كاتب بريطاني: قصة الطفلة هند تكشف استراتيجية إسرائيل في التملص من جرائمها
تاريخ النشر: 19th, August 2024 GMT
قال الكاتب البريطاني أوين جونز، إن قصة الطفلة الصغيرة هند رجب، ذات الخمس سنوات، والتي استشهدت في كانون ثاني/يناير الماضي، بعد إعدامها برصاص دبابات الاحتلال مع عائلتها في حي تل الهوا بغزة، تعطينا دليلا على طبيعة الهجوم الإسرائيلي على غزة، وكيف يتم التملص من الجريمة عبر استراتيجية من عدة خطوات
ولفت جونز في مقال له بصحيفة الغارديان، إلى أن هند، ركبت سيارة كيا بيكانتو برفقة عمها وخالتها وعدد من أبناء عمومتها.
وعندما اتصلت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني مرة أخرى، ردت هند، وهي الناجية الوحيدة الآن، محاطة بجثث أقاربها الستة الملطخة بالدماء. كما أشارت إلى دبابة وتوسلت لإنقاذها. في إحدى المرات، أخبرت عامل الهاتف أن الظلام بدأ ينحسر وأنها خائفة.
وبعد ساعات من الانتظار للحصول على الإذن، تفاوضت وزارة الصحة مع السلطات الإسرائيلية على وصول آمن لسيارة إسعاف. وصل المسعفون في حوالي الساعة 6 مساء وتم إطلاق النار عليهم فور وصولهم. بعد أسبوعين، تم العثور على رفاتهم - إلى جانب الجثث المتحللة لهند وعائلتها.
وأوضح جونز أنه وبعد كل فظاعة ترتكبها، دولة الاحتلال، يجري أسلوب عمل قياسي بالإنكار، والتحويل، والخداع، وانتظار انتقال الاهتمام إلى مكان آخر. وقد تعاونت معظم وسائل الإعلام مع هذه الاستراتيجية، مما سمح للاحتلال بمواصلة هجومها الإبادي الجماعي، لأنه يمنع المراقبين من ربط النقاط لفهم ما هو هذا حقا. ولهذا السبب، يجب إعادة النظر في كل جريمة حتى يتم فهمها بشكل صحيح. في هذه الحالة، زعمت إسرائيل أنها لم يكن لديها قوات في المنطقة.
وبعد خمسة أشهر تقريبا من عمليات القتل، نشرت مجموعة Forensic Architecture وهي مجموعة بحثية متعددة التخصصات مقرها في غولدسميثس، جامعة لندن، تحقيقا مفصلا بالاشتراك مع قناة الجزيرة، حيث قاموا برسم خريطة لـ 335 ثقب رصاصة في الجزء الخارجي من السيارة. وجد تحليل مكالمة ليان الهاتفية 64 طلقة نارية أطلقت في ست ثوانٍ فقط، وهو ما يتفق فقط مع الأسلحة الصادرة عن إسرائيل، مع تقدير أن الدبابة كانت على بعد ما بين 13 و 23 مترا من السيارة. يكتبون: "في مثل هذا القرب، من غير المعقول أن مطلق النار لم يلاحظ أن السيارة كانت مشغولة بالمدنيين، بما في ذلك الأطفال".
استمع إلى شهادات هؤلاء الأطفال القتلى، واقرأ البحث التفصيلي، ولا يمكنك إلا أن تستنتج أن عمليات القتل هذه كانت متعمدة. كان ذلك في وضح النهار، وكانت دبابة إسرائيلية قريبة من السيارة، وأطلقت 335 رصاصة على الأقل على مدى فترة طويلة، ثم انفجرت سيارة الإسعاف - التي تم تنسيق مرورها مع السلطات الإسرائيلية، و"لو ارتكب مسلحو حماس هذه الفظاعة في 7 أكتوبر، لتم تسليط الضوء عليها مرارا وتكرارا كدليل على الهمجية المطلقة للعدو. لكن هذا لم يحدث هنا".
يمكن رؤية أسلوب العمل الإسرائيلي في العمل مرارا وتكرارا. عندما قُتلت الصحافية الفلسطينية الأمريكية في قناة الجزيرة شيرين أبو عاقلة في مايو 2022، أنكرت إسرائيل مسؤوليتها، وأشارت بأصابع الاتهام إلى المسلحين الفلسطينيين، وانتظرت شهورا حتى تحول الاهتمام إلى مكان آخر قبل الاعتراف بمسؤوليتها المحتملة.
وعندما هاجمت إسرائيل مستشفى الشفاء، وهو المرفق الطبي الرئيسي في غزة، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بعد أكثر من شهر، نفت صحيفة واشنطن بوست مزاعمها الرئيسية، مشيرة إلى عدم وجود أدلة على أن المستشفى كان يستخدم "كمركز قيادة وتحكم" أو أنه يمكن الوصول إلى الأنفاق من عنابر المستشفى. وبعد ستة أسابيع تقريبا من مذبحة استشهد فيها أكثر من 100 فلسطيني أثناء انتظارهم المساعدات في ما يسمى بمذبحة الدقيق في فبراير/شباط، نفت شبكة سي إن إن نفي إسرائيل للمسؤولية عن الهجوم. يمكننا أن نستمر.
إن هذه الردود التفصيلية على الادعاءات الإسرائيلية تكشف عن نمط من الفظائع التي يتبعها التستر - ومع ذلك فإن وسائل الإعلام لا تزال تعامل الادعاءات الإسرائيلية الأولية على أنها ذات مصداقية، حيث من حقها أن تسخر من ادعاءات مماثلة من قبل الدولة الروسية.
ومع تجاوز عدد الشهداء الرسمي في غزة 40 ألف قتيل بما في ذلك حوالي 14 ألف طفل تشير صحيفة هآرتس الإسرائيلية إلى أن هذا يمثل نسبة أعلى من عدد السكان قبل الحرب الذين قتلوا في غضون 10 أشهر مقارنة بقتلى حرب العراق على مدى 20 عاما، أو في الحروب اليوغوسلافية على مدى 10 سنوات؛ وهو أربعة أضعاف نسبة الأشخاص الذين قتلوا في أوكرانيا على مدى عامين ونصف.
وعلاوة على ذلك، فمن المرجح أن يكون هذا تقديرا أقل من الواقع بكثير: إذ يتم استبعاد الآلاف من المدفونين تحت الأنقاض من الأرقام الرسمية، وكذلك الوفيات غير المباشرة التي من المرجح أن تكون السبب الأكبر في الوفاة في حين انهار نظام الإبلاغ تقريبا بفضل جهاز الرعاية الصحية المدمر. وتتراوح تقديرات أخرى من خبراء طبيين بين 92 ألفا و186 ألفا.
إذا كانت دولة غير متحالفة مع الغرب مذنبة بهذا، فلن يكون هناك إجماع على أنها تمثل واحدة من أخطر الجرائم في عصرنا فحسب، بل وسيُنظر إليها على أنها غير لائقة أخلاقيا ألا نفكر في ذلك.
وشدد الكاتب على إنه إذا تم فهم سلوك إسرائيل في حربها على غزة على حقيقته فظاعة ارتكبها نظام قاتل فإن الشخصيات القوية ستخشى العواقب، وأولئك الذين هتفوا لها سيخشون أن يتم وصمهم بشكل دائم بالوحوش، وأولئك الذين التزموا الصمت، بغض النظر عن الكلمات الفارغة والقلق، سيخشون المساءلة، وإلى أن يحدث هذا، فإن الأهوال لن تنتهي. لذا، إذا كنت تشك في حقيقة الأمر، فتذكر اللحظات الأخيرة المروعة التي مرت بها هند رجب، الفتاة البالغة من العمر خمس سنوات والتي تتمتع بابتسامة ساحرة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية الاحتلال غزة الشهداء الجرائم غزة الاحتلال جرائم شهداء صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة على مدى على أن
إقرأ أيضاً:
إسرائيل تستدعي 450 ألف جندي احتياط.. واشنطن تكشف عن اتفاق لـ«وقف إطلاق النار» في غزة
أعلن المبعوث الأميركي الخاص للبيت الأبيض ستيف ويتكوف أن اتفاقاً لوقف إطلاق النار وتبادل المحتجزين في غزة مطروح حالياً على طاولة المفاوضات، مشيراً إلى أن الاقتراح يتضمن مساراً يؤدي إلى إنهاء الحرب، وداعياً حركة حماس إلى الموافقة عليه.
وأوضح ويتكوف، في مقابلة مع شبكة “سي إن إن”، أن الاتفاق ينص على الإفراج عن نصف المحتجزين الأحياء ونصف جثامين المتوفين لدى حماس، مقابل وقف مؤقت لإطلاق النار، يعقبه بدء مفاوضات جوهرية تهدف إلى التوصل إلى وقف دائم للقتال، مؤكداً أن إسرائيل أبدت استعدادها للمشاركة في هذه العملية، وأنه مستعد لترؤس تلك المفاوضات.
ورفض ويتكوف الكشف عن مدة الهدنة المؤقتة، مشيراً إلى أن هذه النقطة ما زالت من القضايا العالقة في المباحثات.
وقال المبعوث الأميركي: “الاتفاق مطروح على الطاولة، وعلى حماس قبوله، إنه يشكل بداية لمسار سياسي نحو وقف إطلاق نار دائم، بعد إطلاق سراح نصف الرهائن الأحياء ونصف جثامين المتوفين”.
من جهتها، نقلت “سي إن إن” عن مسؤول فلسطيني مطّلع أن حماس وافقت على الاقتراح، دون أن يقدّم تفاصيل إضافية حول بنود الاتفاق.
وبينما أكد ويتكوف أنه لم يجرِ أي اتصال مباشر مع الحركة، أفاد مصدر مطّلع بأن رجل الأعمال الفلسطيني الأميركي بشارة بحبح، الذي قاد مجموعة “العرب الأميركيون من أجل ترامب” خلال حملة الانتخابات الرئاسية لعام 2024، التقى بمسؤولين من حماس في العاصمة القطرية الدوحة، حيث ناقش المقترح نيابةً عن الإدارة الأميركية.
وتعد تصريحات ويتكوف أول إشارة رسمية إلى استعداده لرئاسة مفاوضات إنهاء الحرب خلال فترة الهدنة، في ظل مؤشرات متزايدة على تحركات دبلوماسية مكثفة للتوصل إلى اتفاق شامل بين الأطراف المعنية.
إسرائيل تصادق على استدعاء 450 ألف جندي احتياط وسط تحديات قانونية وانتقادات للمساواة في الخدمة
صادقت الحكومة الإسرائيلية، اليوم الاثنين، على قرار استدعاء ما يصل إلى 450 ألف جندي احتياط بموجب الأمر العسكري الطارئ المعروف باسم “أمر 8″، وذلك حتى 31 أغسطس 2025. ويُعد هذا القرار الأكبر من نوعه منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر الماضي.
وقالت وسائل إعلام أمريكية إن القرار اتخذ رغم وجود تحفظات قانونية جدية حول شرعيته، حيث كشف الرأي القانوني المرفق عن صعوبات كبيرة في تمديد أوامر التجنيد الطارئة، بسبب تقاعس الحكومة عن زيادة تجنيد الشباب من المجتمع الحريدي.
ويُلزم “أمر 8” جنود الاحتياط بالالتحاق الفوري بالخدمة دون تأجيل أو اعتراض، ويُعتبر من أعلى مستويات التعبئة العسكرية، بهدف رفع الجاهزية لمواجهة التهديدات الأمنية الكبرى. وتشير الوثائق إلى أن التكلفة اليومية لكل جندي تبلغ نحو 1000 شيكل تتحملها خزينة الدولة.
وفي مؤتمر سنوي لنقابة المحامين، أكدت المستشارة القضائية للحكومة غالي بهراف-ميارا ضرورة تحقيق المساواة في تحمل الأعباء العسكرية، مشيرة إلى شعور عام بعدم المساواة يؤثر على العدالة المجتمعية. ودعت إلى اتخاذ ثلاث خطوات عاجلة: زيادة أوامر التجنيد، تفعيل آليات إنفاذ القانون ضد المتخلفين، وتوسيع نطاق العقوبات، مؤكدة أن ذلك يمكن تنفيذه بقرار حكومي دون تشريع جديد.
وانتقدت بهراف-ميارا فشل الحكومة في دفع الملف قدماً، معتبرة أن ذلك لا يتوافق مع احتياجات الجيش والحق الدستوري في المساواة، معبرة عن استعدادها للتعاون الكامل مع الحكومة لحل هذه الأزمة.
يذكر أن إسرائيل تشهد توتراً عسكرياً متصاعداً على خلفية الصراع المستمر منذ أكتوبر، وسط دعوات دولية لوقف التصعيد وفتح قنوات للتفاوض وإنهاء الأزمة الإنسانية في المنطقة.
الجيش الإسرائيلي يبلغ حكومة نتنياهو استعداده لصفقة مع حماس ويحذر من تعميق المناورة في غزة
أكدت القناة 14 العبرية أن كبار قادة الجيش الإسرائيلي أبلغوا حكومة بنيامين نتنياهو استعدادهم للمضي في صفقة تبادل مع حركة حماس تشمل وقف إطلاق النار في قطاع غزة، مطالبين القيادة السياسية باتخاذ قرار عاجل في هذا الشأن.
ونقلت القناة عن مصدر أمني قوله إن الجيش عرض على المستوى السياسي سيناريو توسيع المناورة العسكرية في غزة، محذراً من أن تعميق العمليات سيجعل من الصعب لاحقاً التراجع عنها أو التوصل إلى اتفاق.
وأضاف المصدر: “نحن مستعدون للدخول بكامل قوتنا، وبدأنا بالفعل في بعض المناطق مناورة لم نشهدها منذ وقف إطلاق النار”، مشدداً على أن “اتخاذ القرار مطلوب الآن”، لأن أي صفقة لاحقة قد تعرقل تحقيق أهداف الحملة العسكرية.
ورغم ذلك، أشار الجيش –وفقاً للقناة– إلى أنه “سيعرف كيف يتعامل مع أي سيناريو يشمل وقف المناورة لصالح التوصل إلى اتفاق”.
ويأتي هذا في ظل توقعات بتوسيع كبير للعمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة خلال الأيام المقبلة، وذلك بالتزامن مع تحذيرات من أن التقدم الميداني قد يقوّض فرص الوصول إلى تسوية.
ومنذ السابع من أكتوبر 2023، تشن إسرائيل حرباً واسعة النطاق على قطاع غزة، وصفها مسؤولون في الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية بـ”حرب إبادة جماعية”، شملت القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، في تجاهل واضح للنداءات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية بوقف العمليات.
وأسفرت هذه الحرب عن أكثر من 176 ألف قتيل وجريح فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال، بالإضافة إلى أكثر من 11 ألف مفقود، ومئات الآلاف من النازحين، في ظل تفاقم المجاعة التي أودت بحياة عدد من المدنيين، بينهم أطفال.