ميرسك: السفينة التي تعرضت لهجوم شمالي خليج عدن أكلمت رحلتها باتجاه الميناء التالي.

المصدر: وكالة خبر للأنباء

إقرأ أيضاً:

كيف تعيد إيطاليا رسم خريطتها الغازية في شمالي أفريقيا؟

روما – في ظل متغيرات الطاقة العالمية، تسعى إيطاليا اليوم إلى إعادة صياغة إستراتيجيتها الطاقية انطلاقًا من جنوب البحر الأبيض المتوسط. وفي قلب هذه التحركات، أعلنت شركة "إيني" الإيطالية عن استثمارات ضخمة بقيمة 24 مليار يورو (27 مليار دولار) في قطاعي النفط والغاز بكل من الجزائر وليبيا ومصر، مما يسلط الضوء على طموح إيطالي واسع للتمركز في شمالي أفريقيا بوصفها مصدرا بديلا ومستقرا للطاقة بعد سنوات من الاعتماد شبه الكامل على الغاز الروسي.

لكن هذا الطموح يواجه تحديات متنامية، أبرزها التراجع الهيكلي في إنتاج الغاز في هذه الدول الثلاث وسط أزمات سياسية واقتصادية وبنية تحتية مهترئة، مما يجعل من المشروع الإيطالي معركة متعددة الجبهات بين الأمل والمخاطر.

الاندفاع الإيطالي

تعتمد إيطاليا بشكل كبير على الغاز الجزائري، إلا أن هذا الاعتماد بدأ يتعرض لاختبار قاسٍ بعد أن تراجعت واردات الغاز الجزائري إلى روما خلال عام 2024 إلى 21.1 مليار متر مكعب، بنسبة انخفاض قدرها 9% مقارنة بالعام 2023، الذي سجل فيه حجم الصادرات 25.5 مليار متر مكعب. ورغم التراجع، ظل الغاز الجزائري يشكل ما نسبته 41% من إجمالي واردات إيطاليا من الغاز، مقابل 36% في السنة التي سبقته.

الطموحات الإيطالية في مجال الطاقة تصطدم بتراجع الإنتاج في دول شمالي أفريقيا (أسوشيتد برس)

أما ليبيا، فقد شهدت بدورها أدنى مستوى تصدير للغاز نحو إيطاليا منذ 13 عامًا، حيث انخفضت الصادرات إلى 140 مليون قدم مكعب يوميًا، في ظل الانقسامات السياسية والاشتباكات المسلحة التي تطال مناطق إنتاج الطاقة، مما عطّل تدفق الإمدادات بشكل كبير.

إعلان

في مصر، التي كانت إلى وقت قريب مصدرًا واعدا للغاز، تحوّلت مؤخرًا إلى مستورد له نتيجة انخفاض الإنتاج إلى 4.87 مليارات قدم مكعب يوميًا خلال العام الماضي، مما شكّل ضربة قاسية للآمال الإيطالية في استقرار الإمدادات من القاهرة.

ورغم هذه الصورة القاتمة، لم تتردد "إيني" في الدفع بخططها الاستثمارية قدمًا، الأمر الذي أكده الرئيس التنفيذي للشركة كلاوديو ديسكالزي خلال مؤتمر للطاقة في مدينة رافينا الإيطالية عندما قال إن "هدفنا هو تعزيز إنتاج الطاقة في هذه الدول".

حصيلة اتفاقات قديمة وطموحات جديدة

تُوزَّع الاستثمارات البالغة 24 مليار يورو (27 مليار دولار) بالتساوي، أي 8 مليارات يورو (9 مليارات دولار) لكل من الجزائر وليبيا ومصر، وتركز بالدرجة الأولى على تطوير قطاع الغاز، وخصوصًا في ليبيا، خلال السنوات الأربع المقبلة.

ويشير الباحث في المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية "إسبي" ألدو ليغا إلى أن هذه الخطط الاستثمارية هي ثمرة لمجموعة من الاتفاقيات الأولية التي تم توقيعها خلال السنوات الماضية، مشددًا -في حديثه للجزيرة نت- على أن رغبة إيطاليا في تقليص الاعتماد على الغاز الروسي، بعد غزو أوكرانيا، دفعت بها نحو تنفيذ خطة "ماتي"، التي تهدف إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية والسياسية مع القارة الأفريقية.

عقبات أمام الطموح الإيطالي

تستند خطة روما الإستراتيجية لتعزيز أمنها الطاقي إلى ثلاثي شمالي أفريقيا، إلا أن هذه الرؤية تصطدم بمجموعة من العقبات، حسب ما يوضح الباحث ألدو ليغا، أبرزها ارتفاع الطلب الداخلي في الدول الثلاث، وضعف البنية التحتية لنقل وتسييل الغاز، وعدم الاستقرار السياسي، خاصة في ليبيا.

ويُعد أنبوب "ترانسميد"، الرابط الحيوي بين الجزائر وصقلية الإيطالية عبر تونس، مثالًا على تلك التحديات، إذ تبلغ طاقته الاستيعابية 33 مليار متر مكعب سنويًا، إلا أنه لا يُستخدم بكامل قدرته الفعلية بسبب تراجع الإنتاج. الحال ذاته ينطبق على خطوط الغاز الليبية والمصرية التي تعاني من تقادم البنية التقنية وغياب الاستثمارات التوسعية اللازمة.

إعلان

ويحذّر ديسكالزي من تزايد الطلب المحلي على الغاز في كل من الجزائر وليبيا ومصر بنسبة سنوية تتراوح بين 7% و8%، مما يعمّق الفجوة بين العرض والطلب، ويحد من القدرة على التصدير.

من جانبه، يرى ألدو ليغا أن غياب استثمارات الدولة الجزائرية في تحديث البنية التحتية سيُقوّض إمكانيات التصدير مستقبلًا، مضيفا أن استثمارات "إيني" تهدف في جوهرها إلى دعم البنية التحتية المحلية بهدف رفع القدرة الإنتاجية المخصصة للتصدير دون الإضرار بالاحتياجات الداخلية.

استثمارات "إيني" تُعد انعكاسًا مباشرا لرغبة إيطاليا في تقليص الاعتماد على الغاز الروسي (الفرنسية) الغاز المصاحب فرصة ضائعة

من القضايا الحساسة التي تناولها التقرير مسألة "الغاز المصاحب"، أي الغاز الذي يخرج إلى جانب النفط الخام، لكنه غالبًا ما يُهدر عبر الحرق بدلًا من استغلاله كمورد طاقي يمكن أن يخفف من أزمة التصدير.

ويصف الباحث في شؤون النفط والغاز المهندس عامر الطائي هذه الممارسة بأنها "خسارة كبيرة في مورد حيوي"، مضيفًا أن هذا الغاز يمكن استخدامه في تشغيل محطات الكهرباء، مما يسمح بتوفير مزيد من الغاز الطبيعي للتصدير.

ويعزو الطائي عدم استغلال هذا المورد إلى ضعف البنية التحتية في المنطقة، وغياب الاستثمارات المخصصة لمعالجة الغاز المصاحب وتحويله إلى طاقة فعالة. لكنه يؤكد أن استثمارات "إيني" الجديدة قد تمثل نقطة تحول، إذ إنها تُعنى جزئيًا بتطوير البنية اللازمة لاستغلال هذا المورد، خاصة في مصر التي تشهد طلبًا داخليا متزايدًا على الغاز.

إيني تعمل على زيادة الإنتاج من حقل "ظهر" في مصر بنحو 200 مليون قدم مكعب يوميا (شترستوك) آفاق إنتاجية واكتشافات جديدة

تعمل "إيني" على زيادة الإنتاج من حقل "ظهر" في مصر بنحو 200 مليون قدم مكعب يوميًا من خلال حفر ثلاث آبار جديدة. وفي حقل "أوريون"، من المتوقع أن يبدأ الإنتاج في غضون ثلاث سنوات باستثمار يقدّر بـ130 مليون دولار. أما في حقل "نرجس"، فقد أعلنت "إيني" عن اكتشاف جديد للغاز في يناير/كانون الثاني 2023، مما يفتح آفاقًا إضافية لتعزيز الإمدادات.

إعلان

في ليبيا، اتفقت "إيني" مع السلطات الليبية على تنفيذ ثلاثة مشاريع جديدة، أبرزها مشروع "مليتة" المشترك مع المؤسسة الوطنية للنفط، والمتوقع أن يبدأ العمل فيه عام 2026 بقدرة إنتاجية تبلغ 750 مليون قدم مكعب يوميًا.

كما يشمل التعاون مشروع "بوري غاز"، الذي يهدف إلى تقليل حرق الغاز واستخدام الغاز المصاحب، مما يسهم في خفض انبعاثات الكربون بنحو 1.5 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون سنويًا، إلى جانب مشروع تعزيز إنتاج الغاز من حقل بحر السلام. يُذكر أن خط أنابيب "غرين ستريم"، الذي يبلغ طوله 520 كيلومترًا، يربط ليبيا بإيطاليا وتبلغ طاقته 11 مليار متر مكعب سنويا.

أما في الجزائر، فقد استحوذت "إيني" في عام 2022 على حصة نسبتها 45.89% في حقل "إن أميناس"، و33.15% في حقل "إن صالح"، اللذين يُداران بالشراكة مع "سوناطراك" الجزائرية و"إكوينور" النروجية. وقد بلغ إنتاجهما في عام 2021 نحو 11 مليار متر مكعب من الغاز، و12 مليون برميل من المكثفات وغاز البترول المسال.

بين الإرث التاريخي والطموح الجيوسياسي

تُعد شركة "إيني" واحدة من أبرز أدوات السياسة الطاقية الإيطالية، حيث تلعب دورًا محوريا في تنفيذ الإستراتيجية التوسعية لـروما ضمن خطة "ماتي" في شمالي أفريقيا. ويشير الباحث ألدو ليغا إلى أن حضور "إيني" في المنطقة يعود إلى عقود، إذ بدأ التعاون مع الجزائر منذ استقلالها في ستينيات القرن الماضي.

ويرى المهندس عامر الطائي أن هذا الاستثمار يكرس أولوية التعاون الطاقي بين إيطاليا والدول الأفريقية، ويعزز موقع روما كبوابة أوروبية للغاز الأفريقي، في ظل التحولات الجيوسياسية والمنافسة الصينية الأميركية المتسارعة في القارة السمراء.

ورغم التحديات السياسية والهيكلية في الجزائر وليبيا ومصر، فإن إيطاليا تبدو مصممة على الاستفادة من اللحظة الدولية الراهنة لتأمين إمدادات الغاز، مما يمنحها ورقة تفاوضية قوية، وفي الوقت ذاته يتيح لشركائها الجنوبيين فرصًا لتوسيع أسواقهم وتعزيز حضورهم في معادلة الطاقة العالمية.

إعلان

مقالات مشابهة

  • كيف تعيد إيطاليا رسم خريطتها الغازية في شمالي أفريقيا؟
  • أوكرانيا تأمر بإخلاء 11 قرية في سومي تحسبا لهجوم روسي
  • كرامي استقبل النائب ناصر ورئيس بلدية الميناء والشيخ البصيلي
  • رضوان فارق الحياة بحادث مروع في الميناء ـ طرابلس
  • مقتل 6 إرهابيين شمالي العراق
  • الجيش العراقي يعلن مقتل 6 من عصابة داعش شمالي البلاد
  • ميناء الإسكندرية يستقبل السفينة السياحية "Norwegian Viva" في ثالث رحلاتها على متنها 4782 راكبًا
  • انفجارات قوية في خليج ديسانتنايا بمدينة فلاديفوستوك الروسية
  • باريس تحتضن قمة لمكافحة الإسلاموفوبيا بعد تصاعد جرائم الكراهية
  • عبد الله كبارة رئيسًا لبلدية الميناء