في مهب الريح: العراقي يتنفس الغبار وسط انهيار مشاريع البيئة
تاريخ النشر: 27th, July 2024 GMT
27 يوليو، 2024
بغداد/المسلة: توقعت هيئة الأنواء الجوية في العراق تصاعد الغبار في مناطق متفرقة من البلاد خلال الأيام الثلاثة المقبلة. يأتي هذا التوقع في ظل أزمة بيئية متفاقمة، حيث تعاني البلاد من تزايد العواصف الترابية التي تؤثر بشكل كبير على الحياة اليومية للمواطنين والصحة العامة والاقتصاد.
يعاني العراق منذ سنوات من مشكلة العواصف الترابية المتكررة، والتي تفاقمت بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة.
الأسباب الكامنة وراء هذه الظاهرة تتعدى التغيرات المناخية العالمية، وتشمل تدهور البيئة المحلية نتيجة عوامل عديدة، أبرزها غياب الغطاء النباتي الذي يلعب دورًا حيويًا في تثبيت التربة ومنع تآكلها.
واحدة من المبادرات التي حاولت التصدي لهذه المشكلة هي مشروع الحزام الأخضر الذي كان من المفترض أن يحيط بالمدن الكبرى ليعمل كحاجز طبيعي ضد العواصف الترابية.
ورغم الآمال الكبيرة التي عُلقت على هذا المشروع، إلا أنه لم يحقق النجاح المنشود.
وفي بغداد، على سبيل المثال، تم إطلاق مشروع الحزام الأخضر في عدة مناسبات، لكن سوء التخطيط وغياب التمويل الكافي أدى إلى توقف هذه المشاريع أو عدم إكمالها بالشكل المطلوب. وكانت النتيجة الحتمية هي استمرار تعرض المدينة لعواصف ترابية مكثفة.
مشروع آخر شهد مصيرًا مشابهًا هو مشروع غابة كربلاء. هذا المشروع كان يهدف إلى زراعة آلاف الأشجار لتشكيل غابة حول المدينة، لكنه أيضًا واجه مشكلات تتعلق بسوء الإدارة والفساد ونقص المياه اللازمة للري، مما أدى إلى جفاف معظم الأشجار المزروعة وتحول المشروع إلى فشل ذريع.
معاناة المواطن العراقي من تصاعد الغبار ليست محصورة فقط في تدهور جودة الهواء، بل تتعداها إلى تأثيرات صحية واقتصادية خطيرة.
ويعاني العديد من المواطنين من أمراض الجهاز التنفسي، مثل الربو والتهاب الشعب الهوائية، والتي تتفاقم بشكل كبير خلال فترات العواصف الترابية.
والمدارس والمستشفيات تعاني من ضغوط إضافية نتيجة ارتفاع حالات الطوارئ المرتبطة بهذه الأمراض.
إضافة إلى ذلك، تتأثر الأنشطة الاقتصادية بشكل سلبي، حيث تتسبب العواصف في توقف حركة المرور وإغلاق المطارات، مما يؤدي إلى تعطيل التجارة والسياحة.
ووفق تحليلات فان التصدي لمشكلة العواصف الترابية في العراق يتطلب جهودًا متكاملة تشمل تحسين التخطيط البيئي، وزيادة الغطاء النباتي من خلال مشاريع زراعية مستدامة، ومحاربة الفساد الذي يعوق تنفيذ المشاريع البيئية.
إلى جانب ذلك، يجب تعزيز الوعي البيئي لدى المواطنين وتحفيز المجتمع على المشاركة في جهود إعادة التشجير والحفاظ على البيئة. بدون اتخاذ هذه الخطوات الجادة، ستظل العواصف الترابية تمثل تهديدًا مستمرًا لحياة العراقيين ومستقبلهم البيئي.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: العواصف الترابیة
إقرأ أيضاً:
مشاريع قوانين عنصرية في إسرائيل تعيد طرح سؤال من هو اليهودي؟
القدس المحتلة- لا تقتصر العنصرية في إسرائيل على استهداف المجتمع العربي الفلسطيني فحسب، بل تمتد جذورها لتطال شرائح واسعة من المجتمع اليهودي نفسه، ولا سيما المهاجرين الذين جرى استقدامهم إلى فلسطين التاريخية منذ بداية المشروع الصهيوني.
كما مارست المؤسسة الإسرائيلية سياسات تمييزية ممنهجة بحق اليهود الذين هاجروا إلى فلسطين في أواخر الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي من الدول العربية، والمعروفين باليهود الشرقيين.
واستمر هذا النهج العنصري والتمييزي بحق اليهود الإثيوبيين، المعروفين باسم "يهود الفلاشا"، الذين جرى استقدامهم في ثمانينيات القرن الماضي، وكذلك بحق المهاجرين القادمين من دول الاتحاد السوفياتي السابق في مطلع التسعينيات عقب انهياره، علما أن عدد الناطقين بالروسية في إسرائيل يُقدَّر بنحو 1.3 مليون نسمة.
وفي سياق هذا المسار، قدمت وزارة الأديان الإسرائيلية، بالتعاون مع المحاكم الدينية اليهودية، مشروع قانون حكومي يمنح هذه المحاكم صلاحيات واسعة للتحقق من "صحة يهودية" الأفراد، على أن تكون قراراتها ملزمة لكافة السلطات الإسرائيلية.
وينص مشروع القانون، الذي صادق عليه الكنيست بالقراءة الأولى، على منح مدير دائرة استيضاح اليهودية أو مسجل الزواج صلاحية فتح إجراءات للتحقق من يهودية أي شخص، من دون الحاجة إلى الحصول على موافقته، أو حتى إبلاغه ببدء هذه الإجراءات.
وبموجب هذه التشريعات والصلاحيات الممنوحة للمحاكم الدينية اليهودية، سيصبح أي شخص في إسرائيل، ولا سيما من هم من المهاجرين القادمين من دول الاتحاد السوفياتي السابق، عرضة للتحقيق في انتمائهم الديني.
ولا يقتصر أثر هذا التشريع على الفرد وحده، إذ قد يُطالب أقرباؤه وأفراد عائلته أيضا بالاختيار بين الخضوع لإجراءات إثبات يهوديتهم، أو تسجيلهم كممنوعين من الزواج في المحاكم الدينية اليهودية، ما يكرّس الإقصاء والتمييز على أسس دينية وطائفية.
إعلانوبموجب هذه القوانين الدينية، تكون الحاخامية والمحاكم الدينية اليهودية قد منحت صلاحيات واسعة للتحقيق في يهودية أي شخص يُشكّك في انتمائه، تحت ذريعة السعي إلى "نقاء الدولة اليهودية"، وهو ما يعكس تعامل المؤسسة الإسرائيلية بأسلوب عنصري مع فئات مختلفة من المجتمع اليهودي، استنادا إلى الدين والطائفة والعرق واللون، بحسب قراءات وتحليلات متعددة.
ما الجديد؟تقول مراسلة صحيفة "هآرتس" للشؤون البرلمانية نوعا شبيغل، إن هذا النهج "ليس سريا، بل معروف منذ زمن طويل"، مشيرة إلى أن المؤسسة الحاخامية الإسرائيلية لا تزال -حتى اليوم- تشكك في يهودية المهاجرين الإثيوبيين، وتظهر تشددا خاصا تجاه هوية المهاجرين القادمين من دول الاتحاد السوفياتي السابق.
وتوضح شبيغل أن "الجديد في هذا السياق لا يكمن في وجود العنصرية بحد ذاتها، بل في تحولها إلى سياسة معلنة وغير مموهة"، وتضيف "ففي ظل الحكومة الدينية الفاشية الحالية، لم تعد إسرائيل تحاول إخفاء ممارساتها التمييزية تجاه هذه الفئات".
وأشارت إلى أن هذه الحكومة تشكلت قبل 3 سنوات بعد أن اضطر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، إلى التحالف مع قوى دينية وقومية متطرفة، عقب رفض الأحزاب المصنفة بأنها "علمانية" المشاركة في حكومة يرأسها، على خلفية محاكمته بتهم فساد لازمت مسيرته السياسية.
وبذلك "باتت العنصرية المؤسسية تمارَس اليوم بوضوح ضد شرائح واسعة من اليهود على أسس دينية وعرقية، وبغطاء سياسي وتشريعي رسمي، من دون أي محاولة لتلطيفها أو إنكارها" تضيف الصحفية الإسرائيلية.
في تقدير موقف صادر عن "المعهد الإسرائيلي للديمقراطية" أعده كل من البروفيسور مردخاي كريمنيتسر، والمحامية عنات أشكنازي، والدكتور أمير فوكس، والمحامية دافني بنفنيستي، وجهوا فيه انتقادات حادة للتعديلات والتشريعات الجديدة، مع التحذير من تداعياتها الخطرة على "مكانة إسرائيل كدولة تدّعي الديمقراطية".
وأكد معدو التقرير أن توسيع صلاحيات المحاكم الدينية يشكل انتهاكا مباشرا لسيادة القانون ولمبدأ وحدة النظام القضائي، إضافة إلى المساس بحرية الدين والمعتقد، والإضرار بمبدأ المساواة أمام القانون.
وأشار التقرير إلى أن هذا التوجه قد يؤدي إلى تفكيك النظام القضائي القائم، وتحويله إلى منظومات قضائية متوازية لا تستند بالضرورة إلى القيم والمبادئ الديمقراطية، وقد تتعارض في جوهرها مع القوانين المدنية للدولة.
كما حذر من أن "الفصل في النزاعات وفقا للشريعة الدينية اليهودية قد يتجاهل الحقوق الدستورية الأساسية والضمانات التي يكفلها القانون المدني، ما يشكل مساسا خطيرا بحقوق الأفراد".
ولفت التقرير إلى وجود ضغوط اجتماعية تمارس على فئات من السكان، لإجبارهم على القبول بتحويل نزاعاتهم إلى المحاكم الدينية، في حين يعرض من يرفض هذا المسار نفسه لخطر النبذ والتهميش والعزلة الاجتماعية.
وخص التقرير بالتحذير الانتهاكات المتوقعة لحقوق النساء، مؤكدا أن المحاكم الدينية اليهودية تنتهك هذه الحقوق أصلا، وأن توسيع صلاحياتها ليشمل القضايا المدنية سيعمق الضرر ويجبر نساء كثيرات -تحت الضغط الاجتماعي والقانوني- على الخضوع لإجراءات تفتقر إلى المساواة والعدالة.
هولندي يحكي قصة جدته اليهودية التي رفضت أن تستوطن #فلسطين باعتباره أمرا غير مبرر ويظلم الفلسطينيين #الجزيرة_مباشر pic.twitter.com/CXzIIdHxJe
— الجزيرة مباشر (@ajmubasher) June 23, 2025
من هو اليهودي؟يهدف مشروع القانون إلى تعزيز مكانة المحاكم الدينية اليهودية، وتنظيم موقعها القانوني في كل ما يتعلق بالقرارات المرتبطة بالهوية اليهودية لمواطني إسرائيل.
إعلانونقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، عن مصادر في المحاكم الدينية اليهودية، قولها إن التعديل المقترح ضروري لمنع التناقضات بين سلطات الدولة المختلفة، ولتوحيد السجلات الرسمية.
في المقابل، يرى منتقدو المشروع أن إقراره سيطمس الحدود الفاصلة بين الدين والدولة، ويخضع تسجيل السكان وحقوقهم المدنية لقرارات دينية.
وبحسب ما أفادت به صحيفة "يسرائيل هيوم"، فإن هذا التوجه يثير مخاوف واسعة من تعميق النفوذ الديني داخل مؤسسات الدولة المدنية، كما تظهر المعطيات المتوفرة أن هذا الشك الممنهج غير مبرر، إذ لا يزال مبدأ "افتراض اليهودية" قائما ومعترفا به في الشريعة اليهودية حتى اليوم.
وفي هذا السياق، خلص الدكتور إيلاد كابلان، المدير العام لمؤسسة "التوراة والعمل"، والمحاضر في كلية الحقوق بجامعة بار إيلان، إلى أنه بين عامي 2010 و2023 فتح ما يقارب 50 ألف ملف للتحقيق في الانتماء اليهودي.
وأشار كابلان إلى أن الغالبية الساحقة من هذه الملفات تنتهي بتأكيد يهودية أصحابها، غير أن هذا التأكيد لا يمنح إلا بعد الخضوع لتحقيقات معمقة وطويلة، ما يعكس حجم الشك المؤسسي الذي يقنن اليوم عبر تشريعات تعيد طرح سؤال "من هو اليهودي؟" مجددا.