“ناشيونال إنترست”: أسلحة الليزر ليست بديلاً فعالاً للدفاع عن السفن الأمريكية ضد الهجمات اليمنية في البحر الأحمر
تاريخ النشر: 12th, August 2024 GMT
الجديد برس:
قالت مجلة “ناشيونال إنترست” الأمريكية إن أسلحة الليزر التي يُروَّج لها كبديل لتقليل تكلفة الصواريخ الدفاعية باهظة الثمن التي تستخدمها البحرية الأمريكية لمواجهة الطائرات المسيرة والصواريخ اليمنية في البحر الأحمر، لن تكون بديلاً فعالاً أو متاحاً في المستقبل القريب.
وأشارت المجلة إلى أن هذه الأسلحة تتطلب طاقة كهربائية عالية لا يمكن توفيرها على متن السفن الحربية، إضافة إلى محدودية مداها، وحتى إن تم إدخالها مستقبلاً، فستكون مكملة للأنظمة الدفاعية الحالية وليست بديلاً عنها.
وفي تقريرها، ذكرت المجلة أن “الحوثيين نجحوا في استهداف السفن الحربية الأمريكية في البحر الأحمر وخليج عدن باستخدام الصواريخ والطائرات بدون طيار”، متسائلة عما إذا كانت البحرية الأمريكية قادرة على استخدام الليزر للدفاع عن نفسها. وأوضحت المجلة أنه على الرغم من نجاح البحرية الأمريكية في مواجهة هجمات الحوثيين، إلا أن التكلفة العالية لاستخدام الصواريخ المضادة للطائرات لتدمير الطائرات بدون طيار الرخيصة أثارت القلق.
وأضاف التقرير أن “أسلحة الليزر التي تُعتبر بدائل فعالة من حيث التكلفة، لا تزال في مرحلة التطوير وتواجه تحديات كبيرة، مثل متطلبات الطاقة العالية والمدى المحدود”. وأشار التقرير إلى أن الأنظمة الليزرية الحالية، مثل نظام “الدفاع الليزري الطبقي” من شركة لوكهيد مارتن ونظام “دراجون فاير” من المملكة المتحدة، تبدو واعدة لكنها لا تزال غير قادرة على استبدال أنظمة الدفاع الصاروخي التقليدية.
وقالت المجلة إن نجاحات البحرية الأمريكية في التصدي للصواريخ والطائرات بدون طيار اليمنية لم تمنع “الحوثيين” من المحاولة، حيث جاء في التقرير أن صاروخاً يمنياً اقترب العام الماضي من المدمرة الأمريكية “يو إس إس غرافلي” إلى مسافة ميل واحد فقط، وكان على وشك إصابتها قبل أن يتمكن نظام الأسلحة القريب (CIWS) “سي آي دبليو إس” من تدميره في اللحظات الأخيرة.
واعتبر التقرير أن الحوثيين “ينتصرون من الناحية المالية”، حيث أعرب البنتاغون عن مخاوفه بشأن تكلفة استخدام صاروخ مضاد للطائرات لإسقاط طائرة بدون طيار لا تزيد قيمتها عن 2000 دولار. وحتى الصواريخ التي يستخدمها الحوثيون تكلفتها أقل من صواريخ الدفاع الجوي الأمريكية.
وفي سياق متصل، أشار التقرير إلى أن الكونغرس منح وكالة الدفاع الصاروخي سلطة البحث والتطوير في تكنولوجيا الليزر لاستخدامها في تطبيقات الدفاع الصاروخي الباليستي والفرط صوتي كجزء من قانون تفويض الدفاع الوطني لعام 2022. وأوضح التقرير أن محاولات تطوير تكنولوجيا الليزر بدأت في سبعينيات القرن الماضي، لكن التكلفة العالية والتحديات الفنية أدت إلى تقليص هذه البرامج.
ويستعرض التقرير الجهود الحالية لتطوير أسلحة الليزر، مثل نظام الدفاع بالليزر متعدد الطبقات من إنتاج شركة لوكهيد مارتن، والذي يُفترض أنه قادر على مواجهة مجموعة من التهديدات، بدءاً من الطائرات بدون طيار إلى الصواريخ المجنحة. وأشار إلى أن تكلفة تشغيل هذا النظام قد تكون منخفضة للغاية، حيث أن الكهرباء هي العنصر الوحيد المستهلك.
وأشارت المجلة إلى أن وزارة الدفاع البريطانية أعلنت عن تجارب ناجحة لصاروخ “دراجون فاير”، وهو سلاح طاقة موجَّهة بالليزر قادر على إصابة أهداف صغيرة بدقة عالية. ورغم هذا النجاح، تساءلت المجلة عن السبب وراء عدم تركيب هذه الليزر على السفن الحربية حتى الآن.
ونقل التقرير عن الخبير أليكس هولينجز أن هذه الأنظمة تتطلب قدراً كبيراً من الكهرباء، وأن مدى الأسلحة الليزرية الحالي لا يتجاوز ميلاً واحداً، حتى في أكثر التوقعات تفاؤلاً. وأضاف أن الليزر القوي الذي يمكن أن يدمر الصواريخ الباليستية أو الأسرع من الصوت قد يتطلب مفاعلات نووية، وهي متاحة فقط على حاملات الطائرات العملاقة.
وأكدت مجلة “ناشيونال إنترست” أن استخدام أسلحة الليزر على السفن الحربية ما زال يواجه تحديات كبيرة، حيث يتعين على الليزر أن يظل موجهاً نحو الهدف، وهو ما قد يشكل مشكلة للسفن الحربية التي تتحرك بسرعات عالية في البحار الهائجة.
وفي الختام، أشارت المجلة إلى أن التغلب على هذه التحديات قد يستغرق سنوات، ومن المرجح أن يُستخدم الليزر كجزء من منصات دفاعية أرضية قبل استخدامه على السفن الحربية، وسيظل جزءاً من دفاع متعدد الطبقات بجانب الأنظمة التقليدية مثل “فالانكس”.
المصدر: الجديد برس
كلمات دلالية: الطائرات بدون طیار البحریة الأمریکیة السفن الحربیة أسلحة اللیزر التقریر أن إلى أن
إقرأ أيضاً:
أزمة الصناعة الدفاعية الأمريكية: انهيار القدرة الإنتاجية في مواجهة التوسع الصيني السريع
رغم التشاؤم، ترصد نيويورك تايمز بوادر أمل. فقد بدأت الحكومة بإعادة بعض الإعانات لصناعة السفن، واستثمر البنتاغون نحو 6 مليارات دولار خلال العقد الماضي لدعم القوى العاملة وتعزيز البنية التحتية للصناعة
حذّرت صحيفة نيويورك تايمز من أن الصناعة الدفاعية الأمريكية تواجه أخطر أزمة في تاريخها الحديث، لا بسبب نقص التمويل، بل بسبب انهيار القدرة على الإنتاج السريع والفعال — في وقت يتسارع فيه المنافسون، وعلى رأسهم الصين، بخطى غير مسبوقة.
فبعد عقود من الاعتماد على مشاريع مكلفة ومعقدة، باتت الولايات المتحدة عاجزة عن بناء سفنها، طائراتها، أو حتى ذخيرتها، بالوتيرة والكفاءة المطلوبتين لردع خصومها أو خوض حرب طويلة الأمد.
وتشير الصحيفة إلى أن فشل مشروع فرقاطة "كونستيليشن" ليس استثناءً، بل عرضاً لخلل منهجي يضرب قلب القاعدة الصناعية الدفاعية.
من 1980 إلى اليوم: انهيار مُخطط لهتستعرض نيويورك تايمز جذور الأزمة في قرار استراتيجي اتخذه الرئيس رونالد ريغان في أوائل الثمانينيات، حين ألغى الإعانات الفيدرالية التي كانت تدعم صناعة السفن التجارية. فحتى عام 1980، كانت الولايات المتحدة تمتلك أكثر من 300 حوض بناء سفن تجاري، تنتج العشرات من السفن سنوياً.
ولكن إلغاء الدعم الحكومي أفقد هذه الأحواض قدرتها على المنافسة مع مصانع آسيوية منخفضة التكلفة، ما أدى إلى انهيار القطاع، وتسريح عشرات الآلاف من العمال، وترك البلاد تعتمد لاحقاً على بنية صناعية هشة لا تُنتج إلا للأغراض العسكرية.
واليوم، يعتمد الأسطول البحري الأمريكي — الذي يُفترض أن يكون الأقوى في العالم — في جوهره على تصاميم تعود إلى حقبة ريغان. وعلى مدى 35 عاماً، أطلقت البحرية أكثر من ستة برامج جديدة لبناء سفن — من زوارق ساحلية صغيرة إلى طرادات متقدمة — لكنها جميعاً، تقريباً، فشلت في الالتزام بالميزانية أو الجدول الزمني أو الأداء المطلوب.
ولم يختلف حال برامج الطائرات المقاتلة والقاذفات، التي يستغرق تطويرها اليوم نحو 12 عاماً في المتوسط، بينما تتقاعد الطائرات الحالية بوتيرة أسرع من قدرة سلاح الجو على استبدالها. وترى الصحيفة أن هذا التراجع ليس تقنياً فحسب، بل مؤسسياً: فقد فقد الاقتصاد الأمريكي، بما فيه قطاع الدفاع، قدرته على "البناء" بسرعة ودقة.
الصين لا تنتظروفي المقابل، تصف نيويورك تايمز الصعود الصيني بأنه "غير مسبوق في زمن السلم". فبكين تمتلك اليوم أكثر من 370 سفينة حربية — متفوّقة على الأسطول الأمريكي البالغ 296 — وتملك صواريخ فرط صوتية مضادة للسفن لم تدخل الولايات المتحدة حتى نسخة تجريبية منها الخدمة.
والأهم، كما تؤكد الصحيفة، أن الصين تُنتج حالياً أكثر من ثلاث سفن حربية مقابل كل سفينة أمريكية، ونحو 200 سفينة تجارية مقابل كل واحدة تُبنى في الولايات المتحدة.
وتشير الصحيفة إلى أن أكبر شركة صينية مملوكة للدولة لبناء السفن أنتجت وحدها أكثر من 250 سفينة العام الماضي، وأن السعة الإجمالية للإنتاج البحري الصيني تفوق ما أنتجته أحواض السفن الأمريكية مجتمعة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية — وفقاً لتقديرات مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، وهو مركز أبحاث مقره واشنطن.
ويرى التقرير أن جذور الأزمة تكمن في تحوّل الصناعة الدفاعية إلى احتكار خماسي: لوكهيد مارتن، RTX، جنرال دايناميكس، نورثروب غرومان، وبوينغ. فهذه الشركات، التي تُعرف بـ"الشركات الرئيسية" (primes)، باتت خبيرة في إدارة العقود الحكومية والبيروقراطية، لكنها فشلت في تطوير القدرة على الإنتاج الضخم والسريع الذي تفرضه الحروب الحديثة — كما أثبتته تجربة أوكرانيا، حيث حوّلت الطائرات والزوارق المسيرة الرخيصة موازين المعركة ضد أسلحة تقليدية باهظة.
وبينما استثمر البنتاغون 700 مليار دولار في بناء السفن منذ التسعينيات، تقلّص الأسطول بنسبة 45%. وفي 2024، ذهب 86% من إنفاق البرامج الكبرى إلى المورّدين التقليديين، ما يكبح الابتكار ويُبقي النظام رهينة نموذج لم يعد يصلح للاستخدام.
وتسلط الصحيفة الضوء على أزمة العمالة المتفاقمة: فصناعة بناء السفن تضم 150 ألف عامل، لكنها ستحتاج إلى 140 ألفاً إضافياً خلال العقد المقبل فقط لتلبية طلبات الغواصات.
ومع ذلك، يعجز القطاع عن جذب المهارات المطلوبة، لأن الرواتب لا تكاد تختلف عن وظائف في قطاع الخدمات. "هذه مسألة رواتب بحتة"، وفقاً لوزير البحرية جون فيلان، في تصريح نقلته الصحيفة.
Related نيودلهي تُجمّد مفاوضات شراء أسلحة أمريكية على خلفية تعريفات ترامبأوكرانيا تستخدم أسلحة أمريكية لضرب الداخل الروسي وفق مسؤول غربيأسلحة أمريكية تصل للعمق الروسي.. كييف تستهدف مستودعًا على بُعد أكثر من 100 كيلومتر "كونستيليشن": قصة فشل متكاملةويقدم التقرير مشروع "كونستيليشن" كدراسة حالة مثالية للفشل المؤسسي. فالفكرة الأصلية — اعتماد تصميم فرنسي-إيطالي جاهز عبر حوض "مارينيت مارين" — كانت واعدة. لكن سرعان ما أدخل البنتاغون سلسلة لا نهاية لها من التعديلات: محرك كهربائي جديد، مولّد ديزل مختلف، مراوح معدّلة. وبدون قاعدة صناعية مرنة أو قوة عاملة كافية، تحول المشروع إلى كابوس تكاليف وتأخير، حتى ألغته البحرية في نوفمبر، تاركة سفينتين نصف منتهيتين، و93 عاملاً عاطلاً.
وتشير الصحيفة إلى أن محاولات إدخال الابتكار — مثل برنامج "ريبليكيتر" الذي أطلقته وحدة الابتكار الدفاعي (Defense Innovation Unit) — تعثرت بشكل صارخ. فرغم هدفه الطموح بشراء آلاف الطائرات والزوارق المسيرة خلال عامين، فشل البرنامج في تحقيق أهدافه الأولية. ويعزو التقرير ذلك إلى ما يُعرف بـ"وادي الموت": الفجوة القاتلة بين الابتكار الأولي والاعتماد الصناعي.
فبين 2001 و2016، تخلّى 40% من الشركات الناشئة عن السباق بعد ثلاث سنوات، و80% بعد عقد. ويعود السبب، وفق الصحيفة، إلى بيروقراطية العقود الفيدرالية — التي تمتد إلى نحو 2000 صفحة — وتمويل غير مستقر، وصلاحيات محدودة لجهات مثل وحدة الابتكار، ما يجعل من المستحيل على الشركات الناشئة التنافس مع "الشركات الرئيسية" التي تمتلك جيوشاً من المحامين وخبراء المشتريات الحكوميين.
ورغم التشاؤم، ترصد نيويورك تايمز بوادر أمل. فقد بدأت الحكومة بإعادة بعض الإعانات لصناعة السفن، واستثمر البنتاغون نحو 6 مليارات دولار خلال العقد الماضي لدعم القوى العاملة وتعزيز البنية التحتية للصناعة. كما دعا وزير الدفاع بيت هيغسيث إلى "إصلاح جذري" في سياسات الشراء، محذّراً مصنّعي الأسلحة في نوفمبر: "إما أن تُوفّروا ما نحتاجه، أو سنفشل. إنها مسألة حياة أو موت".
وتوصي الصحيفة بخطوات ملموسة: تمرير قانون "بناء السفن والبنية التحتية للموانئ من أجل الازدهار والأمن لأمريكا"، ورفع الإنفاق الدفاعي بنسبة نصف نقطة مئوية (ما يعادل نحو 150 مليار دولار) على القدرات التصنيعية، وتفعيل قانون الإنتاج الدفاعي في حالات الطوارئ لزيادة إنتاج الذخائر والصواريخ والقاذفات، وتخفيف القيود على الشركات الناشئة لتمكينها من الدخول في سلسلة التوريد الدفاعية.
وتختتم نيويورك تايمز تقريرها بتذكير تاريخي: فصناعات عملاقة — من الطيران إلى الأقمار الصناعية، الروبوتات، الرادار، تقنيات الموجات الدقيقة، وحتى وادي السيليكون — نشأت من رحم الاستثمار الدفاعي. وخلصت الصحيفة إلى أن إحياء القاعدة الصناعية الدفاعية ليس مسألة عسكرية فحسب، بل اقتصادية وطنية. فصناعة دفاعية قوية وسريعة الإنتاج لا تمنع الحروب فحسب، بل تخلق فرص عمل، وتدفع الابتكار، وتجعل أمريكا أكثر أمناً وأكثر ازدهاراً.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة