هدنة غزة و«سِلِّم» نتنياهو المكسور
تاريخ النشر: 24th, August 2024 GMT
الوصول إلى هدنة حقيقية في قطاع غزة أشبه بالصعود إلى مكتب لعقد التفاوض على سلم به عتبة مفقودة «سلمة مكسورة» في منتصفه، تعيق أي محاول للصعود من الأطراف الراغبة في التفاوض لفرض الهدنة.
كل يوم ونحن على أعتاب انتهاء سنة كاملة من الإيادة الجماعية في القطاع، نسمع عن اقتراب عقد هدنة ومن ثم تفشل فورا بعد انسحاب فريق التفاوض الصهيوني بإيعاز من رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، لأسباب ليست خفية على أحد، كل سبب منهم أشبه بعتبة ضمن «عتبات سِلِّم» يحتفظ بها لنفسه، هذا غير أن اليهود لا يعقدون اتفاقات فلا عهد لهم ولا ميثاق، فقد جادلوا الله في بقرة، ونقضوا كل عهودهم ومواثيقهم على مر العصور والأزمنة وفي كل الأمكنة، وكتب التاريخ شاهدة وقبلها القرآن والسنة.
وأول تلك الأسباب، أن نتنياهو وصهاينته، وجدوا ضالتهم في غزة، تلك البقعة المهمة الملاصقة لشاطئ مليء بمخزون من الغاز والبترول، الذهب الأسود الذي يسيل له لعاب الغرب وعلى رأسه أمريكا متى وأين وجد.
كما أن حلم نتنياهو تحقق بوضع قدمه على محورين: «نتساريم وفلاديلفيا» مهمين وأهمهما فلاديلفيا الملاصق للحدود مع مصر، ولا يخفى على أحد أطماعه ومن خلفه الصهاينة، التي تظهر في خريطة إسرائيل الكبرى، من النيل إلى الفرات، فهو يمني النفس الآن، بإمكانية البقاء في ذلك المحور ليطل على مصر كمن يجلس في شرفته يشاهد البحر مباشرة، ولكن هيهات هيهات لما يرنو، فما زال أثر «قلم» نصر أكتوبر على «قفا» جيشه الهش، ورادع له إذا فكر أو حاول المساس بأرض مصر، فرجالها المرابطون في كل شبر منها منتظرون ومستعدون ويعون جيدا نواياه الخبيثة، أهل للحرب إذا فرضت علينا.
أُضيف إلى ما سبق العنجهية الفارغة للصهاينة الذئن يتخذون أمريكا وأوروبا درعا واقيا أمام من يفكر في مجرد مس أظافرهم بعد السابع من أكتوبر، فما تفعله أمريكا حاليا مع إسرائيل أوضح الصورة الخفية من أن أمريكا مجرد صديق لإسرائيل، وها هي اليوم تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أنها من تحارب في غزة وليس إسرائيل، وطبيعي أنها مع قوتها وحجمها الدولي وتاريخها الدموي الكبير في الحربين العالميتين الأولى والثانية وفيتنام وأفغانستان والعراق وغيرها، يصعب عليها أن ترى نفسها مهزومة في قطاع لا يتعدى حجم ولاية من ولايتها الخمسين، من ثلة من المقاتلين المدججين بالأسلحة البدائية.
كما أن غياب النية لعقد صفقة، الناجمة عن إرادة نتنياهو استمرار الحرب لبقائه في الحكم منعا لمحاكمته على تهم الفساد الداخلية، وكذلك على ما حدث في السابع من أكتوبر، وأيضا ليضمن الحصول على وعد بعدم محاكمته على جرائم الاحتلال في غزة، بعدما وصل عدد الضحايا إلى أكثر من 40 ألف شهيد، وأكثر من 100 ألف مصاب فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء وشيوخ عزل.
وختاما فإن محاولات الوصول إلى هدنة حقيقية في غزة، ستبوء جميعها بالفشل، ولن تفلح ما دام نتنياهو يملك الضوء الأخضر من أمريكا ومن خلفها الغرب الفاشي، لمواصلة جرائمة، وما دام لم ير العين الحمراء من رافضي تلك المجازر وحرب الإبادة الجماعية، فهو غير عابئ ببيانات الشجب والإدانة التي لا يتعدى حجمها عنده تكلفة الحبر الذي كتبت به.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: هدنة غزة فرض الهدنة رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو نتنياهو رئيس وزراء الاحتلال الاحتلال الغاز والبترول فلاديلفيا فی غزة
إقرأ أيضاً:
ألمانيا تصدر أسلحة لإسرائيل بنحو نصف مليار يورو منذ 7 أكتوبر
وافقت ألمانيا على تصدير أسلحة إلى إسرائيل بقيمة تقارب نصف مليار يورو، منذ هجوم السابع من أكتوبر 2023 قبل نحو 20 شهرا.
وجاء في رد وزارة الاقتصاد الألمانية على طلب إحاطة من الكتلة البرلمانية لحزب "اليسار"، أنه خلال الفترة من 7 أكتوبر 2023 حتى 13 مايو 2025 سُمح بتسليم أسلحة ومعدات عسكرية بقيمة 485.1 مليون يورو إلى إسرائيل.
ولم يتضح من خطاب الرد الذي أرسله وكيل وزارة الاقتصاد برنهارد كلوتيش، والذي اطلعت عليه وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ)، ما إذا كانت الحكومة الألمانية الجديدة المكونة من التحالف المسيحي والحزب الاشتراكي الديمقراطي قد أصدرت أيضا تراخيص بتصدير أسلحة لإسرائيل بعد توليها السلطة في 6 مايو الماضي.
وكان وزير الخارجية الألماني الجديد، يوهان فاديفول، قد شكك، في مقابلة مع صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" الألمانية مؤخرا، في إمكانية إصدار المزيد من تراخيص تصدير أسلحة لإسرائيل، وذلك على خلفية تصرفات إسرائيل في قطاع غزة.
وأوضح فاديفول أن صادرات الأسلحة الألمانية إلى إسرائيل ستخضع للمراجعة. وقال الوزير إن المراجعة ستحدد "ما إذا كان ما يحدث في قطاع غزة متوافقا مع القانون الإنساني الدولي"، وأضاف: "بناء على هذه المراجعة، سنوافق على تسليم المزيد من الأسلحة إذا لزم الأمر".
وعندما سُئل عما إذا كانت هذه المراجعة قد تؤدي إلى عدم الموافقة على توريد أسلحة لإسرائيل، قال فاديفول: "هذا ما تعنيه صياغة التصريح".
وأثير جدل على مدار أشهر حول شحنات الأسلحة الألمانية إلى إسرائيل. ولا تزال دعوى قضائية رفعتها دولة نيكاراغوا في أمريكا اللاتينية قيد النظر أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي، والتي اتهمت فيها ألمانيا بالتواطؤ في الإبادة الجماعية بغزة بسبب صادراتها من الأسلحة لإسرائيل.
وفي نهاية أبريل 2024 رفض القضاة طلبا عاجلا بوقف عمليات التسليم، لكنهم لم يمتثلوا لطلب ألمانيا برفض دعوى نيكاراغوا نهائيا.
وطالب خبير شؤون الدفاع في الكتلة البرلمانية لحزب "اليسار"، أولريش تودن، إلى وقف فوري لجميع شحنات الأسلحة إلى إسرائيل، وإلا فقد تُدان ألمانيا "بالتواطؤ في ارتكاب جرائم يعاقب عليها القانون الدولي".
الألمان مع تعليق توريد أسلحة إلى إسرائيل
على الصعيد ذاته، أظهر استطلاع للرأي أن أغلبية ضئيلة من الألمان تؤيد تعليق توريد أسلحة ألمانية إلى إسرائيل في ضوء الحرب على غزة.
وبحسب الاستطلاع، الذي أجراه معهد "إنسا" لقياس مؤشرات الرأي بتكليف من منظمة " فاز" الدولية، فإن 58% من الألمان أيدوا وقفا مؤقتا لتوريد أسلحة لإسرائيل، بينما عارض 22% هذا الرأي. ولم تحدد 19% موقفها من الأمر.