التنافس على النفوذ.. وقود الانشقاقات السياسية في العراق
تاريخ النشر: 22nd, June 2024 GMT
22 يونيو، 2024
بغداد/المسلة الحدث: تشهد الساحة السياسية العراقية تصاعدًا في الاستقطاب السياسي، مما أدى إلى انشقاق عدد من الشخصيات البارزة من الأحزاب، خاصة في المكون السني. هذا الانشقاق يعكس حالة من الفوضى داخل البيت السني، حيث انشق عدد من الشخصيات من حزب تقدم، مما يزيد من تعقيد المشهد السياسي.
القوى السنية تجد نفسها في موقف حرج، حيث تسعى لانتخاب رئيسي البرلمان، مما دفعها إلى التخندق بين خيارات متعددة، منها ترشح شعلان الكريم من جديد، أو المشهداني، أو سالم العيساوي.
وهذا التخندق يعكس الانقسامات الداخلية والتحديات التي تواجهها القوى السنية في توحيد صفوفها.
حزب تقدم، بقيادة محمد الحلبوسي، كان له دور كبير في تشتيت القوى السنية بين مؤيد ومعارض له. هذا الانقسام أدى إلى إعلان 11 نائبًا في البرلمان العراقي، وأعضاء في مجالس المحافظات، انشقاقهم عن كتلة حزب تقدم وتأسيس جبهة سياسية جديدة باسم كتلة المبادرة ما يعكس التوترات الداخلية والتحديات التي تواجهها الأحزاب السنية في الحفاظ على وحدتها.
على الجانب الشيعي، أفادت معلومات بانسحاب النائبة عالية نصيف من ائتلاف دولة القانون، مما يعكس حالة من الحراك البرلماني الشيعي لتشكيل كتلة جديدة من النواب المنشقين عن الأصل. هذا الحراك يعكس التحديات التي تواجهها القوى الشيعية في الحفاظ على تماسكها ووحدتها في ظل التغيرات السياسية المستمرة.
و حالة من الانقسام والتشرذم، تعود أسبابها إلى عدة عوامل متشابكة منها التنافس الشديد على السلطة والنفوذ بين الأحزاب والشخصيات السياسية، مما يؤدي إلى انشقاقات داخل الكتل السياسية.
و هذا التنافس غالباً ما يكون مدفوعاً بالرغبة في السيطرة على المناصب الحكومية والموارد المالية، مما يزيد من حدة الصراعات الداخلية.
والفشل في تحقيق توافق سياسي بين الأطراف المختلفة يعمق من الانقسامات.
وتجد الأحزاب السياسية صعوبة في التوصل إلى اتفاقات حول القضايا الرئيسية مثل توزيع المناصب، مما يؤدي إلى انسحاب بعض الأعضاء وتشكيل كتل جديدة.
وتتحدث مصادر عن تدخلات خارجية تلعب دوراً كبيراً في تأجيج الانقسامات حيث القوى الإقليمية والدولية تسعى لتحقيق مصالحها الخاصة من خلال دعم جهات معينة على حساب الأخرى، مما يزيد من تعقيد المشهد السياسي.
ويساهم الفساد المستشري داخل المؤسسات الحكومية في تفاقم الأوضاع اذ يؤدي إلى فقدان الثقة بين السياسيين وبينهم وبين الشعب، مما يدفع بعض الأعضاء إلى الانشقاق والبحث عن بدائل أكثر نزاهة.
و الانقسامات الطائفية والعرقية تزيد من تعقيد الوضع فالعراق بلد متعدد الطوائف والأعراق، وهذه التعددية غالباً ما تُستغل لتحقيق مكاسب سياسية، مما يؤدي إلى انشقاقات داخل الأحزاب على أسس طائفية أو عرقية.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: یؤدی إلى
إقرأ أيضاً:
إبراهيم شقلاوي يكتب: الرباعية الدولية .. صراع المصالح يبدد فرص الحل..!
في لحظة كانت الأنظار تتجه فيها إلى اجتماع الرباعية الدولية المقرر انعقاده في واشنطن، باعتباره فرصة لإحداث اختراق في مسار الحرب السودانية، جاء الإعلان المفاجئ عن إلغائه ليكشف عن تعقيدات الملف السوداني وهشاشة المبادرة الدولية ذاتها.
فهذا الاجتماع الذي كان يُفترض أن يُتوَّج مسارًا تنسيقيًا دوليًا نحو السلام، تحوّل إلى ساحة لتضارب الأجندات داخل الرباعية التي تضم: الولايات المتحدة، والسعودية، والإمارات، ومصر. وقد بدأ واضحًا أن غياب الرؤية المشتركة طغى على أي إمكانية لتفاهم حقيقي.
ما تسرّب من كواليس دبلوماسية بحسب الشرق الأوسط أشار إلى أن الخلافات لم تكن حول الهدف المعلن، بل حول الوسائل والآليات، وعلى رأسها مسألة توسيع المشاركة لتشمل أطرافًا مثل بريطانيا، وقطر، والاتحاد الأوروبي. وهي خطوة دعمتها واشنطن، بينما رفضتها أطراف أخرى خشية فقدان السيطرة على القرار الجماعي.
هذا الانقسام لم يكن شكليًا، بل عبّر عن تباين جوهري في أولويات كل طرف: فبينما تنظر الولايات المتحدة إلى السودان من منظور جيوسياسي مرتبط بصراعات النفوذ مع الصين وروسيا، تركّز القوى الإقليمية على استقرار حدودها ومصالحها المباشرة. أما السودان نفسه، كدولة وشعب، فيغيب عن معادلة الحل وصناعة القرار.
إقصاء الجيش السوداني والحكومة الرسمية عن الاجتماع، رغم أن القضايا المطروحة تشمل الترتيبات الأمنية والمساعدات الإنسانية، أثار شكوكًا واسعة حول جدية المبادرة. فكيف يُناقش وقف إطلاق النار دون حضور من يمتلك سلطة فرضه على الأرض؟ هذا الغياب اعتُبر مؤشرًا إضافيًا على أن ما يُطبخ خلف الأبواب المغلقة لا يعكس تطلعات السودانيين، بل يُعيد إنتاج خارطة النفوذ الإقليمي بواجهة سياسية.
وقد ازداد المشهد تعقيدًا بعد إعلان مليشيا الدعم السريع وتحالف “تأسيس” مؤخرًا عن تشكيل حكومة موازية في مدينة نيالا بجنوب دارفور، حملت اسم “حكومة السلام والوحدة”، برئاسة محمد حمدان دقلو “حميدتي” ، مع تعيين عبد العزيز الحلو نائبًا، ومحمد حسن التعايشي رئيسًا للوزراء.
هذه الخطوة، التي ترافقت مع إعادة تفعيل الهياكل التنفيذية والإدارية في مناطق سيطرة المليشيا، تجسّد فعليًا الأطماع الإقليمية ، وتحول الصراع من نزاع على السلطة إلى تنازع على الجغرافيا والشرعية. وقد قوبل هذا التطور برفض واسع من الحكومة السودانية والنخب والأحزاب الوطنية والناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، باعتباره محاولة لتقسيم البلاد.
هذا الإعلان يُقوّض أي مسار تفاوضي يُدار من الخارج دون مشاركة حقيقية للفاعلين على الأرض، ويؤكد أن التراخي الدولي والتنازع داخل الرباعية لا يفتحان بابًا للسلام، بل يُمهّدان لمناخ تقسيم غير معلن. كما يُعيد طرح الأسئلة حول مشروعية أي مبادرة لا تستند إلى تفويض شعبي أو غطاء سياسي من مؤسسات دولية مثل الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي.
فشل اجتماع واشنطن لا يمكن اعتباره مجرد تعثّر دبلوماسي، بل هو دليل إضافي على غياب إرادة دولية موحدة، وافتقار المبادرة لتمثيل عادل وغطاء قانوني. فالسلام في السودان لا يُبنى على تفاهمات فوقية أو تسويات نفوذ، بل على مسار سياسي شامل ينطلق من الداخل ويستند إلى شرعية وطنية، لا وصاية فيها لأحد على أحد.
وفي هذا السياق، لا يمكن تجاهل دروس التجارب الإقليمية القريبة. ففي ليبيا واليمن، لعبت أطراف إقليمية ودولية أدوارًا مزدوجة: فاعلة في النزاع ووسيطًا في آنٍ معًا، ما أفرغ مسارات السلام من مضمونها الحقيقي.
تلك الوساطات، بدلاً من أن تستجيب لصوت الضحايا، تحوّلت إلى أدوات لتمرير صفقات النفوذ. وكانت النتيجة حروبًا متجددة واتفاقات هشة. وإذا فشلت تلك القوى في بناء السلام هناك، فما الذي يجعلها مؤهلة لقيادة مسار ناجح في السودان، وهي لا تزال تتعامل معه بعقلية النفوذ لا المسؤولية؟
ربط مستقبل السودان بمصالح الخارج هو وصفة مكرّرة لإعادة إنتاج الفشل، ما لم يكسر السودانيون هذا النمط عبر مراجعة جذرية وشجاعة لخلافاتهم، وصولاً إلى مشروع وطني خالص، ينمو من داخل المجتمع السوداني، بدعم مؤسسات الدولة والجيش والأحزاب السياسية.
وبحسب ما نراه من #وجه_الحقيقة، فإن ما يجري في السودان اليوم ليس مجرد صراع على السلطة أو موارد الدولة، بل هو صراع على تعريف الدولة ذاتها. والرباعية الدولية، بصيغتها الحالية، لا تملك مقومات الحل بقدر ما تعكس تاريخًا مخزيا ساهم في إدخال السودان إلى نفق الحرب، وسط توازنات متقلبة ومصالح متقاطعة.
الحقيقة التي يجب الاعتراف بها هي أن أي سلام لا ينبع من إرادة السودانيين، سيُولد ميتًا. أما المشروع الوطني الجامع، فلن يأتي بقرار دولي أو إعلان سياسي من نيالا أو واشنطن، بل بإرادة داخلية تفرض حضورها وتجبر العالم على الإصغاء.
دمتم بخير وعافية
.إبراهيم شقلاوي
الخميس 31 يوليو 2025م
[email protected]