ناشط بارز يدعو لـ فرض عقوبة قطع اليد لـ مكافحة الفساد في العراق
تاريخ النشر: 5th, August 2024 GMT
أغسطس 5, 2024آخر تحديث: أغسطس 5, 2024
المستقلة/- دعا الناشط في مجال مكافحة الفساد، سعيد ياسين موسى، إلى إجراء تعديل جذري في قانون العقوبات العراقي لمواجهة ظاهرة الفساد المتفشية في البلاد. وفي تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي “إكس”، طالب موسى بإضافة مادة قانونية تنص على “قطع يد السارق والسارقة وكل معتدي وحرامي ومتجاوز على المال العام تحت أية ذريعة وتفسير ووفق الشريعة الإسلامية”.
وأكد موسى أن هذا التعديل يأتي في إطار جهود مكافحة الفساد وتحقيق الاستقرار المجتمعي والتنمية. وأوضح أن تطبيق هذه العقوبة الصارمة سيشكل رادعاً قوياً لكل من تسول له نفسه التعدي على المال العام. وأضاف أن الفساد أصبح يشكل تهديداً كبيراً على الاقتصاد الوطني وعلى استقرار المجتمع، مما يستدعي اتخاذ إجراءات حازمة وحاسمة للتصدي له.
وأشار موسى إلى أن تزايد حالات الفساد ونهب المال العام يعكس ضعفاً في تطبيق القوانين الحالية وعدم كفايتها لردع الفاسدين. وأكد أن اللجوء إلى التشريعات المستندة إلى الشريعة الإسلامية قد يكون حلاً فعّالاً لضمان تحقيق العدالة وتقوية النزاهة في إدارة الموارد العامة.
كما دعا موسى كافة الجهات المعنية، من برلمان وحكومة ومنظمات مجتمع مدني، إلى دعم هذا المقترح والعمل على دراسته وتطبيقه بأسرع وقت ممكن. وشدد على أن المجتمع بأسره يجب أن يقف صفاً واحداً ضد الفساد والفاسدين لتحقيق مستقبل أفضل للأجيال القادمة.
وفي ختام تغريدته، أبدى موسى تفاؤله بأن يتم الاستجابة لهذه الدعوة وأن يتم اتخاذ خطوات جادة وملموسة نحو مكافحة الفساد بكل أشكاله، مؤكداً أن تطبيق العقوبات الرادعة هو الطريق الأمثل لتحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة.
المصدر: وكالة الصحافة المستقلة
كلمات دلالية: مکافحة الفساد
إقرأ أيضاً:
العراق ما بعد 2003.. دولة تتعثّر وسياسة تتكرّر
منذ 2003، يعيش العراق تجربة سياسية فريدة في العالم العربي؛ نظام ديمقراطي تعددي، لكنه هشّ، قائم على المحاصصة لا على الكفاءة، وعلى التوازنات الطائفية أكثر من الرؤية الوطنية. فهل يستطيع العراق اليوم أن يتحرر من عبء هذا التأسيس المعطوب، ويعيد تعريف السياسة بوصفها أداة للبناء لا للصراع؟
السياسة في العراق لا تعاني من فراغ، بل من فائض في الخطابات ونقص فادح في النتائج. البرلمان يعج بالتحالفات، لكن القوانين المصيرية تبقى معلّقة.. الحكومات تتشكل بشق الأنفس، ثم تمضي أغلب فترتها في النجاة من الانهيار. وفي ظل هذا الواقع، يُترك المواطن أسيرا لأزمات متراكمة؛ كهرباء مفقودة، تعليم متراجع، وفساد ينهش مفاصل الدولة.
القوى السياسية، رغم تغير الأسماء، لا تزال تدور في فلك الحسابات الضيقة، حيث تُقدّم الولاءات الطائفية والحزبية على أي مشروع جامع. والمفارقة أن الشارع العراقي، رغم التضحيات الكبرى، لم يُترجم حضوره في الساحات إلى حضور مؤسسي حقيقي في مراكز القرار
ما يفاقم المأزق أن القوى السياسية، رغم تغير الأسماء، لا تزال تدور في فلك الحسابات الضيقة، حيث تُقدّم الولاءات الطائفية والحزبية على أي مشروع جامع. والمفارقة أن الشارع العراقي، رغم التضحيات الكبرى، لم يُترجم حضوره في الساحات إلى حضور مؤسسي حقيقي في مراكز القرار.
لكن الفرصة لم تُهدر بعد، فالعراق يمتلك كل مقوّمات الدولة القوية موقع استراتيجي؛ ثروات ضخمة، وطاقات بشرية لافتة. المطلوب فقط هو قرار شجاع بكسر منطق المحاصصة، وبناء مؤسسات تحكمها الكفاءة، لا الهوية الفرعية. فلا ديمقراطية تنجح بلا دولة، ولا دولة تنهض بلا سياسة رشيدة.
التحول السياسي في العراق لا يتطلب معجزة، بل مراجعة صادقة تبدأ من داخل الطبقة السياسية نفسها. فالنظام الديمقراطي لا يكتفي بمجرد وجود الانتخابات، بل يتطلب مؤسسات قادرة على الرقابة، وبيئة قانونية تُحاسب الفاسد وتحمي الكفوء. التجربة العراقية أثبتت أن الديمقراطية الشكلية، عندما تُفرّغ من مضمونها، تتحول إلى غطاء للشللية والمصالح الضيقة.
ولعل أبرز التحديات التي تواجه العراق اليوم هي أزمة الثقة، ليس فقط بين المواطن والحكومة، بل بين القوى السياسية نفسها. كل طرف يشكّ في نوايا الآخر، والكل يفاوض من موقع القلق، لا من موقع الشراكة. وفي ظل هذا المناخ، تُفرغ الدولة من مضمونها، وتتحول إلى ساحة صراع مستمر على النفوذ، بدل أن تكون إطارا ضامنا للاستقرار والنمو.
لا يمكن الحديث عن إصلاح سياسي دون معالجة ملف الفساد، لقد تحوّل الفساد في العراق من سلوك فردي إلى منظومة متكاملة، تحمي نفسها وتعيد إنتاج نفوذها داخل مؤسسات الدولة
من هنا، فإن أي إصلاح سياسي حقيقي يجب أن يبدأ بإعادة تعريف العلاقة بين الدولة والمجتمع. لا يمكن بناء وطن مستقر دون إشراك فعلي للمواطنين في صنع القرار، ودون ترسيخ ثقافة المواطنة فوق أي انتماء آخر. كما أن النخب السياسية مطالبة بأن تغادر منطق إدارة التوازنات إلى منطق بناء الدولة، ومن عقلية الترضيات إلى منطق التخطيط والإنجاز.
ولا يمكن الحديث عن إصلاح سياسي دون معالجة ملف الفساد، لقد تحوّل الفساد في العراق من سلوك فردي إلى منظومة متكاملة، تحمي نفسها وتعيد إنتاج نفوذها داخل مؤسسات الدولة. مواجهة الفساد تتطلب استقلالا فعليا للقضاء، وإرادة سياسية لا تتردد أمام الأسماء الكبيرة أو الحسابات الحزبية.
أما على الصعيد الإقليمي، فإن استقرار العراق ليس مصلحة داخلية فحسب، بل ضرورة عربية ودولية. عراق قوي يعني توازنا في المنطقة، ومصدر استقرار لا ساحة صراع. وهذا لن يتحقق إلا إذا استطاع العراق أن يُنهي حالة التبعية في قراره السياسي، ويستعيد زمام المبادرة كدولة ذات سيادة كاملة.
إن أراد العراق أن يستعيد دوره العربي والإقليمي، فعليه أولا أن يصالح الداخل مع نفسه، ويؤسس لعقد سياسي جديد، يخرج من عباءة ما بعد 2003، ويتجه نحو ما بعد الجمود. فهل يملك صانع القرار في بغداد هذه الشجاعة؟ أم أن السياسة ستظل مرهونة بعقلية الغنيمة لا الدولة؟