لجريدة عمان:
2025-07-12@04:42:24 GMT

مظاهر من الطوطمية في الحكايات الشعبية

تاريخ النشر: 29th, July 2024 GMT

تُعد القصص والحكايات العتبات الأولى للفهم والمعرفة في المجتمعات ذات الثقافة الشفهية، وحتى تترسخ المادة المحكية في أذهان النشء فقد نُسجت على ألسنة الكائنات في البيئة المحيطة، فظهر أبطال وشخصيات أسطورية تحكيها الأمهات على الصغار، وقد قال إميل دوركهايم في كتابه «الأشكال الأولية للحياة الدينية، المنظومة الطوطمية في أستراليا، ترجمة منشورة سنة 2019»: إن غرض الأسطورة هو التفسير بالإضافة إلى الغايات التعليمية والتقليدية، فالأسطورة تفسير لقضايا أو أصل العلم في عصور ما قبل العلم»، لكن الكاتب شوقي عبدالحكيم يرى في كتابه موسوعة الأساطير العربية سنة 2020 «أن حكايات الحيوان والطيور، أكثر قدما من الأساطير»، ولذلك فإن معظم الحكايات الشعبية في ظفار والمنطوقة شفهيا باللغة الشحرية تدور حول الحيوانات والطيور والزواحف، وتكشف في بنيتها السردية عن أشكال من الطوطمية، حيث يعود الميت إلى الحياة في هيئة طائر أو قطة أو أفعى وتؤدي هذه القصص وظائفها في التعلم والإدراك، ووصفها الكاتب شوقي عبدالحكيم «إنها ترجع إلى مراحل التوحش والبربرية والطوطمية فهي حكايات أقرب إلى التعليمية أو الشرح أو التفسير، إنها حكايات ملخصة، غاية في الدقة من حيث التصميم والتلخيص ولها مغزاها وحكمتها ودقة ملاحظتها».

توجد في الحكايات الشعبية العديد من القصص المرتبطة بمفردات الطبيعة، فمثلا يُحكى أن الأفاعي في بداية الخليقة خُلقت عمياء، وذات مرة كانت لدى الأفعى مناسبة فطلبت من الدودة الإفريقية تسمى بالشحرية (حذووت) استعارة عينيها لحضور المناسبة على أن تعيد العينين بعد المناسبة، ولكن الأفعى احتفظت بالعيون، وبعد ذلك أصبح الحدث مثالا فيُقال «لا تكن كالدودة التي أعارت عينيها للأفعى».

تقوم العديد من القصص الشعبية على تقدير الأم المتوفاة وتشنيع الضرة وابنتها اللتين تستحوذان على اهتمام الأب والنيل من ابنته اليتيمة، فقد يحبسها أو ينفيها إلى مناطق نائية، أو يكلفها بمهمات شاقة كالرعي دون ماء أو طعام، لكن اليتيمة تطلب من عجلها (بعفيرور) توفير الماء والطعام والعسل فيخرج لها من بطنه ما تحتاجه، فيثير ذلك غيرة أختها وتخبر أمها التي تطلب من زوجها ذبح العجل لطرد الأرواح الشريرة من الأم فيقوم الأب بذبح العجل ويحرم اليتيمة من الطعام والماء.

وهناك أيضا قصة مشابهة تدور حول الأم التي توفيت وتركت خلفها ولدًا وبنتًا، وتزوج والدهما امرأة أخرى بعد إصرار الطفلين على وجود امرأة لتدبير شؤون المنزل، وقد وجدا امرأة أغرتهما بالهدايا والألعاب وقد تزوجها الأب، وبعد ذلك بفترة زمنية أرسلت الأم البنت «بيليلت» إلى كهف لا قرارة له وبقيت فيه لا تعرف طريقا للخروج، أما الولد «محضيلول» فقد ذبحته العمة وأكلته، وحين رجع الأب في المساء من الرعي سأل عن أطفاله فأخبرته زوجته بأن خالهما مر عليهما وأخذهما مع أولاده إلى ديارهم، ومدت له قطعة من لحم ولده فطبقت في الحلق، ثم أخذ قطعة أخرى وطبقت في الحلق مرة ثانية، فرماها وجاء طائر يردد عبارة «أيها الشايب صاحب الشعر الطويل، محضيلول قد ذُبح وبيليلت محبوسة في الكهف».

في القصة عادت الأم بروح طائر لتبلّغ زوجها بمصير أطفاله. وتوجد العديد من القصص التي تتلبّس فيها أرواح الموتى في هيئات طيور ليلية أو حيوانات.

تحتاج القصص والحكايات الشعبية إلى دراسات أنثروبولوجية تكشف عن القيم والأفكار التي وظفها الإنسان لفهم الكون والظواهر الفلكية وابتداع الحكايات والأمثال والميثولوجيا القديمة في نقل المعارف والخبرات. ولذلك نحن بحاجة إلى تجميع القصص والأمثال ومن ثم دراستها ومقارنتها بالقصص والحكايات لدى الشعوب الأخرى، ويمكن توظيف الثقافة الشفهية في صناعة محتوى لعدة أشكال ثقافية.

محمد الشحري كاتب وروائي عماني

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الحکایات الشعبیة

إقرأ أيضاً:

المرأة اللبنانية طائر فينيق.. عاشت تحديات الحرب وانتفضت على الأزمات

بيروت "العمانية" – "فانا": واجهت المرأة اللبنانية أقسى التحديات، لا بل أصعبها، خلال نهاية 2024 وبداية 2025، فقد شهدت جمهورية لبنان بين شهر أكتوبر 2023 وأواخر شهر نوفمبر 2024 تصعيدًا في الأعمال العدائية الإسرائيلية، أسفر عن شهداء وجرحى وحالات نزوح جماعي، وتفاقم أوجه الضعف الاجتماعي والاقتصادي بين السكان. تحديات متعددة ومعقدة، ازدادت سوءًا بسبب الحرب والوضع الاقتصادي والاجتماعي المتأزم، ترافقت مع غياب الدعم على كل المستويات.

فقد عانت النساء في لبنان خلال الحرب نقصًا في الخدمات الأساسية، وتعرضن للعنف، وافتقرن إلى الرعاية الصحية والنفسية، لكن رغم التحديات، انتفضن ولعبن دورًا حيويًا في العمل الإغاثي ودعم المجتمع في أوقات الأزمات، ما عزز من تماسك المجتمع وإعادة البناء، وجعل المرأة تستحق وصفها بطائر "الفينيق".

لقد كانت قوة المرأة اللبنانية ومرونتها وقيادتها خلال الحرب لافتة، لكن الاعتراف بجهودها ومساهماتها ليس كافيًا ويتطلب معالجة العوائق التي تحدّ من مشاركتها في صنع القرار، لإطلاق العنان لإمكاناتها العالية خلال جهود التعافي في المستقبل القريب.

فالمرأة في لبنان كانت ولا تزال تواجه تحديات كبيرة، فعلى الرغم من التطورات الإيجابية في بعض المجالات، وتمتعها بحقوق مدنية متساوية مع الرجل، نجد مشاركتها في القوى العاملة منخفضة، فهي تواجه تحديات مثل التمييز في الأجور والتوظيف، بخاصة في ظل الأزمات الاقتصادية المتتالية. كل ذلك أوجد حراكًا نسويًا فاعلًا يسعى إلى تحقيق المزيد من المساواة والعدالة.

من رحم التحديات والأزمات أطلت نعمت عون وتسلمت رئاسة "الهيئة الوطنية لشؤون المرأة". وأكدت في الدورة الـ 69 لمؤتمر "وضع المرأة" في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، "التزام استكمال ورشة الإصلاحات وحملات التوعية فيما يخص حقوق المرأة، التي بدأتها الحكومة بتعيين خمس وزيرات لتولي حقائب وزارية تؤثر تأثيرًا مباشرًا على حياة المرأة".

وأملت في أن "يكون للمرأة حصة وازنة في التعيينات التي تتجه الحكومة لإقرارها، ما يشكل فرصة حقيقية لتعزيز موقعها في مراكز القرار". كما دعت "الأمم المتحدة إلى دعم جهود لبنان في إزالة العوائق التي تقف في وجه المرأة والفتاة اللبنانية"، مشددة على طموحها في "إعادة لبنان إلى دوره الريادي في المساواة بين الجنسين في منطقة الشرق الأوسط".

وأعادت نعمت عون التأكيد في الاجتماع الأول للجمعية العامة للهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية، التي تشكلت عقب استلامها رئاستها، أن "العمل سيستمر للبناء على التقدم المحقق وتعزيز المكتسبات التي تحققت"، مشددةً على "الدور المحوري الذي ستلعبه الهيئة باعتبارها الجسم الموحد لكل الجهود والمبادرات المتعلقة بحقوق المرأة في لبنان. وستكون الهيئة المظلة التي تنسق وتوجه السياسات، وتدعم جميع المبادرات الوطنية لضمان تحقيق التأثير المنشود في مجال حقوق المرأة وحقوق الإنسان". كما شددت على "أهمية تعزيز الدور الاستراتيجي للهيئة في صنع السياسات والتنسيق بين مختلف الجهود المتعلقة بشؤون المرأة، وذلك بالتعاون والتكامل مع جميع الجهات والمؤسسات المعنية".

وفي خطوة لافتة، وعلى هامش الانتخابات البلدية والاختيارية للعام 2025، سُجل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وهيئة الأمم المتحدة للمرأة، بالتعاون مع منظمة "فيفتي-فيفتي"، وبدعم من حكومة كندا، اتفاقية "سلمة" (سوا من أجل المساواة) وُقعت في بيروت، وتهدف هذه المبادرة الاستراتيجية إلى زيادة تمثيل النساء بشكل ملموس في المجالس البلدية في لبنان. تسعى الاتفاقية إلى ضمان تمثيل النساء بنسبة لا تقل عن 30 بالمائة في المجالس البلدية، بالإضافة إلى الطلب من الأعضاء المنتخبين في المجالس البلدية تحقيق المناصفة الجندرية في رئاسة ونيابة رئاسة البلدية، بحيث يكون الرئيس ونائبه من الجنسين. تشكل الاتفاقية تدبيرًا استراتيجيًا لتوفير بيئة انتخابية أكثر إنصافًا وشمولًا قبل الانتخابات البلدية والاختيارية.

وقد حظيت الاتفاقية حتى الآن بدعم واسع، حيث وقّعتها 105 جهات معنية، في مؤشر واضح للزخم المتزايد تجاه تحقيق المساواة بين الجنسين في الحكم المحلي. وفي هذا الإطار، أعلنت وزارة الداخلية والبلديات في لبنان نسب فوز النساء في الانتخابات البلدية والاختيارية لسنة 2025، كاشفة عن تفاوت لافت في تمثيلهن بين المجالس والمناصب المحلية. وبحسب الإحصاءات الرسمية، فقد بلغت نسبة النساء الفائزات في المجالس الاختيارية 16.40 بالمائة، وهي النسبة الأعلى مقارنة بباقي المواقع، تليها المجالس البلدية بنسبة 10.37 بالمائة.أما في ما يخص المخاتير، فقد سجلت النساء أدنى نسبة تمثيل، حيث لم تتجاوز 2.42 بالمائة.

والنساء في لبنان كن وما زلن في الصفوف الأمامية للاستجابة للأزمات، كقياديات، وأول المستجيبات، وصانعات سلام في أوقات الأزمات، ومع ذلك، لا يزلن مستبعدات عن القرارات الرئيسية التي تؤثر على حياتهن ومستقبلهن، فالمساواة بين الجنسين ليست مجرد حق من حقوق الإنسان، بل هي المفتاح للبنان أكثر عدلاً. وعلى الرغم من التحديات، هناك جهود متواصلة لتحسين وضع المرأة في لبنان، ولكن الأمر يتطلب المزيد من العمل على المستوى التشريعي والمجتمعي لتمهيد الطريق نحو مستقبل أكثر عدالة ومساواة.

مقالات مشابهة

  • سيدة عمرها 53 عامًا تنجب توأمين .. فيديو
  • المرشد الإيراني: الهجوم على قاعدة العديد الأمريكية يمكن تكراره
  • المرأة اللبنانية بين الحروب والأمل: طائر الفينيق لا يستسلم
  • المرأة اللبنانية طائر فينيق.. عاشت تحديات الحرب وانتفضت على الأزمات
  • حذاء النيل الأبيض.. طائر فريد يتهدده الانقراض
  • ديانا هشام تحتفل بتخرجها وتوجه رسالة لـ أشرف زكي
  • موقف عمومي
  • الإفتاء: لا يجوز شرعًا حرمان الأب أو الأم من رؤية أبنائهما بعد الطلاق
  • مشاجرة تنتهي بمقتل شاب على يد والده المسن
  • بيوت تطلق قصص تروبروكر “TruBroker™ Stories” أول أداة للتواصل الاجتماعي في العالم ضمن منصة عقارية