22 أغسطس، 2024

بغداد/المسلة: تشهد العراق موجة متصاعدة من التظاهرات والاحتجاجات الشعبية، حيث أصبحت هذه الظاهرة وسيلة رئيسية للتعبير عن السخط الشعبي تجاه الأوضاع المعيشية والاقتصادية المتدهورة.

وفي حين أن هذه التظاهرات تبدو في ظاهرها مطلبية، تركز على تحسين الخدمات الأساسية وتوفير فرص العمل، إلا أن هناك أبعادًا أعمق تتعلق بالسخط على الفساد المستشري، وتغوّل السلاح.

في بغداد والمحافظات الجنوبية، تعبر التظاهرات عن رفض شعبي واسع لسياسات  تهميش الشباب وتعزيز البطالة. ما يميز هذه التظاهرات هو تنوع الشرائح المشاركة فيها، من خريجي الجامعات إلى العاطلين عن العمل، مرورًا بالموظفين وأصحاب العقود المؤقتة، وكلها تعكس حالة من الإحباط العميق تجاه عدم قدرة الدولة على تلبية احتياجات مواطنيها.

الاحتجاجات الأخيرة يمكن فهمها في سياق “انتفاضة تشرين” التي انطلقت في 2019. ورغم أن تلك الانتفاضة حملت مطالب سياسية واضحة، إلا أن الاحتجاجات الحالية تركز أكثر على الحقوق المعيشية. مع ذلك، فإن أي تحليل عميق لهذه الاحتجاجات يوضح أنها ليست منفصلة عن المطالب السياسية، بل إنها قد تتحول بسهولة إلى حركات احتجاجية أوسع تطالب بتغيير جذري في النظام السياسي.

الاستجابة الحكومية لهذه التظاهرات غالبًا ما تكون مؤقتة، تعتمد على محاولات لامتصاص الغضب الشعبي من خلال تقديم حلول آنية دون معالجة الجذور الحقيقية للمشكلات. هذه الاستجابات، سواء كانت من خلال قمع التظاهرات أو تقديم بعض التنازلات، تعكس خوف النظام السياسي من تصاعد هذه الاحتجاجات وتحولها إلى انتفاضة جديدة قد تهدد وجوده.

من جهة أخرى، يبدو أن القوى السياسية المتنفذة تشعر بمخاطر التظاهرات المحتملة، ويتضح ذلك من خلال استعداداتها الأمنية، مثل استيراد كميات ضخمة من قنابل الغاز المسيل للدموع. هذا يشير إلى توقع السلطات لعودة التظاهرات بقوة، وربما بأسلوب أعنف مما شهدته انتفاضة تشرين.

من المحتمل أن تستمر هذه الاحتجاجات في التصاعد، خاصة إذا لم تقم الحكومة بإجراء إصلاحات جذرية لمعالجة الفساد وتوفير فرص العمل وتحسين الخدمات الأساسية. وفي ظل الاعتماد المفرط على إيرادات النفط وعدم تنويع الاقتصاد، قد تجد الحكومة نفسها في موقف صعب أمام مطالب متزايدة لا تستطيع تلبيتها، مما قد يؤدي إلى اندلاع احتجاجات أكبر وأكثر تنظيمًا.

في النهاية، يمكن القول إن التظاهرات في العراق لم تعد مجرد وسيلة للمطالبة بتحسين الخدمات، بل تحولت إلى ثقافة احتجاجية تعبر عن الرفض الشامل للواقع السياسي والاقتصادي، مما يضع البلاد أمام احتمال تجدد الانتفاضات التي قد تكون أوسع نطاقًا وأكثر تأثيرًا في المستقبل.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

المصدر: المسلة

إقرأ أيضاً:

محافظ اللاذقية يبحث مع مديري الخدمات والمناطق الواقع الخدمي في المحافظة

اللاذقية-سانا

ناقش محافظ اللاذقية محمد عثمان مع عدد من مديري المديريات الخدمية في المحافظة ومديري المناطق، الواقع الخدمي الراهن وسبل تجاوز المعوقات التي تواجه العمل.

وذكرت قناة محافظة اللاذقية الرسمية على “تلغرام”، أنه تم خلال الاجتماع استعراض خطة مسؤول الوحدات الإدارية ومدير الخدمات الفنية للقيام بأعمال تزفيت طرقات المحافظة بعد الانتهاء من تجهيز مجبل زفت مديرية الخدمات الفنية.

بدوره استعرض المحافظ أبرز التحديات التي تواجه سير العمل في مختلف القطاعات، حيث تم التأكيد على أهمية التنسيق بين الجهات المعنية، ووضع حلول عملية قابلة للتنفيذ لتحسين مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين، بما يسهم في تلبية احتياجاتهم، وتعزيز الاستقرار الخدمي في المحافظة.

تابعوا أخبار سانا على 

مقالات مشابهة

  • بغداد.. تجدد التظاهرات المنددة بانتهاك الأجواء العراقية (صور)
  • نجل شاه إيران يدعو الإيرانيين إلى القيام بـانتفاضة شاملة
  • مدير عام الجوازات المكلّف يتفقد سير العمل في جوازات محافظة الطائف
  • محافظ اللاذقية يبحث مع مديري الخدمات والمناطق الواقع الخدمي في المحافظة
  • مناقشة سبل تطوير منظومة العمل في المشفى الوطني بطرطوس
  • د.حماد عبدالله يكتب: وظائف خالية !!
  • إسرائيل تقصف وسط إيران عقب تحذيرات بمغادرة الشعب للعاصمة طهران
  • العمل السياسي: من تأسيس التنظيم إلى تأسيس البودكاست
  • مستعدون لتقديم المساعدة.. السوداني يؤكد للرئيس الإيراني حرص العراق على عدم اتساع نطاق الحرب
  • مديرية نقل السويداء تستأنف عملها بعدد من الخدمات المتوقفة