"ملف سري" عمره أربعة قرون يكشف عن شبكة جاسوسية لملكة إنجلترا إليزابيث الأولى (صورة)
تاريخ النشر: 30th, June 2024 GMT
كشف ملف سري عمره 428 عاما عن شبكة جواسيس مكنت ملكة إنجلترا إليزابيث الأولى خلال حكمها من التجسس على العديد من ملوك أوروبا، وفق ما أفادت صحيفة "الغارديان".
وذكرت الصحيفة "يقول المؤرخ الذي سلط الضوء على الملف السري إن القائمة التي جمعها رئيس التجسس روبرت سيسيل تعطي فكرة عن بدايات الخدمة السرية".
ولأكثر من قرن من الزمان، ظلت هذه الوثيقة محفوظة في الأرشيف الوطني دون أن يمسها أحد ورقة واحدة تحمل عنوان "أسماء رجال الاستخبارات".
والآن تم جمع وتحليل ذلك الملف السري الذي يعود تاريخه إلى 428 عاما، والخاص بروبرت سيسيل الجاسوس الرئيسي للملكة إليزابيث الأولى.
وكشف الملف كيف أنشأ سيسيل شبكة سرية للتجسس واستخدمها للتجسس على الملوك الأوروبيين لصالح العرش الإنكليزي، وكانت الشبكة واسعة النطاق.
وقال المؤرخ البريطاني ستيفن ألفورد، الذي حاول جمع أسماء المخبرين إنه يعتقد أن "سيسيل بدأ في كتابتها عام 1596 في مجلد متنوع بواسطة أمناء الأرشيف الفيكتوريين".
وأضاف ألفورد الذي يشغل منصب أستاذ التاريخ البريطاني في جامعة "ليدز": "كان لدى الفيكتوريين عادة، حيث إذا عثروا على أوراق لا معنى لها بالنسبة لهم، أو كانت غامضة بعض الشيء ولا يمكن حفظها بطريقة مرتبة وأنيقة، كانوا يضعونها في مجلد ويتجاهلونها. وهنا يجد المؤرخون أشياء مثيرة للاهتمام حقا".
وإشار ألفورد إلى أن "معظم الجواسيس في القرن السادس عشر كانوا يعملون لصالح رجال البلاط وكانوا عادة مجموعة من المحتالين، رجال الاستخبارات في هذه القائمة مختلفون، كان هؤلاء أفرادا جادين، والكثير منهم تجار دوليون".
وفي السابق، اعتقد الباحثون أن سيسيل الذي كان منصبه الرسمي وزيرا لخارجية إليزابيث، كان لديه عدد قليل من الجواسيس، لكن أبحاث ألفورد تشير إلى أنه كان لديه شبكة منظمة تضم أكثر من 20 جاسوسا، في لشبونة وكاليه وبروكسل وإشبيلية وروما وأمستردام واسكتلندا والسويد وأماكن غير محددة في أماكن أخرى".
وتابع المؤرخ البريطاني: "لقد اختار التجار لأنهم يسافرون، ويمكنهم القراءة والكتابة، ويتحدثون اللغات الأوروبية ولديهم شبكات خاصة بهم".
وعام 1588، عندما حاول فيليب الثاني ملك إسبانيا الكاثوليكي غزو إنكلترا البروتستانتية والإطاحة بإليزابيث، كان سيسيل قلقا بشأن احتمال وقوع هجوم بحري إسباني ثاني في تسعينيات القرن السادس عشر".
وأردف ألفورد: "هناك طاقم واحد من الجواسيس، شقيقان يراقبان ساحل المحيط الأطلسي، لمعرفة ما إذا كانت هناك أي سفن إسبانية تبحر في أسطول جديد أو تقوم باستعدادات عسكرية وبحرية، لقد تظاهروا بأنهم يشحنون بضائع مهربة بين فرنسا وإسبانيا، ولكنهم في الواقع كانوا يذهبون إلى الموانئ ويعدون التقارير عن النشاط البحري، ويقومون بإحصاء السفن ومعرفة مايجري".
ويشير الخط الموجود في الملفات المختلفة إلى أن سيسيل اعتمد على مجموعة صغيرة موثوق بها من الأفراد لمساعدته في إدارة عمليته السرية.
المصدر: "الغارديان"
المصدر: RT Arabic
إقرأ أيضاً:
اليمن في مرمى الاستهداف الغربي.. قرون من الهيمنة والتفكيك
يشكّل اليمن واحدًا من أقدم مراكز الحضارة الإنسانية، لكنه في الوقت نفسه ظل عرضة لأطماع قوى الهيمنة الغربية منذ قرون، بسبب موقعه الجغرافي الإستراتيجي وثرواته الطبيعية، وارتباطه العميق بالهوية العربية والإسلامية المقاومة. تعرض هذا البلد لعدد من أشد المؤامرات العسكرية والأمنية والثقافية والإنسانية، من الاحتلال العثماني والبريطاني، إلى الحرب الناعمة الحديثة، وحتى العدوان العسكري بقيادة التحالف السعودي الإماراتي المدعوم أمريكيًا وبريطانيًا.
يمانيون | ماجد محمد
من الأطماع الاستعمارية إلى الحرب الناعمة: قراءة في أدوات الغرب لإضعاف اليمن واستنزافهأولاً: البعد العسكري – اليمن بين الاحتلال المباشر والعدوان الحديث
الاحتلال البريطاني وعدوان السيطرة على باب المندبعند منتصف القرن التاسع عشر، احتلت بريطانيا عدن عام 1839 في سياق التنافس الاستعماري على طرق التجارة العالمية. وأدركت لندن منذ وقت مبكر أهمية موقع اليمن كمدخل للبحر الأحمر وخطوط الملاحة إلى الهند. استخدمت بريطانيا سياسات “فرق تسد”، فقسمت الجنوب إلى مشيخات وسلطنات، وزرعت الانقسامات المذهبية والقبلية لضمان السيطرة طويلة الأمد.
الباحث والمؤرخ اليمني عبدالرحمن عبدالخالق يؤكد أن الاحتلال البريطاني لم يسعَ إلى “نشر الحضارة”، بل عمل على “تفكيك النسيج الوطني والاجتماعي وتمزيق الهوية اليمنية”.
العدوان العسكري في العصر الحديثمنذ 2015، شنت السعودية وحلفاؤها عدوانًا عسكريًا واسعًا على اليمن، بدعم مباشر من الولايات المتحدة وبريطانيا، اللتين وفرتا الدعم الاستخباراتي واللوجستي وصفقات التسليح الضخمة.
وثائق صادرة عن مركز الأبحاث الدولي في واشنطن (CFR) تظهر أن واشنطن قدمت أكثر من 80 مليار دولار من مبيعات السلاح لدول التحالف منذ بدء العدوان.
أهداف هذا العدوان تتجاوز المعلَن من دعم “الشرعية”، إذ تسعى قوى الهيمنة إلى تفكيك قوة اليمن الصاعدة ومنعه من أن يتحول إلى قوة مستقلة ومؤثرة في المعادلة الإقليمية.
ثانياً: البعد الأمني – استراتيجيات التفكيك والاختراق
دعم الجماعات التكفيريةمن أبرز الأدوات الأمنية المستخدمة غربيًا في اليمن هو توظيف الجماعات الإرهابية كأداة لضرب الداخل، وتمزيق المجتمع. فـ”القاعدة” و”داعش” وُجدت في الجنوب والبيضاء ومأرب برعاية استخباراتية غير مباشرة.
الباحث التونسي صالح عطية في دراسته “تفكيك الدولة اليمنية” يربط بين وجود القاعدة في اليمن وبين استراتيجيات المخابرات الغربية في نشر الفوضى الخلاقة.
الاختراق الاستخباري وبناء كيانات موازيةأُنشئت شبكات استخباراتية داخل المؤسسات الأمنية والعسكرية، خاصة في الجنوب بعد عام 2015، عبر الإمارات وأدواتها مثل “الانتقالي”، لخلق “دول داخل الدولة”، وتحويل الساحل اليمني إلى مناطق نفوذ مخابراتي أمريكي وإسرائيلي.
ثالثاً: البعد الثقافي – الحرب الناعمة وتفريغ الهوية
برامج المنظمات وتغريب المجتمعالمنظمات الدولية، برعاية السفارات الغربية، لعبت دورًا محوريًا في تفكيك الثقافة اليمنية ومحاولة تغريب الشباب، عبر برامج “التمكين” و”المجتمع المدني” التي تموّلها واشنطن ولندن.
الباحث اليمني فهمي اليوسفي وصف هذه البرامج بأنها “بوابة لنسف المعتقدات والقيم الوطنية”، مؤكدًا أن الهدف منها هو “إنتاج جيل منفصل عن ثوابته الدينية والوطنية”.
تزييف الوعي التاريخيتم تجاهل التاريخ الجهادي والمقاوم لليمن، وشيطنة الحركات التحررية، وتصدير نماذج مشوهة عبر الإعلام والمنصات التعليمية المدعومة خارجيًا.
رابعاً: البعد الإنساني – تجويع ممنهج وحصار مميت
استخدام الورقة الإنسانية كسلاحفرض التحالف الغربي السعودي حصارًا خانقًا بريًا وجويًا وبحريًا، ومنع دخول الغذاء والدواء، واستُخدمت المنظمات كغطاء لتبرير الحصار. وتم تحويل الملف الإنساني إلى أداة ضغط سياسي.
تقرير لمنظمة أطباء العالم الألمانية عام 2020 يؤكد أن “الوضع في اليمن هو كارثة إنسانية مصطنعة وليست نتيجة كارثة طبيعية”.
تسويق الأكاذيب وطمس الجريمةاستخدمت وسائل الإعلام الغربية لغة انتقائية، فغابت صور المجازر عن شاشاتها، وتم تبرئة المعتدي وتحميل المسؤولية للضحية، بما يخدم أهداف الهيمنة لا الحقيقة.
اليمن في مواجهة مشروع الهيمنة
لقد أثبت اليمن، رغم شراسة العدوان وتعقيد المؤامرة، أنه يمتلك من الوعي والإرادة ما يجعل مشروع الهيمنة في مأزق. إن التاريخ الطويل من الاستهداف لا ينفصل عن الحاضر، وما تعيشه البلاد اليوم هو فصل جديد من صراع مستمر بين الاستقلال والوصاية
المراجع
عبدالرحمن عبدالخالق، الهوية اليمنية في ظل الاستعمار البريطاني، دار النشر اليمنية. صالح عطية، تفكيك الدولة اليمنية: دراسة في البعد الاستخباري والغربي، المركز المغاربي للدراسات. فهمي اليوسفي، المنظمات الدولية وأثرها على السيادة الثقافية اليمنية. تقارير صادرة عن: أطباء العالم (2020)، مركز الدراسات الأمنية في بيروت، مركز دراسات الشرق الجديد.