في مواجهة السودان لازمة اقتصادية طاحنة وفي ظل التناقص المريع لإيرادات الدولة بسبب الحرب المندلعة في أنحائه بين الجيش السوداني ومليشيا الدعم السريع منذ ستة عشرة شهراً ، تتكرر شكوى الحكومة من قلة الدعم الخارجي لمجابهة الأزمة واحداث استقراراً نسيياً في قيمة العملة الوطنية المتدهورة وبالتالي احداث توازن في العجز التجاري.


منذ مارس الماضي ووزير المالية السوداني ، د. جبريل إبراهيم يشكو من عدم حصول وزارته على دعم مالي من المجتمع الدولي معتبراً ان ذلك هو السبب الرئيسي في عدم استقرار الوضع الاقتصادي بصورة عامة واستقرار سعر الصرف على وجه الخصوص.
الاربعاء الماضي كشف د. جبريل إبراهيم عن عدم حصول السودان على عون خارجي على الرغم من ظروف الحرب وتداعياتها على موارد البلاد ومعاش المواطن وأمنه واستقراره.
وكشف الوزير – لدى لقائه بمقر الوزارة ببورتسودان السفير النرويجي المعتمد لدى السودان – عن ضعف استجابة الدول الغربية لمعالجة الأزمة في السودان مبدياً استعداد الحكومة للدخول في المبادرات التي تستهدف تحقيق السلام المستدام والتنمية في البلاد. وأطلع د. جبريل السفير النرويجي على الأوضاع الإنسانية القاسية التي يعيشها المواطن في الولايات المتأثرة بالحرب سيما غرب البلاد مشيراً إلى ضعف استجابة الغرب لدعمه.
من جانبه أبدى سفير النرويج المعتمد لدى السودان أندري استيالسن اهتمام حكومة بلاده بدعم جهود السلام في السودان وتقديم المساعدات الإنسانية للمتضررين من الحرب عبر الأمم المتحدة ، مبيناً أن هدف زيارته معرفة الوضع في السودان عن قرب ودراسة الطريقة المثلى لدخول المساعدات الانسانية وضمان وصولها للمستهدفين. في أبريل الماضي وبعد عام من اندلاع الحرب في السودان تم عقد المؤتمر الإنساني الثاني حول السودان، بالعاصمة الفرنسية باريس ففي يونيو 2023 تم عقد المؤتمر الأول في جنيف، وَعَدَت فيه الدول الأوروبية والولايات المتحدة ودول عربية، بتأمين مبلغ 1,4 مليار يورو.
وفي مؤتمر باريس في أبريل الماضي تحدثت الأمم المتحدة عن الحاجة إلى حوالي 4 مليارات يورو من أجل تأمين المساعدات الإنسانية في السودان والدول المجاورة التي استقبلت ملايين النازحين السودانيين. ولكن مؤتمر باريس انتهى بجمع أكثر من ملياري يورو، أي نصف المبلغ الذي طالبت به الأمم المتحدة.
إلا ان هذا المبلغ لم يصل إلى خزينة وزارة المالية واقتصرت الدعومات على الدعم الإنساني والإغاثات من دول التعاون الخليجي والدول العربية الأمر الذي اثر بشكل بالغ على قيمة الجنيه السوداني امام الدولار الأمريكي والذي تجاوزت قيمته في الأسواق الموازية للعملات 2600 جنيه للدولار الواحد. وعن الاسباب التي تمنع المجتمع الدولي من دعم الاقتصاد السوداني بصورة مباشرة يقول استاذ الاقتصاد بجامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا، د. عبد المنعم المهل ان تتمثل في اغلب الدول تعتقد أن أي دعم سوف يذهب الي تمويل الحرب والمعدات والأجهزة وغيرها
وأشار إلى أن الولايات المتحدة وبريطانيا والغرب بصورة عامة مصطفين مع الدعم السريع الأمر الذي يجعلهم يرغبون في استنزاف الاثنين وعدم تقديم دعم حقيقي لأي طرف الا بعد ضمان الولاء الكامل لهم بعد الحرب فإذا وجدوا من يمثلهم ويخدم أغراضهم سوف يدعموه
وتابع المهل في حديثه لــ ( المحقق) ان “الدول العربية الغنية لا تريد دعم الجيش في نفس الوقت لأن لها جنود من الدعم السريع يحاربون معها”.
واكد على أن الحكومة المدنية في بورتسودان لم تبذل مجهوداً كبيراً لاستقطاب الدعم الخارجي بالإضافة إلى أن تصريحات بعض المسؤولين تفسد العلاقات الخارجية، فقد تم دعم قطاع الصحة والتعليم في كثير من الدول أثناء الحرب مثل اليمن وارتريا وغيرها.
وكشف المهل عن عدم وجود برنامج واضح ولا خطة جلية ولا دراسة مفصلة لكيفية استغلال هذه الأموال ولا يوجد اعداد جيد ولا مهنية في ذلك والمنظمات الدولية الإقليمية والدولية لا تدفع في الهواء ولابد من أرقام مشيرا إلى ان اغلب الدول تضغط علي الحكومة بالجوانب الاقتصادية لدفعهم نحو وقف الحرب والسلام.
وعن الحلول التي يمكن للسودان اللجوء اليها لسد العجز المالي يرى الخبير الاقتصادي ، د. هيثم محمد فتحي ان اللجوء إلى الأسواق المحلية والدولية ، لسد الفجوة من الاحتياجات المالية، “نتيجة الأزمات الاقتصادية والجيوسياسية المستمرة في المنطقة
واشار فتحي في حديثه مع (المحقق) أن الحاجة المستمرة لتمويل العجز في الموازنة، وتغطية المصروفات الحكومية لارتفاع وتيرة الاقتراض الحكومي من السوق المحلية استمرار المصروفات الحكومية في الزيادة بمعدلات أعلى من الإيرادات العامة للدولة، يعني استمرار اتساع الفجوة التمويلية .
ونوه إلى أن الاقتراض الدولي بناء على قدرة السودان على سداد الديون وتحمل الأعباء المالية المرتبطة به ولتجاوز الأزمة لابد من التعاون الدولي لمواجهة الأزمة الاقتصادية من خلال تقديم المساعدات المالية والفنية ودعم عملية إعادة الإعمار.

المحقق- نازك شمام

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: فی السودان

إقرأ أيضاً:

لماذا تكره القبائل التي تشكل الحاضنة العسكرية والسياسية للجنجويد دولة 56؟

لماذا تكره القبائل التي تشكل الحاضنة العسكرية والسياسية للجنجويد دولة 56؟
لأنها صناعة الإنجليز الذين لم يدخلوا السودان كمستعمرين ولكن تلبية لمطالبة الآلف من السودانيين الذين كانوا يعيشون تحت وطأة الظلم والفقر والحكم القسري للخليفة عبد الله الذي أنقلب على وصايا الامام المهدي. دولة 56 هي التي بدأت بإنهاء حكم الخليفة عبد الله التعايشي الذي نقض عهد المهدي وانقلب على الخلفاء وكان ينتوي توريث ابنه بإيعاز من أخيه يعقوب. لم تكن دارفور نفسها خاضعة التعايشي آنذاك بل كانت أركان المهدية تقوم على جيش يتكون من مجموعة جيوش بولاءات مختلفة فحسب الوثائق البريطانية للعام 1891 في ارشيف السودان بجامعة درم البريطانية كان جيش الخليفة يتكون من 46 الف مقاتل منهم
8000 تعايشة
12000 رزيقات
3000 حمر وهولاء يعتبرونه الخليفة عبد الله قائدهم المباشر
10,000 جعليين
8000 من قبائل متفرقة من مديرية بربر
7000 من دنقلا وهولاء يعتبرونه الخليفة محمد شريف قائدهم المباشر
3000 من عرب كنانة وهؤلاء يعتبرون الخليفة علي ود الحلو قائدهم المباشر.
وطبعا الجميع يعلم أن تمردا قد قام في امدرمان ضد الخليفة في العام 1892 بقيادة الخليفة شريف ومجموعة من عمد بربر احتجاجا على الضرائب ومصادرة الأراضي وغيرها من الإجراءات التعسفية التي فرضت عليهم و المواطنين في مناطقهم. مجموعة من العمد كانت قد سافرت إلى مصر ونقلت احتجاجاتها وتذمر المواطنين وقد أخمد الخليفة عبد الله التمرد و حبس الخليفة شريف. هذة الوثائق طويلة ويمكن الرجوع لها في الرابط ادناه. ولكن الشاهد فيها إن الجلابة الذين يتم اتهامهم بإحتكار الامتيازات التاريخية هم في الواقع من كانت ترتكز عليهم الدولة المهدية ولكن والصراعات الداخلية التي حدثت نتيجة لسوء اداراة الخليفة عبد الله ورغبته في توريث الحكم هي ما عجلت بسقوط حكمه على يد الإنجليز لتتأسس دولة 56 على انقاض المهدية.
سبنا امام

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • غوتيريش يرفض استخدام الجوع سلاحا في الحرب
  • مسؤول “أممي” في السودان لمتابعة العدالة والعودة الطوعية للنازحين
  • السودان يدين إعلان الدعم السريع حكومة موازية
  • أبو الغيط يشارك في المؤتمر الدولي للتسوية السلمية للقضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين بنيويورك
  • هولندا تدرج إسرائيل لأول مرة على قائمة الدول التي تشكل تهديدا للبلاد
  • حظر الأسلحة النووية.. لماذا تتهرب الدول الكبرى من التوقيع على المعاهدة؟
  • الدعم السريع يعلن تشكيل حكومة موازية في السودان
  • لماذا تكره القبائل التي تشكل الحاضنة العسكرية والسياسية للجنجويد دولة 56؟
  • لماذا لاينبغي الحوار مع قحت، بل اجتثاثها (١-٣)
  • الأمم المتحدة: 1.3 مليون سوداني شردتهم الحرب عادوا إلى ديارهم