العلماء يحصلون على أعمق عينة صخرية من وشاح الأرض
تاريخ النشر: 10th, August 2024 GMT
صنع علماء، باستخدام سفينة حفر في المحيطات، أعمق حفرة حتى الآن في صخور وشاح الأرض، حيث توغلوا إلى عمق 1268 مترا تحت قاع المحيط الأطلسي وحصلوا على عينة كبيرة تقدم أدلة عن أكثر طبقات كوكبنا سمكا.
وقال الباحثون أمس الخميس إن هذه العينة الاسطوانية تطلعنا على تركيب الجزء العلوي من الوشاح والعمليات الكيميائية التي تحدث حين يتفاعل هذا الصخر مع مياه البحر في طائفة متنوعة من درجات الحرارة.
ويشكل الوشاح أكثر من 80% من حجم الكوكب، وهو عبارة عن طبقة من الصخور السيليكاتية تقع بين القشرة الخارجية للأرض ونواة شديدة الحرارة. وعادة ما يكون من الصعب الوصول إلى صخور الوشاح إلا حين تكون مكشوفة في مواقع من قاع البحر تمتد بين صفائح بطيئة الحركة بحجم قارات تشكل سطح الكوكب.
ومن بين هذه الأماكن كتلة "أتلانتس" الصخرية، وهي جبل تحت الماء حيث تظهر صخور الوشاح في قاع البحر. ويقع هذا الجبل في منتصف المحيط الأطلسي إلى الغرب مباشرة من سلسلة جبال منتصف المحيط الأطلسي الشاسعة التي تشكل الحدود بين الصفيحة الأميركية الشمالية والصفيحتين الأوراسية والأفريقية.
وباستخدام معدات على متن السفينة غوديز ريزليوشن، حفر الباحثون في صخور الوشاح تحت نحو 850 مترا من مياه المحيط من أبريل إلى يونيو 2023. وتتكون العينة الأساسية التي انتزعوها من أكثر من 70% من الصخور بطول 886 مترا من الحفرة التي صنعوها.
وقال عالم الجيولوجيا يوهان ليسنبرغ من جامعة كارديف في ويلز والمؤلف الرئيسي للدراسة التي نشرت في دورية ساينس "عملية الاستخراج هذه سجلت رقما قياسيا لأن المحاولات السابقة للحفر في صخور الوشاح صعبة، ولم يتجاوز الاختراق 200 متر وكانت عملية استخراج الصخور منخفضة نسبيا. في المقابل، اخترقنا 1268 مترا وانتزعنا أقساما كبيرة من صخور الوشاح المتواصلة".
وأضاف ليسنبرغ "في السابق، اقتصر الأمر إلى حد كبير على عينات الوشاح المستخرجة من قاع البحر".
ويبلغ قطر العينة الأساسية نحو 6.5 سنتيمتر.
وقال عالم الجيولوجيا آندرو مكيغ المشارك في الدراسة من جامعة ليدز في إنجلترا "واجهنا صعوبة كبيرة في بدء الحفر".
ورصد العلماء كيفية تفاعل الزبرجد في العينة الأساسية مع مياه البحر عند درجات حرارة مختلفة.
وقال ليسنبرغ "التفاعل بين مياه البحر وصخور الوشاح عند قاع البحر أو بالقرب منه يؤدي إلى إطلاق الهيدروجين الذي يشكل بدوره مركبات، مثل الميثان، تدعم حياة الكائنات الدقيقة. وهذه إحدى الفرضيات المتعلقة بأصل الحياة على الأرض".
وأضاف ليسنبرغ "انتزاع صخور من الوشاح تمكننا من دراسة هذه التفاعلات بتفصيل كبير وفي نطاق من درجات الحرارة المختلفة، وربطها بالملاحظات التي يجريها علماء الأحياء الدقيقة لدينا حول كم وأنواع الأحياء الدقيقة الموجودة في الصخور، والعمق الذي توجد فيه الأحياء الدقيقة تحت قاع المحيط".
ويقع موقع الحفر بالقرب من حقل المدينة المفقودة الهيدروحراري، وهي منطقة من الفتحات الحرارية المائية على قاع البحر تتدفق منها مياه شديدة السخونة. ويُعتقد أن العينة الأساسية تمثل صخور الوشاح الموجودة أسفل فتحات منطقة المدينة المفقودة.
وقال مكيغ "إحدى الفرضيات المتعلقة بأصل الحياة على الأرض هي أنها ربما حدثت في بيئة مماثلة لبيئة المدينة المفقودة".
ولا تزال العينة الأساسية قيد التحليل. وتوصل الباحثون إلى بعض النتائج الأولية حول تركيبها ووثقوا تاريخا أطول مما كان متوقعا لانصهار الصخور.
عن سكاي نيوز عربيةالمصدر: أخبارنا
كلمات دلالية: قاع البحر
إقرأ أيضاً:
العلماء يحذرون من مناطق محظورة على المريخ.. لماذا لا يُسمح باستكشافها؟
يُعتبر المريخ “الكوكب الأحمر” من أكثر الكواكب التي تثير اهتمام العلماء وهواة الفضاء خاصة خلال الفترة الأخيرة، حيث تستمر التطلعات البشرية لاستكشاف هذا الكوكب، لكن هناك تحديات كبيرة تواجه تلك البعثات.
على رأس هذه التحديات، الحماية من التلوث بالحياة الأرضية، لذلك قام العلماء بتحديد مناطق على سطح المريخ يُحظر الاقتراب منها حتى على وكالة ناسا.
تُعرف هذه المناطق المحظورة باسم "المناطق الخاصة"، وهي تُعتبر قادرة على دعم الحياة الميكروبية، وقد يؤدي أي تلوث ناتج عن كائنات أرضية إلى تشويه النتائج العلمية، حيث يمكن أن تتكاثر الميكروبات الأرضية على المريخ، مما يجعل التمييز بين الحياة الفضائية والحياة الأرضية شبه مستحيل.
وفقا للجنة أبحاث الفضاء (COSPAR)، تم تصنيف هذه المناطق بناءً على قدرتها على دعم الحياة، وتشمل أماكن يحتمل وجود مياه جوفية فيها أو مواقع ذات تركيبة كيميائية مناسبة للميكروبات.
كما تشتمل هذه المناطق على بعض الميزات الموسمية مثل خطوط الانحدار المتكررة (RSL)، والتي تُعتبر ذات أولوية عالية في البحث عن الحياة.
تاريخياً، أقرت معاهدة الفضاء الخارجي التابعة للأمم المتحدة في عام 1967 إرشادات صارمة تهدف إلى حماية الكواكب من التلوث. أكدت المعاهدة على ضرورة استكشاف الفضاء بشكل يحافظ على البيئة الأرضية ويحمي الأجرام السماوية من أي أضرار. الالتزام بتلك المعايير يُعتبر ضروريًا لضمان أن أي اكتشافات مستقبلية على المريخ تكون حقيقية وليست نتيجة لتدخل بشري.
مخاطر الحياة على الأرضتشير الدراسات الحديثة إلى أن الحياة على الأرض يمكنها البقاء في ظروف قاسية تشبه بيئة المريخ، مثل الفتحات البركانية وخنادق المحيط العميقة، ما يعكس المخاطر المحتملة لنقل ميكروبات الأرض إلى المريخ وقد يؤدي إلى تلوث البيئة المحلية وإفساد الجهود الرامية للعثور على حياة فضائية حقيقية.
رغم ذلك، هناك من يدعو إلى تخفيف قيود حماية الكواكب لتسريع التقدم العلمي، لكن العلماء يحذرون من أن هذا قد يؤدي إلى نتائج مضللة، كما أنه يضر بالنزاهة العلمية للبعثات الاستكشافية.
التخفيف من الإجراءات لا يعني فقط السماح للميكروبات بدخول المناطق الخاصة، بل قد يعطل قدرة البشر على اكتشاف الحياة الحقيقية على المريخ، ويجعل أي اكتشافات لحياة فضائية محل شك.
بينما يتطلع العالم إلى أولى خطوات البشر على سطح المريخ، تؤكد الدراسات ضرورة التعامل مع المناطق الخاصة بحذر شديد. هذا يضمن أن تبقى أي حياة يتم اكتشافها على المريخ مريخية حقاً، وليس نتيجة للتدخل البشري أو التلوث.