شهدت سلطنة عمان خلال السنوات الأخيرة نقلة نوعية في مجال التحول الرقمي، وذلك في إطار البرنامج الوطني للاقتصاد الرقمي وبرنامج «تحول» الذي يهدف إلى تعزيز الأداء الرقمي في المؤسسات الحكومية. هذه الخطوات الاستراتيجية تمثل أهمية كبيرة ليس فقط في تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين، بل أيضاً في جذب الاستثمارات المستقبلية وتحقيق التنمية المستدامة.
ويعتمد برنامج «تحول» على أربعة مسارات رئيسية لتحقيق أهدافه. أولها مسار التميز في الخدمات الرقمية، الذي يركز على تحسين جودة الخدمات الحكومية المقدمة للمواطنين والمقيمين من خلال منصات رقمية متكاملة. والمسار الثاني هو الكفاءة في البنية الأساسية والحلول الرقمية، والذي يعنى بتطوير البنية التحتية التقنية لضمان تقديم خدمات موثوقة وفعالة. المسار الثالث يتمثل في تمكين القدرات الوطنية وإدارة التغيير، حيث يتم التركيز على تدريب وتأهيل الكوادر الوطنية لدعم التحول الرقمي. أما المسار الرابع، فهو المشاركة المجتمعية وتعزيز الوعي، الذي يهدف إلى زيادة وعي المجتمع بأهمية الخدمات الإلكترونية وتشجيع استخدامها.
ومنذ عام 2021، حققت سلطنة عمان إنجازات ملموسة في مجال رقمنة الخدمات، حيث تم رقمنة 1545 خدمة حكومية بحلول عام 2023، مع استمرار الجهود للوصول إلى 80% من الخدمات الأساسية بنهاية عام 2025. وتشمل هذه الإنجازات إطلاق منصات رقمية جديدة تسهل تجربة المستخدم وتقدم خدمات حكومية بشكل متكامل، مما يعزز من رضا المستفيدين.
من جانب آخر، قامت وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات بتبسيط 2199 إجراء حكومي من أصل 2869 مستهدف بحلول عام 2025، وذلك من خلال مبادرة مختبرات «منجم» لتبسيط الإجراءات الحكومية. وتهدف هذه المبادرة إلى تحسين جودة الخدمات وتسريع وتيرة الحصول عليها، مما يساهم في تعزيز الكفاءة التشغيلية وتقليل التكاليف.
يمثل التحول الرقمي محورًا أساسيًا في جذب الاستثمارات إلى سلطنة عمان. فقد ساهمت الجهود الرقمية في تحسين تجربة المستثمرين عبر تقديم خدمات متكاملة وسهلة الاستخدام. منصة «عُمان للأعمال» تمثل مثالاً بارزًا على ذلك، حيث توفر بنية رقمية متكاملة تقدم كل الخدمات للمستثمرين، مما يسهل عليهم تأسيس وتشغيل مشاريعهم دون الحاجة للحضور شخصيًا. وتقدم المنصة مجموعة واسعة من الحوافز والمميزات، مما يجعل سلطنة عمان وجهة جاذبة للاستثمارات الأجنبية.
يمثل التحول الرقمي في سلطنة عمان خطوة استراتيجية نحو مستقبل مستدام، حيث يعكس الالتزام الحكومي بتحسين جودة الخدمات وتعزيز بيئة الاستثمار. واستمرار هذه الجهود سيساهم، دون شك، في تحقيق رؤية عمان لمستقبل رقمي متطور، وسيعزز من موقع عُمان كوجهة مفضلة للمستثمرين. والتعاون بين مختلف الجهات الحكومية والمجتمع يشكل عاملاً أساسيًا في تحقيق مزيد من الإنجازات والنجاحات في مجال التحول الرقمي.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: التحول الرقمی سلطنة عمان
إقرأ أيضاً:
دفعة جديدة تقود التحول الرقمي في القطاع المالي تتخرج من الأكاديمية العربية
تحتفل الأكاديمية العربية للعلوم الإدارية والمالية والمصرفية، اليوم، بتخريج دفعة عام 2025 من دارسي الماجستير المهني في إدارة الأعمال والدكتوراه المهنية، خلال حفل رسمي يُقام بقاعة المنارة للمؤتمرات والاحتفالات بالقاهرة، برعاية أحمد كجوك وزير المالية، وبحضور واسع لقيادات العمل المصرفي والاقتصادي في مصر والمنطقة العربية.
ويحمل حفل التخرج هذا العام دلالة خاصة، في ظل التحولات الرقمية المتسارعة التي يشهدها قطاع المال والأعمال، حيث باتت التكنولوجيا المالية، والحوكمة الرقمية، وتحليل البيانات، والذكاء الاصطناعي، عناصر أساسية في بناء القيادات الإدارية الحديثة، وهي محاور أصبحت حاضرة بقوة في برامج الأكاديمية خلال السنوات الأخيرة.
ويشهد الحفل تكريم يحيى أبو الفتوح، نائب الرئيس التنفيذي للبنك الأهلي المصري، إلى جانب مشاركة نخبة من كبار الشخصيات العامة، والنواب والمستشارين، وقيادات المؤسسات المصرفية والاقتصادية، وعدد من كبار الإعلاميين، في تأكيد واضح على المكانة التي باتت تحظى بها الأكاديمية كمنصة إقليمية لإعداد قيادات قادرة على التعامل مع اقتصاد رقمي متغير.
أكد الدكتور مصطفى هديب، رئيس الأكاديمية العربية للعلوم الإدارية والمالية والمصرفية، أن تخريج دفعة 2025 يأتي استكمالًا لمسيرة تمتد لأكثر من 37 عامًا في بناء الكوادر العربية المتخصصة في مجالات الإدارة والمال والمصارف. وأوضح أن الأكاديمية ركزت خلال الفترة الماضية على تحديث برامجها المهنية لتواكب التطورات العالمية في أساليب الإدارة الرقمية ونظم التمويل الحديثة، بما يضمن تخريج كوادر تمتلك المعرفة النظرية والقدرة التطبيقية في آن واحد.
وأشار هديب إلى أن برامج الماجستير والدكتوراه المهنية التي تقدمها الأكاديمية تُعد من أكثر البرامج طلبًا واعتمادًا في المنطقة العربية، نظرًا لاعتمادها على مناهج تطبيقية، ودراسات حالة واقعية، وشراكات مع مؤسسات مصرفية ومالية كبرى، وهو ما يمنح الدارسين فرصة الاحتكاك المباشر بتحديات سوق العمل ومتطلباته الرقمية المتغيرة.
ومع تسارع التحول الرقمي في القطاع المصرفي، أولت الأكاديمية اهتمامًا خاصًا بملفات التكنولوجيا المالية، والأمن السيبراني، وإدارة المخاطر الرقمية، والحوكمة، والاستدامة، وهي مجالات أصبحت جزءًا لا يتجزأ من البرامج المهنية، بما يتماشى مع احتياجات البنوك والمؤسسات المالية في العصر الرقمي.
ويمثل تخريج دفعة 2025 محطة جديدة في مسيرة الأكاديمية، التي تواصل تعزيز حضورها الإقليمي كمركز لتخريج قيادات مالية وإدارية تمتلك أدوات المستقبل، وقادرة على إدارة المؤسسات في بيئة رقمية تعتمد على البيانات والتكنولوجيا، وتفرض نماذج عمل أكثر مرونة وابتكارًا، بما يخدم أهداف التنمية الاقتصادية في مصر والمنطقة العربية.