أكبر توغل أوكراني عبر الحدود الروسية: هل سيساهم التقدم في كورسك في تغيير موازين الصراع؟
تاريخ النشر: 10th, August 2024 GMT
نفذت القوات الأوكرانية توغلاً سريعاً في منطقة كورسك الروسية، وقد وُصف بأنه أكبر عملية توغل عبر الحدود منذ بدء الحرب المستمرة منذ قرابة عامين ونصف. هذا التوغل كشف عن نقاط ضعف في الدفاعات الروسية ووجه ضربة مؤثرة للكرملين.
التوغل المفاجئ أجبر آلاف المدنيين على الفرار من المنطقة، في الوقت الذي تكافح فيه القوات الروسية لصد الهجوم.
بالنسبة لأوكرانيا، يعتبر هذا الهجوم عبر الحدود بمثابة دفعة معنوية هامة في ظل مواجهة قواتها التي تعاني من نقص في الأفراد والأسلحة، إضافة إلى أن الهجمات الروسية متواصلة على جبهة تمتد لأكثر من 1000 كيلومتر (620 ميلا).
تدفقت قوات كييف إلى منطقة كورسك من عدة محاور في الساعات الأولى من يوم الثلاثاء، حيث تمكنت بسرعة من اجتياز عدد من نقاط التفتيش والتحصينات الميدانية التي كانت تحت سيطرة وحدات حرس الحدود والمشاة المسلحين بشكل خفيف على طول الحدود البالغ طولها 245 كيلومترًا (152 ميلًا) مع أوكرانيا.
على عكس الهجمات السابقة التي نفذتها مجموعات صغيرة من المتطوعين الروس الذين يقاتلون إلى جانب القوات الأوكرانية، يبدو أن الهجوم على منطقة كورسك شمل وحدات من عدة ألوية أوكرانية محنكة.
الرئيس الروسي بوتين يؤكد فشل الهجوم الأوكراني المضاد14 قتيلا في قصف صاروخي روسي في دونيتسك.. وإعلان حالة الطوارئ بمنطقة كورسك بعد توغل عسكري أوكرانيكييف تكثف ضرباتها في منطقة زابوروجيا وموسكو تعتبر الهجوم الأوكراني على الجبهة فاشلاإلى أين انتهى الهجوم الأوكراني المضاد؟ واقعيةٌ في كييف وتساؤلاتٌ في الغربأفاد مدونون عسكريون روس بأن مجموعات متنقلة أوكرانية تتألف من عدة مركبات مدرعة اخترقت بسرعة عشرات الكيلومترات داخل الأراضي الروسية، متجاوزة التحصينات الروسية ونشرت الذعر في جميع أنحاء المنطقة.
وفقًا لمعهد دراسة الحرب، وهو مركز أبحاث مقره واشنطن، تمكنت القوات الأوكرانية من التوغل حتى 35 كيلومترًا (20 ميلًا) داخل المنطقة. وأوضح التحليل أن "القوات الأوكرانية تبدو قادرة على استخدام هذه المجموعات المدرعة الصغيرة لتنفيذ هجمات تتجاوز خط الاشتباك بسبب قلة الكثافة العددية للقوات الروسية في المناطق الحدودية".
استخدمت القوات الأوكرانية الطائرات المسيرة على نطاق واسع لضرب المركبات العسكرية الروسية ونشرت معدات الحرب الإلكترونية لتعطيل الطائرات المسيرة الروسية وإفساد الاتصالات العسكرية.
في حين أن مجموعات متنقلة صغيرة جابت المنطقة دون محاولة تثبيت السيطرة، أفادت التقارير بأن قوات أخرى بدأت في تحصين مواقعها حول بلدة سودجا التي تبعد حوالي 10 كيلومترات (6 أميال) من الحدود وفي مناطق أخرى.
كيف كان رد الفعل الروسي؟فوجئت القوات الروسية بالهجوم وفشلت في الاستجابة السريعة له. مع انخراط معظم الجيش الروسي في هجمات شرسة في منطقة دونيتسك الشرقية في أوكرانيا، كانت الحماية على الحدود ضعيفة، حيث اعتمدت على مجندين غير مدربين بشكل كافٍ، ما جعلهم هدفًا سهلًا للقوات الأوكرانية النخبوية. وتم أسر بعض المجندين.
نتيجة لنقص الأفراد، لجأت القيادة العسكرية الروسية في البداية إلى الطائرات الحربية والمروحيات القتالية لمحاولة صد الهجوم الأوكراني. ووفقًا للمدونين العسكريين الروس، أسقطت مروحية روسية واحدة على الأقل وتضررت أخرى بفعل القوات الأوكرانية المتقدمة.
فيما بعد، وصلت تعزيزات روسية إلى منطقة كورسك، بما في ذلك وحدات القوات الخاصة النخبوية والمحاربين القدامى من مجموعة فاغنر العسكرية، لكنهم حتى الآن فشلوا في طرد القوات الأوكرانية من سودجا والمناطق المحيطة بها.
بعض هذه القوات الجديدة تفتقر إلى المهارات القتالية وتكبدت خسائر فادحة. في حادثة واحدة، توقفت قافلة من الشاحنات العسكرية بشكل غير مدروس على جانب الطريق بالقرب من منطقة القتال وتعرضت لهجوم ناري أوكراني.
أعلنت وزارة الدفاع الروسية يوم الجمعة، أن أوكرانيا فقدت 945 جنديًا خلال أربعة أيام من القتال. لم يكن بالإمكان التحقق من هذه الأرقام بشكل مستقل، كما لم تقدم الوزارة أي تفاصيل عن الخسائر الروسية.
التزمت السلطات الأوكرانية الصمت بشأن التوغل عبر الحدود. في خطابه مساء الخميس، تجنب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الإشارة المباشرة إلى القتال في منطقة كورسك. لكنه أكد أن "روسيا جلبت الحرب إلى أرضنا، ويجب أن تشعر بتبعات أفعالها".
وقال مستشار زيلينسكي ميخايلو بودولياك إن الهجمات عبر الحدود ستجعل روسيا "تدرك تدريجياً أن الحرب بدأت تتسرب إلى أراضيها". وأشار إلى أن مثل هذه العمليات ستعزز موقف كييف في أي مفاوضات مستقبلية مع موسكو.
وأضاف: "متى سيكون من الممكن إجراء عملية تفاوض بطريقة تمكننا من دفعهم أو الحصول على شيء منهم؟ فقط عندما لا تجري الحرب وفقًا لسيناريوهاتهم".
ماذا قال الكرملين؟وصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التوغل بأنه "استفزاز واسع النطاق" شمل "قصفًا عشوائيًا للمباني المدنية والمنازل السكنية وسيارات الإسعاف".
وأكدت السلطات الروسية أن الهجوم الأوكراني على منطقة كورسك أسفر عن مقتل خمسة مدنيين على الأقل، بينهم اثنان من العاملين في سيارات الإسعاف، وإصابة ما يقرب من 70 آخرين.
وقال دميتري ميدفيديف، نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، إن الهجوم الأوكراني أكد الحاجة إلى توسيع أهداف موسكو الحربية لتشمل السيطرة على المزيد من الأراضي الأوكرانية بما في ذلك العاصمة كييف، وميناء أوديسا على البحر الأسود، ومدن رئيسية أخرى.
وأعلنت روسيا حالة الطوارئ الفيدرالية في منطقة كورسك، مما منح السلطات المحلية المزيد من الصلاحيات لتنسيق الاستجابة السريعة. وركزت وسائل الإعلام الروسية على جهود الكرملين لتقديم المساعدة للسكان النازحين بينما قللت من شأن عدم استعداد الجيش للهجوم.
ما هي أهداف أوكرانيا وكيف يمكن أن تتطور الأوضاع؟قد تهدف كييف من خلال هذا التوغل إلى إجبار الكرملين على تحويل الموارد من منطقة دونيتسك الشرقية، حيث تشن القوات الروسية هجمات متواصلة في عدة قطاعات وتحقق مكاسب بطيئة ولكن ثابتة، مستفيدة من تفوقها في القوة النارية.
في وقت تواجه فيه قوات كييف صعوبة في صد التقدم الروسي في الشرق، يُظهر هذا التوغل السريع قدرة أوكرانيا على استعادة زمام المبادرة.
كما وجه ضربة قوية للكرملين، مسلطًا الضوء على فشله في حماية الأراضي الروسية، ودحض رواية بوتين بأن روسيا بقيت بمعزل عن الحرب.
ولكن على الرغم من النجاحات الأولية، قد يتسبب التوغل في كورسك في استنزاف بعض أفضل وحدات أوكرانيا، مما يترك القوات في دونيتسك بدون تعزيزات حيوية.
قد يكون من الصعب على القوات الأوكرانية إنشاء وجود دائم في منطقة كورسك، حيث ستكون خطوط إمدادها عرضة للهجمات الروسية.
لا يزال المحللون العسكريون غير متأكدين من الأهداف التشغيلية لأوكرانيا وعدد القوات المشاركة في غارة كورسك. وقال مايكل كوفمان، المحلل العسكري في مؤسسة كارنيغي، إن "الكثير يعتمد على ما تمتلكه أوكرانيا من احتياطي لإلقائه في العملية، ومدى سرعة تنظيم الاتحاد الروسي لمواجهة ذلك".
المصادر الإضافية • أ ب
شارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية مجموعة السبع تتعهد تقديم دعم عسكري "طويل الأمد" لاوكرانيا في مواجهة روسيا شاهد: حفنة من سكان مدينة صغيرة في شرق اوكرانيا تصمد أمام القصف الروسي اليومي اوكرانيا تعلن عن تقدم ميداني طفيف بعد معارك "صعبة" الجيش الروسي السياسة الأوكرانية الحرب في أوكرانياالمصدر: euronews
كلمات دلالية: الصراع الإسرائيلي الفلسطيني ضحايا إسرائيل غزة السياسة الإسرائيلية قصف الصراع الإسرائيلي الفلسطيني ضحايا إسرائيل غزة السياسة الإسرائيلية قصف الجيش الروسي السياسة الأوكرانية الحرب في أوكرانيا الصراع الإسرائيلي الفلسطيني ضحايا إسرائيل غزة السياسة الإسرائيلية قصف اليابان فيضانات سيول قطاع غزة مظاهرات انتخابات حزب الله السياسة الأوروبية منطقة کورسک الروسیة القوات الأوکرانیة الهجوم الأوکرانی فی منطقة کورسک یعرض الآن Next عبر الحدود أغسطس آب
إقرأ أيضاً:
تنتج 80% من نفط البلاد | حضرموت.. ماذا وراء الصراع في أكبر المحافظات اليمنية؟
محافظة حضرموت، التي تمثل 36% من مساحة اليمن وتنتج نحو 80% من النفط، تمثل مع موانئها الحيوية «المكلا والشحر والضبة»، محور تنافس محلي بين الحكومة الشرعية، حلف قبائل حضرموت، والمجلس الانتقالي الجنوبي، إضافة إلى عناصر متطرفة، حيث يعكس الصراع على المنشآت النفطية والمطارات ملامح التوتر ومحاولات السيطرة، وسط جهود للحفاظ على وحدة الدولة والاستقرار في مواجهة التدخلات الإقليمية.
الأطراف اليمنية في حضرموت التي يهيمن عليها العامل القبلي والعشائري تشمل الحكومة الشرعية وحزب التجمع الوطني للإصلاح (فرع إخوان اليمن) المسيطرين على وادي حضرموت وسيئون، وحلف قبائل حضرموت (تأسس 2013) الساعي لإدارة ذاتية وتوزيع عادل للعوائد، والمجلس الانتقالي الجنوبي (تأسس 2017، يسيطر على الساحل والمكلا ويطالب بإعادة التقسيم السابق) ممثلاً بقوات حماية حضرموت، إضافة إلى عناصر تنظيم القاعدة بقيادة أبو عمر النهدي.
مؤخراً، حاول زعيم حلف قبائل حضرموت، عمرو بن حبريش، اقتحام منشأة نفط المسيلة والاعتداء على القوات المكلفة بحمايتها، حيث سيطر حبريش على المنشأة في إطار مطالب الحلف بالحصول على إدارة ذاتية خارج سلطة المجلس الانتقالي، وتوزيع عادل للعوائد، بعد تنظيم تحركات جماهيرية في إبريل للمطالبة بالحكم الذاتي، ما أشعل التوتر بين الأطراف المسيطرة على الموارد الحيوية بالمحافظة.
لم تستمر سيطرة حبريش على المنشأة طويلاً، حيث تدخل المجلس الانتقالي الجنوبي لتحريرها في عملية «المستقبل الواعد» بقيادة العميد صالح أبو بكر «أبو علي الحضرمي». دارت اشتباكات عنيفة بين الطرفين، ما دفع المملكة العربية السعودية للتدخل، وعقد هدنة برعاية محافظ حضرموت الجديد، سالم أحمد الخنبشي، لإيقاف العمليات المسلحة مؤقتًا، في محاولة لاحتواء التصعيد بين القوى المحلية.
إلا أن المجلس الانتقالي الجنوبي نقض الهدنة، وطرد قوات حبريش من المنشأة النفطية، واستولى على المطار والقصر الرئاسي في سيئون، وقيادة المنطقة العسكرية الأولى، ومدن سيئون والقطن وتريم وحورة الخشعة، وأزاح اللواء 135 مشاة المتهم بالتبعية لحزب الإصلاح، وسيطر على محافظة المهرة شرق اليمن بالكامل، مع تعزيز نفوذه على المنشآت النفطية والمرافق الحيوية، ما يعكس تمدد سيطرة المجلس على شرق البلاد.
وغادر رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، عدن متوجهاً للسعودية لمشاورات حول حضرموت، مؤكدًا التزام الدولة بالشراكة الوطنية ووحدة القرار السيادي ورفض الإجراءات الأحادية التي تقوض الشرعية. شدد على الالتزام بالهدنة برعاية سعودية، وأمر بتشكيل لجنة تحقيق لانتهاكات حقوق الإنسان، محذرًا من أن الانشغال بالصراعات الجانبية يخدم المشروع الإيراني، في وقت تواجه فيه اليمن لحظة فارقة لا تحتمل الصراع والمزايدات.
اليمن كان مقسماً لدولتين قبل الوحدة عام 1990، بين الجمهورية العربية اليمنية في الشمال وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية في الجنوب. بعد الوحدة، لم تهدأ محاولات الانفصال الجنوبي، مع اشتعال حرب 1994 التي انتهت بسيطرة القوات الشمالية، ثم ثورة 2006 الفاشلة، وسيطرة الجنوب مجددًا عام 2015. هذه الخلفية التاريخية تعكس جذور التوترات والصراعات المتكررة في محافظات الجنوب.
المجلس الانتقالي الجنوبي حاول الانقلاب على الحكومة الشرعية وإعلان انفصال الجنوب كلما توافرت الظروف، ففي 25 إبريل 2020 أعلن الانقلاب حتى تطبيق اتفاق الرياض المبرم في نوفمبر 2019. سبق ذلك إعلان المجلس ما يسمى بـ«إعلان عدن» عام 2017، ثم الانقلاب على الحكومة في أغسطس 2019 والسيطرة على قصر معاشيق وعدن بالكامل، قبل الانقلاب الثاني في إبريل 2020.
بحسب المجلس، سبب الانقلاب على الشرعية هو سيطرة حزب الإصلاح (الإخواني) على مقدرات الجنوب في شبوه وأبين وعدن، إضافة إلى اتهامات الحكومة بتنفيذ حملات اعتقالات وخروقات في حضرموت والمهرة وسقطرى. كما اتهم المجلس السعودية بعدم الرد على خطاباته الرسمية بشأن منع عودة فريق المجلس للعدن لتنفيذ اتفاق الرياض، ما زاد من تفاقم الأزمة بين الأطراف المحلية والتحالف الإقليمي.
اتهم المجلس الحكومة الشرعية بسياسات العقاب الجماعي لأبناء الجنوب، وإيقاف الرواتب، وإغلاق الخدمات الأساسية مثل مياه الشرب والصرف الصحي، مع تصاعد حدة الوضع بعد فيضانات 21 إبريل 2020. وطالب المجلس بإدراج المحافظات الجنوبية في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة للانخراط في تسوية تفاوضية، مؤكدًا أن الهدف الأساسي من انقلاب إبريل الأخير هو تحريك المياه الراكدة في تنفيذ اتفاق الرياض.
يشير المجلس إلى أن أربع محافظات جنوبية كانت تُدار ذاتيًا سابقًا، وهي مأرب وشبوه والمهرة وسقطرى، ولم يتبق سوى أبين وعدن ولحج والضالع، ما يعكس سيطرة المجلس على عدن بعد الانقلاب الأول في أغسطس 2019، وتصاعد المواجهات في سقطرى مع الإدارة الشرعية. هذه التطورات تظهر مدى تمدد المجلس الانتقالي واستغلاله الهدنة لتوسيع نفوذه على الجنوب.
السعودية رعت في نوفمبر 2019 اتفاق «الرياض» بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي لإنهاء الانقسام والصراع على السلطة، وتشكيل حكومة وحدة وطنية تضم ممثلين عن المجلس وقوى جنوبية أخرى، على أن تخضع جميع القوات العسكرية لسيطرة الحكومة الشرعية. رغم ذلك، استغل المجلس الظروف الصعبة والهدنة المقررة في إبريل 2020 ليعلن انقلابًا على الشرعية، ويسيطر على عدن رغم رفض غالبية محافظات الجنوب للانقلاب.
اقرأ أيضاً«العليمي» يؤكد رفض أي إجراءات أحادية من شأنها منازعة الحكومة اليمنية
الرئيس اليمني الأسبق على ناصر محمد يحتفي بالمثقفين بالقاهرة.. ويؤكد: الكلمة الصادقة وجه الوطن المشرق
«مأساة الطائرات الأربع».. العليمي: الحوثيون رفضوا إخراجها فدمرتها إسرائيل