عندما ننتهز فرصة المقاطعة لإنعاش الاقتصاد الوطني
تاريخ النشر: 5th, August 2024 GMT
أغسطس 5, 2024آخر تحديث: أغسطس 5, 2024 عندما ننتهز فرصة المقاطعة لإنعاش الاقتصاد الوطني
سارة طالب السهيل
الحراك الشعبي التضامني مع أهل غزة بمقاطعة المنتجات الأجنبية الداعمة للكيان الإسرائيلي، حق مشروع استخدمته الشعوب كسلاح اقتصادي وسياسي نابع من إرادتها الحرة لوقف دعم إسرائيل في طغيانها وبطشها بالشعب الفلسطيني الأعزل في غزة، خاصة بعد ما تعرضوا له من تطهير عرقي وحرب إبادة مأساوية.
أداة الضغط التي استخدمها الناس للبضائع والشركات المتضامنة مع الكيان الإسرائيلي كبدت هذه الشركات خسائر فادحة، في الوقت الذي أحيا فيه الصناعات الوطنية البديلة في البلدان التي استخدم شعوبها هذا السلاح.
ورغم المخاوف التي أطلقها بعض المحللين والاقتصاديين من مخاطر مقاطعة العلامات التجارية العالمية الداعمة لإسرائيل، مثل ماكدونالدز وبابا جونز وستاربكس وغيرها في فقدان الكثيرين لوظائفهم، وهي مخاوف تداولها الكثير من الاقتصاديين وأصحاب رؤوس الأموال، وتبنوا فكرة خوفهم على أرزاق العاملين بها، وحفاظا على الاقتصاد الوطني من فقدان الاستثمارات الأجنبية وتدفقها.
وأظن أن كثيراً من الأحرار في العالم الغربي والمتضامنين مع حق الفلسطينيين في الحياة الآمنة ووقف حرب الإبادة ساهموا معنا في مقاطعة منتجات الشركات الداعمة لإسرائيل، ولا أتصور أن يؤدي موقف شعبنا من المقاطعة إلى وقف تدفق الاستثمارات الخارجية المحترمة.
ولكن في المقابل فإن هذه المقاطعة جاءت على طبق من ذهب لتغيير ثقافتنا الاستهلاكية، والتي انتصرت للمنتجات المستوردة على حساب المنتجات المحلية تأثرا بفنون الدعاية الجاذبة للماركات العالمية. وفي ظني أن تغيير ثقافتنا الاستهلاكية هو جزء أصيل في محافظتنا على هويتنا الوطنية التي هي مبعث نهضتنا الاقتصادية عبر الاعتماد على النفس والثقة بقدراتنا على المنافسة وتلبية احتياجات المستهلك المحلي من كافة السلع التي يحتاجها عبر إنتاج سلع جيدة تحظى برضاء المستهلكين وتشبع رغباتهم.
وأنا برأيي أننا وضعنا قدمنا على الطريق الصحيح، وأن الكثير من المنتجات أصبح لها بديلاً وكثير من المنتجات المحلية أصبحت أكثر تطوراً وأكثر جودة، وهذا الأمر أثبت وجهة نظري التي قلتها بعدة مقالات منذ بداية الحرب على غزة بأن المنتج المحلي سيجد حافزاً لتطوير نفسه، وسيجد زبوناً يبحث عنه بعدما كان منبوذاً كونه منتجاً محلياً ربما بسبب ضعف الجودة أو بسبب عقدة الأجنبي و(البريستيج) لطبقات المجتمع حديثي النعمة الباحثين دوماً عن جوازات سفر يدخلون بها العالم المخملي عن طريق التباهي بالأموال والمقتنيات.
بالعودة إلى موضوعنا نجد أن المصانع والشركات العربية أخذت فرصتها والكرة الآن في ملعبها إما أن تنتهز هذه الفرصة، وإما أن تخسر لمدة أطول وانتظار فرص جديدة أخرى.
من جانب آخر، فإن الشركات المحلية الحاصلة على توكيل من الشركات العالمية الأم، اضطرت مع الوقت لخفض العمالة، وقد تضطر مع استمرار المقاطعة إلى إغلاق فروعها، وهذه خسائر لا يمكن إنكارها، ولكن هذه الشركات المحلية يمكنها بكل سهولة توظيف طاقتها العملية والعمالية وخبراتها في تقديم منتج وطني وتوظيف هؤلاء الذين فقدوا وظائفهم بالمصانع والمعامل المحلية.
على أن تكون هذه المنتجات مدعومة من المواطن، حتى ينافس في جودته العلامات التجارية العالمية، والسوق المحلي على حد علمي مستوعب تماماً هذا التحول وقابل به ومرحب به جداً.
فهذه المقاطعة فرصة ذهبية من وجهة نظري إلى تنشيط الصناعات المحلية وتفعيلها وازدهارها بما يسهم في دفع عجلة الاقتصاد الوطني وتقليل اعتمادنا على المستورد لصالح المنتج الوطني. والتجربة العملية على أرض الواقع أثبتت انتعاش المنتج المحلي مثلما أقبل المستهلك الوطني على مطاعم فايرفلاي وبرغر ميكرز بعد مقاطعتهم لماكدونالدز، وتحولوا لشرب سما كولا وسينالكو وميتركس بعد مقاطعة بيبسي وكوكاكولا، ومن خسر وظيفته في الشركات صاحبة التوكيل للعلامة التجارية الأجنبية انتقل إلى العمل في الشركات المحلية، ومع انتشار الشركات المحلية وزيادة الطلب على منتجاتها، زاد بالمقابل إنتاجها وعدد العاملين بها؛ مما أنعش حركة الاقتصاد والتجارة في البلاد.
كما أن مال المستثمر الوطني صار في صالح البلاد بعد أن كان في صالح الاقتصاديات الأجنبية. إلى متى نبقى مجتمع غير منتج وغير مصنع وغير مصدر؟ إلى متى نبقى شعوب مستهلكة لما يصنعه الآخرون؟ هذه فرصتنا لنفكر ونعمل ونتطور وننتج.
تبقى ملاحظة مهمة ينبغي مراعاتها، وهي عدم لجوء الشركات المحلية إلى رفع أسعار منتجاتها على المواطنين المستهلكين استغلالاً من أصحاب هذه الشركات لزيادة الطلب على منتجاتها. والجهات المسؤولة عن حماية المستهلك ينبغي أن تقوم بدورها لمنع وقوع هذا الاستغلال ورفع الأسعار. إضافة لمتابعة الغذاء والدواء لمواصفات المنتجات فالتوسع في إنشاء الشركات والصناعات البديلة عن المستوردة وزيادتها بالسوق يخلق المنافسة السعرية بينهم لجذب المستهلك إليه.
المصدر: وكالة الصحافة المستقلة
كلمات دلالية: الاقتصاد الوطنی الشرکات المحلیة
إقرأ أيضاً:
مستشار السوداني: العراق على عتبة تحقيق قفزات نوعية في الاقتصاد الوطني
شبكة انباء العراق ..
أعلن المستشار المالي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح، اليوم السبت، أن العراق سيدخل عصر الجباية الالكترونية بشكل كامل منتصف العام الحالي، لافتا إلى احتلال البلد للمركز الثالث عربياً في عدد البطاقات المصرفية المصدرة يعد مؤشراً مهماً على تطور القطاع المالي وتزايد الثقة المجتمعية والدولية بالإجراءات الحكومية.
وقال صالح للوكالة الرسمية، إن “العراق سيدخل عصر الجباية الالكترونية بشكل كامل منتصف العام الحالي، وهذا الأمر يعزز ثقة المؤسسات المالية والمصارف الاستثمارية العالمية بأن العراق يتجه نحو اقتصاد أكثر شفافية واحترافية بأساليب متقدمة تضمن تحقيق الازدهار الاقتصادي”.
وأضاف، أن “الجباية الالكترونية من شأنها أيضا أن تمنح انطباعاً بأن البيئة المالية العراقية باتت أكثر استعداداً لاستقبال حلول التكنولوجيا المالية والاستثمارات في القطاعات المصرفية والتأمينية الرقمية بشكل جاذب ومتسارع”، مشيراً الى أن “هذه الخطوة تمثل انعكاساً للجهد الحكومي الاستراتيجي الساعي الى تحديث البنية التحتية المالية وتسهيل التعاملات غير النقدية”.
وتابع، أن “العراق احتل المرتبة الثالثة عربياً في عدد البطاقات المصرفية المصدرة، الأمر الذي يعد مؤشراً مهماً على تطور القطاع المالي وتزايد الثقة المجتمعية والدولية بالإجراءات الحكومية”، مبيناً أن “الحكومة تسعى بشكل حثيث نحو التحول المالي الرقمي لبلوغ مستويات متقدمة في التنمية المستدامة وفقاً لمؤشرات خطة التنمية الوطنية ٢٠٢٤-٢٠٢٥ والبرنامج الحكومي الراهن”.
وأوضح، أن “التقدم الذي حققه العراق في مجال استخدام المدفوعات الرقمية المصرفية، يؤشر من دون شك مقدار التقدم الاستراتيجي المتسارع المتحقق في نشر استخدام البطاقات المصرفية، وبدء تحقيق تحول هيكلي في الاقتصاد العراقي نحو الاقتصاد الرقمي”.
وذكر أن “الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة، سيتيح للعراق تحقيق قفزات نوعية في الشمول المالي وتعظيم القيمة المضافة في الاقتصاد الوطني وخفض الفقر والبطالة، فضلاً عن تسهيل الإصلاحات الاقتصادية على نطاق أوسع”، لافتاً الى أن “هذا الأمر يعد في الوقت نفسه نجاحاً كبيراً للبرنامج الحكومي المتعلق بالحوكمة الالكترونية وتنفيذ بنية تحتية رقمية متكاملة وأساسية تمهيد للتحول إلى اقتصاد رقمي وشمول مالي واسع”.
user