دينيون من أجل السلام والتماسك الاجتماعي – الصُلحُ خَير – دكتور/ سالم حامد أبوبكر
تاريخ النشر: 9th, August 2023 GMT
ايها الاحبة :
الحمد لله الذي أمر بالإصلاح ودعا إليه، وحذر من التنازع والتفرق والإختلاف ونهى عنه ، ورغب في الإذعان للحق والإنقياد له، والصلاة والسلامُ على النبي الكريم سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.
إقتضت مشيئة الخالق سبحانه وتعالى أنَّ الحياة الدنيا لا تسير على وتيرةٍ واحدةٍ، ولا تخلو من الخصومات، والنزاعات، والخلافات، والإقتتال بين أهل البلد والأمة الواحدة، والإعتداءات على الأرواح، والممتلكات، وضياع الحقوق، وتشتت أفراد الأسرة.
ولعل المشكل في ذلك ترجع إلى التهاون في الإصلاح بين المتخاصمين، والسعي الحثيث لفك فتيل الأزمة قبل نشوبها، وسكوت أهل الحق وأصحاب الكلمة والوجاهة _ وجميعنا مقصر في ذلك_ لكن أن تأتي متأخراً خير من أن لا تأتي.
إن شريعتنا الإسلامية الغرَّاء قد بَيَّنت لنا الطريقة المُثلى للصلح بين الناس، حتى ينتشر الأمن والأمان، والسِلم والسَّلام بين أفراد المجتمع الواحد ، وتحل الألفة والمودة والمحبة محل الحقد والكراهية والشحناء والبغضاء، ويتوقف الإنسان عن التفكير في نيل الثأر والإنتقام، ويوفر جهده ووقته للتفكير فيما فيه صلاح نفسه وأسرته، ومجتمعه وبلده الذي يعيش فيه، ويسعى جاهداً للإصلاح بين المتخاصمين .
والمتأمل في الشريعة الإسلامية يجد أن الإسلام أولى اهتماماً كبيراً و عُني بقضية الإصلاح بين المتخاصمين ورغَّب فيه وجعل المُصلح حاكما نافذاً حكمه قال تعالى(وَإِنْ طَآئِفَتٰنِ مِنَ الْـمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدٰاهُمَا عَلَى الأُخْرٰى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتّٰى تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ الله فَإِنْ فَآءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْـمُقْسِطِينَ إِنَّمَا الْـمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) الحجرات9.
وقال تعالى(لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ) النساء114. وقال في حق الزوجين(وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً) النساء35.
وفي الصحيحين قال صلى الله عليه وسلم (كل يوم تطلع فيه الشمس تعدل بين اثنين – تصلح بينهما بالعدل- صدقة).
وكان نهج نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هو الإسراع في الإصلاح بين المتخاصمين سواء كان بين قبيلة وقبيلة، أو بين شخص وآخر، أو بين الزوج وزوجته.
في صحيح البخاري عن سهل بن سعد رضي الله عنه: ( أن أهل قباء إقتتلوا حتى تراموا بالحجارة، فأُخْبِر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك، فقال: إذهبوا بنا نصلح بينهم) فالنقتدي بنبينا صلى الله عليه وسلم ونسيرُ على نهجه.
أحبتي :
هاهي بلادنا تحترق وتتمزق من أمام أعيننا، و أرواحنا تُزهق، وممتلكاتنا تُخرب، وأبناء جلدتنا يتقاتلون ويموتون وأشلاءهم متفرقة في الطرقات ولا مجال لمواراتهم،ولا حول ولا قوة إلا بالله.
لذلك لابد لأهل الدين، والحكمة، والعقل، والرأي، والوجاهة، والنشطاء، والإعلاميين من التدخل للإصلاح بين المتقاتلين لنحافظ على ماتبقى من أرواح آباءنا وأبناءنا الطاهرة.
ملحوظة مهمة
أن الصلح لا يعني ضياع الحقوق، بل لابد من محاسبة ومعاقبة كل من أجرم في حق الأبرياء، ورد الحقوق والمظالم إلى أهلها.
أسأل الله تعالى أن يصلح حالنا وأن يؤلف بين قلوبنا، وأن يجمع كلمتنا، وأن يوحد صفَّنا، وأن يطهر قلوبنا من الغل والحسد والبغضاء والشحناء إنه سميع قريب مجيب فنعم المولى ونعم النصير.
# لا للحرب نعم للسلام
# لا لخطاب الكراهية
# دينيون من أجل السلام والتماسك الإجتماعي.
المصدر: نبض السودان
كلمات دلالية: أجل السلام من والتماسك صلى الله علیه وسلم
إقرأ أيضاً:
حقيقة الإلحاح في الدعاء يكون بترديده 3 مرات فقط
حقيقة الإلحاح في الدعاء يكون بترديده 3 مرات فقط، ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم استحباب تكرار الدعاء ثلاثًا، وذلك في حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: «كَانَ إِذَا دَعَا دَعَا ثَلَاثًا ، وَإِذَا سَأَلَ سَأَلَ ثَلَاثًا» رواه مسلم (1794) وأصله في البخاري أيضا.
وروى الإمام أحمد في "المسند" (1/397) عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْجِبُهُ أَنْ يَدْعُوَ ثَلَاثًا وَيَسْتَغْفِرَ ثَلَاثًا»، قال الإمام النووي إن الحديث فيه استحباب تكرير الدعاء ثلاثا.
وقال جمهور العلماء إن تكرار الدعاء أمر مطلوب، كلما كرر الإنسان الدعاء كان ذلك أفضل، وقد كان من هدي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه إذا دعا دعا ثلاثا، هذا في غالب الأحيان، وعلى هذا فتكرار الدعاء لا بأس به؛ لأن الدعاء عبادة لله عز وجل، وليعلم أن الداعي بصدق وإخلاص لا بد أن يغنم: إما أن يستجيب الله تعالى له ما أراد، وإما أن يدفع عنه من السوء ما هو أعظم، وإما أن يدخر له الأجر يوم القيامة؛ لأن الدعاء عبادة، فلا بد فيه من خير.
وأكد جمهور العلماء أن السنة في تكرار الدعاء أن يكون ثلاث مرات، ومن زاد على ذلك أحيانًا فلا حرج عليه، كما أن من اقتصر على الدعاء مرة واحدة لا حرج عليه، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم جميع ذلك. فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا اسْتَجَارَ عَبْدٌ مِنَ النَّارِ سَبْعَ مَرَّاتٍ فِي يَوْمٍ إِلا قَالَتِ النَّارُ: يَا رَبِّ! إِنَّ عَبْدَكَ فُلانًا قَدِ اسْتَجَارَكَ مِنِّي فَأَجِرْهُ. وَلا يَسْأَلُ اللَّهَ عَبْدٌ الْجَنَّةَ فِي يَوْمٍ سَبْعَ مَرَّاتٍ إِلا قَالَتِ الْجَنَّةُ: يَا رَبِّ! إِنَّ عَبْدَكَ فُلانًا سَأَلَنِي فَأَدْخِلْهُ».
كما قال الدكتور مجدي عاشور، المستشار العلمي لمفتي الجمهورية، إن المقصود من الإلحاح في الدعاء تكراره، وهو أمر طيب ومشروع.
وأضاف عاشور، في إجابته عن سؤال “حكم الإلحاح في الدعاء؟”، أن الإلحاح في الدعاء مما يحبه الله ويرضاه، وهو من الإصرار على بلوغ المراد ضمن الأسباب المشروعة، والدعاء أحد هذه الأسباب، فهو من قضاء الله وقدره، وهو علامة العبودية، وأمارة الإيمان.
وتابع: “إن الله تعالى يحب العبد اللحوح، فجاء فى الحديث أن سيدنا جبريل قال يا ربي ما زلنا نرفع طاعة لهذا العبد ويلح في دعائه، فاستجب له يا الله فيقول الله دعه يا جبريل أأنت خلقته فيقول لا أأنت رزقته فيقول لا فيقول الله إنى أحب أن أسمع صوت عبدي بالدعاء، فالله تعالى يحب أن يسمع صوت عبده بالدعاء فإنت تظهر العبودية فيعطيك الأكثر من أثار الربوبية فالإلحاح بالدعاء مع الله مطلوب ومرغوب فيه ومستحب”.