أميركا أولا.. مجلة لوبس تدخل عالم عُبّاد المسيح ترامب
تاريخ النشر: 18th, July 2024 GMT
"يقدم الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب نفسه كنبي في مهمة تبليغ رسالته، وقد تحوّل إلى عنوان لعبادة صوفية حقيقية تبشر بانجراف ديني متنام، بلغ ذروة جديدة مع محاولة الاغتيال التي استهدفته يوم 13 يوليو/تموز الحالي".
بهذه الجملة افتتحت مجلة لوبس تقريرا بقلم سارة هليفا لوغران مراسلتها الخاصة في فرجينيا، وصفت فيه زيارة لكنيسة غريبة تحتوي على نوافذ زجاجية ملونة، وبها غابة من اللافتات التي تمجّد ترامب مثل الصلبان في الحديقة، وهي مدينة ترامب كما يظهر الاسم على الواجهة المبنية من الطوب.
"ندخل هذا الحرم -كما تقول المراسلة- متجاهلين التحذير (إذا لم تكن مع ترامب (لا تدخل) فأنت تتعدى على ممتلكات الغير)، فيندفع نحونا كلب عليه حروف قديس المكان، وهو مدرب على عض الشيوعيين. ينظر إلينا رجل في زي راعي البقر بقبعة القش وأحذية ترامب الرياضية الذهبية التي أطلقها في الربيع لتضخ مالا جديدا في خزائنه".
في هذا المكان -كما تقول المراسلة- "يقدر المؤمنون الحقيقيون الذين يعبدون ترامب أننا في كنيسة قديمة، عند مدخلها يضع ويتي تايلور ذراعه من وراء ترامب وميلانيا بالحجم الطبيعي من الورق المقوى، وحولهما مئات الحلي والأعلام واللافتات والقبعات والقمصان والتماثيل تحت مصابيح إكليل متعدد الألوان".
أصبحت الكنيسة التي يعود تاريخها إلى قرن من الزمان، معبدا مخصصا للنبي ذي القبعة الحمراء -كما تقول الكاتبة- لأن الأمر كله يتعلق بالرب، وفيها يشكل أتباع ترامب، الذين أصبحوا أكثر تعصبا من أي وقت مضى، نوعا من الأخوة الدينية تحت راية حركة "ماغا" (أميركا أولا)، وهو شعار ترامب الذي أصبح صرختهم الحاشدة، ومع محاولة اغتيال بطلهم، وصلت حماستهم إلى درجة الحمى.
ويتم إطلاق العنان للعواطف في هذا المكان الذي يعج بصور ترامب وهو يرفع قبضته وأذنه اليمنى تنزف دما ويصرخ "لنقاتل.. لنقاتل"، لأتباعه المذهولين بعد أن نجا بأعجوبة من رصاصة قناص متمركز على السطح.
وبالنسبة لبقية أميركا -كما ترى المراسلة- أدى هذا الهجوم الفاشل الذي خلّف قتيلا وجريحين، إلى دفع الحملة الرئاسية إلى مياه العنف السياسي العكرة، ولكنه بالنسبة لترامب يعد تطورا مسرحيا يمكن أن يعزز فرصه في الفوز، وبالنسبة لعبّاده يعد معجزة رفعت معبودهم بشكل نهائي إلى مصاف الشهداء.
من هؤلاء العباد -كما تقول المراسلة- هذا المسيحي الإنجيلي ويتي تايلور، الذي سمع الوحي الإلهي عام 2015 على حلبة سباق في فلوريدا كما يزعم، "أخذت الكتاب المقدس من الآية الوحيدة التي يخبرنا فيها الرب أنه يجب علينا أن ندعوه. وذلك عندما طلب مني مساعدة دونالد ترامب".
وقد اشترى ويتي تايلور ألف قميص، وطبع عليها شعار "اختر الأفضل واطرد البلهاء"، وعلى ظهره كتب "أخيرا شخص لديه فحولة"، وفي أول تجمع انتخابي لترامب باعها كلها، وافتتح كنيسته التذكارية في هذه التلال المحافظة للغاية في ولاية فرجينيا.
واليوم، يجمع راعي البقر الذي يرتدي الحذاء الرياضي الذهبي، ما لا يقل عن 10 آلاف دولار أسبوعيا بفضل "المؤمنين بترامب"، وهو مثل 30% من الأميركيين مقتنع بأن ترامب أصبح رئيسا بمنة من الرب، "إنه رجل العناية الإلهية. نجتمع حوله كما لو كان كنيستنا. شعارنا هو: الرب والعائلة والوطن والبنادق".
لوبس: الهجوم الفاشل دفع الحملة الرئاسية إلى مياه العنف السياسي العكرة، ولكنه بالنسبة لترامب يعد تطورا مسرحيا يمكن أن يعزز فرصه في الفوز، وبالنسبة لعبّاده يعد معجزة رفعت معبودهم بشكل نهائي لمصاف الشهداء
وفي هذه الأثناء، حضر بريان غلوتزباخ لشراء لافتة "يسوع هو مخلصي، وترامب هو رئيسي"، وهو ميكانيكي طيران شارك في هجوم أنصار ترامب على مبنى الكابيتول، وهو -كما تقول المراسلة- لا يعرف تايلور، ولكنهما بدآ يمزحان بعد دقيقتين مثل الأصدقاء القدامى، لأنهما مثل جميع أتباع "ماغا"، لديهما المرجع نفسه واللغة ذاتها والإخلاص نفسه للمعلم.
وأشارت المراسلة إلى أن الحماسة التي أثارها ترامب عام 2016، كانت تحمل شيئا دينيا، ولكنه بعيد عن الدافع الصوفي اليوم، ويبدو أن ترامب بنى عبادة حول نفسه من خلال تقديم نفسه على أنه رجل العناية الإلهية والمضحي لأميركا التي هي على وشك الانهيار، وهو يصور نفسه على أنه نبي أرسله الرب لقيادة "حركة ماغا" في "المعركة النهائية" ضد قوى الشر.
ففي يناير/كانون الثاني الماضي، أعلن ترامب بصوته أن الرب نظر إلى الجنة التي كان يعدها، وقال "أنا في حاجة إلى راع. والرب أعطانا ترامب"، والآن بعد أن نجا من رصاصة قناص، ظهر في صورة المعجزة وهو يقول "إن الرب وحده هو الذي منع حدوث ما لا يمكن تصوره. لن نخاف، ولكننا سنبقى مقاومين بإيماننا ومتحدين في وجه الشر".
بي جونز: إنهم لا يقدسون ترامب بوصفه رجلا، بل بوصفه رمزا. والرمز لا يتعدى ولا يكذب ولا يعتدي على النساء جنسيا. لقد تجاوز المرشح ليصبح طوطما
الطوطمتغادر المراسلة عالم ويتي تايلور ومعها الحذاء الرياضي الذي طلب منا تسليمه إلى أحد أصدقائه، وعندما تصل إلى هناك يستقبلها مزارع عجوز في مطبخه وهو يرتدي قبعة ترامب 2024 وقميصا، ويقول "منذ عام 2016 أرتدي زي ترامب كل يوم تقريبا".
تسلم المراسلة المزارع العجوز صندوق الأحذية، فيقوم وبحماس بخلع حذائه البالي ليرتدي حذاءه الرياضي الذهبي، وهو يقول إن جماعته كلها تصوّت لصالح ترامب "باستثناء سيدتين تبلغان من العمر 90 عاما تعتبران نفسيهما ديمقراطيتين لكنهما لم تدركا أن الحزب قد تغير منذ قرن من الزمان".
وتتساءل المراسلة ماذا يجدون فيه حتى يقدسوه إلى هذا الحد؟ ليرد كارل "أعتقد أن دونالد ترامب رسول من الرب. لأن ما يقوله هو الحقيقة نفسها"، وعند تنبيهه إلى أن الأخلاق مشكوك فيها، يقول "ليس هو أول مرسل من الرب يكون ناقصا. إنه يضحي بنفسه لإنجاز مهمته. إنه معذور".
ويشير رئيس المعهد العام لأبحاث الدين روبرت بي جونز إلى "أنهم لا يقدسون ترامب بوصفه رجلا، بل بوصفه رمزا. والرمز لا يتعدى ولا يكذب ولا يعتدي على النساء جنسيا. لقد تجاوز المرشح ليصبح طوطما".
طائفة جديدة
وتشير لافتة ترامب 2024 الضخمة إلى مدخل مرآب ستيف لويل، وهو مسيحي إنجيلي يصلي كل يوم من أجل الرئيس السابق، وكان يعلم جيدا -كما يقول للمراسلة- أن "شيئا ما سيحدث لترامب"، ولم يتفاجأ عندما رأى الدم يسيل على خده، وهو يحذر قائلا "سيحاولون مرة أخرى. لقد صلب يسوع بالفعل".
ويرى هذا الميكانيكي -كما تقول المراسلة- أن الأمة الأميركية تتولى مهمة مقدسة تتمثل في الحفاظ على المسيحية، وربما أرسل الرب ترامب لأن عدد المسيحيين البيض انخفض من 73% من السكان عام 1972 إلى 46% عام 2021.
وكان رئيس الحزب الجمهوري في مقاطعة بوتيتورت ستيف دين ينتظر المراسلة، وهو مستعد "للدفاع عن أميركا ضد الشيوعيين"، لأنه -كما يقول ظل مخلصا لـ"ماغا" (لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى) منذ عام 2016، لكنه لم يدرك إلا مؤخرا أن "هذه الحركة ثورة ثانية تقودها يد الرب وستستعيد سلطة البلاد".
ومع تنصيبه مرشحا عن الحزب الجمهوري، ها هو ترامب أقرب من أي وقت مضى إلى تنفيذ "مهمته المقدسة". كان ستيف دين يود أن يكون في الحفلة في ولاية ويسكونسن لحضور تتويج رجل العناية الإلهية، لكنه لم ينل شرف عرض تذكرة الدخول عليه، فالنبي يختار رسله، وعزاؤه أن "حركة ماغا لن تتوقف عند ترامب".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات ترجمات
إقرأ أيضاً:
حرب غزة تدخل مرحلتها الأعنف فكيف بدا المشهد الإنساني؟
وتنقّل "المرصد" -في حلقته بتاريخ (2025/5/26)- عبر مناطق متفرقة من قطاع غزة، ووثق بعضا من أجزاء صورة قاتمة للدمار والمعاناة الإنسانية اليومية للعائلات الفلسطينية النازحة في القطاع.
وبمرور الساعات والأيام يدور عداد الشهداء بأقصى سرعته، ويتسع الدمار إلى مساحات قياسية، ويتعطل وصول المساعدات الإنسانية بسبب المماطلات الإسرائيلية، ويهيمن الجوع على المزيد من سكان القطاع المحاصرين بالموت من كل جانب.
وجال المرصد بين العائلات الغزية، وعرض قصص معاناة مروعة على مدار الساعة بين القصف والنزوح، والتجويع الممنهج بعد قرابة 20 شهرا من الحرب التي لم تعد إسرائيل تستثني فيها سلاحا برا وبحرا وجوا.
وقال غزيون إنهم عادوا إلى شمال قطاع غزة قادمين من مناطق الجنوب بعد دخول اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى حيز التنفيذ في يناير/كانون الثاني الماضي، لكن إسرائيل تنصلت من الاتفاق وعادت إلى الحرب.
ووفق شهادات هؤلاء "للمرصد"، فإن شمال قطاع غزة مدمر، ووصفوا سماع صوت القصف الإسرائيلي بـ"الكابوس الذي لا يمكن تحمله، ولا يمكن لأي عقل تصوره".
وشددوا على أن تكرار النزوح منذ بداية الحرب يشكل بحد ذاته "حربا كاملة على المستويين النفسي والجسدي"، فضلا عن المعاناة جراء القصف المتواصل بالطائرات الحربية والمسيّرات وتفجير الروبوتات وإلقاء القنابل الدخانية.
إعلانأما على المستوى المعيشي فأكدوا عدم توفر الخضراوات والفواكه في الأسواق منذ أسابيع طويلة بسبب إغلاق المعابر والحصار الإسرائيلي المفروض، في حين يشهد قطاع غزة غلاء فاحشا في أسعار المواد الغذائية المتبقية.
ويعيش الغزيون على المعلبات، في وقت يعاني فيه الأطفال بشدة بسبب نقص الحليب ومحاولة الأهالي الاستعاضة عنه بمواد غذائية أخرى لا تلبي الحاجة الصحية.
ويمنّي هؤلاء النازحون أنفسهم بالعثور على طحين فاسد -كانوا لا يقربونه في بداية الحرب- من أجل إعداد أرغفة خبز، وهو حلم كثير من الغزيين، وقد فقد معظمهم الأمل بوجود نهاية لهذه الحرب الوحشية.
وفي ضوء هذا الوضع القاتم يقول محمود زقوت -وهو أحد القائمين على تكية غزة الخيرية-، إن عمل التكية يبدأ في ساعات الصباح الأولى، ولكن التكية لم تعد قادرة على تلبية احتياجات أعداد كبيرة من العائلات في ظل موجات النزوح الجماعي.
ووصف زقوت -في حديثه "للمرصد"- المشهد بالكارثي والمأساوي في ظل نفاد المخزون الغذائي واستخدام الاحتلال سياسة التجويع سلاحا.
ترامب وصناعة السينماوواكب "المرصد" في قصته الثانية لهذا الأسبوع الجدل الدائر في أوساط صناعة السينما في الولايات المتحدة وأوروبا إثر قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرض رسوم جمركية عالية على الأفلام المنتجة خارج التراب الأميركي.
وخطفت الدورة الجديدة لمهرجان كان السينمائي الأضواء، إذ لم يكن سير النجوم على السجاد الأحمر هو من صنع الحدث، بل النقاش الواسع بين 15 ألفا من كبار صناع السينما في العالم بشأن الرسوم الجمركية التي أعلنها ترامب قبل أيام.
وقال ترامب إنه وجّه إدارته بالشروع في فرض رسوم بنسبة 100% على الأفلام التي تنتج خارج الولايات المتحدة.
واختارت شركات الإنتاج في هوليود -منذ زمن بعيد- تصوير أفلامها خارج التراب الأميركي هروبا من التكلفة المرتفعة داخل الولايات المتحدة، ومحاولة منها لاقتناص الحوافز التي تقدمها دول عدة، خاصة في أوروبا.
إعلانويضع قرار ترامب إعادة توطين هذا القطاع الصناعي الضخم داخل الأراضي الأميركية -وفق محللين- شركات هوليود أمام تحديات جمة.
وفي ضوء هذه التطورات، رصد "المرصد" مختلف المواقف، وسط جدل واسع في أوساط هوليود وقلق في أوروبا وتحذيرات من انهيار قطاع اقتصادي ضخم في الولايات المتحدة.
26/5/2025