المناظرة في وسائل إعلام أميركية: بايدن يُقلق الديمقراطيين وترامب يثير المخاوف
تاريخ النشر: 28th, June 2024 GMT
انتهت المناظرة الأولى بين الرئيس الديمقراطي جو بايدن وسلفه الجمهوري دونالد ترامب، في إطار حملة انتخابات الرئاسة الأميركية لعام 2024، الخميس، بعد ساعة ونصف الساعة من المناقشات التي تناولت مجموعة متنوعة من القضايا المتعلقة بالسياسات الداخلية والخارجية للولايات المتحدة.
وكانت هذه هي المرة الأولى في التاريخ التي يواجه فيها رئيس أميركي لا يزال في منصبه، رئيسا سابقا في مناظرة رئاسية.
وقبل المناظرة، كانت تظهر استطلاعات الرأي منافسة قوية ومتقاربة بين بايدن (81 عاما) وترامب (78 عاما) مع وجود شريحة كبيرة من الناخبين لم تحسم رأيها بعد قبل خمسة أشهر فقط من الانتخابات التي ستجرى في الخامس من نوفمبر.
وسلطت وسائل إعلام أميركية الضوء على ما جاء في المناظرة التاريخية، من خلال تحليل تداعياتها على مرشحي الحزبين وحظوظهما في السباق الرئاسي.
واعتبرت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن بايدن "تحطم" في أول مواجهة مباشرة مع ترامب، مشيرة إلى أن "الرئيس الديمقراطي قدم أداء غير مستقر خلال المناظرة، حيث عانى من صوت أجش وتلعثم في بعض الأحيان".
وأكد مسؤول في حملة بايدن الانتخابية، لموقع "الحرة" أن بحة صوت الرئيس الأميركي تعود إلى إصابته بنوبة برد خلال تواجده في منتجع كامب دايفيد.
وذكرت "وول ستريت جورنال" أن "بايدن افتقر إلى الحيوية والقدرة التي بدا عليها في خطاب حالة الاتحاد الذي ألقاه في وقت سابق من هذا العام، وهو الظهور الذي أعطى الديمقراطيين بعض التفاؤل بشأن قوة حملته".
وأوردت الصحيفة أن "ترامب ظهر على عكس الرئيس الحالي بشكل قوي طوال الوقت، كما سعى إلى تسليط الضوء على تلعثم بايدن، بما في ذلك بعد إجابة ملتوية على سؤال حول الهجرة".
في المقابل أشارت صحيفة "واشنطن بوست" إلى نقاط قوة لصالح الرئيس الديمقراطي خلال المناظرة، عندما تحدث بايدن عن الهجوم على مبنى الكابيتول الأميركي في السادس من يناير 2021، والمشاكل القانونية التي يواجهها ترامب.
وذكرت الصحيفة، أن بايدن حرص على تسليط الضوء على إدانات ترامب بارتكاب جرائم، واستشهد بالمشاكل الأخرى للرئيس السابق، من بينها قضايا "ممارسة الجنس مع نجمة إباحية" و"التحرش بامرأة في الأماكن العامة".
وحسب "واشنطن بوست"، "لم تكن لدى ترامب ردود قوية، باستثناء استشهاده بادعاءاته بأن القضايا رفعت من قبل نظام قضائي مسيس".
وذكرت الصحيفة أن "أداء ترامب شمل تياره المعتاد من الادعاءات الكاذبة والمضللة"، حيث أوردت تصريحات الرئيس السابق خلال المناظرة، واصفة إياها بـ"ادعاءات كاذبة" حول "وضع حد أقصى لتكاليف الأنسولين قبل أن يقوم بذلك بايدن، وعدم وقوع هجمات إرهابية في عهده، ورغبة بايدن في مضاعفة الضرائب المفروضة على الناس أربع مرات".
بدورها، اعتبرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن "تعثر بايدن في المناظرة جعل ترامب في المقدمة".
وقالت الصحيفة: "لقد ترك الأداء المتعثر للسيد بايدن والأداء الثابت والمتوازن نسبيا للسيد ترامب الديمقراطيين قلقين للغاية بشأن مستقبل الرئيس الديمقراطي".
وأضافت: "لقد طغت الهجمات الشخصية على المناقشات السياسة أثناء المناظرة، حيث تنافس المرشحون حول من لديه القدرة على لعب الغولف بشكل أفضل، وقدراتهم المعرفية، ومشاكلهم القانونية".
وخلال المناظرة، تبادل المرشحان الحديث حول مهاراتهما في لعبة الغولف استجابة لأسئلة حول أعمارهم، حيث أشار ترامب إلى مستوى أدائه في الغولف، قائلا إنه يشعر بأنه في حالة جيدة.
وأضاف الرئيس السابق: "لقد فزت مؤخرا ببطولتين. ولتحقيق ذلك، يجب أن تكون ذكيا للغاية، ويجب أن تكون قادرا على ضرب الكرة لمسافة طويلة".
فيما علق بايدن قائلا إنه سيكون سعيدا بأن "يتحدى ترامب في مباراة لإبراز المهارات".
وحول مسألة العمر، ذكر بايدن أنه "لطالما انتقدت لأيام طويلة عندما كنت الأصغر في مجلس الشيوخ، الآن أصبحت الأكبر سنا، وترامب ليس أصغر مني سوى بثلاث سنوات، ولكنه لم يحقق ما حققته في إدارتي".
ومع ذلك، أشارت "نيويورك تايمز" إلى ترامب استغل المناظرة للهجوم بشكل مباشر على بايدن، ووصفه بأنه "ضعيف" ولا يحظى باحترام كبير من قبل القادة العالميين الذين كانوا "يسخرون" منه.
بدورها، ذكرت شبكة "سي إن إن" الأميركية أن "بايدن واجه نقاشا متوترا بينما كرر ترامب الأكاذيب".
وأوردت الشبكة أن "ترامب كرر في بعض الأحيان إنكاره لنتائج انتخابات عام 2020، وقال إنه سيقبل نتائج انتخابات 2024 إذا كانت (عادلة وقانونية)".
وأشارت الشبكة إلى أن "بايدن كان في موقف دفاعي واضح طوال أغلب المناظرة. لكن هذا كان متوقعا، لأنه يشغل منصب الرئيس الحالي".
فيما قال موقع "أكسيوس" إن أخطاء بايدن "الفادحة" هيمنت على المناظرة، حيث كانت إجاباته "متعثرة في بعض الأحيان".
وحسب الموقع، أعرب حلفاء بايدن عن مخاوف جدية بشأن تأثير ذلك على قدرته في منافسة ترامب.
ومع ذلك، أشار الموقع إلى "أكاذيب ترامب المتكررة، وعدم رغبته في القول ما إذا كان سيقبل نتائج انتخابات عام 2024".
وأضاف: "لقد تهرب ترامب مرارا وتكرارا من الأسئلة حول قبول نتائج الانتخابات، مما أثار مخاوف من وقوع أعمال عنف سياسي بعد انتخابات نوفمبر".
بدورها ذكرت مجلة "بوليتيكو" أن "الديمقراطيين يعتبرون ما حدث في المناظرة أمر غير قابل للتصديق، وأنه قد حان الوقت لرحيل بايدن".
وحسب المجلة، يشعر الديمقراطيون بالذعر الشديد إزاء أداء بايدن "المتعثر"، ويناقش البعض بجدية "استبداله في الانتخابات".
ونقلت المجلة عن ثلاثة مستشارين مقربين من ثلاثة مرشحين محتملين لرئاسة الولايات المتحدة من الحزب الديمقراطي، قولهم إنهم "تلقوا سيلا من الرسائل النصية طوال المناظرة".
وقال أحد المستشارين إنهم تلقوا مناشدات لمرشحهم للتقدم كبديل لبايدن.
وذكر مستشار آخر أن "ما لا يقل عن 6 من المانحين الرئيسيين قاموا بإرسال رسائل نصية تحتوي على كلمة (كارثة)، ويجب على الحزب أن يفعل شيئا ما"، لكنه أقر بأنه "ليس هناك ما يمكن فعله ما لم يتنح بايدن جانبا".
لكن، كاملا هاريس، نائبة الرئيس الأميركي، أشارت إلى أن بايدن كان "بطيئا في بداية المناظرة"، لكنها اعتبرت أنه "أنهاها بقوّة".
وأضافت هاريس "كانت بداية بطيئة، هذا واضح للجميع. لن أجادل في هذه النقطة".
من جانبها، ذكرت صحيفة "ذا هيل" أن "المناظرة كانت إحدى أكثر المناظرات الرئاسية دراماتيكية منذ عقود، حيث تركت الديمقراطيين في حالة من القلق".
وأضافت أن "ترامب وحلفاءه سوف يشعرون بسعادة غامرة إزاء الطريقة التي جرت بها المناظرة. حيث إنه يقترب من العودة إلى البيت الأبيض أكثر مما كان عليه الوضع قبل المناظرة".
في المقابل اعتبرت شبكة "بي بي إس" أن "بايدن حاول خلال المناظرة مواجهة ترامب الذي يرد بالأكاذيب".
وقالت الشبكة إن "المرشح الجمهوري رد على انتقادات بايدن بالاستعانة بالأكاذيب حول الاقتصاد والهجرة غير الشرعية ودوره في الهجوم على الكابيتول في السادس من يناير 2021".
ومع ذلك، ذكرت الشبكة أن "خطاب ترامب يُذكر الجمهور بالتهجم اللفظي الذي كان يشنه يوميا خلال فترة رئاسته المضطربة لمدة 4 سنوات".
وأضافت: "ترامب، دخل المناظرة للبحث عن فرصة للتغلب على حكم إدانته بجرائم جنائية وإقناع الناخبين بأنه يمتلك الشخصية التي تناسب عودته إلى المكتب البيضاوي".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الجمهوری دونالد ترامب الرئیس الدیمقراطی خلال المناظرة فی المناظرة جو بایدن
إقرأ أيضاً:
رسوم أميركية دون مقاومة.. ترامب يفرض والعالم يستسلم
في تحول لافت عن المواجهات التجارية التي ميزت الولاية الأولى للرئيس الأميركي دونالد ترامب، بدا أن أغلب شركاء أميركا التجاريين، باستثناء الصين، قد اختاروا في ولايته الثانية قبول الرسوم الجمركية الجديدة بدلا من الدخول في حرب تجارية واسعة، وفق ما أفاد به تقرير موسع نشرته بلومبيرغ.
وبينما توقع اقتصاديون موجة من الإجراءات الانتقامية العالمية ردا على سياسة ترامب الحمائية، فإن هذه التوقعات لم تتحقق. كما كتب كبير اقتصاديي بنك جي بي مورغان، بروس كاسمان، في مذكرة للمستثمرين "إنها ليست حربا عندما يقاتل طرف واحد فقط"، مشيرا إلى أن غياب الردود العقابية خفف من التأثير السلبي على النمو العالمي المتوقع.
اتفاقات تحت الضغطوخلال الأسابيع الماضية، توصلت إدارة ترامب إلى سلسلة اتفاقات مع شركائها، تشمل خفض الحواجز التجارية أمام المنتجات الأميركية، رغم فرض رسوم جمركية مرتفعة على وارداتهم.
أبرز تلك الاتفاقات كان مع الاتحاد الأوروبي، الذي قبل يوم الأحد الماضي فرض رسوم بنسبة 15% على معظم صادراته إلى أميركا، مقابل خفض متوسط التعريفة الأوروبية على السلع الأميركية إلى أقل من 1%.
وسبق ذلك اتفاق مماثل مع اليابان، شمل رسوما بنسبة 15%، مقابل دعم طوكيو لمبادرة تمويلية بقيمة 550 مليار دولار – لم تتضح تفاصيلها بعد.
كما وافقت كوريا الجنوبية هذا الأسبوع على النسبة نفسها، مقابل تعهدات بالاستثمار في قطاعات الطاقة وبناء السفن الأميركية.
وفي الشهر الماضي، وافقت كل من فيتنام وإندونيسيا على رسوم بنسب 20% و19% على التوالي، مقابل إعفاء الصادرات الأميركية من أي رسوم، فيما وصفه ترامب بـ"نموذج النجاح التبادلي".
اقتصاد عالمي يجنّب الأسوأ.. لكنه يودّع التعدديةورغم أن صندوق النقد الدولي حذر هذا الأسبوع من "صدمة تجارية كبيرة" وأن البيئة الحالية "لا تزال هشة"، فإن ما حدث قد يكون أقل سوءا مما كان متوقعا.
إعلانويبلغ متوسط الرسوم الأميركية اليوم 15%، أي ما يعادل 6 أضعاف مستواها قبل عام، ويُعد الأعلى منذ ثلاثينيات القرن الماضي، وفق بيانات بلومبيرغ إيكونوميكس.
لكن، بالمقابل، يرى اقتصاديون من معهد "كيل" للاقتصاد العالمي في ورقة بحثية أن الوضع كان يمكن أن يختلف تماما لو نسق الحلفاء مواقفهم. فحتى لو كان كل اقتصاد منفرد -أو حتى الاتحاد الأوروبي مجتمعا- لا يملك وحده ما يكفي من النفوذ لمواجهة تهديدات ترامب التجارية، فإن تحالفا منسقا كان قادرا على فرض تكلفة اقتصادية على أميركا.
بَيد أن هذا التنسيق لم يحدث، ويعود ذلك، وفق بلومبيرغ، إلى عدة عوامل، منها مخاوف الحكومات من رفع معدلات التضخم بعد صدمة كوفيد، وخشية من ردة فعل الناخبين الذين أطاحوا بعدة إدارات بسبب أزمة غلاء المعيشة.
لكن البعد السياسي والأمني كان حاسما أيضا، كما أشار الباحث هولغر غورغ، من معهد كيل: "الدول قلقة من الصورة الأكبر، فترامب لا يستخدم التجارة فقط كأداة اقتصادية، بل أيضا لتحقيق أهداف جيوسياسية".
في حالة أوروبا، جاء اتفاق الرسوم بعد التزام الاتحاد الأوروبي برفع إنفاقه الدفاعي في سياق الحرب الروسية على أوكرانيا، وهو ما ساعد في تهدئة ترامب داخل حلف الناتو.
ويرى غورغ أن قضايا الأمن كانت "الفيل في الغرفة" خلال المفاوضات التجارية الأخيرة.
الدول الأخرى، كذلك، دخلت في تفاوض فردي مع واشنطن بسبب "خلافات ثنائية"، ما مكن إدارة ترامب من اتباع نهج "فرق تسد"، وإضعاف الموقف الجماعي للحلفاء.
تفكك نظام التجارة العالميوفي سياق متصل، حذرت الخبيرة الاقتصادية إيزابيل ميجان، أستاذة الاقتصاد في "ساينس بو" في باريس، من أن التطورات الحالية قد تؤدي إلى "دورة جديدة من الحماية التجارية" تقوض مكاسب 50 عاما من التعددية.
وقالت "في عالم لم تعد تحكمه قواعد متعددة الأطراف، قد تلجأ حتى الشركات الفردية للتفاوض مباشرة مع الإدارة الأميركية، وهذا سيكون مدمرا للنظام القائم".
وتُعد هذه الانعطافة تراجعا حادا عن منظومة التجارة العالمية التي تأسست بعد الحرب العالمية الثانية بقيادة منظمة التجارة العالمية، والتي تقوم على قواعد جماعية، لا تفاوضات انتقائية.
وبينما تُجنّب الاتفاقات الحالية العالم حربا تجارية شاملة، فإنها تمهد في المقابل لتحولات جذرية في بنية الاقتصاد العالمي، يقودها رئيس أميركي لا يخفي استخدامه للأدوات الاقتصادية في معارك النفوذ والهيمنة.