تاريخية بأسلوب عصريمن جانبه قال محمد عبد العزيز، العضو المنتدب التنفيذي لشركة مصر للصوت والضوء والتنمية السياحية: إن هذه المشروعات تُنفذ في إطار توجيهات القيادة السياسية، وبدعم من وزارة قطاع الأعمال العام، بهدف تعظيم الاستفادة من أصول الدولة، ورفع العائد الاقتصادي منها، وفتح آفاق الابتكار في القطاع السياحي.
وأشار إلى أن الشركة أطلقت خطة تطوير شاملة لعروض الصوت والضوء في مواقع متعددة، أبرزها الأهرامات والكرنك، مع تحديث البنية التحتية والمحتوى الثقافي، وتوظيف تقنيات رقمية حديثة تُعيد تقديم التاريخ بروح المستقبل.
كما أكد أن ما تم تنفيذه في عرض الصوت والضوء بقلعة قايتباي بالإسكندرية سيكون النموذج الذي يُطبق الآن في الكرنك، من خلال الجمع بين المؤثرات الضوئية والموسيقى والمحتوى التاريخي في تجربة مسرحية مشوقة.
دعم كامل من الوزارة والقيادات التنفيذيةويتم تنفيذ هذه المشروعات تحت إشراف مباشر من المهندس محمد شيمي، وزير قطاع الأعمال العام، وبمتابعة من الشركة القابضة للسياحة والفنادق برئاسة ماجد المنشاوي، ودعم من عمرو عطية، العضو المنتدب التنفيذي.
وتسعى شركة مصر للصوت والضوء، بالتعاون مع كبرى شركات التكنولوجيا العالمية، إلى تقديم منتج سياحي متطور يعزز مكانة مصر كوجهة عالمية للسياحة الثقافية الرقمية، ويدعم جهود التنمية المستدامة في هذا القطاع الحيوي.