إسرائيل خطر حقيقي على الإنسانية
تاريخ النشر: 13th, July 2024 GMT
Your browser does not support the audio element.
هذه ليست حربا، إنها تصفية أحقاد تاريخية تريد منها إسرائيل إبادة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وإرهابه، وإرهاب المنطقة بأن هذا هو مصير من يتجرأ ويطالب بحقه أو بإنسانيته أو بكرامته أو بأبسط حقوقه كإنسان. وتقدم إسرائيل على هذا الفعل في لحظة تعرف فيها يقينا أن العالم العربي يعيش في لحظة ضعف وهوان وتشرذم لا مثيل لها عبر تاريخه، وأن الدول الكبرى القادرة على إيقافها متورطة عبر التاريخ القريب بالجرائم نفسها سواء كان ذلك في العراق أو في سوريا أو في اليمن أو في ليبيا وقبل ذلك في أماكن أخرى في العالم مثل فيتنام والصومال وعموم القارة الإفريقية.
هذه ليست حربا تشنها «الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط» كما تدعي إسرائيل ويدعي رعاتها من الغرب «الديمقراطي الليبرالي» على شعب محاصر منذ عقد ونصف قبل أن تبدأ هذه الديمقراطية الكبرى في استراتيجية تجويعه منذ 10 أشهر في لحظة تمعن فيه بإبادته.. إنها عملية إبادة متكاملة الأركان وإلا لا توجد حرب في العالم هدفها إبادة المدنيين وقتل الأطفال وإعدامهم بدم بارد حتى وهم في أكثر لحظاتهم صفاء وتجليا وارتفاعا عن الأحقاد حينما يكونون في صلاة مباشرة مع خالقهم. هذه سياسة إجرامية وعقلية منظمات إرهابية متوحشة ليس ضمن أهدافها بناء صورة ذهنية مشرقة عنها في لحظة يُنظر لها في الكثير من بقاع العالم أنها ترتكب «أعمال إبادة» و«جرائم حرب»، أو في لحظة ما زال فيها البعض متشككا في أنها تفعل ذلك أو لا تفعله. كل هذا لا يعنيها فهي تتحرك بناء على هدف «جرمي» أو «عصابي» تريد تحقيقه، أمّا العالم ومبادئه وقيمه وقوانينه فليذهبوا جميعا إلى الجحيم فهي ليست معنية إلا بما يحركها من مشاعر إجرامية.
لا يريد نتنياهو الحوار فهو لم يعترف به في يوم من الأيام، ولا يبحث، في الحقيقة، عن هدنة أو وقف إطلاق النار أو تبادل الأسرى فهذه هوامش جانبية بالنظر إلى ما يقوم به ويخطط له هو ومجموعته الإجرامية.
المجزرة التي ارتكبها الكيان الصهيوني في مخيم المواصي بخان يونس أمس لا ترتكبها «دولة» مهما كانت متطرفة ومهما وصفت بالإرهاب، هي عمل أصيل من أعمال المجرمين والمتوحشين عبر التاريخ، هي بالضبط مطابقة لما فعله تنظيم «داعش» الإرهابي خلال العقد الماضي إذا أردنا تقريب الصورة بشيء قريب العهد.. وهي مطابقة لأفعال النازيين الذين ما زالت إسرائيل تدعي المظلومية مما ارتكبوه بحق اليهود من جرائم، لكن الذي لا يراه الكيان «الصهيوني» هو أنه يرتكب أبشع من تلك الجرائم التي ارتكبها النازيون عبر التاريخ بل وأبشع من كل الجرائم التي ارتكبها أعتى المجرمين سواء كان على المستوى الإجرام الفردي أم إجرام الجماعات والتنظيمات.
إن إسرائيل لم تعد اليوم خطرا على الفلسطينيين وحدهم إنها خطر جسيم على الجميع بما في ذلك حلفاؤها الغربيون الذين تشوهت صورهم في أذهان الجميع من خلال دعمهم لكيان مارق ومجرم ما زال يمعن ويستمتع بارتكاب أبشع الجرائم أمام مرأى ومنظر العالم الذي يقف أحراره في ذهول كبير من هذه الجرأة على الإنسانية وعلى قوانين المجتمع الدولي.
وإذا كان العالم يعتقد أنه وصل إلى مرحلة من التحضر والتمدن اختفت معها هذه الجرائم البشعة ضد الإنسانية فإن الكيان الإسرائيلي يثبت عكس ذلك، ويؤكد للعالم وللإنسانية أن الشر باق في هذه الأرض ويمكن رؤية حقيقته الأصلية في صورة ما يفعله الكيان الإسرائيلي. كما يثبت أن هذه المنطقة لن تهنأ باستقرار أو بسلام أو بوئام ما دامت يد الكيان الصهيوني مطلقة دون قيد أو رادع حقيقي.
أمّا إنسانية العالم فعليها أن تختبر حقيقتها في صورة ما يحدث في قطاع غزة، لنعرف مدى قربنا أو بعدنا من هذه «الإنسانية» التي ننادي بها ونتحدث عنها في كل لحظة وحين.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: فی لحظة
إقرأ أيضاً:
تسريب مقصود أم تهديد حقيقي؟ واشنطن تلوّح وطهران تردّ
في توقيت دقيق لا يخلو من دلالات سياسية ، برز تسريب إعلامي منسوب لمصدر أميركي عبر قناة CNN، يتحدث عن سعي إدارة الرئيس الاميركي دونالد ترامب لجمع معلومات استخبارية عن احتمال قيام إسرائيل بتوجيه ضربة عسكرية لإيران. تسريب بدا، وفق مصدر مطّلع على مجريات الكواليس الإقليمية، أقرب إلى الرسالة منه إلى الكشف الأمني، وجاء ليزيد من منسوب التوتر في مشهد تفاوضي بالغ التعقيد.المصدر المطّلع، والذي يتابع عن كثب حركة الاتصالات الخلفية بين أطراف المعادلة، يرى أن اختيار واشنطن لمنبر إعلامي واسع الانتشار مثل CNN لا يمكن اعتباره تفصيلاً عابراً. فالولايات المتحدة الاميركية تدرك تماماً أثر الإعلام في صياغة المناخ السياسي، واستخدامه في هذا السياق يعكس رغبة في إرسال إشارات مزدوجة؛ احدها إلى طهران بأن الوقت يضيق وأن البدائل قد تكون مكلفة، وأخرى إلى تل أبيب بأن القرار ليس منفصلاً عن واشنطن وأن هامش المناورة الإسرائيلي له حدود.
اللافت، كما يوضّح المصدر، أن التحوّل في النبرة الأميركية لم يأتِ من فراغ، إذ كانت المفاوضات بشأن الملف النووي قد بلغت مراحل متقدّمة من التفاهمات، تشمل العودة إلى نسب التخصيب المنصوص عليها في الاتفاق السابق، واستئناف العمل بآليات الرقابة التابعة للوكالة الدولية للطاقة الذرية، وتحديد مصير مخزون اليورانيوم من خلال إتلافه أو نقله إلى طرف ثالث. إلا أن اللهجة الأميركية تبدلت بشكل مفاجئ، مع تصريحات حادة من مسؤولين كبار تعلن التراجع عن مسارات التفاهم وتعيد فتح الملف من زاوية أكثر تصلّباً.
هذا التحوّل لا يمكن فصله عن طبيعة الحسابات السياسية التي تحكم المشهد الإقليمي. ففي حين كانت المفاوضات تتقدّم باتجاه تفاهمات دقيقة بشأن التخصيب والمراقبة، برز خطاب أميركي أكثر تشدداً يُعيد المسألة إلى نقطة الصفر، ويُسقِط ما سبق من أرضيات مشتركة. ولعلّ هذا التبدّل لا يندرج ضمن موقف مبدئي من التكنولوجيا النووية بحد ذاتها، بقدر ما يكشف عن معيار مزدوج في مقاربة الملفات النووية في المنطقة، حيث تغضّ الأطراف الغربية الطرف عن طموحات بعض الدول المتحالفة، وتُشدّد الخناق على دول أخرى، وفق ما تمليه الاعتبارات الجيوسياسية.
من وجهة نظر المصدر، فإنّ هذا الانقلاب في الخطاب الأميركي لا يعكس بالضرورة تحضيراً لحرب، بقدر ما يهدف إلى تضييق الخناق على طهران ودفعها إلى تقديم تنازلات إضافية في اللحظة الأخيرة. وبمعنى أوضح، فإنّ واشنطن تُلوّح بإسرائيل لكنها لا تترك لها حرية الفعل، فالتصعيد محسوب في مضمونه وسقفه ولا يُراد له أن يتحول الى مواجهة شاملة خارج السيطرة.
في المقابل، جاء ردّ طهران سريعاً وحازماً وذلك عبر موقف مباشر من المرشد الأعلى السيد علي خامنئي، الذي ذكّر بحدود الخطاب أثناء التفاوض، وأكّد أن سقف التفاهم تحدده إيران لا الضغوط الخارجية. وهو ما فُهم في بعض الأوساط على أنه تمسّك بصلابة الموقف من جهة، واستعداد لخيارات أخرى إذا ما تراجعت واشنطن عن تفاهماتها الأولية.
وبين التصعيد الكلامي والتسريبات المدروسة، يُبقي اللاعبون الكبار المنطقة على حافة التوتر. فاحتمال الضربة، وإن بدا قائماً نظرياً، لا يزال من وجهة نظر المصدر منخفضاً ولا يتجاوز حدود المناورة السياسية في انتظار أن تُحسم الحسابات الإقليمية والدولية.
ويرى المصدر أنه في حال وقع الهجوم بالفعل، فإن القرار لا يعود لتل أبيب وحدها، إذ إنّ إسرائيل لا تملك القدرة على خوض حرب واسعة من دون غطاء أميركي مباشر، سواء سياسياً أو عسكرياً. وبالتالي، فإن أي تصعيد بهذا الحجم سيكون قراراً أميركياً بالدرجة الأولى وليس مجرد رعونة إسرائيلية. وهذا ما يفسّر حساسية الخطاب والتسريبات الأخيرة، التي تحرص واشنطن من خلالها على إبقاء التهديد في دائرة الضغط من دون أن يُفسّر ذلك كموافقة ضمنية على المغامرة.
أما إذا ردّت طهران على أي استهداف يُوجَّه إليها، فإن "حزب الله" في لبنان، وفق المعطيات، ليس معنياً بالانخراط في مواجهة لا تستدعي تدخله الميداني المباشر. ووفق المصدر، فإنّ قرار "الحزب" في هذا النوع من الحالات يُبنى على طبيعة المعركة ومقتضياتها. ويضيف، أن الرد الإيراني، إن تقرّر، سيكون كافياً لفرض التوازن المطلوب من دون الحاجة إلى توسعة رقعة الاشتباك. إذ إنّ المقاومة، كما يُفهم من سياق موقفها، تحفظ قدراتها لمعركة ترتبط بالأرض والسيادة، حيث يكون التدخل دفاعاً واضحاً عن الجغرافيا أو في سياق مواجهة مصيرية تمسّ قواعد الاشتباك الكبرى.
وبهذا المشهد المعقّد، يبدو أن الضربة، وإن طُرحت كاحتمال، ما زالت أداة في لعبة توازن دقيقة أكثر من كونها خياراً جاهزاً للتنفيذ. فالأطراف تتقن استخدام التصعيد من دون الانزلاق إلى المواجهة، وتدير أوراقها تحت سقف الضغط لا الانفجار. وما يجري اليوم هو اختبار إرادات وليس بداية حرب. أما الغد، فمرهون بلحظة قرار قد لا تُتخذ بالسلاح وحده، بل بالمصالح التي تحكم متى تُشعل النار ومتى يُعاد سحب الفتيل. المصدر: خاص "لبنان 24" مواضيع ذات صلة واشنطن وطهران... مواجهة عسكرية أم خيار التفاوض؟ Lebanon 24 واشنطن وطهران... مواجهة عسكرية أم خيار التفاوض؟