نياح على الساحل الإيطالي.. عراقيون وايرانيون ابتلعتهم المياه وأقاربهم ينتظرون
تاريخ النشر: 21st, June 2024 GMT
السومرية نيوز-دوليات
يجلس العديد من المشيعين على الساحل الجنوبي لإيطاليا، بعضهم من أقارب عشرات المهاجرين غير الشرعيين من الكرد العراقيين والإيرانيين، الذين ابتلعتهم المياه ولم يتم العثور عليهم حتى الان، اثر غرق قاربهم الشراعي قبل أيام. وعلى طريقة انتظار الجثث ان تطوف على الأنهر، التي تقوم بها الأمهات العراقيات عند غرق ابنائهن، تجلس امرأة تدعى ميترا قاسم كريمي، تحت هيكل قارب قديم في ميناء روسيلا إيونيكا الإيطالي، وهي تبكي.
كريمي امرأة كردية اصلها من ايران، وتعيش الآن في العاصمة السويدية ستوكهولم، وهي تنتظر هناك املا بالعثور على جثث شقيقها بوريا 41 عامًا، وشقيقتها سوما، 36 عامًا، الذين استقلا تلك المركبة الغارقة.
وقالت: "لم يكن هناك ماء او طعام في القارب، ولكن المهربون قالوا للعائلات والأشخاص الذين ركبوا ذلك القارب اللعين، ان هناك ماء وطعام"، مشيرة: "كان لدى أخي وأختي سترات نجاة، لكنهم لم يسمحوا لهم بأخذها معهم، لماذا؟"
وأشارت كريمي وزوجها إنهما يريدان استئجار طائرة هليكوبتر حتى يتمكنوا من التحليق فوق حطام السفينة، كمحاولة للعثور على جثث اخيها واختها، لتأخذها إلى أمها، حتى تتمكن من الحداد".
كانت ميترا قد قامت بوضع جوازات السفر الإيرانية الخاصة بشقيقها وشقيقتها في حقيبتها، وانفجرت في البكاء عندما أخرجتهما اثناء الحديث، قائلة: "لقد أرادوا فقط حياة أفضل، الأشخاص الذين ركبوا هذا القارب، لماذا لا يمكنهم أن يعيشوا تلك الحياة في بلدهم، بلدهم اللعين؟"
استغرق استئجار طائرة هليكوبتر جزءا طويلا من اليوم، بالإضافة إلى 6000 يورو نقدًا، لكن ميترا لم تعثر على جثتي أخيها وشقيقتها، ولا يزال إخوتها ضائعين في البحر، لكن لديها تسجيلات لأصواتهم مخزنة على الهاتف وقد حلقت فوق المياه حيث فقدوا حياتهم، ربما جلبت لها قدرًا صغيرًا من السلام.
كان القارب يحمل 76 شخصا قبل ان يغرق، نجا منه 11 شخصا فقط عندما تعلقوا ببقايا حطام القارب، وغرق 65 شخصا، فيما لم يتم العثور سوى على 20 جثة ولاتزال 45 جثة مفقودة.
ويقول رجل يدعى سيتار: "هل تستحق أوروبا كل هذه المتاعب، أقسم بالله أنها ليست كذلك، لماذا تضع زوجتك وأطفالك في هذا؟"
نظم المهربون الرحلة من مكان قريب من بودروم في تركيا، باستخدام طريق بحري للهجرة يستخدم بشكل جيد عبر البحر الأبيض المتوسط، ودفع أكثر من 70 شخصا مقابل الحصول على مكان في السفينة، وأغلبهم من الأكراد من إيران والعراق، وأخبر بعض الركاب أقاربهم أنهم سيسافرون "مثل كبار الشخصيات"، لكن ذلك كان مجرد كذبة نسجها المهربون.
المصدر: السومرية العراقية
إقرأ أيضاً:
عن الذين خاطروا بأنفسهم وأموالهم فلم يرجعوا من ذلك بشيء
مع إقبال أيام العشر من ذي الحجّة يبدأ الحديث عن فضائل هذه الأيّام وعن فضل العمل الصّالح فيها وأنّ العمل الصالح فيها أفضل من الجهاد في سبيل الله تعالى، وعمدة الاستشهاد على هذا المعنى هو الحديث الذي أخرجه البخاري في صحيحه عن ابن عبّاس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: "ما العَمَلُ في أيَّامٍ أفْضَلَ منها في هذه، قالوا: ولا الجِهادُ؟ قالَ: ولا الجِهادُ، إلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخاطِرُ بنَفْسِه ومالِه، فلَمْ يَرْجِعْ بشَيءٍ". وللحديث رواية قريبة عند الترمذي وغيره يقول فيها رسول الله صلى الله عليه وسلّم: "ما من أيَّامٍ العملُ الصَّالحُ فيهنَّ أحبُّ إلى اللهِ من هذه الأيَّامِ العشرِ. قالوا: يا رسولَ اللهِ ولا الجهادُ في سبيلِ اللهِ؟ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ولا الجهادُ في سبيلِ اللهِ إلَّا رجل خرج بنفسِه ومالِه فلم يرجِعْ من ذلك بشيءٍ".
عادة ما ينصبّ الاستشهاد والاستدلال بهذا الحديث على أنّ العمل الصالح بمفهومه العام أفضل حتى من الجهاد في سبيل الله تعالى، وقلّة هم الذين يلتفتون ويتوقفون مليّا عند ذلك الرجل الذي خصّه رسول الله صلى الله عليه وسلّم بالذكر؛ مبينا أنّه لا يفوقه أحد فضلا ولا يتفوق عليه مؤمن عملا، وهو الرجل المخاطر بنفسه والمخاطر بماله ملقيا بها في مواطن الواجب والجهاد والنصرة فلم يرجع من نفسه ولم يرجع من ماله بشيء.
إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم يلفت أنظار أمّته على مرّ الزمان إلى النّموذج الذي يصنع الفرق في الانتصار والتغيير، فكلّ الأعمال الصالحة جليلة، وكل الأعمال الصالحة خير وبركة، لكن عليكم أن تنتبهوا إلى أنّ أعظم الأعمال وأجلّ الأعمال التي لا يسبقها متسابق ولا يدرك شأوها مغامر؛ هي تلك التي تنطوي على إلقاء المرء نفسه في مواطن الخطر مقتحما ومضحيا وغير هيّاب بأحد.
إنّها المخاطرة بالنفس في زمن الخوف والركون وحب الدنيا وكراهية الموت وهيمنة الغثائيّة، والمخاطرة بالمال في زمن الملاحقة والاتهام، وتجفيف المنابع وتجريم الإنفاق في مواطن الحق والنصرة؛ المخاطرة وحدها التي ترهب العدو وتحرّر الأوطان وتصنع التغيير وتهدم الباطل وتحقّ الحقّ، وما أعظم تلك المخاطرة حين تبلغ منتهاها فيصل المال إلى موطن الواجب وتصل الرّوح إلى مستقرّها فتحطّ رحالها في الجنان التي طالما تاقت إليها، وهذا هو ما أشار له رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قيل له: "يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَيُّ الْجِهَادِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: "مَنْ عُقِرَ جَوَادُهُ وَأُهْرِيقَ دَمُهُ".
وإنّ هذه المخاطرة بالنفس والمال منسجمة مع طبيعة هذه الأيّام التي هي أيّام التكبير المطلق ثم المقيّد، فمن عرف أنّ "الله أكبر" حقا وأيقن بذلك حق اليقين فإنّه لا يهاب ظالما ولا يخاف عدوا ولا يذل لمتغطرس ولا يتقهقر أمام عدوّ؛ وما أعظم الكلمات التي صدح بها الأستاذ والزعيم الإسلامي عصام العطار رحمه الله تعالى يوما على منبر مسجد جامعة دمشق وهو يهدر بمعاني "الله أكبر" في وجه الظالمين، وكان ممّا قاله يومها:
"اللهُ أكبـر رَمْزُ صُمودِنَا
اللهُ أكبـر روحُ جهَادِنا
اللهُ أكبـر سِـرُّ قُوّتِنا وانتصارِنا
اللهُ أكبـر بها صَدَعْنا كلَّ باطِل
اللهُ أكبـر بها قَصَمْنا كلَّ جَبّار
اللهُ أكبـر بها نُواجِهُ كلَّ طَاغُوت
اللهُ أكبـر، اللهُ أكبـر، اللهُ أكبـر، لا إلهَ إلاّ الله
اللهُ أكبـر، اللهُ أكبـر، ولِله الحمد
اللهُ أكبـر نَشُـقُّ بها دَيَاجيرَ الظلامِ والْيَأْس
اللهُ أكبـر نُوقِدُ بها مَصَابيحَ الأَمَلِ والْفَجْر
اللهُ أكبـر نَطْرُدُ بها روحَ الهزيمةِ والْوَهْن
اللهُ أكبـر نُحْيي بها مَيِّتَ العَزَائِمِ والهِمَم
اللهُ أكبـر نُحَوِّلُ بها الضعيفَ قوِيّا، والجبانَ شُجاعا، ونُحَقِّقُ بها انتصارَ الحريَّةِ والكَرامَة، والحقِّ والعَدالَة، والإحسانِ والْخَيْر
اللهُ أكبـر، اللهُ أكبـر، اللهُ أكبـر، لا إلهَ إلاّ الله
اللهُ أكبـر، اللهُ أكبـر، ولِله الحمد
يا إخْوَتي؛ يا أخواتي: امْلؤوا قُلوبَكُمْ وعُقولَكم، وحَنَاجرَكُمْ وَأَجْوَاءَكُم، وسَمْعَ الزَّمَانِ والمكانِ بهذه الكلمةِ العظيمةِ الخالدةِ: اللهُ أكبـر.
اللهُ أكبـر تُحَرِّرُكُمْ مِنْ أهوائكُمْ وشَهَوَاتِكُمْ وأخطائكُمْ، وظُلْمِكُمْ لأنفسِكُمْ وغَيْرِكم، كما تُحَرِّرُكم مِنْ كلِّ طاغيةٍ ظالمٍ آثِمٍ مُسـْتَكْبرٍ جَبّار.
اللهُ أكبـر تَرْفَعُكُمْ، عندما تُخالِطُ قُلُوبَكم وعُقولَكم وَدِمَاءَكُمْ، فَوْقَ هذه الدُّنْيا، فوقَ شـدائدِها وَمُغْرِياتِها، فوقَ صَغَائِرِها وَتَفَاهَاتِها، وتَصِلُكُمْ باللهِ عَزَّوَجَلّ وبالْخُلُود، وتَفْتَحُ لكُمْ أَبْوَابَ الجنّةِ، وأبوابَ المسـتقبلِ الزاهرِ المنشـود.
اللهُ أكبـر تجعلُ الحقَّ رَائِدَكُمْ، والعدلَ مَنْهَجَكم، والخيرَ بُغْيَتَكم، واللهَ قَصْدَكُمْ وغايَتَكُم، وتجعلُ قُوّتَكم مِنْ قُوَّةِ اللهِ عزَّ وجلّ".
فعندما تغدو القلوب والأرواح معجونة بهذا النداء العلويّ المهيب يُصنَع الرجل المخاطر بنفسه وماله الذي يقتحم مواطن الردى حاملا روحه على كفّه طالبا حياة حقيقيّة لا ذلّ فيها ولا هوان، وهذا الرّجل المخاطر هو أعظم العاملين في زمن الأعمال الصالحة والمواسم الفاضلة، فلا يسبقه حاجّ متبتّل، ولا يسبقه قائم لا يفتر، ولا يسبقه صائم لا يفطر؛ فهو الذي به يغدو الإسلام عزيز الجانب، ويجد المسلم معنى وجوده ومغزى بقائه؛ فطوبى للمخاطرين بأنفسهم وأموالهم في زمن الهزائم المرّة.
x.com/muhammadkhm