العسكر يقرأون من نفس الكتاب القديم والقوى المدنية لم تتعلم الدرس
تاريخ النشر: 30th, June 2024 GMT
صديق الزيلعي
تمر علينا اليوم ذكرى عظيمة من نضال شعبنا. يوم خالد هزم فيه شعبنا مخطط اللجنة الأمنية للانفراد بالسلطة، وهزيمة ثورتنا. علينا ان نفخر ونحتفل بهذه المناسبة التاريخية. وفي نفس الوقت ننظر لتقييم ما حدث. واصل عسكر بلادنا انتهاج نفس الأساليب والخدع لعسكر مايو، للتمسك بالسلطة السياسية، كحق مشروع لهم.
استطاعت ثورة ديسمبر العارمة أن تحاصر نظام الاسلامويين، وتجعل ظهره للحائط، فتفتق ذهن دهاقنة التآمر، على اتباع الخطة ب. وكانت تلك الخطة تكليف اللجنة الأمنية بإزاحة البشير شكليا، وتنصيب أبن عوف، مع الاحتفاظ بكل اركان النظام. صمود الشارع أفشل تلك الخطة. فلجأوا لتمثيلية اعلان انحيازهم للثورة، وكان ذلك منهج تقية الانحناء للعاصفة، وإفشال الثورة من داخلها، بالأساليب الناعمة والخشنة معا. وكانت ضربة البداية اعلان ما سمي بالمجلس العسكري الانتقالي، الذي سيحكم الفترة الانتقالية حتى قيام الانتخابات العامة. وفي نفس الوقت التمسك بإبعاد قوى الثورة عن مواقع السلطة. من الجانب الآخر استخدموا الأساليب العنيفة والمجرمة لفض اعتصام القيادة، وكانت مجزرة القيادة هي انقلاب كامل لإسكات الشعب. وهنا كانت هبة الثلاثين من يونيو الرد الشعبي الرافض لكل تآمر العسكر، فتراجعوا في ذعر، ولجأوا للأساليب الناعمة والخادعة مرة أخري. فتمت المفاوضات ولم تستمع بعض قوى الثورة لنصائح على محمود حسنين وصديق يوسف برفض الشراكة مع العسكر، وانخدعت بعض القوى السياسية والمدنية بالكلام المعسول للعسكر، وصدقت ان عسكر الاسلامويين هو شبيه لعسكر ثورة أكتوبر وانتفاضة أبريل. واستمرت المفاوضات، التي لعب فيها ود لبات دورا محوريا في تمكين العسكر. وفي النهاية انتجت المفاوضات الوثيقة الدستورية المعيبة، التي دفعنا ثمنا غاليا لها، وندفع حاليا مزيد من الاثمان بهذه الحرب اللعينة.
اثناء تصاعد انتفاضة مارس ابريل، التي وصلت أوجها في موكب 3 أبريل، كان صغار ضباط الجيش يجتمعون ويضغطوا قيادة الجيش لكي تنحاز للثورة. كان سوار الدهب يصر على الولاء لنظام نميري، لأنه اقسم على ذلك. وعندما تصاعد ضغط صغار الضباط وتهديدهم باتخاذ موقف منفرد، انصاع سوار الدهب وبقية القادة، فأعلنوا إزاحة نميري وتسنم السلطة لأنفسهم تحت مسمى المجلس العسكري الانتقالي، وابعدوا صغار الضباط، صناع التغيير. لكن وحدة قوي الانتفاضة ووعي قادتها لم ينخدع بادعاءات العسكر وفرض وجود مجلس وزراء مدني كامل. ورغم تقاسم السلطة الا ان المجلس العسكري كان يتفاوض مع الاسلامويين من خلف ظهر قوي الانتفاضة. كما لعب دورا أساسيا في الحفاظ على مؤسسات النظام القديم وتعطيل انجاز اهداف الانتفاضة. وكان أوضح مثال لذلك قانون الانتخابات الذي صمم بشكل يدعم طموحات الاسلامويين بالوصول للسلطة.
إذا قارنا ذلك بما قام به عسكر اللجنة الأمنية للبشير، نجد انهم قرأوا نفس الكتاب، وعملوا على السير في نفس الطريق، رغم ان امكانياتهم وقواهم كانت أكبر من عسكر مايو. وفي الجانب الآخر لم تستوعب القوي السياسية والمدنية درس الانتفاضة ودور عسكر مايو في تخريبها. وبلعوا طعم ادعاء اللجنة الامنية الانحياز لثورة ديسمبر، بينما كانت تنفذ في الخطة ب للاسلامويين.
كتبت اليوم، باختصار عن التجربتين (انتفاضة 1985 وثورة 2019) ودور العسكر والقوى المنية خلالهما. الآن يجب ان نستوعب الدرس بعد انهاء هذه الحرب الكارثية. وان يكون لدينا وضوح تام بالا مكان للعسكر في السلطة السياسية أو اقتصاد البلاد. واتن انشاء جيش مهني هدف أساسي لاستقرار النظام الديمقراطي.
[email protected]
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
ورشة حكي تحتفي بعالم نجيب محفوظ بمكتبة الشروق: الأطفال يقرأون للأديب العالمي من زاوية جديدة
أعلنت مكتبة مدينة الشروق، التابعة للهيئة المصرية العامة للكتاب، عن تنظيم ورشة حكي مميزة تسلط الضوء على عالم نجيب محفوظ الأدبي ورؤيته الإنسانية العميقة، وذلك غدا السبت 6 ديسمبر الساعة العاشرة صباحًا داخل قاعة نجيب محفوظ – مكتبة الاطلاع للكبار، وهي القاعة التي تحمل اسمه تكريمًا لمسيرته الأدبية الممتدة وأثره في الوجدان العربي.
يأتي ذلك تحت رعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، وفي إطار الاحتفاء باختيار الأديب العالمي نجيب محفوظ شخصية الدورة الجديدة من معرض القاهرة الدولي للكتاب.
وتأتي هذه الفعالية ضمن سلسلة من الأنشطة التي تخصصها المكتبة للاحتفاء بنجيب محفوظ طوال أيام المعرض، حيث تسعى إلى تقديم محتوى ثقافي يليق بإرثه، ويرسّخ قيمة القراءة لدى الأجيال الجديدة، وتتميز ورشة هذا العام بلمسة خاصة، إذ يتولى أطفال المكتبة الموهوبون إدارة الندوة بأنفسهم، في مشهد يعكس قدرة الأطفال على دخول عوالم الأدباء الكبار، وطرح رؤاهم وأسئلتهم ببراءة وعمق في آن واحد.
وتهدف الورشة إلى تعريف الجمهور الصغير والكبير بملامح تجربة محفوظ الثرية، من خلال تبسيط أفكاره الكبرى حول الإنسان، والمدينة، والقدر، والسلطة، والحلم، وربطها بخيال الأطفال وأسئلتهم حول العالم، كما تتناول الورشة شخصيات محفوظ الأسطورية التي بقيت حاضرة في ذاكرة القرّاء، من حي السكاكيني والجمالية إلى أساطير “الحارة” التي صنعها في رواياته، فضلًا عن وقفات مع مشروعه الفلسفي الذي خفي على كثير من القرّاء.
ويؤكد الدكتور خالد أبو الليل، القائم بأعمال رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب، أن إشراك الأطفال في تقديم الندوة ليس مجرد خطوة رمزية، بل هو رهان على جيل جديد قادر على التواصل مع الأدب العربي العميق إذا ما قُدِّم له بأساليب جذابة ومناسبة لعالمه، كما تأتي الفعالية في إطار استراتيجية المكتبة لدعم الأنشطة الإبداعية لدى الأطفال وتنمية مهارات الحكي والتعبير والقراءة النقدية، إلى جانب تعزيز الروابط بين الأجيال المختلفة حول إرث محفوظ.
ومن المتوقع أن تشهد الورشة حضورًا مميزًا من رواد المكتبة والمهتمين بالأدب، نظرًا للطابع الإنساني والثقافي الذي تتمتع به، إضافة إلى كونها تقدم نموذجًا فريدًا لاحتفاء مكتبة عامة بأحد رموز الأدب العالمي من خلال جيل الأطفال، الذين يمثلون مستقبل القراءة في مصر.
ويوضح أبو الليل، أن ورشة الحكي ليست مجرد فعالية عابرة، بل خطوة ضمن سلسلة من الفعاليات التي تستعيد روح محفوظ وتعيد تقديمه للأجيال الجديدة، إيمانًا بأن الأدب العظيم لا يشيخ، وأن القراءة ستبقى الجسر الذي يصل الماضي بالمستقبل.