أبوظبي: «الخليج»

وجه الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش، رئيس مجلس إدارة «صندوق الوطن» القائمين على البرامج الصيفية للصندوق، بالتركيز على مفهوم تعزيز قيم الانتماء للوطن والولاء لقيادته، والتعريف بمفهوم المواطنة الصالحة عند أبناء الإمارات، من طلاب المدارس المشاركين في الأنشطة، وتدريبهم على أن يكونوا مواطنين صالحين، وشرح الصفات الشخصية التي يجب أن يتحلّى بها المواطن الصالح، وتقديم شرح مبسط، لأهم الطرائق التي يجب أن تعرفها الأجيال الجديدة، ليكونوا نشطين في العمل على تحسين مجتمعهم وتطويره، وحماية وطنهم ودعم خطواته نحو مستقبل أفضل للجميع.

جاء ذلك خلال متابعته للأنشطة والفعاليات التي تقدمها برامج الصندوق، لطلاب المدارس الحكومية والخاصة، والجامعات، عبر برامجه الأربعة: «قدوتي» و«فكرتي» و«لغة القرآن» و«فرسان القيم»، سواء بالمدارس أو المراكز الثقافية والإبداعية، أو الجامعات والكليات المشاركة بالأنشطة.

وأشاد بجهود إدارات المدارس والجامعات والمراكز الثقافية المشاركة، لتحقق هذه البرامج أهدافها السامية لأبناء الوطن، في ظل الإقبال الكبير على أنشطته.

مشاركة إيجابية

كما ثمّن المشاركة الإيجابية لكتّاب الإمارات ومفكريها ومبدعيها وفنانيها المشاركين، ودورهم الإيجابي في تعريف الأجيال الجديدة بالقيم الإماراتية الأصيلة، وتحفيزهم ليكونوا فاعلين ومؤثرين بجهودهم ومعارفهم، وقادة المستقبل في مختلف المجالات، حيث شاركت الكاتبات د. وفاء الشامسي، وشيخة الجابري، وأسماء الكتبي، وفاطمة المزروعي، وبدرية الحوسني، والفنانان عبدالله صالح وعلاء علم الدين، في تقديم رؤية سهلة لمفهوم الهُوية والانتماء، والإيجابية والمواطنة الصالحة، من الأعمال الأدبية والفنية والمسرحية.

تمكين الإنسان

وقال إن صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، يؤكد لنا دائماً أهمية الحفاظ على مسيرة الإمارات، لتكون نابضة بالنجاح والحيوية وترتكز على أبناء الإمارات الذين تتجسد فيهم قيم المواطنة الصالحة. ويبدأ ذلك بالاعتزاز بهُويتنا الوطنية، وما تتضمنه من قيم ومبادئ راسخة، وما تشير إليه من حرص كامل على تمكين الإنسان، وتنمية قدراته على الإبداع والإنتاج، والمبادرة والإنجاز والتفوق في المجالات كافة، والقدرة على تحقيق التنمية المستدامة؛ ومن هذا المنطلق يلتزم الصندوق في برامجه وأنشطته، بأن يكون تعزيز الشعور بالهُوية الوطنية، على هذا النحو، محور التركيز وأساس العمل، وقد اتخذ الصندوق لكل البرامج والأنشطة شعار «هُويّة وطنية قوية ومستدامة».

تعزيز التلاحم

وعبر المدرسون والمدربون، عن تثمينهم لصندوق الوطن لتنظيمه هذه البرامج، التي يرونها فرصة جيدة لتعزيز التلاحم المجتمعي بين الطلاب وأولياء الأمور والمدرسين، بالتواصل مع الجميع، عبر الأنشطة والفعاليات التي تسهم في رفع المستوى الثقافي والمعرفي، واكتشاف المواهب الواعدة، وتلبية احتياجات الأجيال الجديدة في المجال الثقافي والمعرفي والقيمي.

وأشادوا بجهود الشيخ نهيان بن مبارك، ورعاية لأبناء وبنات الوطن، ودعم الجهود الرامية على تفعيل قدراتهم وتمكينهم من المستقبل، وتشجيع ورعاية الموهوبين منهم، وهو دور يتسق مع تاريخه الطويل في رعاية شباب الوطن في مختلف المجالات، معبرين عن اعتزازهم بالمشاركة في البرامج الصيفية لصندوق الوطن التي أتاحت لأبناء المغارات فرصة ممتازة للاستمتاع بالأنشطة والورش التدريبية والفعاليات، والرحلات أسهمت في تنمية قدراتهم ومواهبهم، وأسهمت، كذلك، في تكوين صدقات وعلاقات اجتماعية وإنسانية بين الطلبة.

الخيال الخصب

وقال الفنان التشكيلي علاء علم الدين، إن المشاركة في البرامج فرصة مثالية ليلتقي الفنان الطلبة الصغار، ليس لكي يتعرفوا عبره على أساسيات الفن التشكيلي، ولكن ليستلهم من خيالهم الخصب، وألوانهم المختلفة التي تشكل أفكار جديدة يمكنها أن تضيف إليه. كما أن هذه البرامج فرصة لاكتشاف المواهب خارج الدروس الصفية، لأن الطلبة فيها يكونون أكثر حرية وحيوية وقدرة على التعبير عن أنفسهم.

وأضاف أن الفن يحمل رسالة مهمة تتعلق بالقيم الإنسانية السامية، بل إنه وسيلة مميّزة لتعريف الصغار بهُويتهم ووطنهم وانتمائهم، لأنه يحمل لغة، حروفها الألوان والظلال والضياء، يفهمها الجميع ويستمتع بها الصغار والكبار على السواء. وهذه المرحلة السنية التي لا تتجاوز 15 عاماً فرصة لاكتشاف عشرات المواهب التي يمكن التركيز عليها لتكون مشاريع فنية إماراتية حقيقية.

وعبرت الكاتبة والشاعرة شيخة الجابري، عن اعتزازها بالمشاركة، لأنها فرصة مثالية للقاء الأجيال الجديدة من أبناء الإمارات، وتبادل الأفكار معهم في موضوعات تتعلق بالهُوية واللغة العربية والتراث، وكيف يكون كل واحد فينا إماراتياً نعتز به، فيُصبح مفيداً لنفسه وأهله ولمجتمعه، وأن يعرف واجباته ومسؤولياته تجاه وطنه.

وأضافت أن من المهم التعرف إلى أن المواطنة الصالحة تنطلق من إيمان الجميع بمسؤولياتهم تجاه وطنهم، وتعزيز العلاقة بينهم، والتزام كل منهم بدوره المجتمعي والوظيفي، ومنها العمل التطوعي. لأن حب الوطن يكون بالارتباط والالتزام تجاهه، ويمكن إظهار الحب للوطن بمعرفة تاريخ الإمارات، وقيادته وتراثه والمشاركة الفعالة في حمايته والحفاظ على بيئته، ودعم نهضته والانتماء والولاء لقيادته. وهناك أهمية أن يتحلى النشء بالصدق والمسؤولية والاحترام والتعاطف والتسامح والشجاعة، وأن يكون المواطن عضواً منتجاً.

وقال الفنان والمخرج عبدالله صالح، إنه سعيد للغاية بالمشاركة، ويجدها فرصة جيدة ليقدم فنان الإمارات رسالة توعوية للأجيال الجديدة. وتركيز كل الأنشطة على الهُوية الوطنية واللغة العربية، وتعزيز الإبداع في نفوس الصغار والتعريف بالرموز التاريخية لإماراتنا الغالية، شجعه كثيراً لكي يشارك بمسرحية «كان يا ما كان» التي تحمل رسالة تربوية، وتحاول بأسلوب إبداعي أن تجعل الصغار أكثر ارتباطاً بوطنهم وثقافتهم وتراثهم، فالأعمال الفنية الحقيقية لا بدّ أن تحمل رسالة وطنية سامية تعبر عنها بالدراما والكوميديا والألوان.

رحلات ثقافية

ومن جهة أخرى انطلقت الرحلات الثقافية والترفيهية التي تنظمها البرامج هذا الأسبوع، إلى «الأرشيف والمكتبة الوطنية» بأبوظبي، حيث كانت زيارتهم عنوانها المعرفة والهوية الوطنية. كما تعرفوا إلى أهم المقتنيات والخدمات التي يقدمها الأرشيف، وشاهدوا فيلماً وثائقيا عن تاريخ دولة الإمارات وحاضرها وآفاق مستقبلها. وتعرفوا إلى سيرة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، والقيم التي تحلى بها القائد المؤسس ومآثره، حتى تظل أفعاله وأقواله منارات تضيء دروب النجاح وترسخ في نفوس الأجيال الجديدة حب الوطن والتمسك بالهوية.

المصدر: صحيفة الخليج

كلمات دلالية: فيديوهات الإمارات الأجیال الجدیدة

إقرأ أيضاً:

غسان حسن محمد.. شاعر التهويدة التي لم تُنِم. والوليد الذي لم تمنحه الحياة فرصة البكاء

بقلم : سمير السعد ..

في عالمٍ تُثقله الحروب وتغرقه الفواجع، تبرز قصيدة “تهويدة لا تُنيم” للشاعر العراقي غسان حسن محمد كصرخة شعرية تحمل وجع الوطن، وتجسِّد الإنسان العراقي في زمنٍ لم يعد فيه للتهويدات مكان، ولا للطفولة حضنٌ آمن. غسان، ابن العمارة ودجلة والقصب، هو شاعر يكتب بقلبه قبل قلمه، ويغزل قصائده من نسيج الوجع العراقي بأدقّ خيوط الإحساس وأصفى نبرة صدق.
يفتتح الشاعر قصيدته بمشهد يختزل حجم الانهيار الداخلي في صورة جسدية/معمارية رمزية:

“من ربّت على ظهرِ الجسر..،
حتى انفصمت عُراه.”

ليتحوّل الجسر، رمز العبور والحياة، إلى معبر نحو الفقد والانفصال، ولتمتدّ صورة اليُتم على النهر كلحن لا يُفضي إلى الوصول:

“ليمتدَّ اليتمُ على كامل النهرِ،
يعزفُ لحنَ اللاوصول؟!”

هنا لا يتحدث الشاعر عن اليتيم بمعناه الفردي، بل يُحوّله إلى حالة جماعية تسري في جسد المكان، حالة بلد بأكمله يُرَبّى على غياب الآباء، وانقطاع الحكايات.

تدخل الحرب بوصفها شخصية غاشمة، لا تنتظر حتى تهدأ التهويدة، بل تُباغت الزمن وتفتك بالطمأنينة:

“الحرب..،
الحرب..،
(لعلعةٌ..):
كانت أسرعَ من تهويدة الأمِّ لوليدها”

هكذا يضع الشاعر التهويدة، رمز الحنان والرعاية، في مواجهة مباشرة مع صوت الحرب، لنعرف أن النتيجة ستكون فاجعةً لا محالة. ولا عجب حين نسمع عن الوليد الذي لم تمنحه الحياة حتى فرصة البكاء:

“الوليدُ الذي لم يفتر ثغرهُ
عن ابتسام..”

فهو لم يعرف الفجيعة بعد، ولم يلعب، ولم يسمع من أبيه سوى حكاية ناقصة، تُكملها المأساة:

“لم يَعُد أباه باللُعبِ..,
لم يُكمل حكايات وطنٍ..،
على خشبتهِ تزدهرُ المأساة لا غير.!”

في هذا البيت تحديدًا، يكشف غسان عن قدرة شعرية مدهشة على تحويل النعش إلى خشبة مسرح، حيث لا تزدهر إلا المأساة، في تورية درامية تفتك بالقلب.

ثم يأتي المشهد الفاصل، المشهد الذي يُكثّف حضور الغياب:

“عادَ الأبُّ بنعشٍ.. يكّفنهُ (زهرٌ)
لم يكُن على موعدٍ مع الفناء.!”

فالموت لم يكن مُنتظرًا، بل طارئًا، كما هي الحرب دومًا. لقد كان الأب يحلم بزقزقة العصافير، وسنابل تتراقص على وقع الحب:

“كان يمني النفسَ
بأفقٕ من زقزقات.،
وسنابلَ تتهادى على وقع
أغنية حبٍّ..
تعزفها قلوبٌ ولهى!”

بهذا المشهد، يقرّب الشاعر المأساة من القلب، يجعل القارئ يرى الأب لا كمقاتل، بل كعاشق كان يحلم بأغنية، لا بزئير دبابة. حلمُ الأب كُسر، أو بالأدق: أُجهض، على خيط لم يكن فاصلاً، ولا أبيض، بين الليل والنهار:

“حُلم أُجهض على الخيط
الذي لم يكن فاصلاً..،
ولا ابيضَ..
بين ليلٍ ونهار”

لا زمن في الحرب، لا بداية ولا نهاية، ولا فاصل بين حلمٍ وحطام. فالحرب تعيش في الفراغ، وتُشبع نهمها من أجساد الأبناء دون أن ترمش:

“ذلك أن لا مواقيت لحربٍ..
تُشبعُ نهمَ المدافع بالأبناء..”

وفي النهاية، تأتي القفلة العظيمة، القفلة التي تحوّل الحرب من آلة صمّاء إلى كائنٍ لو امتلك عيناً، لبكى، ولابتسم الطفل:

“فلو كانَ للحربِ عينٌ تدمع.،
لأبتسم الوليد!”

ما أوجع هذا البيت! إنه انقلابٌ شعريّ كامل يجعل من التهويدة التي لم تُنِم أيقونةً لفجيعة كاملة، وابتسامة الوليد غاية ما يتمنّاه الشاعر، وكأنّها وحدها قادرة على إنهاء الحرب.

غسان حسن محمد الساعدي ، المولود في بغداد عام 1974، والحاصل على بكالوريوس في اللغة الإنجليزية، هو عضو فاعل في اتحاد الأدباء والكتاب في العراق. صدرت له عدة مجموعات شعرية ونقدية منها “بصمة السماء”، و”باي صيف ستلمين المطر”، و”أسفار الوجد”، إضافة إلى كتابه النقدي “الإنصات إلى الجمال”. شاعرٌ واسع الحضور، يكتب بروح مغموسة بجماليات المكان وروح الجنوب العراقي، وينتمي بصدق إلى أرضه وناسها وتاريخها الأدبي والثقافي.

شاعر شفاف، حسن المعشر، لطيف في حضوره، عميق في إحساسه، يدخل القصيدة كمن يدخل الصلاة، ويخرج منها كما يخرج الطفل من حضن أمه، بكاءً وشوقًا وحلمًا. هو ابن العمارة، وابن دجلة، وابن النخيل والبردي، يدخل القلوب دون استئذان، ويترك فيها جُرحاً نديًّا لا يُنسى.

في “تهويدة لا تُنيم”، لا يكتب الساعدي الشعر، بل يعيش فيه. يكتب لا ليواسي، بل ليوقظ. لا ليبكي، بل ليُفكّر. قصيدته هذه، كما حياته الشعرية، تُعلن أن الشعر ما يزال قادراً على فضح الحرب، وردّ الضمير إلى مكانه، لعلّ الوليد يبتسم أخيرًا.

سمير السعد

مقالات مشابهة

  • محافظ المنيا يؤكد دعمه لبرامج تمكين الشباب ومكافحة الهجرة غير الشرعية خلال لقاء مع اللجنة الوطنية
  • القبيلةُ اليمنية.. درعُ الوطن وسندُ الحركات الوطنية وبُنيةٌ أصيلةٌ في عمق التاريخ العربي
  • موعد التقديم على وظائف العمل الجديدة.. 5242 فرصة في 8 محافظات
  • نهيان بن مبارك يحضر أفراح الشريفي والسويدي في العين
  • نهيان بن مبارك يفتتح معرض الوسائط المتعددة: كلنا دوائر مفتوحة
  • غسان حسن محمد.. شاعر التهويدة التي لم تُنِم. والوليد الذي لم تمنحه الحياة فرصة البكاء
  • الشارقة بطل كأس الإمارات لكرة اليد لفئة الصغار
  • نهيان بن مبارك يحضر أفراح النعيمي وبن نجد في العين
  • نهيان بن مبارك: شراكات اقتصادية وثقافية مثمرة بين الإمارات والهند
  • نهيان بن مبارك يحضر أفراح النعيمي وبن نجد