تلفزيون السودان .. ومُتحرِّك عواطف محمد عبد الله
تاريخ النشر: 7th, August 2024 GMT
بَـحّ صوتنا ونحن ننادي باعتماد تلفزيون السودان القومي مصدراً وحيداً لتلقي الأخبار المرتبطة بسير الأوضاع، ويوميات الحرب بالبلاد، ونادينا بتعظيم وضعيته وجعله قبلةً لتلفزيونات العالم من خلال منحه ميزات حصرية في نقل تصريحات وحوارات وأخبار قادة البلد وتطورات الميدان والسياسة.
خلال يوميات الحرب التي انصرمت من أشهرٍ مضت، ظلّ التلفزيون جهازاً كَسِيحَاً (لا يَهش ولا يَنش)، لأنّ استراتيجية الإعلام العرجاء أرادت له أن يكون كذلك، فضاعت فرصة الحكومة وجيشها في صياغة الواقع الذي يخدم تكتيكات الحرب والسِّياسة، وبغباءٍ نحسد عليه، جعلنا العالم يتابع أخبارنا من خلال شاشات الأعداء وبث القنوات التي كبرت ونمت من أخبار السودان التي تتلقّفها قناتنا القومية الوحيدة من الخارج.
خلال فترة الحرب، أضعنا على تلفزيون السودان فرصة أن يكون هو الناقل الوحيد لأحداث السودان الكبيرة، وجعلناه تابعاً لفضائيات صغيرة ومُغرضة لا تعلم شيئاً عن بلادنا وما يدور فيها، حتى إنّ تلفزيون الحرب تحوّل إلى مادة مثيرة للسخرية، وبينما أبناء السودان يموتون وينزحون ويُشرّدون وتُغتصب حرائره، وبناته يبعن في الأسواق، كان التلفزيون يُحدِّثنا عن ثمار المانجو، وفقه الحج والزكاة، وتراث المناطق، وسط فواصل إرشيفية من مواد مُعلّبة لأغنيات ومقطوعات موسيقية لا صلة لها بواقع الميدان.
في ذلك الوقت، كان كبار المسؤولين في البلد يطلون على الشعب السوداني من (شاشاتٍ عميلةٍ!)، وقنوات خارجية يفشل مذيعوها حتى في نطق أسماء مناطقنا، كان التلفزيون القومي يشعرك حينها أنّه يبث مواده المُعلّبة الماسخة من (جمهورية الموز)، ويأخذ حتى أخباره من مصادر ووكالات أنباء خارجية، ويُسيطر عليه الموات وضعف التفاعل مع الواقع الذي كان يشهَد مُحاولات تدمير وإنهاء وجود الدولة السودانية.
بالطبع، لا أحدٌ يُمكن أن يلوم القائمين على أمر التلفزيون، لأنّ القادة مُغْرَمُون بالحديث للمُراسلين الأجانب، وفي توقٍ دائمٍ للإطلال عبر الشاشات الخارجية وإن كانت عميلةً، يمنحونها حق السَّبق، ويضنون بمجرد تصريح حول حدثٍ عابرٍ لتلفزيون الدولة..!
الحوار الذي قدمته المذيعة المُتميِّزة عواطف محمد عبد الله، على شاشة التلفزيون وهي تستضيف الفريق أول ياسر العطا، عضو المجلس السيادي ومساعد قائد الجيش، يصلح أنموذجاً نضعه على طاولة الكبار، لأنّه استعاد هيبة التلفزيون، ونبّه الدولة إلى خطل مُمارساتها السابقة وهي تهمل الجهاز القومي وتتجاوزه إلى القنوات الخارجيّة، في مسلكٍ غَريبٍ ومُريبٍ لا نجد له أيِّ تبريرٍ موضوعي أو منطقي.
ومن كمال وعي الفريق العطا، أنّه اختار الإطلالة عبر تلفزيون السودان، وجعل الأفئدة والمسامع والأعين تأوى إليه من جديد، وتعتمده مصدراً مُهمّاً للأخبار والمعلومات حول سير العمل الميداني والسياسي في مرحلةٍ فارقة من تاريخ السودان.
ماذا لو خَصّصَ التلفزيون خارطته البرامجية اليومية لنقل كل ما يدور في يوميات الحرب، وجعل من قناتنا القومية مصدراً لتلقي الأخبار عبر البيانات الراتبة للناطق الرسمي باسم الجيش والمتحدثين الآخرين، ماذا لو استمرّت إطلالات وحوارات المسؤولين في الدولة والجيش ولو مرة كل شهر حول سير العمليات والتطورات السياسية والميدانية، ولماذا لا ينقل التلفزيون تفاصيل المعارك اليومية ونبض الخنادق وحياة القابضين على الزناد، أين الأفلام التي تُوثِّق للتطورات المفصلية في الحرب على الجنجويد، استشهاد 35 من الحرس الرئاسي، صمود المدرعات، والتحام الجيشين في أم درمان، وتحرير الإذاعة، ومعارك الفاشر والهجّانة مثلاً، كيف يمكن أن نجعل التلفزيون موثقاً لأحداث ود النورة واغتصاب النساء وسبيهن وبيعهن، وللكثير من انتهاكات حقوق الإنسان.
شكراً سعادة الفريق أول ياسر العطا وللمتميزة عواطف عبد الله، على الحوار الذي أعاد العافية للتلفزيون القومي ووضعه في مكانته الصحيحة، مع الأمنيات بأن نشاهد قريباً حوارات للبرهان وكباشي وإبراهيم جابر، وقادة القوات المشتركة وهيئة العمليات والمُستنفرين، وأن يكون التلفزيون هو المصدر الذي تستقي منه قنوات العالم، المعلومات عن السودان.
التحية للكادر صاحب إنجاز حوار العطا من أبناء التلفزيون القومي في مُتحرِّك (عواطف محمد عبد الله) الذي حرّر التلفزيون من الجمود والسلبية والنمطية، ودفع به إلى صدارة الأحداث وصناعة المُحتوى الذي مازال يُحرِّك الساحة السياسية.
*محمد عبد القادر*
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: تلفزیون السودان عبد الله محمد عبد
إقرأ أيضاً:
الحرب فرضت نفسها علي الواقع السوداني وكما ترون فقد تحولت البلاد الي حطام !!.. ما الذي قادنا الي هذا الوضع الكارثي ؟! الجهل هو السبب !!..
ghamedalneil@gmail.com
نتوجه إلي المهتمين بالشأن التربوي والتعليمي بالداخل والخارج من الحادبين علي المصلحة العامة ومن خلال منابرهم ومنتدياتهم العامرة أن يولوا في هذه المرحلة ( بالذات التي أوشكت فيها بلادنا أن تتسرب من فروج أصابعنا إن لم تكن تسربت بالفعل ) جل اهتمامهم للتبشير بأن زمن الجهل قد ولي وان العلم النافع والعمل الصالح أصبحا هما الضرورة القصوى لنهضة الاوطان وبالتالي السمو بالإنسان الي اعلي المراتب ليكون القدوة والمثال في التجرد والإخلاص من أجل حياة تسعه وغيره في شفافية وعدل ومساواة وعيش كريم خال من النواقص والمكدرات وليست الغاية هي الدخول في المدينة الفاضلة وهذا مستحيل ولكن الغاية أن يعرف كل مواطن حقوقه وماعليه من واجبات وان يكف أذاه عن الآخرين وأن يابي الضيم علي نفسه بالقانون والنظام ولا يفكر يوما أنه فوق الجميع وأن لاينصب ذاته وصيا عليهم وكم جنينا من كوارث وفتن ومحن ونفر منا ميزوا أنفسهم ووضعوها فوق النجوم ونظروا للبقية من عل وهذه النظرة الشائهة تجسمت في اختلال المجتمعات والحروب الأهلية وتفشي الكراهية والفساد والعنصرية وقيام الأنظمة الديكتاتورية وتفرعن أباطرة آخر الزمان الذين لا يجدون لذة إلا في مايريقون من دماء ويعجبهم منظر الخرائب ويطربون لنعيق البوم وانات المجروحين والثكالي والأطفال ولا يشبعون إلا اذا تيقنوا تماما أن الأرض استحالت الي يباب وسواد في سواد ورماد !!..
وقد وصلنا الي هذا الحد من مأساة القرن والجميع يتفرج ومنهم من يتكسب والأمر بالنسبة له اوكازيون لايريد له أن يفلت من بين يديه والذين أشعلوا الحرب صارت عندهم الجرأة في تشتيت الإنتباه بعيدا عنهم وقد خلا لهم الجو ونادوا بعين قوية أن يكون الحل هو لعبتهم من طرف واحد وهم الأجدر وبالغوا في تفاؤلهم وخرجوا بمكبرات الصوت يدعون أصدقائهم بأن هلموا الينا في سعينا لإعادة إعمار مادمرته الحرب اللعينة العبثية المنسية !!..
هل سمعتم طال عمركم يوما ما أن الحل سيكون بيد من تسبب في الكوارث ؟!
نخلص الي أن الدمار الذي حصل ببلادنا كان سببه الجهل والجهل المطبق وهذا الجهل تراكم الي أن وصل الذروة وضاق صدر البركان بالحمم ولم يقوي علي التحمل وخرجت ( اللافا ) من فوهته لتغطي مجمل أرض النيلين العزيزة وهذا الشر المستطير عم القري والحضر ومازالت مصائبه تتوالي لينعم الجميع بالحريق شعبا وحكومة وصار العجز سيد الموقف والكل يبحث عن مخرج والعالم مشغول بالمال الذي قالوا إنه دين أوروبا الجديد والحقيقة أنه دين امريكا الجديد وفي جولة واحدة رجع سيد امريكا بثلاثة تريليون وربع دولار وطائرة وأكرموه ببزخ وحتي عربته وطات عجلاتها الموكيت الازرق الذي كان احمرا وقد غيروه لعربة سيادته حتي تكون آخر انبساط ونكاية في أهل غزة الذي فتك بهم الجوع واحتشدوا بالمئات والكل يحمل ماعونه حتي يعطي حفنة طعام لايسمن ولا يغني من جوع !!..
الحل ليس بكل هذه المبادرات والمناشدات بوقف إطلاق النار والجلوس للمفاوضات لأن كل هذه الآليات تم تجريبها ولم تجد نفعا والحال ياهو الحال والمعمعة تزداد شراسة والشرق والغرب وإيران وتركيا كلهم يجربون علي رؤرسنا مسيراتهم الجهنمية وعراقجي مازال يفاوض الامريكان مثل مايحصل في حكايات ألف ليلة وليلة ومثل دخلت نملة وأخذت حبة وجات طالعة وقد نجحت اللعبة الأمريكية الإيرانية في فقدان العرب لمزيد من الأراضي والحبل مازال علي الجرار والمسلسل مستمر وجاء الدور علينا وأرضنا اين هي لقد تبخرت مثل شربة ما !!.
الحل أن يعود التعليم كما كان من الخلوة الي التعليم العالي وان تهتم الدولة بالتعليم العام والجامعي وان تفرد له الميزانيات الكبيرة وكذلك الاهتمام بالصحة وان يكون التعليم الخاص في أضيق نطاق مع ضبطه الي أقصي حد كفانا بوتيكات لم تقدم لنا من مخرجات غير جهلة ومنهم من وصل إلي ارفع الوظائف ومازال يتلعثم وهو يقرأ من ورقة أمامه في منبر عالمي جلب علينا العار والسخرية ليس لأن الخطاب باللغة الإنجليزية وحتي لو كان باللغة العربية فالأمر سيان !!..
حمد النيل فضل المولي عبد الرحمن قرشي .
معلم مخضرم .