(١) أسوأ الخلاصات في تجربة التيار الاسلامي الوطني في الحكم والممتدة لثلاثين عاما ان حركة الإسلام استلمت السلطة عبر الانقلاب في ٣٠ يونيو ١٩٨٩ على حكومة الإمام والزعيم الوطني الصادق المهدي ولخصت دواعي الانقلاب في ثلاثة اسباب اولها ان مذكرة هيئة قيادة الجيش السوداني التي رفعت إلى السيد رئيس الوزراء في فبراير ١٩٨٩ وضعت السودان في دائرة الانقلاب المفتوح.

السبب الثاني ان الغرب لا يسمح للديمقراطية ان تلد مولودا اسلاميا وإلا سارع لوأده لأن اي مشروع نهضة إسلامية يؤسس على هوادي الدين والديمقراطية يقف على تضاد مع النهضة الغربية المؤسسة على مروق الدين من الاقتصاد والسياسة والثقافة .والسبب الثالث ان التمرد الذي يقوده الدكتور قرنق يتمدد بقوة السلاح ويكاد يبتلع السودان بمشروعه القومي العنصري المناهض لقيم العروبة والاسلام
(٢)
بعد ثلاثين عاما من الحكم نفذت اللجنة الأمنية لنظام الرئيس البشير انقلابا عسكريا في يوم ١١ ابريل ٢٠١٩ . ثم توارت قيادات اللجنة الأمنية عن المشهد السياسي وتسنمت السلطة الانتقالية مجموعة من العملاء وشذاذ الآفاق الذين اعادوا عجلة التاريخ السياسي إلى ذات اللحظة التي سبقت انقلاب ٣٠ يونيو ٨٩ فالسودان بعد توقيع الوثيقة الدستورية في أغسطس ٢٠١٩ اصبح يدار كليا من السفارات الأجنبية لدرجة ان السفير البريطاني صاغ مذكرة طلب البعثة الأممية يونتاميس دون علم مجلسي السيادة والوزراء . وتم وضع فيتو احمر يقضي باقصاء الاسلاميين من الحياة السياسية بل وكاد ان يتم تصنيفهم كجماعة إرهابية كما صرح صديقنا اللدود محمد الفكي سليمان. ثم تضخمت مليشيا ال دقلو سياسيا واقتصاديا وعسكريا وتم توظيفها من الحلف الخارجي لتصفية الاسلاميين من جذورهم مقابل ايلولة حكم السودان وراثيا لأسرة آل دقلو واثنية العطاوة.وتمكن هذا المشروع يعني تفتت وانهيار الدولة السودانية.
(٣)
حقا فان التاريخ ماكر ويضمر الشر لمن لا يتعظ منه كما ذكر هيغل فمنذ صعود الاسلاميين للحكم في يونيو ١٩٨٩ لم يتغير الهدف الاستراتيجي للحلف الإقليمي والدولي والرامي إلى إسقاط تجربة الاسلاميين في الحكم بل تغيرت التكتيكات حتى اسقطها من داخل بنيتها الصلبة وفق نظرية الاقتراب الاستراتيجي .
بينما تحولت استراتيجية الحركة الاسلامية في التغيير الحضاري الشامل عبر السلطة ومؤسسات الدولة وشعارها ان الله ليزع بالسلطان ما لا يزع يالقران إلى محض تكتيك.ثم وظف الحلف الخارجي الخبيث تناقضات الاسلاميين لاسقاط تجربتهم في الحكم وهكذا كان الاسلاميون بارعون في تكتيكات إسقاط تجربة الحكم ، وفاشلون في استراتيجيات العض عليها بالنواجذ وتعهدها بالاصلاح الصبور والمستمر حتى انضاج المثال الديمقراطي.
(٤)
لكن لا زالت أمام الاسلاميين الفرصة لاستعادة الثقة في ذاتهم بالوحدة الشاملة في كيان طليعي جديد وقيادة جديدة. واستعادة ثقة المجتمع بالذوبان فيه لصناعة مشروع النهضة الوطنية الشاملة المؤسسة على هوادي الحرية والديمقراطية المستدامة. وقبل هذا وذاك القتال مع الجيش السوداني كتفا بكتفا في معركة الكرامة والشرف الوطني لهزيمة مشروع تفكيك السودان على اسس هوياتية.

عثمان جلال

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: فی الحکم

إقرأ أيضاً:

انقلابات عسكرية في أفريقيا حوّلت دولها إلى حمامات دم.. تعرف عليها

تعاني القارة الأفريقية من مخلفات الاستعمار على حياتها السياسية، والتي تسببت في كثرة الانقلابات العسكرية وما ينجم عنها من حروب أهلية ومذابح ومآس لا تتوقف.

وأزهقت أرواح مئات الآلاف من الأفارقة منذ ستينيات القرن الماضي، بعد استقلال أغلبية الدولة الأفريقية ولو صورة شكلية عن مستعمريها، لكن القادة العسكريين الذين تسلموا مفاتيح القوة في بلادهم واصلوا الانقلابات للسيطرة على السلطة.



ويسلط انقلاب غينيا بيساو أحد انقلابات أفريقيا، رغم أنه لم يتورط بسفك الدماء وارتكاب مذابح حتى الآن، على أصعب الانقلابات العسكرية وأكثرها دموية في أفريقيا.

ونستعرض في التقرير التالي، 5 من الانقلابات الدموية في القارة السمراء:

هذا التقرير يستعرض أكثر خمسة انقلابات دموية في تاريخ أفريقيا، وفق التقديرات التاريخية والأبحاث الأكاديمية، ليذكر بأن العنف المسلح لا يغير الأنظمة بقدر ما يدمر المجتمعات.

انقلاب نيجيريا 1966

في 29 تموز/يوليو 1966، دخلت نيجيريا أكبر دول أفريقيا من ناحية التعداد السكاني، في دوامة دموية، عندما نفذ ضباط شماليون انقلابا مضادا ضد الحكومة الانتقالية بقيادة الجنرال أغوي إيرونسي، الذي كان قد وصل إلى الحكم إثر انقلاب آخر قبل أشهر.

ورغم أن الذريعة المعلنة، كانت حماية الوحدة الوطنية، لكن الانقلاب تحول إلى مذبحة عرقية استهدفت الجنوبيين، ولا سيما شعب الإيغبو، وأزهقت أرواح عشرات الآلاف من السكان.

ونتيجة للانقلاب وحملة القمع الواسعة التي رافقته للسيطرة على الحكم في البلاد، قتل أكثر من 30 ألف مدني خلال أشهر قليلة عبر عمليات قتل جماعي وإعدامات ميدانية في الشمال.

وتسبب الانقلاب في إشعال فتيل حرب بيافرا الأهلية، التي امتدت نحو 3 سنوات سوداء، والتي راح ضحيتها أكثر من مليون نيجيري، لا تزال آثارها تشكل معضلة عرقية في البلاد.

انقلاب بوروندي 1993

في 21 تشرين أول/أكتوبر 1993، نفذ اللواء بيير بيوغوفورو انقلابا عسكريا ضد الرئيس ميليكون نداداي، الذي فاز بأول انتخابات ديمقراطية في تاريخ بوروندي.

وفجر الانقلاب العسكري في البلاد، وقتل الرئيس ومسؤوليه موجة عنف عرقي غير مسبوقة بين الهوتو والتوتسي، وصلت إلى حد الإبادة.


ووفقا للتقارير الحقوقية، وإحصائيات أممية، فقد قتل أكثر من 50 ألف إنسان، في الأيام الأولى للانقلاب، معظمهم كانوا من مؤيدي الحكومة المنتخبة، في إجراء انتقامي من قبل الجيش.

وكان أكثر المستهدفين من الهوتو، فضلا عن جرائم الاغتصاب الجماعي، واستمرت أعمال القتل التي تحولت إلى حرب إثنية بين الهوتو والتوتسي، حتى عام 2005، قدرت الحصيلة النهائية للقتلى بأكثر من 300 ألف قتيل، فضلا عن المفقودين.

انقلاب ليبيريا 1980

في 12 نيسان/ أبريل 1980، وقع انقلاب في ليبيريا، على يد القائد العسكري صموئيل دو، وافتتح الانقلاب بمجزرة بحق الرئيس ويليام تولبرت وعشرات من كبار المسؤولين بينهم الوزراء في البلاد.

ولم يتوقف قادة الانقلاب عند هذا الحد، للسيطرة على البلاد، لكنهم قادوا مرحلة تصفيات واغتيالات ممنهجة ضد المعارضة في البلاد، وهو ما قاد إلى تحويل البلاد إلى ساحة فوضى، ووقوع واحدة من أكثر الحروب الأهلية الدموية في أفريقيا.

ووفقا لتقارير أممية، فقد بلغت حصيلة قلت الانقلاب والحرب الأهلية الناتجة عنه، آلاف القتلى فضلا عن المفقودين والمصابين.

انقلاب بوركينا فاسو 1987

في 15 تشرين أول/أكتوبر 1987، أقدم الضابط في الجيش بليز كومباوري، على اغتيال الرئيس توماس سكانارا رفيقه السابق في الجيش، من أجل الاستيلاء على الحكم.

ولتثبيت أركان حكمه، والسيطرة على البلاد، نفذ كومباوري، حملة إعدامات بحق 13 من مساعدي ومسؤولي الرئيس، وشخصيات أخرى في البلاد.

وأدخل الانقلاب البلاد في حملة قمع واسعة، تضمنت اعتقالات وإعدامات خارج القانون، وصلت إلى أكثر من ألف قتيل، علاوة على مئات المفقودين جراء حملات الاعتقالات الواسعة.

انقلاب غينيا بيساو 1998

في أيار/مايو 1998، أدخل الجنرال أنسيمو توري كامارا، البلاد في واحدة من أسوأ فتراتها، وقادها نحو حرب أهلية دموية، بعد الانقلاب على الرئيس جواو بيرناردو فيريرا نان فورادي.

وبدأ الانقلاب بقتل قرابة 500 في الأيام الأولى لتنفيذه، وشملت الإعدامات كبار المسؤولين في البلاد من المحسوبين على الرئيس فورادي، ومؤيديه.



وتسبب الانقلاب في تدخل خارجي بسبب دموية جنرالات الجيش، وتحرك قوات من السنغال وغينيا، ودخلت البلاد في حرب أهلية خلفت آلاف القتلى، فضلا عن موجات نزوح، وهو ما جعل فترة سيطرة كامارا على الحكم قصيرة.

مقالات مشابهة

  • عسكرية!!
  • هقوم أصلي العشاء.. نشوى مصطفى ترد على شائعات وفاتها
  • غينيا بيساو.. حكومة انتقالية وسط جدل الانقلاب
  • «عقار» يجدد دعوة الاستنفار ويؤكد عدم رغبة الجيش في السلطة
  • انقلابات عسكرية في أفريقيا حوّلت دولها إلى حمامات دم.. تعرف عليها
  • سكك حديد مصر تستكمل جهودها لنقل الأشقاء السودانيين.. 33 ألف راكب مستفيد من مشروع «العودة الطوعية»
  • مركز الملك سلمان يوزع سلالاً غذائية بثلاث دول.. تدشين برامج تدريبية للنساء وأسرهن في المكلا
  • أكثر من 14 مليون شخص نازح ولاجئ .. السودان يغرق في أزمة إنسانية
  • حركة فتح: تجربة الإخوان في الدول العربية مريرة وانتهت بتصاعد التطرف
  • انقلاب الـ24 ساعة العسكري في غينيا بيساو.. هزة سياسية تعطل مشروع الغاز الإقليمي