دبلوماسيون: القاهرة اللاعب الأساسى لتحقيق السلام بالسودان
تاريخ النشر: 9th, July 2024 GMT
وسط مأساة إنسانية امتدت لما يزيد على عام ونصف العام فى السودان، برز دور مصر كداعم قوى للشعب السودانى، ولعبت القاهرة دوراً محورياً لإنهاء هذه المأساة. كما دخلت الجامعة العربية على هذا الخط، فى محاولة منها لتوحيد الجهود الإقليمية والدولية لوقف الحرب وإحلال السلام والاستقرار.
أكدت السفيرة منى عمر، مساعد وزير الخارجية الأسبق للشئون الأفريقية، أن الدولة المصرية تقوم بجهد كبير لدعم السودان، وأن القوى السياسية السودانية تطرق أبواب القاهرة من أجل إنهاء الأزمة فى السودان، لافتة إلى أن مصر عقدت مؤتمرين لدعم السودان، الأول هو مؤتمر دعم الاستجابة الإنسانية للسودان فى يونيو 2023، والثانى مؤتمر للقوى السياسية المدنية السودانية فى يونيو 2024 بهدف توحيد القوى السياسية السودانية فى السودان، مؤكدة أن الأمن القومى لمصر يرتبط بتحقيق السلام والاستقرار لدول الحدود ووقف النزوح إلى مصر الذى يؤثر بالسلب على الأمن الغذائى.
وأكدت مساعد وزير الخارجية الأسبق فى تصريحات خاصة لـ«الوفد» ضرورة اتفاق الأطراف المتحاربة على صيغة توافقية، وأن تتراجع قوات الدعم السريع عما تقوم به، وأن تنضم إلى الجيش الوطنى وتصبح جزءاً منه، تمهيدا لإنشاء حكومة مدنية يتولى الجيش حمايتها، لافتة إلى ان الضغوط الدولية هى الطريق الوحيد لإقناع الطرفين بوقف إطلاق النيران. وشددت على ضرورة توقف الدول التى تمد الدعم السريع بالسلاح والمال، لافتة إلى أن هذا الدعم يهدد بتوسيع وإطالة الصراع على السلطة بين قوات الجيش بقيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع.
وعن المساعدات الإنسانية التى تقدمها مصر، أوضحت السفيرة منى عمر أن المساعدات التى تقدمها مصر نحو الأشقاء فى السودان، لا تقتصر على المعونات الغذائية والعلاجية، ولكن تمتد إلى استقبال المواطنين من الأشقاء السودانيين فى مصر، ومعالجة الجرحى والمرضى داخل المستشفيات المصرية، موضحة أن المواطن السودانى يحصل على كل الخدمات التى تقدم للمواطن المصرى بنفس الدرجة والسعر، وتعتبر مصر الدولة الوحيدة التى تدعم بهذا الشكل، حيث وصفهم الرئيس السيسى بأنهم ضيوف فى مصر.
وأعربت عن ترحيبها بالسودانيين فى مصر، قائلة: أشعر بمشاعر متناقضة، ارحب بوجودهم فمن حق السودانيين ان يلجأوا لمصر للهروب من القتال، وفى نفس الوقت اشترك مع المصريين فى قلقهم بأن ذلك يشكل عبئاً على الدولة المصرية وسط التحديات، ولكن فى النهاية هم ضيوف فى مصر ويحصلون على إعانات من منظمات دولية تمكنهم من دفع ثمن الخدمات التى يحصلون عليها سواء سكن أو تعليم أو علاج.
وقال الخبير السودانى عوض بكاب رئيس مركز مجلس العمل العربى المشترك للفعاليات والتدريب، إنه فى ظل الحرب الدائرة حالياً فى السودان، تحتل مصر موقعاً محورياً فى تقديم الدعم والمساعدة للبلد الجار، استناداً إلى العلاقات التاريخية والجغرافية الوثيقة بين البلدين، لافتاً إلى دور الوساطة المصرية وتقديم منصة للحوار من أجل تحقيق السلام والاستقرار.
وحول التحديات المستقبلية، قال فى تصريحات خاصة لـ«الوفد» إنه بالرغم من الجهود المبذولة، لا تزال الحرب مستمرة ما يتطلب جهوداً إضافية لتحقيق حل دائم، وأشاد بكاب بدور السفارة والقنصلية المصرية فى بورتسودان ووصفها بأنها نموذج للعطاء والإنجاز.
وعن مبادرة رد الجميل لمصر، قال عوض بكاب إن الأوساط السياسية والاجتماعية أطلقت مبادرات لرد الجميل لمصر وتمت الموافقة على إطلاق اسم مصر على الشارع الرابط بين قنصلية مصر ببورسودان مع الطريق الرئيس تقديراً لوقفة مصر العربية مع الشعب فى محنته الحالية وإسهامها العميق فى مد الجسر الجوى والبرى الحامل للمساعدات الإنسانية للسودانيين، كما تغنى عدد من الفنانين من أمثال الفنان بلال موسى بمواقف مصر الداعمة للسودان، وأقيمت ليلة ثقافية حملت عنوان «شكراً مصر».
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الرئيس السيسي الجيش الوطني مبادرة رد الجميل اسم مصر الجهود الإقليمية والدولية فى السودان فى مصر
إقرأ أيضاً:
إبراهيم شقلاوي يكتب: حفتر وحسابات السودان الجديدة
لم يكن صباح العاشر من يونيو يوماً عاديًا في سياق الحرب السودانية المستمرة منذ أكثر من عامين، إذ حمل تطورًا نوعيًا وخطيرًا، بإعلان القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية عن تعرّض نقاط حدودية داخل المثلث الحدودي بين السودان ومصر وليبيا لهجوم مشترك شنّته مليشيا الدعم السريع، بدعم مباشر من قوات الجنرال الليبي خليفة حفتر، وتحديدًا “كتيبة السلفية” التابعة له.
هذا الحدث يمثّل نقلة نوعية، تُنذر باحتمال انتقال الصراع السوداني من إطار الاحتراب الداخلي إلى مشارف التدويل الإقليمي، حيث تتشابك المصالح والأطماع والنفوذ في مشهد متجدد .
الدعم العسكري الذي قدمته قوات حفتر للمليشيا المتمردة – وفقًا لمنصة “أخبار السودان” – لم يقتصر على الإسناد الميداني، بل شمل عمليات نقل للأسلحة والمعدات عبر الكفرة، واستخدام طائرات مسيّرة إماراتية ، إلى جانب رصد طائرات شحن من طراز IL-76TD في محيط العمليات. هذه المؤشرات تؤكد أن الهجوم جاء ضمن خطة أوسع ، أُعدت بعناية في مراكز قرار إقليمية داعمة للمليشيا، بهدف إعادة ضبط موازين القوة على الأرض، بعد تكبّدها خسائر كبيرة في جبهات شمال دارفور، وغرب كردفان، والنيل الأبيض، والخرطوم.
المثلث الحدودي، الذي أصبح ساحة اشتباك، لطالما كان نقطة تماس حساسة تتقاطع عندها حسابات الخرطوم والقاهرة وطرابلس. ورغم أن الهجوم نُفّذ بأيادٍ ليبية وسودانية متمردة، إلا أن خلفيته تُشير بوضوح إلى دور فاعلين إقليميين، وعلى رأسهم حكومة أبوظبي، التي تُتهم مرارًا “تقارير اممية” بإدارة وتفعيل شبكة الدعم اللوجستي والمالي للمليشيا، انطلاقًا من جنوب ليبيا، بعد تعثّر خطوط الإمداد القادمة من تشاد في الأشهر الأخيرة.
وفي هذا السياق، برز تطوّر تشادي لافت، تمثّل في برقية تهنئة أرسلها الرئيس محمد إدريس ديبي إلى الرئيس السوداني، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، بمناسبة عيد الأضحى. هذه البرقية ، تحمل دلالات سياسية مهمة، إذ تُعد أول تواصل رسمي بين البلدين بعد أشهر من الفتور، على خلفية اتهامات سودانية لتشاد بإيواء عناصر الدعم السريع والتغاضي عن عبور إمدادات عسكرية عبر أراضيها.
يمكن قراءة هذه الخطوة كمحاولة تشادية لفتح نافذة تهدئة، أو كإشارة إلى تراجع تدريجي عن الانخراط في الصراع، مدفوعة بهواجس أمنية متزايدة ترتبط بامتداد قبيلة الزغاوة في البلدين، وبمخاوف من امتداد نيران الحرب إلى الداخل التشادي، خاصةً في ظل تململ داخل المؤسسة العسكرية، وضغوط غربية متزايدة، وتغير المزاج الدولي إزاء الحرب في السودان.
هذا التراجع التشادي، وإن لم يُعلن رسميًا، يفسَّر – وفق مراقبين – بأنه دفعٌ إضافي لأبوظبي للبحث عن بدائل لوجستية، فوجدت ضالتها في محور حفتر، الذي يمثّل بوابة مثالية جغرافيًا وسياسيًا، تتيح استمرار الدعم للمليشيا دون تكاليف سياسية باهظة، على الأقل في الوقت الراهن. وعليه، فإن التحوّل الليبي يبدو تأسيسًا فعليًا لخط دعم بديل، قد يتجاوز في طاقته وأثره الخط التشادي المتراجع.
أما مصر، الحاضرة بالاسم والموقع في بيانات الجيش السوداني، فتجد نفسها أمام معضلة مركّبة. فقوات حفتر، التي نفّذت الهجوم، لا تتحرّك عادة دون تنسيق مع القاهرة، بل تُعد ذراعًا استراتيجية لها في شرق ليبيا. ومع ذلك، تزامن هذا الهجوم مع زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى أبوظبي، وفي ظل أحاديث عن ضغوط إماراتية تتعلق بملف معبر رفح وغزة، ما يثير تساؤلات حول ما إذا كان هذا التحرك رسالة ضغط مبطّنة لمصر، مفادها أن “الجنوب قابل للاشتعال إذا لم تُقدَّم تنازلات في الشرق”.
وإذا صحّت هذه التقديرات، فإن الصراع يتجاوز كونه نزاعًا على خطوط إمداد أو نفوذ، ليُصبح صراع إرادات داخل المحور ذاته، بين دولة مانحة للمال (الإمارات)، وأخرى ضامنة للجغرافيا (مصر)، حيث يدرك الطرفان أن استمرار تضارب الأجندات قد يقود إلى انفجار محتمل.
في هذا السياق، تبقى المرحلة المقبلة مفتوحة على عدد من السيناريوهات: أولها، أن يواصل الجيش السوداني التعامل مع الموقف بحزم، كما بدأ خلال الأيام الماضية من خلال الطلعات الجوية التي ألحقت خسائر فادحة بالمليشيا وداعميها.
أو أن يتم تثبيت خط الإمداد الليبي الجديد كأمر واقع تتعامل معه جميع الأطراف. أو ربما تشهد المرحلة تدخلًا مصريًا مباشرًا للحد من تحركات حفتر بما يضمن المصالح المصرية ولا يُحرج شراكتها مع السودان.
كما لا يُستبعد تدخل أطراف أخرى، مثل تركيا، لترتيب المشهد بما يخدم مصالحها وأجنداتها في المنطقة.
وفي ظل هذا المشهد المعقد، تبدو أمام الخرطوم فرصة دبلوماسية ثمينة، ينبغي عدم التفريط فيها، عبر تحويل الرسالة التشادية إلى مسار تفاوضي أمني يُسهم في إغلاق الجبهة الغربية مع تشاد. هذه الخطوة من شأنها أن تُشكّل تحولًا مهمًا في تقليص فرص تمدد المليشيا، خاصة في ظل الضغوط العسكرية المتزايدة عليها في دارفور.
هذا وبحسب ما نراه من #وجه_الحقيقة إذا نجحت الخرطوم في احتواء الموقف التشادي، وتفعيل أدوات الضغط الدبلوماسي على الأطراف الإقليمية الداعمة للتمرد، فإن الطريق سيكون ممهّدًا لعزل مليشيا الدعم السريع إقليميًا، وفتح نافذة جديدة أمام تفاهمات سلام محتملة بدأت تتبلور بين أنقرة والدوحة خلال الأيام الأخيرة. غدا بإذن الله نتناول تأثيرات الحرب الايرانية الاسرائيلية علي السودان في ظل التطورات الأخيرة.
دمتم بخير وعافية.
إبراهيم شقلاوي
السبت 14 يونيو 2025م Shglawi55@gmail.com
إنضم لقناة النيلين على واتساب