الانقسام بين طرفي الحرْب لا يخدّم قضية وقفها
تاريخ النشر: 18th, August 2024 GMT
الانقسام بين طرفي الحرْب لا يخدّم قضية وقفها
نضال عبدالوهاب
أخذ مُعظم السُودانيّن ، بل والقوي السياسِية زماناً طويلاً في ترديّد مقولات مثل هذا الطرف قد أشعل الحرب وذاك لم يُشعلها ولكنها فُرضت عليه ، وغيرها من أشياء لاتُفيّد في تقديري ، فالأهم والثابت لنا أن الحرب قد إشتعلت ودمرت وأبادت وهجرّت ولاتزال هي وخسائرها مُستمرة ، هنالك حقائق حدثت قبل إندلاع الحرب فيما يخص طرفي الحرب من الضروري لكل السُودانيّن وخاصة للقوي السياسِية الإقرار بها ، وهي أن الشعب قد أحدث تغييراً ورفض الإسلاميين والكيزان وهم المتهم الأول عند الأكثرية في مسألة إشعال الحرب هذه ، والحقيقة الثانية أن الشعب السُوداني أيضاً قد رفض حُكم العسكر وإنفراده بالسُلطة ورفض ديكتاتوريته وشموليته ، والحقيقة الثالثة أن طرفي الحرب وبعد أن إنقلبوا علي السُلطة الإنتقالية وقطعوا الطريق نحو الديمُقراطية وتنفيذ إرادة الشعب وتآمروا علي ذلك معاً وبمساعدات إقليمية وخارجية ودعم مُباشر وتأئيد ظهر وحدث الصرّاع فيما بينهم علي الإنفراد بالسُلطة والإستئلاء عليها وإختلفت معايير المصالح بينهما ، ولم يكن أبداً لا الوطن ولا المواطن محل إهتمامهم أو قضيتهم ، ومع السُلطة وقضية الإنفراد بها والإستحواذ كانت ولاتزال موارد البلد هي هدفهم الإقتصادي وتفننوا في سرقتها ونهبها والتعاون في ذلك مع أطراف دولية وإقليمية ظلّ هدفها الإستراتيجي في السُودان هو نهب هذه الموارد والإستفادة منها ، مع تماهي كامل وتنسيق مع عُملاء صنعوهم بأنفسهم وتعاونوا من العسكر والمليشيا وأجهزة الأمن والإستخبارات داخل أروقة طرفي الحرب ، ولم يكن أيضاً للشعب والبلاد أي علاقة بما يتم من كُل هذا النهب المُنظّم من حيث الإستفادة من عوائده ، بل كانت تذهب لجيوب المُتنفذّين في قيادة الجيش والمليشيا وجنرالاتها الفاسديّن ، أي لطرفي الحرب معاً إضافة لشبكة الفاسدين من الإسلاميين والكيزان الذين يتواجدون في طرفي الحرب وداخل أجهزتهم الأمنية والإستخبارية والعسكرية والسياسية.
والحقيقة الأخري التي سبقت إندلاع الحرب مُباشرة ، هي أن الطرفين إستعدوا وحشدوا لها وكان لديهم علماً بأن لحظة إشتعلاها متوقعة في كُل لحظة ، وهذه النقطة تحديداً شهد عليها من كانوا مُحيطين بهما ، من قوي سياسية مُتمثلة في مجموعة الإطارئ أو حركات سلام جوبا ، إضافة لتهئية كُل الشعب السُوداني أن إندلاع الحرب لن يكون مُفاجأة إذا حدث ، للمُقدمات التي سبقته وحرب التصريحات وإحتقان الموقف ووصول الطرفين لطريق مسدود في التفاهم أو تحكيم صوت العقل وعدم جعل المواجهة العسكرية هي الخيار المُناسب.
كُل هذه الحقائق التي ذكرتها تدحض أي حديث عن فرية أن أحد الطرفين هو من أشعل الحرب أو هو المُستفيّد من وراء ذلك ، فالثابت يقيناً أنهما إشتركا في إيصال البلد لهذا الدرك وخلقا معاً كُل تلك المُعاناة ، وتتوزع المسؤلية المُباشرة مابينهم وبين الحركة الأسلامية الشريك الأكبر في كُل ماحدث ، إضافة للداعميّن الخارجيين اللذين لولاهم لما إستمرت الحرب ، ولكن لأن لديهم مصالح مُباشرة لقيامها طمعاً في تحقيق المصلحة عبر إنتصار أحد طرفيها ، أو الوصول لواقع ينقسم فيه السُودان ويتفكك ويتشرد أهله وتسهل بذلك السيطرة علي موارده وثرواته وتحويله لنموذج أقرب للمُستعمرات.
ما يهم الآن هو ليس الإنقسام علي طرفي الحرب ، فكلاهما مُجرم ، وكلاهما أسهم في هذه الحرب وفي كُل هذا الدمار والخراب والموت والتشريد والفظائع و كُل الخسائر التي حدثت ، ولا يصح أن تنطلي علي شعبنا وكل قواه السياسِية أن أحد طرفيها أياً كان هو المظلوم أو المُعتدي عليه كما ظلا يُروجان منذ اليوم الأول للحرب وحتي اللحظة ، أو أنهما حريصان علي البلاد وشعبها ومستقبلها ، أو أنهم يُدافعون عن الأرض أو العرض أو شرف البلاد ، فكل هذا محض كذب ومُزائدات يستخدمها الطرفان وآلتهما الدعائية ومن يرتبطون معهما بالمصالح.
ولأن الحرب أصبح ضررها يتمدد خارج حدود بلادنا ، وما أفرزته من واقع وسناريوهات أكثر مما تصوره بعض مُشعليها وداعميهم ، ولمحاولات الإستفادة من إيقافها ولكن وفق طريق يضمن مصالح من دعموها ودعموا طرفيها تحركوا الآن بجدية أكبر لإيقافها ، مع محاولات مُستمرة للحركة الإسلامية والمُتنفذّين من الكيزان لإستمرارها لتأكيد سُلطتهم التي يُحاولون إستعادتها مُجدداً بفقه الأمر الواقع الحالي ، أو ضمّان تواجدهم سياسياً وفي السُلطة أو أي عمليات سياسِية ترتبط بها لاحقاً ، وبالنسبة للمليشيا أيضاً تأكيد إفلاتهم من العقاب والمُحاسبة وخلق شرعية لهم ومُستقبل سياسي وإقتصادي وعسكري ، وللطرفين أهميّة إستمرار نهبهم وفسادهم وحمايته ، ومواصلة إرتباطهم بمصالح الدوائر الخارجية التي دعمتهم ودعمّت الحرب وساهمت في إستمرارها.
يبقي أخيراً التأكيد علي أن خطوة وقف الحرب هي الأهمّ بعيداً عن سؤال من أشعلها ، وأن أيضاً أي محاولة للإصطفاف مع طرف منهما أو إكسابه الشرعيّة أو الدفاع عنه يُمثل إستمرار للحرب نفسها أو إستمرار لحالة الإضرار بمصالح السُودانيّن في إعادة إنتاج طرفيها مُجدداً وفرضه علي الشعب السُوداني وتمكيّن بطشهم وفسادهم.
والشئ المُهم الآن الإلتفاف حوله من كُل السُودانيّن والقوي السياسِية هو رفض الطرفين معاً ، ورفض أي شرعية للحرب أو إستمرارها ، ورفض أي أدوار مُستقبلية لهما في الحُكم وإعادة إنتاج الأزمة أو الحرب مُجدداً.
علي كُل القوي السياسِية والفاعِلين السياسِين دعم وقف الحرب ودعم عمليات التفاوض لوقفها وضمان إغاثة السُودانين وتأمين عودتهم وأستقرارهم ، وفي ذات الوقت القوف بصلابة وإرسال رسائل مُباشرة لمن هم خلف المفاوضات ومُيسيرها وللمجتمع الدولي ولطرفي الحرب أنفسهم ، بالرفض الكامل لأي أدوار مُستقبلية لهما في الحُكم والسُلطة في السُودان مع مُحاسبة كُل من ثبُت إجرامه في هذه الحرب.
الوسومالجيش الدعم السريع حرب السودان مفاوضات جنيف
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الجيش الدعم السريع حرب السودان مفاوضات جنيف
إقرأ أيضاً:
موجة حر غير مسبوقة تضرب اليابان
أعلنت وكالة الأرصاد الجوية اليابانية، الجمعة، أن البلاد شهدت في يوليو أعلى معدل درجات حرارة لهذا الشهر منذ بدء السجلات عام 1898، وسط موجات حر غير مسبوقة تضرب العالم بفعل تغير المناخ.
وأكدت الوكالة أن هذا هو العام الثالث على التوالي الذي يسجل فيه الأرخبيل ارتفاعاً قياسياً في متوسط حرارة يوليو، موضحة أن درجات الحرارة كانت أعلى من المعدل الطبيعي بـ 2.89 درجة مئوية، متجاوزة الرقم القياسي السابق المسجل في يوليو 2024 والبالغ 2.16 درجة مئوية.
وفي ذروة الموجة الحارة، سجلت منطقة هيوغو الغربية، الأربعاء، 41.2 درجة مئوية، بعد أن كانت البلاد قد شهدت في يونيو أعلى درجة حرارة مسجلة لذلك الشهر. وحذرت الوكالة من استمرار موجات الحر الشديدة في جميع أنحاء البلاد خلال الشهر المقبل.
وأشارت البيانات إلى أن يوليو شهد أمطاراً خفيفة في العديد من المناطق، خاصة في الشمال وعلى طول ساحل بحر اليابان، فيما انتهى موسم الأمطار في الغرب قبل موعده بنحو ثلاثة أسابيع.
ويرى العلماء أن تغير المناخ الناجم عن النشاط البشري يزيد من شدة وتكرار وانتشار موجات الحر، في حين ينبه خبراء الأرصاد اليابانيون إلى أن الظواهر الجوية قصيرة المدى، مثل موجات الحر الحالية، لا ترتبط بالضرورة بشكل مباشر بالتغير المناخي طويل الأمد، إلا أن الاحترار العالمي يعزز من حدة هذه الظواهر غير المتوقعة.
وكان صيف 2024 الأشد حرارة في اليابان، مساوياً للمستوى القياسي لعام 2023، تلاه خريف هو الأكثر دفئاً منذ بدء السجلات قبل 126 عاماً. كما أثرت درجات الحرارة المرتفعة على النظم البيئية، حيث تزهر أشجار الكرز الشهيرة في وقت مبكر أو لا تزهر بالكامل، فيما تأخرت الثلوج عن تغطية قمة جبل فوجي حتى أوائل نوفمبر، مقارنةً بموعدها المعتاد في أوائل أكتوبر.