سواليف:
2025-08-02@11:22:48 GMT

من كلّ بستان زهرة – 74-

تاريخ النشر: 12th, August 2024 GMT

من كلّ بستان زهرة – 74-

#ماجد_دودين

العبد محتاج إلى الاستعانة بالله في فعل المأمورات وترك المحظورات، وفي الصبر على المقدورات

العبد محتاج إلى الاستعانة بالله في مصالح دينه وفي مصالح دنياه.

مقالات ذات صلة متغيرات المفاهيم الجاحدة بحق الطفولة .. ونحر المجتمع من خلالها .. 2024/08/12

يحتاج العبد إلى الاستعانة بالله على أهوال ما بين يديه من الموت وما بعده.

*************

من لطائف البلايا وفوائدها وحكمها:

تكفير الخطايا بها، والثواب على الصبر عليها. تذكر العبد بذنوبه فربما تاب ورجع منها إلى الله عز وجل. زوال قسوة القلوب وحدوث رقّتها. توجب للعبد الرجوع بقلبه إلى الله، والوقوف ببابه والتضرع له والاستكانة. البلاء يوصل إلى قلبه لذة الصبر عليه، والرضا به، وذلك مقام عظيم جداً. البلاء يقطع قلب المؤمن عن الالتفات إلى مخلوق ويوجب له الإقبال على الخالق وحده. البلاء يوجب للعبد تحقيق التوحيد بقلبه وذلك أعلى المقامات وأشرف الدرجات.

*************

الحرص حرصان: حرص فاجع، وحرص نافع.

الحرص النافع، فحرص المرء على طاعة الله.

الحرص الفاجع، فحرصُ المرء على الدنيا.

*************

في الدنيا جنة معجّلة وهي معرفة الله ومحبته والأنس به والشوق إلى لقائه وخشية وطاعته.

من دلّه علمه على دخول هذه الجنة المعجلة في الدنيا دخل الجنة في الآخرة.

ومن لم يشم رائحتها لم يشم رائحة الجنة في الآخرة.

*************

قوت الجسد وقوت الروح:

الجسد عيشه وقوته: الأكلُ والشرب والنكاح واللباس والطيب وغير ذلك من اللذات الحسية.

الروح فقوتها ولذتها وفرحها وسرورها في معرفة خالقها وفيما يقرب منه من طاعته وذكره ومحبته.

****************

سئل بعضهم من أنعم الناس؟ فقال أجسام في التراب قد أمنت العذاب وانتظرت الثواب.

****************

إنما سُمِّي الذهبُ ذهباً، لأنه يذهبُ.  وسميِّت الفضة فضةً لأنها تنفضُّ، يعني تنفضُّ بسرعة، فلا بقاء لهما.

الذهب والفضة منْ كنزهما، فقد أراد بقاء ما لا بقاء له. ونفعهما بإنفاقهما في وجوه الخير وسبل الخير.

*******************

القلب واللسان هما عبارة عن الإنسان، فمن استقام قلبه ولسانه استقام شأنه كله.

*******************

التقوى أن يجعل العبد بينه وبين ما يخافه…وقايةً تقيه من ذلك وهو فعل طاعته واجتناب معاصيه

كثير من الناس يظن أن التقوى هي القيام بحق الله، دون حقوق عباده.

الجمع بين القيام بحقوق الله وحقوق عباده عزيز لا يقوى عليه إلا الكُمَّلُ من الأنبياء والصديقين.

********************

الصدقة برهان على صحة الإيمان.

المال تحبه النفوس، وتبخل به، فإذا سمحت بإخراجه لله، دلَّ على صحة إيمانها بالله.

***********************

جميع المعاصي محاربة لله جل جلاله، فإن من عصى الله فقد حاربه.

كلما كان الذنب أقبح كان أشد محاربةً لله.

سمى الله أكلة الربا وقطاع الطريق محاربين لله ورسوله لعظيم ظلمهم لعباده وسعيهم بالفساد

جميع المعاصي تنشأ من تقديم هوى النفوس على محبة الله ورسوله.

**********************

الإيمان له حلاوة وطعم يذاق بالقلوب كما يذاق حلاوة الطعام والشراب بالفم.

الإيمان هو غذاء القلوب وقوتها كما أن الطعام والشراب غذاء الأبدان وقوتها.

القلب…إذا سلم من مرض الأهواء المضلة والشهوات المحرمة وجد حلاوة الإيمان حينئذ

القلب…متى مرض وسقم لم يجد حلاوة الإيمان بل يستحلي ما فيه هلاكه من الأهواء والمعاصي.

*********************

كلمة الإخلاص:

من قال “لا إله إلا الله ” بلسانه، ثم أطاع الشيطان وهواه في معصية الله فقد كذَّب فعله قوله.

من صدق في قول لا إله إلا الله لم يحبّ سواه، ولم يرجُ إلا إياه، ولم يخشَ أحداً إلا الله.

قول ” لا إله إلا الله ” تقتضي أنْ لا يحب سواه فإن الإله هو الذي يطاع محبة وخوفاً ورجاء.

*********************

كن عبد الله لا عبد الهوى، فإن الهوى يهوي بصاحبه في النار.

*********************

موعظة بليغة من ابن رجب في اللطائف:

يا أبناء العشرين كم مات من أقرانكم وتخلفتم، يا أبناء الثلاثين أصبتم بالشباب على قرب من العهد فما تأسفتم، يا أبناء الأربعين ذهب الصبا وأنتم على اللهو قد عكفتم، يا أبناء الخمسين تنصفتم المائة وما أنصفتم، يا أبناء الستين أنتم على معترك المنايا قد أشرفتم أتلهون وتلعبون لقد أسرفتم.

قال الفضيل لرجل: كم أتى عليك؟ قال: ستون سنة قال له: أنت منذ ستين سنة تسير إلى ربك يوشك أن تصل

يا من يفرح بكثرة مرور السنين عليه إنما تفرح بنقص عمرك.

قال أبو الدرداء والحسن رضي الله عنهما: إنما أنت أيام كلما مضى منك يوم مضى بعضك

إنا لنفرح بالأيام نقطعها … وكل يوم مضى يدني من الأجل

فاعمل لنفسك قبل الموت مجتهدا … فإنما الربح والخسران في العمل

قال بعض الحكماء: كيف يفرح بالدنيا من يومه يهدم شهره وشهره يهدم سنته وسنته تهدم عمره؟ كيف يفرح من يقوده عمره إلى أجله وحياته إلى موته؟

نسير إلى الآجال في كل لحظة … وأعمارنا تطوى وهن مراحل

ترحل من الدنيا بزاد من التقى … فعمرك أيام وهن قلائل

*********************
من أصبح أو أمسى على غير توبة فهو على خطر، لأنه يخشى أن يلقى الله غير تائب.

تأخير التوبة في حال الشباب قبيح وفي حال المشيب أقبح وأقبح.

التوبة التوبة قبل أن يصل إليكم من الموت النوبة، فيحصل المفرط على الندم …

الإنابة الإنابة قبل غلق باب الإجابة، الإفاقة الإفاقة فقد قرب وقت الفاقة.

ما أحسن قلق التواب، ما أحلى قدوم الغياب، ما أجمل وقوفهم بالباب!

من نزل به الشيب فهو بمنزلة الحامل التي تمت شهور حملها، فما تنتظر إلّا الولادة، صاحب الشيب لا ينتظر إلا الموت، فقبيح منه الإصرار على الذنب.

يا من سود كتابه بالسيئات قد آن لك بالتوبة أن تمحو،

يا سكران القلب بالشهوات أما آن لفؤادك أن يصحو.

يا من ظلمة قلبه كالليل إذا يسرى، أما آن لقلبك أن يستنير أو يلين؟

***************

عجباً لمن رأى الدنيا وسرعة تقلبها بأهلها كيف يطمئن إليها.

أهلك إبليس العجب بنفسه ولذلك قال: ﴿أَنا خَيرٌ مِنهُ﴾ [الأعراف:12]

كملت فضائل آدم باعترافه على نفسه ﴿قالا رَبَّنا ظَلَمنا أَنفُسَنا﴾ [الأعراف:23]

العجب ممن عرف رباه ثم عصاه.

العجب ممن عرف الشيطان ثم أطاعه ﴿أَفَتَتَّخِذونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَولِياءَ مِن دوني وَهُم لَكُم عَدُوٌّ﴾  

علامة قبول الطاعة أن توصل بطاعة بعدها، وعلامة ردها أن توصل بمعصية.

ما أحسن الحسنة بعد الحسنة وأقبح السيئة بعد الحسنة.

*****************

ما قدَّم أحدٌ حق الله على هوى نفسه وراحتها إلا رأى سعادة الدنيا والآخرة.

ما قدم أحد حظ نفسه على حق ربه إلا ورأى الشقاوة في الدنيا والآخرة.

**************

خوف الله تعالى منع قلوب المؤمنين الصادقين عن زهرة الدنيا وعوارض الشبهات.

أصل كل خير في الدنيا والآخرة الخوف من الله عز وجل،

إذا فارق خوف الله الجسد أصابه الخراب.

****************

رضوان الله على أهل الجنة أفضل من كل نعيم الجنة، وتجليه لهم ورؤيتهم إياه أعظم من جميع أنواع نعيم الجنة.

******************

أعظم عذاب أهل النار حجابهم عن الله عز وجل وإبعادهم عنه وإعراضه عنهم، وسخطه عليهم،

(كَلَّآ إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍۢ لَّمَحْجُوبُونَ (المطفّفين – 15).

لا يزال أهل جهنم في رجاء الفرج إلى أن يُذبح الموت، فحينئذ يقع منهم الإياس.

قال صلى الله عليه وسلّم:(يُؤْتَى بالمَوْتِ كَهَيْئَةِ كَبْشٍ أمْلَحَ، فيُنادِي مُنادٍ: يا أهْلَ الجَنَّةِ، فَيَشْرَئِبُّونَ ويَنْظُرُونَ، فيَقولُ: هلْ تَعْرِفُونَ هذا؟ فيَقولونَ: نَعَمْ، هذا المَوْتُ، وكُلُّهُمْ قدْ رَآهُ، ثُمَّ يُنادِي: يا أهْلَ النَّارِ، فَيَشْرَئِبُّونَ ويَنْظُرُونَ، فيَقولُ: هلْ تَعْرِفُونَ هذا؟ فيَقولونَ: نَعَمْ، هذا المَوْتُ، وكُلُّهُمْ قدْ رَآهُ، فيُذْبَحُ، ثُمَّ يقولُ: يا أهْلَ الجَنَّةِ، خُلُودٌ فلا مَوْتَ، ويا أهْلَ النَّارِ، خُلُودٌ فلا مَوْتَ. ثُمَّ قَرَأَ: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ}، وهَؤُلاءِ في غَفْلَةٍ أهْلُ الدُّنْيا {وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} [مريم: 39]. صحيح البخاري

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يجاء بالموت يوم القيامة على هيئة كبش فيه بياض وسواد، فينادي منادٍ أهلَ الجنَّة، فيمُدّون أعناقهم، ويرفعون رؤوسهم؛ لينظروا، فيقول لهم المنادِي: هل تعرفون ما هذا الكبش؟ فيقول أهل الجنة: نعم، هذا الموت، فكلّهم قد رآه بهذه الصورة عند قبض أرواحهم، ثم ينادي أهلَ النار، فيمدّون أعناقَهم، ويرفعون رؤوسهم؛ لينظروا، فيسألهم: هل تعرفون ما هذا الكبش؟ فيقولون: نعم هذا الموت وكلّهم قد عاينَه عند قبض أرواحهم، فيُذبح الموت، ثم يقول المناد: يا أهل الجنة، بقاء دائم وإقامة في الجنّة ولا تموتون بعد الموتة الأولى، ويا أهل النار، بقاء دائم وإقامة في النّار بلا موت ولا راحة ولا حياةٍ نافعة، ثم قرأ النبي صلى الله عليه وسلم: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ} ففسر الآية بهؤلاء؛ ليشير إليهم بيانًا لكونهم أهل الدّنيا؛ إذ الآخرة ليست دار غفلة، {وَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ} فهم كفروا وغفلوا وكانوا أصحاب دنيا، فاستحقوا الخلود في النار.

******************

سبحان من أخرس أمراء البيان عن معارضة هذا القرآن وجعلة عصمة لأهل الإيمان.

استنصحوا القرآن واستهدوه واستخبروه واستشفوه، فإنه الناصح الذي لا يغش.

******************

من علامة السعادة أن تطيع، وتخاف أن لا تُقبل.

ومن علامة الشقاوة أن تعصي، وترجو أن تنجو.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: فی الدنیا إلا الله فی قول

إقرأ أيضاً:

رؤية قرآنية تصنع أمة مجاهدة لا تخاف الموت .. الشهادة والشهداء في فكر الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي (رضوان الله عليه)

في زمن تتقاذف فيه الأمة موجات الهزيمة النفسية والضعف الروحي، برز الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي (رضوان الله عليه) كمفكر ومجاهدٍ فريد، أعاد للأمة الإسلامية قيم العزة، والوعي، والاستعداد للتضحية. وفي قلب مشروعه القرآني المتجدد، تأتي الشهادة وقضية الشهداء كأحد أهم مرتكزات بناء الإنسان القرآني.

يمانيون / تقرير/ طارق الحمامي

 

لم ينظر الشهيد القائد إلى الشهادة كمجرد “حدث” أو “نهاية”، بل قدّم رؤية متكاملة تجعل منها أسمى طموح الإنسان المؤمن، ووسيلة لبناء الأمة وتحقيق الانتصار الحقيقي.

 

الشهادة .. إلغاء لمفهوم الموت وبناء لروح الحياة

يبدأ الشهيد القائد حديثه عن الشهادة من أساس قرآني متين، حيث ينسف المفهوم التقليدي للموت في سبيل الله، منطلقاً من قول الله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا، بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}، وفي شرح الشهيد القائد، يُلغى الموت من قاموس المجاهد،  لا يُنظر إلى الشهيد كميت، بل كحيّ عند ربه، في كرامة دائمة وفضل إلهي عظيم، ليس ذلك فقط، بل إن إلغاء الموت هو وسيلة لدفع المؤمن نحو ميادين التضحية بدون تردد، حيث قال رضوان الله عليه : أن تخوفه بالقتل، فبماذا تخوفه؟ هو مجاهد يبحث عن الشهادة.

 

أعزة على الكافرين .. العزة التي تُترجم إلى مواقف

يبرز الشهيد القائد النموذج القرآني للمجاهد ، القويٌّ في وجه الأعداء، الرقيق والعطوف مع إخوانه، المتحرّك بنَفَس إيماني دون تردد أو تسويف، {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ}، العزة هنا ليست صفة تجمّل الخطاب فقط، بل سلوك عملي وموقف سياسي وعسكري، يجعل من المجاهد إنسانًا رافضًا للخضوع، ينطلق بذاته وماله قبل أن يُطلب منه، وليس ممن “يثاقل إلى الأرض” أو “ينتظر من يدفعه”.

 

الشهداء صفوة مختارة والشهادة فضل من الله 

الشهداء في رؤية الشهيد القائد ، هم صفوة اختارهم الله واصطفاهم الله، ومنحهم كرامة التفضيل، فهم من اختارهم الله ليمثلوا مشروعه في الأرض، ليكونوا البديل عن القاعدين والمثبطين، {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ}
أليس هذا اصطفاء من جانب الله لهم؟ تفضيل من الله أن اختارهم هم؟ ، هم الذين آمنوا بحقيقة أن الجهاد مهمة ربانية لا تُؤدى من باب التسلية أو المصلحة، بل استجابة خالصة لله، واستعداد للتضحية بالنفس والمال دون مقابل دنيوي.

 

المجاهدون لا يُشترون .. تفكيك ظاهرة الارتزاق

الشهيد القائد يفصل بوضوح بين المجاهد الصادق، وذلك المرتزق الذي يتحرك لأجل السلاح أو المال أو المصالح، وفي معرض نقده لظواهر الاستغلال التي رافقت بعض المعارك السابقة، يُبرز أن المجاهد الحقيقي لا ينتظر بندقًا أو صرفة: ما كانوا يوم ملكي ويوم جمهوري؟ مرة هنا ومرة هناك .. هؤلاء متعيشين، مرتزقة،
بينما المجاهد الحق كما يؤكد رضوان الله عليه ، ينطلق بنفسه وماله، بدافع الإيمان، وبهدف واحد، وهو نُصرة دين الله، ونيل إحدى الحسنيين ، النصر أو الشهادة.

 

ثقافة الشهادة .. صناعة أمة لا تُهزم

في فكر الشهيد القائد، الشهادة مشروع نهضوي، الأمة التي تحب الشهادة وتستعد لها، أمة لا تُهزم، والشهادة تصنع وعيًا، وتزيل الخوف، وتُربّي الإنسان على العزة والكرامة، وهو يرفض تصوير الشهيد كضحية، بل يؤكد أنه صاحب فضل، فائز، حاز على أرفع درجات الاصطفاء، هم ممن حازوا هذا الفضل العظيم .. هم مفلحون، فائزون، وليسوا متورطين.

 

الشهادة حياة وبعث لا نهاية

واحدة من أعمق أفكار الشهيد القائد التصويرية ،  أن الشهيد لا يموت كما يموت الآخرون، بل ينتقل، االمجاهد لن يموت كما يموت الآخرون .. روحه تنتقل من بذلة لتعود إلى جسم آخر، كما تخلع الثوب وتلبس غيره.

هذا التشبيه يُبرز أن الحياة الحقيقية للإنسان تبدأ بعد الشهادة، وأن الموت لم يعد تهديدًا للمجاهد، بل أملًا ومقصودًا يُطمح إليه.

الشهادة قمة في الاستسلام الواعي والطوعي لله

في فكر الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي (رضوان الله عليه)، لم تكن الشهادة مجرد خاتمة بطولية، بل تتويجًا لمسارٍ إيمانيٍّ شامل، يبدأ من لحظة وعي الإنسان بمسؤوليته أمام الله، وتُعد الآية الكريمة: ﴿قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ ، مفتاحًا لفهم هذا المسار، فهو ينبه إلى أن الصلاة والنسك هما مقدمة لمسارٍ أشمل، يتمثل في أن الحياة والموت نفسيهما يجب أن يكونا لله، أي أن المؤمن لا يكتفي بأداء شعائر ظاهرية، بل يحوّل حياته كلها إلى ميدان عبادة، وموته إلى ختام لتلك العبادة، عبر السعي الواعي نحو الشهادة في سبيل الله.

ولذلك علّق الشهيد القائد قائلاً: لا يصح أن يُقال أمرت أن تكون حياتي بيد الله، لأن هذه قضية حتمية، لكن أمرت أن تكون حياتي لله، ومماتي لله، وهذا لا يكون إلا بجهاد، وسعي للشهادة.

 

الشهادة .. أعظم استثمار للموت

يرى الشهيد القائد أن الله برحمته الواسعة فتح أمام الإنسان فرصة استثمار الموت، الذي هو حتميٌّ لكل البشر، بحيث لا يكون الموت مجرد نهاية، بل وسيلة للفوز بالرضوان الإلهي والخلود في الجنة، (عندما يكون لدى الإنسان هذا الشعور: نذر حياته لله ونذر موته لله، فهو فعلاً من استثمر حياته، واستثمر موته) ، وهذا الشعور كما يؤكد رضوان الله عليه ليس حالة استثنائية، بل هو سمة أصيلة للمؤمنين الحقيقيين الذين باعوا أنفسهم لله: ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ﴾

 

الإمام علي عليه السلام نموذجًا .. فزت ورب الكعبة

استلهم الشهيد القائد من سيرة أمير المؤمنين علي (عليه السلام) مثالًا على أرقى مشاعر نذر النفس لله، حين بُشّر بالشهادة، فلم يهتم إلا بسلامة دينه: ((يا رسول الله، أفي سلامة من ديني؟ قال: نعم. قال: إذن لا أبالي)).
رسالة عظيمة يُطلقها الإمام علي عليه السلام، إن الشهادة مقبولة ومحبوبة إذا كانت في سبيل الله وبحفظ الدين، هذه المشاعر لا تنبع من ضعف، بل من قوة إيمانية تدفع الإنسان لتجاوز غريزة التعلق بالدنيا، وجعل سلامة الدين فوق كل اعتبار.

 

 حضور النموذج الجهادي وأثره في غرس ثقافة الشهادة

ينبّه الشهيد القائد إلى خطر تغييب الرموز الجهادية، وتغليب المشاهد العاطفية المنزوعة من روح البطولة، فيقول منتقدًا الاكتفاء بترديد أسماء مثل محمد الدرة فقط، دون إبراز القادة المجاهدين كعباس الموسوي ويحيى عياش: لأول مرة أسمع أنشودة لم تعجبني إطلاقًا .. نحتاج إلى أن ننشد للأبطال الذين سقطوا في ساحة المواجهة.

ويشدد على أن الرموز الجهادية تصنع وعيًا، تلهم نفوس الناس روح الفداء، وتُبقي ثقافة الشهادة حيّة، أما التركيز على مآسي عاطفية دون ربطها بسياق المواجهة والجهاد، فيفرغ القضية من جوهرها.

 

الشهادة ..عنوان الأمة التي تنصر الله

يعمق الشهيد القائد في هذا المحور الإدراك بأن الأمة التي لا تُنذر أبناءها لله، لا يمكن أن تكون أمة ناهضة، أمة تنشد الأمن دون تضحية، وتطلب العزة دون دماء، لن تنتصر، (ولا يمكن للمؤمنين أن يعلوا كلمة الله، ولا أن يكونوا أنصارًا لله، ما لم يكن لديهم هذا الشعور، أنهم نذروا حياتهم وموتهم لله)،

إن قول الله تعالى: ﴿قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ﴾ في فكر الشهيد القائد هو بيان تكليف إلهي شامل، يجعل الشهادة ليست مجرد نتيجة بل غاية مقصودة، وسعي واعٍ ومحبوب لله، من يحمل هذا الوعي، يعيش لله ويموت لله، ويصنع من موته بوابة للحياة الأبدية.

 

الشهادة ضمانة للربح الحقيقي والخلاص الأبدي

يرى الشهيد القائد، أن الشهادة ، هي الضمانة الوحيدة للربح الأبدي،  فالإنسان الذي يخشى الموت ويهرب منه هو في الواقع أقرب إلى الموت، لأنه يُضيّع الهدف، ويعيش بقلق، ثم يموت ميتة لا معنى لها،  أما الشهيد، فقد كتب الله له الحياة الأبدية، (إذا كنت تكره الموت، فجاهد في سبيل الله، واطلب الشهادة، فبذلك فقط تُقهر الموت لا تهرب منه)، ويرى الشهيد القائد أن الآيات القرآنية لم تلغِ فقط خوف الموت، بل ألغت صفة الموت نفسها عن الشهداء: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ الله أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾، وهنا تصبح الشهادة بوابة للحياة لا للموت، وهي أرقى درجات الاستفادة من حقيقة حتمية لا مفر منها.

 

الشهادة في التربية النبوية والعترة الطاهرة

يشير الشهيد القائد إلى أن النموذج النبوي في التضحية كان قائماً على تقديم النبي صلوات الله عليه وآله ، لأهل بيته وأقاربه في مقدمة صفوف الجهاد، ابتداءً من غزوة بدر، حيث قاتل أقرباء النبي وذووه في مقدمة المواجهة، كما يشير إلى أن الآية: ﴿وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ﴾، هي خطاب خاص لقرابة النبي صلى الله عليه وآله، تُلزمهم بالتفاني التام في سبيل الله، ومن هنا، فإن قضية الشهادة ليست فقط تكليفاً عاماً، بل هي رسالة آل البيت ومسؤوليتهم التاريخية، وفي المقابل، يجب على الأمة أن تفهم الدين فهماً مسؤولاً، بأن كل تكليف إلهي هو نعمة وليس عبئاً، ومن يسير على درب أهل البيت لن يرى في الجهاد إلا تشريفاً، لا مشقة.

 

خاتمة

إن فكر الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه حول الشهادة ليس خطابًا عاطفيًا، بل بناء فكري عقائدي متكامل، يستمد قوته من القرآن، ويهدف إلى إنتاج أمة تتحرك بوعي وإرادة واستعداد للتضحية، وثقافة الشهادة كما طرحها ليست أداة موت، بل وسيلة حياة ونهضة، ووسام فضل إلهي يُختص به من يحملون همّ الأمة ويجاهدون في سبيل الله، وفي زمن الغربة والانحراف، ما أحوج الأمة اليوم إلى استعادة هذا الفهم الراقي للشهادة، لتكون كما أراد الله لها، {قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ}.

 

المصادر / محاضرات ودروس الشهيد القائد رضوان الله عليه

مقالات مشابهة

  • علي جمعة: مرافقة النبي في الجنة لا تكون إلا بكثرة السجود
  • كلمات حزينة عن أول جمعة بعد وفاة الأب
  • سنن يوم الجمعة .. 11 وصية نبوية تدخلك الجنة وتفتح لك أبواب الخيرات
  • منها حُسن معاملة الزوجة.. خالد الجندي: هذه أفضل أنواع الرحمة في الحر الشديد
  • دعاء يدخل الجنة .. ردده يرزقك الله الفردوس الأعلى
  • سباق على الموت.. عبدالله محمد بطل مصر للتجديف رحل مع حلمه بسبب تريلا
  • غرف في الجنة يدخلها من فعل 4 أمور.. حاول أن تكون منهم
  • رؤية قرآنية تصنع أمة مجاهدة لا تخاف الموت .. الشهادة والشهداء في فكر الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي (رضوان الله عليه)
  • وداعًا صاحب البهجة.. نجوم الفن ينعون لطفي لبيب بكلمات مؤثرة
  • دعاء النبي عند الحر الشديد .. ردد أفضل 14 تغفر ذنوبك وتدخلك الجنة