الاحتلال الإسرائيلي يقع في فخ "الخداع والتضليل".. والمقاومة توظّف المعلومات في توجيه "الضربات الموجعة"
تاريخ النشر: 25th, August 2024 GMT
◄ تحقيق إسرائيلي يؤكد تطور جهاز الاستخبارات لدى المقاومة الفلسطينية
◄ نجاح استخبارات المقاومة في تحديد مقار منشآت سرية لجيش الاحتلال
◄ حماس استطاعت خداع جيش الاحتلال وتضليل المخابرات الإسرائيلية
◄ إعلام إسرائيلي: حزب الله ماهر في القدرات الاستخباراتية والعسكرية
◄ الاعتماد على الطائرات المسيرة في تنفيذ المهمات الاستخباراتية
◄ بث مشاهد لثكنات إسرائيلية تم استهدافها في "الهجوم الكبير"
◄ "أنصار الله" استهدفت قلب تل أبيب بطائرة مسيرة قادرة على التخفي
الرؤية- غرفة الأخبار
لم يكن يوم السابع من أكتوبر 2023 يومًا استثنائياً في تاريخ المقاومة الفلسطينية فحسب، بل كان دليلاً قوياً على القدرات الاستخباراتية التي تتمتع بها الفصائل الفلسطينية وتفوقها على الاستخبارات الإسرائيلية التي روجت لنفسها على أنها الأقوى في العالم.
ومع بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ودخول محاور المُقاومة في اليمن ولبنان والعراق على خط المواجهة، أظهرت العمليات العسكرية التي نفذتها هذه المحاور في الشمال والجنوب والشرق قدرة استخباراتية فائقة مكنتها من تحديد العديد من الأهداف العسكرية الإسرائيلية واستهدافها بشكل مباشر.
ولقد استعرض تحقيق نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية القدرات الاستخبارية لحركة حماس، لافتة إلى أنَّ جهاز الاستخبارات لدى المقاومة تتطور على نحو لافت منذ عقد من الزمن على الأقل، حيث نشط بجمع المعلومات الاستخباراتية عن انتشار ونشاط الجيش الإسرائيلي وقواعده العسكرية بالجنوب، وعلى طول السياج الأمني مع القطاع.
وأشار التحقيق إلى حجم المعلومات التي حصلت عليها كتائب القسام وتمحورت حول مقار منشآت سرية للجيش الإسرائيلي في غلاف غزة، بما في ذلك القاعدة السرية "يركون- 8200" بالجنوب.
ولقد وظفت المقاومة الفلسطينية هذه المعلومات الاستخباراتية من أجل المناورات العسكرية التي نفّذتها بقطاع غزة وعلى طول السياج الأمني مع غلاف غزة، حيث اعتمدت فصائل المُقاومة على خداع وتضليل المخابرات الإسرائيلية على مختلف أذرعها التي أخفقت في اختراق شبكة الاتصالات الخاصة بقوات النخب التابعة لكتائب القسام ورصدها وتعقبها.
وعلى الجبهة الشمالية، يصف المحللون المواجهات بين حزب الله اللبناني وجيش الاحتلال بـ"الحرب الاستخباراتية"، حيث تركز جزء كبير من استهدافات حزب الله على أجهزة المراقبة والرصد التابعة لجيش الاحتلال، لكي يتمكن من إطلاق الطائرات المسيرة التي تقوم بالمهمات الاستخباراتية في جمع المعلومات ورصد المواقع العسكرية السرية والمنشآت الحيوية في الأراضي المحتلة.
ومن الأمثلة على ذلك، الفيديو الذي نشره الحزب ومدته 9 دقائق لطائرة بدون طيار فوق حيفا تجمع كل المعلومات الاستخباراتية عن مواقع عسكرية حساسة.
واعتبرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية أن مقاطع الفيديو التي ينشرها حزب الله تُظهر أن عناصره مهرة من حيث قدراتهم الاستخباراتية والعسكرية، مضيفة: "يقوم حزب الله بتوزيع مقاطع الفيديو لإظهار نجاحات الحزب وإثبات الأضرار التي لحقت بالمواقع الإسرائيلية".
وأوضحت: "منذ بداية القتال في الساحة الشمالية، يوثق حزب الله هجماته في الأراضي الإسرائيلية، حيث تسبب آخر شريط فيديو للهجوم على قاعدة ميرون الجوية بقلق كبير".
وبالأمس، أطلق حزب الله مئات الصواريخ والطائرات المسيرة على إسرائيل، فيما قال الجيش الإسرائيلي إنه استهدف لبنان بنحو 100 طائرة مُقاتلة في ضربة استباقية لتفادي هجوم أكبر.
وشوهدت الصواريخ وهي تنطلق في ظلام الفجر مخلفة سحب الدخان الداكن، بينما دوت صفارات الإنذار في إسرائيل وأضاء انفجار بعيد الأفق، بينما تصاعد الدخان فوق المنازل في بلدة الخيام في جنوب لبنان.
وقال حزب الله إنه أطلق 320 صاروخا من طراز كاتيوشا على إسرائيل وأصاب 11 هدفا عسكريا، مبينا: "هذا القصف أكمل المرحلة الأولى من الرد على اغتيال فؤاد شكر".
وأشار إلى أنَّ الهجوم الجوي بدأ باتجاه هدف عسكري إسرائيلي نوعي سيُعلن عنه لاحقًا، مبيناً: "بالتزامن مع ذلك تم استهداف عدد من مواقع وثكنات العدو ومنصات القبة الحديدية في شمال فلسطين المحتلة بعدد كبير من الصواريخ".
وبثَّ حزب الله اللبناني صورا للقواعد والثكنات الإسرائيلية التي قال إنه استهدفها في المرحلة الأولى من رده على اغتيال قائده العسكري فؤاد شكر فجر اليوم الأحد.
وتضمنت المشاهد -التي عرضتها قناة الجزيرة- ثكنة بيت هيلل مقر قيادة "كتيبة السهل"، ومربض الزاعورة، وهو مربض ثابت لبطارية مدفعية تابع للواء 769، وثكنة كيلع، وهي مقر وزارة الدفاع الجوي والصاروخي التابع للفرقة 210، وثكنة يوآف، وهي قاعدة كتيبة مدفعية وصواريخ تتبع لقيادة المنطقة الشمالية، وقاعدة نفح، وهي مقر قيادة الفرقة 210.
كما تضمنت الصور، التي بثها حزب الله، ثكنة يردن مقر فوج المدفعية ولواء المدرعات التابع للفرقة 210، وثكنة راموت نفتالي، وهي مركز سرية حدودي، وقاعدة عين زيتيم، وهي مقر قيادة الفيلق الشمالي، وقاعدة ميرون الجوية، وهي مركز الإدارة والمراقبة والتحكم الجوي في شمال فلسطين المحتلة.
كما قال حزب الله إنه استهدف في هجومه الأولي مربض نافيه زيف، مربض مدفعية يتبع للواء 282، ومقر جعتون، وهو مقر ميداني مستحدث لاستقرار قيادة الفرقة 146 الإسرائيلية.
وفي الجنوب، فإن جماعة "أنصار الله" اليمنية أثبتت قدرتها على جمع المعلومات وتحديد الأهداف الإسرائيلية الحيوية واستهدافها بالصواريخ طويلة المدى والمسيرات، إلى جانب استهداف السفن التي تتجه إلى الموانئ الإسرائيلية.
ولقد ظهرت هذه القدرة الاستخباراتية في تحديد هدف مُهم في قلب تل أبيب واستهدافه بطائرة مسيرة قادرة على التخفي عن الرادارات الإسرائيلية، إذ أسفر الهجوم عن تفجير أحد المباني وقتل شخص واحد مع وقوع عدد من الإصابات.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
غزة.. أجهزة طبية متهالكة والقيود الإسرائيلية تعيق إصلاحها
غزة- أمام مبنى قديم حولته إدارة مجمع ناصر الطبي بمدينة خان يونس جنوب قطاع غزة لمركز بديل لغسيل كلى، جلس المريض السبعيني سليمان أبو حطب لنحو ساعتين ونصف الساعة ينتظر شغور أحد أجهزة قليلة متهالكة تعمل على مدار ساعات النهار، ليخضع لجلسة غسيل كلى من أصل 3 جلسات أسبوعيا.
كانت الساعة تشير للخامسة مساء عندما حان دور أبو حطب (78 عاما) وجلس على جهاز غسيل الكلى، ضمن مرضى الدفعة الرابعة، ويقول للجزيرة نت "في كل مرة أضطر للانتظار ساعتين و3 ساعات، نتيجة الضغط الشديد، وأنتهي من الغسيل قرب الساعة الثامنة مساء، وأعاني بالبحث عن وسيلة مواصلات للعودة إلى خيمتي بمنطقة المواصي".
ويحتوي هذا المركز على 21 جهازا فقط، وقد استحدثته إدارة المجمع بديلا عن "مركز هند الدغمة" الذي كان يحتوي على نحو 50 جهازا، قبل تدميره كليا من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي إبان حصارها للمجمع واقتحامه أثناء اجتياح مدينة خان يونس في ديسمبر/كانون الأول 2023 الذي استمر لـ4 شهور.
لا تفي هذه الأجهزة بحاجة مرضى غسيل الكلى في مدينة خان يونس، التي تؤوي حاليا أكثر من 700 ألف نسمة من سكانها والنازحين إليها من مدينة رفح ومناطق أخرى من قطاع غزة، وتضطر إدارة المجمع للعمل على مدار أيام الأسبوع على فترات متتابعة يوميا من الصباح حتى المساء.
وبالنسبة لأبو حطب فإن الأمر مرهق للغاية، فبعدما يضطر أحيانا للسير لمسافة طويلة لعدم توفر المواصلات جراء أزمة الوقود، فإنه يجد نفسه مضطرا للجلوس ساعات طويلة في انتظار موعده للخضوع لجلسة غسيل، يعاني بعدها من أجل العودة إلى خيمة يقيم بها بعد دمار منزله.
ومن أجل الوصول لموعدها ضمن الدفعة الصباحية الأولى، تؤدي الستينية عائشة النجار صلاة الفجر، وتنطلق من خيمتها في منطقة "واد صابر" في الجنوب الشرقي لمدينة خان يونس، عند الساعة الخامسة والنصف صباحا، وتتحمل أعباء شديدة في سبيل الحصول على أولوية الغسيل.
إعلانوفي المرة التي تأخرت فيها النجار (60 عاما) عن موعدها لبضع دقائق، لم تجد جهازا شاغرا، واضطرت للانتظار لنحو 3 ساعات، وتقول للجزيرة نت "نحن كمرضى نعاني في كل شيء، ابتداء من الألم الجسدي، وعدم توفر المواصلات وارتفاع الأسعار، وعدم توفر الطعام والماء، وحتى قلة الأجهزة الطبية".
وتنسحب أزمة الأجهزة الطبية في مركز غسيل الكلى على باقي الأقسام في مجمع ناصر الطبي، والمستشفيات القليلة التي لا تزال تعمل في القطاع، بعدما خرجت 38 مستشفى عن الخدمة بفعل الاستهداف الإسرائيلي المباشر، والحصار المشدد ومنع الاحتلال إدخال الأجهزة الطبية وقطع الغيار، والأدوية ومولدات الكهرباء والوقود.
ويقول مدير دائرة الهندسة والصيانة في مجمع ناصر المهندس إسماعيل أبو نمر للجزيرة نت، إن الاحتلال يمنع إدخال الأجهزة وقطع غيارها، وكذلك المولدات الكهربائية وقطع غيارها والزيوت "والجهاز الذي يتعطل عن العمل يخرج عن الخدمة ولا تتوفر الإمكانيات لإصلاحه، وهذا يؤثر على مستوى الخدمة المقدمة للمرضى".
وما يواجهه مرضى غسيل الكلى من معاناة جراء قلة الأجهزة وتهالكها، هي حالة عامة تواجه جميع المرضى في مختلف الأقسام، التي تعاني من نقص حاد في الأجهزة، ناجمة عن تدميرها بالاستهداف المباشر، أو لتقادمها بعد سنوات طويلة من العمل، وعدم توفر البدائل، وفقا للمهندس أبو نمر.
ويضرب المثل بأجهزة الأشعة التي تعمل منذ أكثر من 12 عاما، وازداد الضغط عليها خلال الحرب الإسرائيلية، لعملها المتواصل على مدار اللحظة، لمواكبة الأعداد الهائلة من الجرحى والمرضى، وهذه الأجهزة –حسب أبو نمر- تعرضت وغيرها من الأجهزة الطبية في المجمع للتدمير والتخريب المتعمد من قبل الاحتلال، الذي صادر منها اللوحات الإلكترونية والحواسيب، والعبث في برمجتها، وواجهت المهندسين عقبات شديدة من أجل إعادة تشغيلها.
وفي ظل عدم توفر قطع الغيار يضطر المهندسون إلى إصلاح الأجهزة الطبية من بعضها البعض، ويفاضلون بين الأجهزة المعطوبة ويصلحون جهازا باستخدام قطع غيار جهاز آخر، ويوضح أبو نمر "هذه الطريقة تفقدنا أجهزة نحن بحاجة ماسة لها في ظل النقص الكبير بالأجهزة وكذلك الحال بالنسبة للمولدات الكهربائية".
إعلانويوجد في مجمع ناصر الطبي جهاز وحيد للتصوير الطبقي، يؤكد مسؤول وحدة متابعة الأجهزة في المجمع أحمد شهوان للجزيرة نت إن "العمر الافتراضي للجهاز انتهى بالفعل، ولا يزال يعمل في ظروف معقدة، لعدم توفر البديل".
وحسب شهوان، وهو أخصائي أشعة، فإن هذا الجهاز المتهالك يتعامل منذ اندلاع الحرب مع 50 إلى 100 حالة يوميا "ونضطر إلى إرجاء الحالات المرضية غير الطارئة ووضعها على قوائم الانتظار، وقد تصل مدة انتظار المريض لنحو 10 أيام حتى تحين فرصته للتصوير بسبب الضغط الهائل".
حصار صحيويقول مدير عام المستشفيات الميدانية في وزارة الصحة مروان الهمص للجزيرة نت إن القطاع الصحي، الحكومي والخاص والأهلي، بما في ذلك المستشفيات الميدانية المحلية والدولية، "يعاني من أزمة حادة في الأجهزة الطبية نتيجة القيود الإسرائيلية على إدخال الأجهزة وقطع غيارها".
وفي أحدث الأزمات الناجمة عن ذلك، فشل مهندسون في وزارة الصحة في إصلاح جهاز الأشعة الوحيد الخاص بغرف عمليات جراحة العظام في المستشفى الميداني الأردني المجاور لمجمع ناصر، لعدم توفر قطع الغيار والصيانة، وكان لذلك انعكاس سلبي كبير على الجرحى والمرضى، بحسب الهمص.
ويؤكد المسؤول الطبي أن الاحتلال تعمد في إطار هجومه الممنهج على المستشفيات منذ اندلاع الحرب، تدمير الأجهزة الطبية الحساسة، ومن بينها أجهزة الرنين المغناطيسي التسعة، التي تعرضت للتدمير أو خرجت عن الخدمة لعدم توفر غاز التشغيل الخاص بها، ولا يتوفر أي منها حاليا على مستوى القطاع.
وفي حين يوجد في مستشفيات جنوب القطاع 3 أجهزة تصوير طبقي تخدم أكثر من مليون نسمة، يقول الهمص إنه لا تتوفر في مستشفيات شمال القطاع -حيث الثقل السكاني الأكبر من بين مليونين و200 ألف نسمة-، أي جهاز.
ونال مجمع الشفاء الطبي في مدينة غزة -وهو الأكبر على مستوى القطاع- النصيب الأكبر من عمليات التدمير والتخريب خلال اقتحام الاحتلال له على مرتين، وبسبب ذلك خرج عن الخدمة:
إعلان نحو 700 سرير. 24 غرفة عمليات. قسم الحضانة الذي يضم 60 حضانة، وهو الأكبر في الضفة الغربية والقطاع. جهاز الأشعة التداخلية الوحيد في القطاع. 35 سرير عناية مركزة. 3 أجهزة تصوير طبقي. 10 أجهزة أشعة عادية. 10 أجهزة تصوير تلفزيوني. جهاز قسطرة قلبية. 6 محطات أكسجين.وحسب بيانات وزارة الصحة لا يوجد أي محطة أكسجين في مستشفيات شمال القطاع، ومن بين 130 جهاز غسيل كلى لا يتوفر حاليا سوى 25 جهازا فقط، و10 حضانات من بين 90 حضانة في جميع تلك المستشفيات.
وقال الهمص إن الاحتلال يتلاعب بأولويات واحتياجات القطاع الصحي، وإضافة إلى تدميره الأجهزة والعبث بها وتخريبها أثناء اجتياح المستشفيات، يعرقل حاليا إدخال أجهزة بديلة أو قطع غيار لإصلاح المتوفر، علاوة على عرقلة إدخال المهام الطبية حتى للمستشفيات الميدانية التابعة لهيئات دولية.